الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمرة وشرح الأرْبعين النووية واختصر الشمائل المحمدية وشرح دلائل الخيرات والجامع الصغير ودلالة السالك على أقرب المسالك ومناهج التسهيل على متن خليل ومناهج التيسير على مجموع الأمير وإرشاد السالك على ألفية ابن مالك والمحاسن البهية على العشماوية والكواكب الدرية على متن العزية وتقريب المعاني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني وشرح حكم ابن عطاء الله وتائية الشيخ أبي العباس الشرنوبي وله ديوان خطب مثلث السجعات وديوان مربع السجعات وغير ذلك. كان حياً سنة 1340هـ[1921م].
فرع إفريقية
1655 -
أبو العباس الشيخ أحمد الورتتاني: عالم نشرت ألوية فضله على الافاق وإمام ظهرت براعة علمه يتحلى بها العلماء الحذّاق. كان متفنناً في العلوم وأمتنها اللغة والنحو وكان من شيوخ الطبقة الأولى ورئيس جمعية الأوقاف ثم أخر عنها. أخذ عن الشيخ ابن ملوكة وغيره وأقرأ العلوم وحصل النفع به. توفي سنة 1302هـ[1884م].
1656 -
أبو عبد الله محمَّد بن عيسى الجزائري ثم التونسي: كان فقيهاً عالماً عاملاً متفنناً خيراً فاضلاً. له في الأدب والإنشاء مكان مكين مع ورع ودين متين. أخذ عن الشيخ حميدة العمالي وانتفع به وغيره استوطن تونس وحصل له بها إقبال وتصدى للتدريس وأخذ عنه بعض الأفاضل وله رسائل بارعة وتولى خطة الكتابة بالقسم الأول، وعليه في إنشاء الرسائل المعول. توفي سنة 1303 هـ[1885م].
1657 -
أبو العيش عمار بن سعيدان: فاق في عصره على الأقران وساد الأعيان فلا يدانيه دان واحد الدهر في معرفة العلوم وحسن التقرير سيما الفقه فإنه حامل لوائه وبمسائله خبير كان فصيح العبارة مليح الهيئة والشارة نشأ بالعلا من عمل جلاص من بيت معروف بالوظائف النبيهة المخزنية. تولى تربيته وتهذيبه شقيقه صالح وحفظ القرآن العظيم ثم توجه للقيروان وقرأ على أئمة منهم مفتيها العالم العامل الشيخ محمَّد بوهاها وقاضيها العادل العلامة الشيخ صالح الجودي المتوفى سنة 1295هـ وتفقه بها ثم رحل لتونس لاستكمال العلوم العقلية فقرأ على أعلام منهم الشيخ محمَّد بن ملوكة والشيخ علي العفيف والشيخ عمر ابن الشيخ حضر عليه درس المواقف وتوجه للحج مع جماعة من أعيان الفضلاء منهم صديقه الملاطف الوزير الشهير الشيخ محمَّد العربي زروق الشريف واجتمع بمصر بأستاذ الأساتذة الشيخ محمَّد عليش ووقعت بينهما محاورة في مسائل من العلم وشهد له هذا الأستاذ
بالفضل وحصل على رتبة التدريس بجامع الزيتونة وتصدى لإقراء العلوم وأفاد وأجاد وانتفع به جلة منهم الشيخ حمودة تاج والشيخ علي الشنوفي والشيخ المكي بن عزوز والشيخ صالح الشريف والشيخ حميدة النيفر والشيخ المفتي إبراهيم المارغني والشيخ حسن الخيري مفتي المنستير المتوفى بمكة سنة 1334هـ. له تآليف منها اختصار شرح ابن ناجي على المدونة اختصاراً بارعاً ودعي لقضاء القيروان وامتنع. توفي سنة 1304هـ[1886م]، ودفن بتربة آل بيت زروق المذكور، وكانت جنازته مشهودة حضرتها والخاصة والجمهور.
1658 -
أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن عبد الكبير الشريف: قدمنا سلسلته المنتهية إلى شجرة النبي محمَّد صلى الله عليه وسلم فهو الإِمام فخر آل البيت السادات الكرام. كان فقيهاً محدّثاً قدوة معتقداً مجاب الدعوة. أخذ عن والده المتوفى سنة 1251هـ وقرأ على مشايخ الإِسلام البيرمي والخوجي ومعاوية وعلى الشيخ محمَّد النيفر الأكبر وعلى الشيخ الشاذلي بن صالح وغيرهم وحصل على إجازات متصلة السند في الحديث وغيره وبيده كانت نقابة الأشراف وتولى الفتيا سنة 1285هـ والإمامة الكبرى بجامع الزيتونة سنة 1290هـ. أخذ عنه الشيخ عمر ابن الشيخ وأجازه بسنده ومروياته ترجم له وبعض سلفه تلميذه الشيخ محمَّد السنوسي في مسامرات الظريف ختمها بقصيدة لامية غراء بها ما يزيد على المائتين وسبعين بيتاً سماها الأجنة الدانية القطاف بمفاخر سلسلة السادات الأشراف. أولها:
إن المودة في القربى هي الأمل
…
يجري بها ويفوق الأجر والعمل
قرابة المصطفى آل بهم شرفت
…
مفاخر بعلاها يضرب المثل
مولده سنة 1230هـ وتوفي سنة 1307هـ[1889م].
1659 -
أبو عبد الله محمَّد الشاذلي ابن الشيخ عثمان بن صالح: شيخنا وشيخ شيوخنا وشيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ ملحق الأصاغر بالأكابر وغدا كل الأكابر له أصاغر وعقد عليه العلماء بالخناصر. كان من العلماء الأفاضل ومن أهل الفتوى والشورى في الأحكام والنوازل. تولى الفتيا سنة 1277هـ بعد أن كان قاضياً بباردو ثم رئيس المفتين ثم صرف عنها سنة 1302هـ. أخذ عن أعلام منهم الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البنا والشيخ ابن ملوكة وشيخ الإِسلام الثالث محمَّد بيرم، وعنه جماعة منهم الشيخ عمر ابن الشيخ وأجازه والشيخ الطاهر النيفر والشيخ سالم بو حاجب والشيخ محمَّد النجار. قرأت عليه أوائل شرح الشيخ التاودي على التحفة وإذ ذاك أنهكت قواه عشر التسعين. له فتاوى ورسائل محررة منها رسالة في المحابات. توفي في ربيع الأول سنة 1308هـ[1890م].
1660 -
شيخنا أبو عبد الله محمَّد العربي: المازوني منشأ التونسي الدار والقرار شيخ السالكين وواحد العلماء العاملين حامل لواء المذهب باليمين مع زهد وورع ودين متين والجد والاجتهاد في طاعة رب العباد له خبرة جيدة بالمختصر وشروحه. قرأ بمازونة وجدّ واجتهد حتى صار من فحول العلماء الفقهاء ثم ساقته المقادير لتونس المحروسة وصارت به مأنوسة واشتهر بالعلم والفضل وبعد صيته وصار من شيوخ الطبقة الأولى بجامع الزيتونة وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وختم المختصر مرات وانتفع به الكثير وحصلت بركته قرأت عليه بعضاً من شرح الخرشي على المختصر وتوفي في صفر سنة 1309هـ[1891م] وحضرت جنازته وكانت مشهودة.
1661 -
شيخنا أبو الفلاح صالح بن فرحات التبرسقي ثم التونسي: فقيهها ومفتيها المقرئ الجامع لشتات الفضائل فريد محاسن الشمائل، كان يحاضر في الأدب وينظم الشعر وينثر الرسائل. أخذ عن أعلام منهم الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البنا والشيخ ابن ملوكة وهو عمدته، قرأت عليه أوائل الرسالة وقد أنهكه المرض وعشر الثمانين تولى الفتيا بعد أن كان قاضياً بباردو، وتوفي وهو عليها سنة 1309هـ[1891م].
1662 -
شيخنا أبو عبد الله محمَّد البشير التواتي: شيخ القراء والإمام الأول في فن القراءات وعليه المعول الفقيه الموثق الفرضي المدقق المشارك المحقق مع فضل ودين متين. أخذ القراءات عن الشيخ محمَّد بن إدريس عن الشيخ المشاط الأندلسي التونسي المتوفى سنة 1245هـ عن الشيخ حمودة بن محمَّد بن إدريس الشريف الحسني عن الشيخ محمَّد الحرقاني المترجم له فيما سلف بسنده وأخذ العلوم عن أعلام منهم أبو الفلاح صالح النيفر ومدحه بقصيدة عند ختمه مختصر السعد وعنه غالب القراء بتونس منهم الشيخ محمَّد بن يالوشه والشيخ محمَّد المولدي بن عاشور والشيخ البشير السقاط قرأت عليه روايتي ورش وقالون وشرح الجزرية له تأليف في التوثيق متداول. توفي في رمضان سنة 1311هـ[1893م].
1663 -
أبو عبد الله محمَّد ويدعى حمدة الشاهد التونسي: عالمها وفقيهها وشيخ الجماعة ومفتيها خاتمة المحققين من أكابر أئمة الدين كان فقيهاً علامة إليه المرجع في مشكلات النوازل ومعضلات المسائل وكان متفنناً تقياً خاشعاً نقياً
خاضعاً، أخذ عن الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البنا والشيخ ابن ملوكة وجماعة، وعنه ابنه محمَّد الصادق والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ محمَّد الطاهر النيفر وأخوه محمَّد الطيب والشيخ أحمد الشريف وغيرهم مما هو كثير. توفي وهو يتولى الفتيا في ذي القعدة سنة 1311هـ[1893م] وعمره نيف عن التسعين.
1664 -
أبو عبد الله محمَّد الطاهر ابن الشيخ محمَّد النيفر: الأكبر الشريف دوحة المجد اليانعة الأغصان وكعبة السيادة الثابتة الأركان إمام الأئمة والمثل السائر في بعد الصيت وعلو الهمة من خيار الخيار عظيم الأبهة والوقار ومن سراة الرجال سؤدداً وحشمة ومن خيار القضاة عفة وصرامة. كان بصيراً بالمذهب وفروعه ضابطاً لقواعده عارفاً بصناعة الأحكام فصيح اللسان نشأ في عفاف وصيانة وتقى وديانة يحمل العلم عن جلة من شيوخ الملة منهم والده والشيخ حمدة الشاهد والشيخ إبراهيم الرياحي أقرأ العلوم وتخرج بين يديه فحول منهم الشيخ محمَّد غيلب والشيخ محمَّد الماني تولى القضاء بعد التسعين ومائتين وألّف فركب مطية العدل وسلك سبيل أهل الفضل إلى أن توفاه الله سنة 1311هـ[1893م] وعمره نحو السبعين عاماً.
1665 -
عمه الشقيق محمَّد بالفتح النيفر: الأستاذ المقتدى بأثره المهتدى بأنواره. إمام محراب العلوم الوسيعة وخطيب منبر البلاغة التي أضحت إليه مذعنة ومطيعة عمدة المحققين قديماً وحديثاً وملاذ المدققين تفسيراً وحديثاً كانت أوقاته معمورة بالتدريس والإفادة والتلاوة، تولى القضاء ثم الفتيا ثم صرف عنها. أخذ عن أعلام منهم أخواه محمَّد وصالح والشيخ ابن ملوكة وتصدى للتدريس كالتفسير وغيره وأتى بكل نفيس، أخذ عنه جماعة منهم ابنه حميدة والشيخ محمود بن محمود ونجب في عقبه أعلام صاروا من أكابر المدرسين وأعاظم النابغين. توفي في المحرم سنة 1312هـ[1894م].
1666 -
أبو عبد الله محمَّد بن خليفة المدني المسعودي: أصله من تونس من أولاد الرقاع الفقيه الأديب المسند الرحال الواسع الاطلاع رحل إلى المدينة ثم مصر والقيروان والمنستير وتونس والجزائر وفاس ومراكش والصويرة والرباط ومكناس وغيرها. أخذ عن أعلام وأسند عنهم منهم الشيخ رحمة الله صاحب إظهار الحق والشهاب أحمد دحلان المتوفى بمكة سنة 1304هـ ومفتي المالكية بمصر
الشيخ محمَّد الأنبابي والشيخ إسماعيل الحامدي مفتي المالكية بمصر أيضاً والشيخ عبد الهادي الأبياري المصري والشيخ محمَّد بوهاها القيرواني والشيخ محمَّد الجدي المنستيري والشيخ محمَّد النجار والشيخ الطيب النيفر وغيرهم من أعلام المشرق والمغرب مما هو كثير وكانت له عناية بالرواية وجمع الكتب. توفي بمكناس سنة 1313هـ[1895م].
1667 -
أبو عبد الله محمَّد الطاهر ابن الشيخ المدرس محمَّد السقاط التونسي: الإِمام الفقيه الفاضل العالم العامل الزكي القدوة المعتقد المجاب الدعوة. أخذ عن والده وغيره وتدرج في خطط نبيهة منها قضاء الفريضة وشاهد أول على بيت المال ومدرس بجامع الزيتونة وتصدى للتدريس ثم طرأ عليه ما أعجزه عن الخروج من داره فمكث على ذلك الحال مدة تقرب من أربعين سنة وقصده الناس بالزيارة تبركاً. وتوفي سنة 1314 هـ[1896م].
1668 -
شيخنا أبو العباس أحمد بن الأكتب الشيخ محمود بو خريص التونسي: من أحفاد الشيخ أحمد بو خريص المتقدم الذكر نشأ هذا الفاضل في بيت مجادته نجماً في أفق سعادته العلامة معدن الملح والطرف وينبوع النكت والتحف، كان مبرزاً زاكياً متفنناً ذكياً مع الجد والاجتهاد في طاعة رب العباد. أخذ عن الشيخ حمدة الشاهد والشيخ الشاذلي بن صالح والشيخ ابن ملوكة وغيرهم أقرأ العلوم وتخرج عليه جماعة قرأت عليه نحو النصف من شرح الشيخ التاودي على التحفة تولى الفتيا وتوفي وهو عليها سنة 1316هـ[1898م].
1669 -
أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ أبي الحسن السقا السوسي: العلامة الفاضل كان ذكياً مع دهاء ودماثة أخلاق وجاه لم يشاركه فيه أحد نشأ في بيته المشهور بالعلم والتقوى وتأدب بأبيه وعمه المترجم لهما فيما سلف. وأخذ عنهما وعن أعلام منهم الشيخ الطاهر بن عاشور بعث إليه أبو العباس بن أبي الضياف كتاباً وصفه فيه بقوله علم القضاة وصاحب الخلال المرتضاة ومحل التقوى وركن العلم الأقوى. وبعث إليه صديقه حامل لواء العلوم والمعارف الشيخ مصطفى رضوان كتاباً قال فيه ذو الحسب الأربى والعلم الذي أحرزه وراثة وكسباً الفاضل ابن الفاضل لا تنتهي إلى عد ولا يوقف بها على حد، ناهيك بمَن جمع بين العلم والتقى وانتظمت في سلك حلاه درر الفضائل نسقاً إلى آخره. تولى الخطابة والإمامة بالجامع الكبير بسوسة وتولى التدريس به وبمدرسة الزقاق. وممن أخذ عنه حفيده الشيخ عبد الحميد السقا قاضي سوسة في هذا الوقت، تولى خطة القضاء سنة 1276هـ وتوفي عنها سنة 1316هـ[1898م] مولده سنة 1235هـ.
1670 -
أبو عبد الله محمَّد ابن القاضي بجبل المنار عثمان ابن قاضي الجماعة محمَّد السنوسي: المترجم له فيما تقدم ماجد كتبت في المجد وثائقه وفاضل تشبثت بالفضل علائقه بحر المعارف وبدر اللطائف وكعبة أرباب الكمال الأديب الشاعر المؤلف المؤرخ الرحال. أخذ عن الشيخ قابادو والشيخ صالح النيفر والشيخ سالم بو حاجب وهو عمدته وغيرهم. أقرأ العلوم وأفاد وأجاد وتولى الخطط النبيهة بالوزارة وغيرها وألّف تآليف منها جمع الدواوين التونسية احتوى على أشعار فضلاء التونسيين وجمع شعر شيخه قابادو في ديوان ودرة العروض وشرحها كشف الغموض ومسامرات الظريف ترجم فيها لبعض فضلاء تونس وله رحلة حجازية حافلة وتحفة الأخيار في مولد المختار والمورد الأمين بذكر الأربعين أصحاب الإِمام الشاذلي والاستطلاعات الباريزية وتأليف في القانون العقاري وله ديوان شعر رائق، رحل للحجاز والآستانة وإيطاليا وفرنسا. مولده سنة 1267هـ وتوفي سنة 1317هـ[1899م].
1671 -
شيخنا أبو عبد الله محمَّد الصادق ابن الشيخ المفتي حمدة الشاهد: صدر العلماء وعالم الفضلاء وقدوة الفقهاء كان إماماً في كثير من الفنون وأمتنها الفقه. أخذ عن والده وانتفع به وعن غيره. وعنه جماعة، قرأت عليه نحو النصف من شرح الشيخ التاودي على التحفة والحطاب على الورقات وأوائل جمع الجوامع. تولى خطة الفتوى وتوفي وهو عليها سنة 1320 هـ[1902م].
1672 -
شيخنا أبو محمَّد حسين ابن رئيس المفتين الشيخ أحمد بن حسين التونسي: عالمها ومفتيها الأستاذ الذي ختمت بعصره أعصر العلماء الأعلام وأصبحت عوارفه كالأطواق في أجياد الليالي والأيام، آية الله تعالى في التفسير والمعجزة الظاهرة في التحرير والتقرير من روى حديث الفخار مسلسلاً ونقله مرتباً مرتلاً العلامة الإِمام ومَن فيه تؤخذ الأحكام والمفروض والمسنون وتقتبس أنواع الفنون مع مكارم الأخلاق وحسن الشيم وعلو الهمة وقول الحق واتباع الصدق وحب السنن وتجنب المنن وحسن السيرة وحلم السريرة وبهاء المنظر وكمال المخبر ذا هيبة ووقار وأناة واستبصار وبالجملة فهو فرد عصره لفضله وعلمه وذكائه وفهمه. نشأ في عفاف وصيانة وتقى وديانة. أخذ عن والده وانتفع به وأجازه بما في ثبتي
الأمير والصباغ وعن الشيخ العفيف والشيخ الشاذلي بن صالح وغيرهم. تصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وتخرج عليه كثيرون ونغ به أفاضل فائقون منهم حمودة تاج وأخوه الشيخ عبد العزيز والشيخ محمَّد بن يوسف وشيخ الإِسلام أحمد بيرم والشيخ صالح الشريف والشيخ محمَّد الصادق النيفر وأجازه وغيرهم مما هو كثير وبالجملة فإنه محط رحال الآمال وكعبة أرباب الكمال. قرأت عليه قراءة تحقيق الرسالة بشرح أبي الحسن وعند الختم قلت قصيدة وبيت التاريخ:
ودونك قولي يوم ختم مؤرخ
…
حسين فريد العصر بر حلاحل
وبعد قراءتها أخذه مني ودعا لي بخير وقرأت عليه المختصر مرتين بشرح الدردير وشرح التاودي على التحفة والقطر بشرح مؤلفه والماكودي والأشموني على الخلاصة تولى الفتيا وتوفي وهو عليها سنة 1323 هـ[1905م] ورثاه تلميذه شيخنا حمودة تاج بقصيدة غراء بها نحو الأربعين بيتاً أولها:
يبادر وهمي سائلاً هل أتى الأمر
…
وهل كورت شمس الهدى أوهوى البدر
وآخرها بيت التاريخ:
وطاب مكان صرت فيه مؤرخا
…
هو العلم يوم السبت طاب به القبر
وفي رجب من السنة توفي مفتي صفاقس وفقيهها وشاعرها الشيخ محمَّد طريفة.
1673 -
أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ محمَّد القزاح: الشريف المساكني كان فقيهاً فاضلاً عالماً عاملاً من أعلام الزهاد وأكابر الصوفية العباد مع اليقين والصلاح والدين المتين. أخذ عن الشيخ العذاري وبه تفقه وانتفع به وهو أخذ عن الشيخ ابن الصغير وهو عن ابن خليفة وهو عن الشيخ النوري وأجازه إجازة عامة بما تضمنه فهارس هؤلاء الشيوخ الثلاثة المتقدم الإشارة إليها في تراجمهم، وعنه أخذ جماعة منهم ابنه عبد القادر وقام مقامه في التدريس وأجاز الفقيه العالم الشيخ علي بلعيد قاضي جمال بما أجازه به شيخه المذكور وكنت اجتمعت به تبركاً ورأيت عليه سمة الصالحين وقد أنهكه المرض وعشر التسعين ولذا لم أستجزه واستجزت أخانا القاضي المذكور وأجازني بما أجازه به. مولده سنة 1238هـ وتوفي سنة 1323 هـ[1905م] وكانت جنازته مشهودة نفر إليها الكثير من أهل الساحل وكنت ممن حضرها.
1674 -
أبو العباس أحمد ابن الحاج موسى ابن الحاج قاسم بن عبد الرحمن
موسى مخلوف الشريف: يرجع نسبه إلى جدنا الشيخ عمر مخلوف الآتي ذكره. قرأ هو وأخوه أبو عبد الله محمَّد القرآن العظيم بالمنستير ثم توجها للحاضرة بقصد قراءة العلم الشريف فأما أبو عبد الله محمَّد فأخذ القراءات وختمه بالسبع عن الشيخ المكني وغيره وأتقنه غاية رواية ودراية وأجازه في ذلك وله مشاركة في النحو والفرائض وبراعة في الخط والإنشاء وكان شعلة في الذكاء من أعيان العدول المبرزين ملازماً لتلاوة القرآن إلى أن توفي في ذي الحجة سنة 1314هـ[1896م].
1675 -
وأما أبو العباس: صاحب الترجمة فكان علامة متفنناً في العلوم جامعاً لشوارد المنطوق والمفهوم بارعاً في المنظوم والمنثور غير أن نثره أجل من نظمه. له ملكة تامة في التوحيد والحديث والفقه واللغة والنحو والتوثيق مع المشاركة الحسنة في غيرها لا سيما الأدب ويكاد يكون حافظاً لعمدة ابن رشيق وديوان المتنبي إلى براعة في الخط والرسم. أخذ عن أعلام منهم الشيخ محمَّد بن سلامة والمحدث جار الله الشيخ عبد الله الدراجي والشيخ محمَّد البنا وتولى الإشهاد سنة 1266هـ ثم الفتيا بالمنستير سنة 1284هـ وامتحن بالإبعاد لطرابلس وأقام هناك سنين وذلك في اتهامه مع جماعة من أعيان رجال الدولة بالتداخل في نازلة خروج المولى العادل باي عن طاعة أخيه المشير محمَّد الصادق باشا باي ولما انتهت تلك النوبة وتقرر الرجوع والأوبة إلى المنستير مسقط رأسه ومجمع أهله وأنسه قدم إليها ثم صدر له ظهير في سنة 1298هـ بتجديد أمر الفتيا بها وتصدر للتدريس بالمدرسة الخليفية فاجتهد وأبدع وأفاد وأجاد وانتفع به جماعة منهم الشيخ المفتي بالمنستير حسن الخيري المتوفى سنة 1334هـ وكان له قلم بارع في الفتوى وتنزيل الفقه على الجزئيات وفتاويه تدل على سعة الاطلاع وطول الباع حكى لي ابنه المذكور أنها مدونة محفوظة عنده كما حكى أنه كثيراً ما تجري بينه وبين والده مساجلات في أغراض شتى يقصد بها تمرينه على الأدب والوقوف على كلام العرب من ذلك أنه أمره يوماً أن يراجع له لفظ البهكن من القاموس قال: فأخذته وتلوت عليه عبارته وهي قوله البهكن كجعفر الشاب الغض وهي بهاء فقال دع هذا وقيل شيئاً تضمنته هاته الكلمة فقلت "هذا الأغن البهكن" فقال على البديهة "وصاله لا يمكن" فقلت "بي قد تمكن حبه" فقال "وسلوه لا يحسن" قلت: وقد كنت ميالاً للأدب ونظم الشعر وتتبع كلام العرب ثم اجتمعت به وسألني رحمه الله عن دروسي فأجبته عنها ومنها الأدب وقول الشعر فأجابني دع الشعر فإن سوقه غير نافق واجتهد في العلوم الشرعية المفيدة دنيا وأخرى فوقع مني كلامه موقعاً وتركت الشعر بتاتاً. توفي عن سن يناهز الثمانين سنة 1323هـ[1905م].
1676 -
الوزير رئيس الكتاب المشهور صدر الصدور أبو عبد الله محمَّد العزيز بو عتور: تقدم ذكر نسبه وأنه قرشي من بني أمية وزاويتهم بصفاقس مشهورة وبيته معروف بالعلم والنباهة وهذا الفاضل نشأ في بيت مجادته قمراً في أفق سعادته جامعاً للفضائل ناظماً برأيه محاسن الشمائل قطب ذلك السياسة ومركز دائرة أرباب الرئاسة فصيح القلم كريم الأخلاق والشيم مع رأي صائب وفكر ثاقب وعلم ووقار وإناءة واستبصار أخذ عن أعلام منهم الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ ابن ملوكة تردد في الخطط النبيهة بالوزارة منها رئيس الكتبة ثم الصدارة سنة 1300هـ وقام بها بجد واجتهاد. وتوفي وهو على ذلك الحال ناسج على ذلك المنوال سنة 1325هـ[1907م] وقد ناف عن التسعين.
1677 -
أبو عبد الله محمَّد المولدي بن محمَّد بن عاشور التميمي البو عثماني: من أحفاد الشيخ أبي عثمان صاحب الزاوية المشهورة بالساحل قرب الوردانين كان آية الله الباهرة في الذكاء والمحاضرة يقول الشعر ويجيده وحظه في العلم موفور وفي فن القراءات سعيه مشكور قدوة للطلاب في التوثيق والفرائض والحساب قد رجع علماء العصر إلى مقاله وعالهم بفرائد فوائده فأصبحوا في هاته الفنون من عياله تعاشرنا معه معاشرة صدق ووفاء وتواددنا وداد محبة وصفاء فهو أخو روحي وصديقها وريحان سريرتي وشقيقها قرأ القرآن ببلده منزل تميم ثم قدم الحاضرة وأخذ عن أعلام منهم الشيخ البشير التواتي. أخذ عنه فن القراءات وختم عليه بالسبع وأخذ العلوم عن الشيخ محمَّد جعيط والشيح المكي بن عزوز وغيرهما وتمهر في التوثيق وصار إماماً فيه وفي الفرائض ونظم في ذلك أرجوزة قرظها شيخه الشيخ المكي بن عزوز وغيره. توفي بأريانة ودفن بمقبرتها في رمضان سنة 1325هـ[1907 م].
1678 -
أبو محمَّد حسن ابن الشيخ محمَّد شبيل: الفقيه النبيه العالم أخذ عن الشيخ محمَّد بن ملوكة والشيخ محمَّد البنا وغيرهما. تولى الفتيا بالمنستير سنة 1266هـ ثم القضاء سنة 1280هـ ثم أعيد للفتيا سنة 1303هـ وتوفي عليها سنة 1325هـ وتولى القضاء عوضه الفقيه الفرضي الموثق الشيخ محمَّد الشريف الأنصاري من تلامذة الشيخ محمَّد الجدي ثم تخلى عنه وأعيد للفتيا وتوفي عليها سنة 1307هـ وتولى القضاء عوضه الفقيه النبيه الألمعي الشيخ عبد الحكيم العذاري الأكودي جاور
بالأزهر وأخذ عن بعض أعلامه ثم تولى الفتيا بسوسة سنة 1319هـ ثم القضاء بالمهدية سنة 1327هـ وتوفي وهو يتولاه سنة 1333 هـ[1914م] أما قضاء المنستير فتولاه كاتبه العبد الفقير.
1679 -
شيخنا أبو الحسن علي الشنوفي: بحر المعارف وبدر اللطائف ومعدن المنح والطرف وينبوع النكت والتحف أديب زمانه وعالم أوانه فصيح العبارة حسن الإلقاء. أخذ عن أعلام كسالم بو حاجب ومحمد النجار وعمر ابن الشيخ والشاذلي ابن القاضي أقرأ العلوم وأجاد حتى صار من شيوخ الطبقة الأولى، وعنه أخذ مَن لا يعد كثرة له رسائل مكررة في أنواع من العلوم. توفي في صفر سنة 1326هـ[1908م].
1680 -
شيخنا أبو حفص عمر ابن الشيخ أحمد المعروف بابن الشيخ: من بلد رأس الجبل العلامة الأفضل الفهّامة الأنبل مفتي تونس ونواحيها وغيث واديها شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ المتكلم الجامع للمعقول والمنقول المحرر للفروع والأصول، كان في التحقيق غاية وفي حل المشكلات نهاية محط رحال الفضلاء ومقصد النبلاء أفرغ جهده في العلم والتعليم مع ذوق سديم فشاع بذلك فضله وذاع. دخل الجامع الأعظم سنة 1259هـ وقرأ على أئمة أعلام حتى انتظم في سلك الفضلاء أي انتظام من مشايخه الذين قرأ عليهم وجثا زماناً طويلاً على ركبتيه بين أيديهم محمَّد بن الخوجة ومحمد معاوية وإبراهيم الرياحي ومحمد الخضار ومحمد بن سلامة ومحمد البنا ومحمد بن ملوكة ومحمد الشاهد ومحمود قبادو وأحمد بن الطاهر محشي التاودي على التحفة وأجازه الشيخ محمَّد الشريف بما في ثبته والشيخ محمَّد الشاذلي بن صالح بما في فهرسته درس العلوم وختم الكتب العالية كصحيح مسلم بشرح النووي وشرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على المختصر والمواقف وأفاد وأجاد عمر فألحق الأحفاد بالأجداد وحضر دروسه مَن لا يعد كثرة وتخرج عليه طبقات فيهم فحول منهم حسين بن أحمد ومحمد النجار ومحمد القصار وعمار بن سعيدان وأحمد بن مراد والمكي بن عزوز وعلي الشنوفي وحمودة تاج وإسماعيل الصفا يحيى ومحمد بن يوسف وصالح الشريف وإبراهيم المارغني ومحمود بن محمود وغيرهم من هذا النمط وحسن سليم وأجازه بما في فهرسته الحافلة قرأت عليه الجوهرة بشرح البيجوري والماكودي على الخلاصة وشرح الشيخ عبد الباقي على المختصر من أثناء البيوع إلى الوديعة وصحيح مسلم
بشرح النووي من باب الجمعة إلى كتاب الحج وأجازني بما حواه ثبت الشيخ محمَّد الشريف المذكور كانت له محبة في الطلبة وبالخصوص تلامذته يذب عنهم ويقضي حوائجهم ولما عجز عن التدريس زهد في جرايته وأوقف أوقافاً خيرية عليهم له رسائل في مسائل من العلوم مفيدة تولى الوظائف النبيهة منها النظارة العلمية وقضاء باردو والفتيا. توفي عليها سنة 1329 هـ[1910م] مولده في حدود سنة 1237 هـ ترجم له ولوالده شيخنا الشيخ محمَّد النجار في مؤلف خاص.
1681 -
شيخنا أبو الحسن علي عرف بابن الحاج: الفقيه النبيه العلامة الألمعي الفهّامة إليه الإشارة في الفصاحة وجزالة الألفاظ وسلاستها وبراعة المعاني ونفاستها من شيوخ الطبقة الأولى، أخذ عن الشيخ محمَّد حمدة الشاهد وغيره وعنه جماعة منهم الشيخ عبد العزيز الوزير من بيت نبيه بالحاضرة وكان من أعلام الفقهاء الفضلاء، رحل للحجاز وجاور بالمدينة المنورة ونال حظوة بها وجاهاً إلى أن توفي بها في حدود سنة 1337 هـ ومنهم العبد الفقير قرأت عليه شرح التاودي على التحفة وشرح ميارة على الزقاقية من أوله إلى منتصفه وطرأ عليه مرض انقطع بسببه عن التدريس لازمه حتى توفي في حدود سنة 1330 هـ[1911م].
1681مكرر- أبو عبد الله محمَّد ابن رئيس المفتين الشيخ محمَّد الطيب النيفر: العلامة الفقيه الماهر الفهّامة النبيه المؤرخ الشاعر كان ذا ذهن وقاد وفكر نقاد جميل المشاركة في العلوم شديد الحرص على إحياء الرسوم، قرأ على جماعة منهم والده ولازمه ملازمة تامة وأخذ عنه الحديث وغرائب الملح وانتفع به وتهذب وحصلت له بركته ولما امتلأ وطابه لازم التدريس حتى صار من شيوخ الطبقة الأولى وانتفع به جماعة، ألّف تاريخ حسن البيان فيما بلغته إفريقية في الإِسلام من السطوة والعمران في مجلدين برهن على اطلاع وأرجوزة موسومة بمرصع الزاج في سلسلة واسطة التاج فيما إليه من عيون الحكم والوصايا يحتاج قرظها الكثير من العلماء. مات ولم يستوفِ أمد أقرانه سنة 1330 هـ[1911م].
1682 -
شيخنا أبو عبد الله محمَّد بن عثمان النجار: الكريم النجار الإِمام العلامة النظار خاتمة العلماء الكبار المحققين الأخيار الذي لم تسمح بمثله الأدوار ولم يأتِ بشبهه الفلك الدوار مهذب مباحث الجهابذة ومحرر دلائل الأساتذة لسان
المتكلمين وحجة الناظرين وبستان المفاكهين كان مولعاً بالمطالعة جمّاعاً للدواوين زوّاراً للعلماء والصالحين عالماً بالإنساب وتراجم المؤلفين متبحراً في العلوم النقلية إماماً في العلوم العقلية يتصل نسبه بالشيخ أبي محمَّد عبد السلام بن مشيش الشريف الإدريسي الحسني وأمه بنت الشيخ محمَّد قبادو والد أبي الثناء محمود المترجم له في الماضي فهو شريف الطرفين كريم الأصلين اعتنى والده بتأديبه فحفظ القرآن وأخذ عنه مبادئ العلوم وكان يؤثره على سائر بنيه ولما توفي والده سنة 1266 هـ كفله أخوه للأب الشيخ صالح تحت إشراف خاله أبي الثناء المذكور وبأثر ذلك التحق بتلامذة جامع الزيتونة فأتقن وجوه رواية القرآن وتفرغ بجده واجتهاده لتحصيل العلوم ولم تشغله عوائق الدهر عن نيل مراده وأخذ عن أعلام مبرزين وأئمة مهتدين كمحمد النيفر الأكبر وأخيه صالح والشيخ عاشور ومحمد الطاهر بن عاشور ومحمد البنا وعلي العفيف وجار الله عبد الله الدراجي ومحمد الشاذلي بن صالح وخاله محمود قبادو واستمر على كده وجده حتى صار نادرة عصره وواحد مصره حفظاً وتحصيلاً وإتقاناً وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وختم الكتب العالية كشرح الشيخ عبد الباقي على المختصر والعضد على أصلي ابن الحاجب والمغني والمطول والقطب على الشمسية والصحيحين والموطأ والشفا والمواهب وتفسير القاضي البيضاوي بلغ فيه سورة آل عمران وغير ذلك مما يطول ذكره في فنون شتى وتخرج عليه الكثير من فحول العلماء منهم ابنه بلحسن وأجازه وحمودة تاج ومحمد بن يوسف وإسماعيل الصفايحي وعلي الشنوفي ومحمود موسى، قرأت عليه الصغرى والعضدية في آداب البحث، له مؤلفات غاية في التحصيل والإفادة منها ما أملاه على أهم أبواب صحيح البخاري بمناسبة أختامه الرمضانية بمسجدي الشيخ أحمد بن عروس والحرمل التي لا تقل عن سبعين موضوعاً ولو جمع لكان مؤلفاً مفيداً ومجموع الفتاوى نحو ثمانية مجلدات وبغية المشتاق في مسائل الاستحقاق وشمس الظهيرة في مناقب وفقه أبي هريرة رضي الله عنه قصد به الرد على بعض المتفقهة القائل بسلب الاجتهاد عن هذا الصحابي الجليل ورسالة في حكم الحاكم المالكي بتأبيد حرمة المدخول بها في العدة وتأليف ممتع سماه تحرير المق الذي أحكام رؤية الهلال وله تقريرات على السيد على المواقف وتفسير البيضاوي والمطول وشرح الجلال المحلي على جمع الجوامع وغير ذلك، جمع رحمه الله مكتبة مهمة نادرة الوجود بشمال إفريقية حوت من المخطوطات أمهات عزيزة الوجود وبما أضافه إليها ابنه الشيخ بلحسن صارت لا تقل عن ألفي مجلد، كان عصامي النفس عالي الهمة لا يحتفل بالوظائف ولا بالوجاهة لدى أهل الحل والعقد ولذا كانت المعالي تخطبه
والرتب السامية تحن إليه حنين الكفؤ لكفؤه ففي سنة 1271 هـ أسندت إليه خطة العدالة وفي سنة 1284 هـ صار مدرساً من الطبقة الثانية وارتقى للطبقة الأولى سنة 1287 هـ وأسندت إليه رواية البخاري بمقام الشيخ أحمد بن عروس وفي سنة 1311 هـ أسندت إليه إمامة مسجد الحرمل ورواية الحديث به وفي سنة 1313 هـ زفت إليه الفتوى فقام بها أحسن قيام وحمده الخاص والعام وتوفي عليها عالي الكعب آمن السرب في الخامس والعشرين من رمضان سنة 1331 هـ[1912 م].
1683 -
أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن عثمان جعيط التونسي: من بيت نبيه العلامة الفقيه النبيه الفهّامة النحرير المطلع الخبير النقاد البصير الوزير الخطير، كان كريم الأخلاق طيب الأعلاق عالي الهمة، أخذ عن أئمة منهم محمَّد النيفر الأكبر وعلي العفيف ومحمد الطاهر بن عاشور وتصدى للتدريس وأفاد وأجاد ثم انتظم في سلك الوزارة وتدرج في الخطط النبيهة حتى بلغ الصدارة فهو وزيرها الأكبر وعلمها الأشهر، له شرح على ما دار بين الخليفتين سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر وبين سيدنا أبي عبيدة رضي الله عنهم ورسالة في حكم القاضي المالكي بتأبيد حرمة المتزوجة في عدتها بأنه يجري مجرى الفتوى وللحاكم الحنفىِ أن يحكم بخلاف ذلك. مولده سنة 1247 هـ وتوفي على صدارته سنة 1333 هـ[1914 م].
1684 -
أبو عبد الله محمَّد القصار: كان من العلماء الأخيار فصيح العبارة حسن الاستحضار عالماً جليلاً فقيهاً نبيهاً نبيلاً يته بتونس نبيه وسلفه لهم ذكر في التاريخ والتآليف العلمية كبيت الرصاع وبيت القلشاني وبيت العصفوري وبيت الغماد وتداول بنو هذا البيت الخطط النبيهة بالجامع الأعظم، أخذ عن أعلام منهم الشيخ سالم بوحاجب والشيخ عمر ابن الشيخ تصدى للتدريس وأفاد وأجاد وانتفع به جماعة وصار من شيوخ الطبقة الأولى ثم تولى قضاء الحاضرة فحمدت سيرته وزكت سريرته. ومن مآثره الخالدة ثبوت رؤية الأهلة بالتلغراف بشروط مقررة في منشور بعثه لقضاة الجهات مؤرخ في شعبان سنة 1328 هـ موافق عليه من طرف الدولة ثم تخلى عن القضاء سنة 1331 هـ وتولى الفتيا وتوفي عليها سنة 1333 هـ[1914 م].
1685 -
أبو عبد الله محمَّد المكي بن مصطفى بن عزوز: المترجم لوالده وجده فيما مضى فهو إمام نشرت ألوية فضله على الآفاق وفاضل ظهرت براعة علومه فتحلى بها الفضلاء الحذّاق له عناية بالأسانيد والرواية واليد الطولى في العلوم
العقلية والنقلية والراحة البيضاء في تعاطي أنواع التعاليم الرياضية الرحَّال الأديب الشاعر اللغوي الأريب الماهر العارف بأشعار العرب وأخبارها والنوادر، أما التصوف فقد رزق فيه الذوق الغريب والحذق العجيب، كان عالي الهمة كريم الأخلاق مع كرم يضرب به المثل، اعتنى به والده وأحسن تربيته وأخذ عنه وورث سره. وعن غيره منهم الشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ بشير التواتي وأجازه بما حواه ثبته في القراءات وتولى الفتيا بنفطة ثم تخلى عنها وقدم تونس وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وانتفع به جماعة له رسائل كثيرة في فنون من العلم منها رسالة في الربع المجيب والسيف الرباني رحل للمشرق وأقام ببني غازي مدة ثم انتقل لمصر والحجاز والشام واجتمع بكثير من الأعلام واستجاز وأجاز وأفاد واستفاد وأخيراً استقر بالآستانة مرشداً وظهرت علومه وأسراره، وبها توفي في صفر سنة 1334 هـ[1915م].
1686 -
أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ حمودة بن أحمد بن عثمان جعيط: جمال العلماء وأستاذ الأدباء شيخ المحدثين والفقهاء، كانت أوقاته معمورة بالتدريس والإفادة والتلاوة والعبادة. أخذ عن الشيخ الشاذلي بن صالح والشيخ علي العفيف والشيخ حمدة الشاهد والشيخ صالح التبرسقي والشيخ الطاهر النيفر والشيخ سالم بو حاجب. وعنه جماعة منهم الشيخ محمَّد المولدي بن عاشور كان يقول الشعر له ديوان معظمه في مدح مقام النبوة؛ وله رسائل وتآليف منها اختصار أجوبة الشيخ عظوم وشرح البردة ورسالة في صلاة الوتر ورسالة في الأضحية وحاشية على التنقيح مفيدة طبعت في مجلدين وتقارير على صحيح مسلم وتأليف في تراجم علماء تونس مولده سنة 1268 هـ وتولى الفتيا سنة 1331 هـ وتوفي عليها في ربيع الأنور سنة 1337 هـ[1918 م] ورثاه شيخنا حمودة تاج بقصيدة غراء بها نحو الأربعين بيتاً:
لك الله من خطب وما رد وارده
…
ولا صدمنا بالفدا عنه واجده
وآخر بيت التاريخ:
وأن نتلقى فيك قول مؤرخ
…
إلا في جنان الخلد أنت لماجده
1687 -
أبو العباس أحمد ابن الشيخ محمَّد بن محمَّد بن عبد الكبير: وهلم جراً إلى الوصول إلى أصل الوجود صلى الله عليه وسلم فهو الإِمام فخر آل بيت السادات الكرام نقيب الأشراف دوحة الإنصاف ناهيك من صفوة صفت مشاربه وعزت مآربه
كان من الفقهاء وأعلام الفضلاء إمام الأئمة عالي الهمة مع جاه لم يشاركه فيه أحد غير أنه بخيل به، أخذ عن أعلام منهم علي العفيف وحمدة الشاهد والشاذلي بن صالح، مولده سنة 1251 هـ وتولى الفتيا سنة 1292 هـ ثم رياستها سنة 1302 هـ ثم الإمامة الكبرى بجامع الزيتونة سنة 1307 هـ وتوفي على ذلك عالي الكتب آمن السرب في جمادى الثانية سنة 1337 هـ[1918 م] وكانت جنازته مشهودة حضرها الأمير فمَن دونه ورثاه جماعة منهم شيخنا حمودة تاج بقصيدة بارعة بها سبع وأربعون بيتاً أولها:
سابق الفردوس نجل المصطفى
…
حل فيه باحتفال واصطفا
وآخرها بيت التاريخ:
إذا أتاك الفأل من مؤرخ
…
سابق الفردوس نجل المصطفى
1688 -
شيخنا أبو محمَّد حمودة بن محمَّد تاج: تاج الأذكياء والبلغاء ولسان الأدباء والشعراء بحر المعارف وبدر اللطائف ومعدن الملح والطرف وينبوع النكت والتحف ذو الفكر الثاقب والرأي الصائب والشعر الرائق والنثر البليغ الفائق مع كرم سجية ونفس أبية وما أدري ما أقول لأني عاشق له والعاشق معذور فيما يقول، تحمل العلم عن فحول لازمهم مدة مديدة واستفاد منهم علوماً عديدة منهم حسين بن أحمد وسالم بو حاجب وعمر ابن الشيخ والشاذلي ابن القاضي ومحمد النجار وعمار بن سعيدان، تصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وانتفع به جماعة، قرأت عليه الشيخ خالد على الأجرومية وشرح القطر لمؤلفه وشرح الماكودي على الألفية من أوله إلى منتصفه والسلم والكافي والسمرقندية ولامية الأفعال وفي أثناء قراءة القطر طرأ علىّ ما أوجب السفر إلى المنستير مسقط رأسي ومنبت غرسي ومجمع أهلي وأنسي وهو المرض الذي لوالدي عرض ولما بلغه الترحال بعث في الحال كتاباً يقول فيه بالحرف الواحد: الجناب الذي أنار بالأفق العلمي هلاله وحمدت في مدارجه خلاله فما برح فيومه خير من أمسه وفجره مؤذن ببلوغ شمسه، جناب أخينا الفاضل الشيخ سيدي محمَّد مخلوف أمنه الله من كل مخوف، أما بعد سلام يلطف مزاره ويترنم على دوح المودة هزاره، فقد بلغني النبأ الذي أجزعكم وأوجب جزعكم ما ألمّ بوالدكم عافاه الله من الألم وحكم بذلك رب اللوح والقلم وهو يا بني وإن ردع سر بي وكدر بشهادة سركم شربي إلا أني أرجو من الكريم سبحانه أن تنطفىء بعين الألطاف ناره وتمحى في قليل من الأيام آثاره:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه .... يكون وراءه فرج قريب
وكأني بالعافية وقد ضربت عليه قبابها وأذاقته بإذن الله لبابها والله المسؤول أن يصحب كتابي هذا بعاطر الأرج من نسيم السلامة والفرج لا مسؤول سواه. حرره حمودة بن محمَّد تاج في رجب سنة 1302 هـ. ثم انتظم المترجم في سلك العدلية وتدرج حتى صار رئيسها بالقسم الجنائي وتوفي عليها حميد السيرة طيب السريرة في صفر سنة 1338 هـ[1919 م] ورثاه صديقه الملاطف المملوء الوطاب بالآداب والمعارف العلامة الفهّامة الشيخ محمَّد بن يوسف المفتي الحنفي بقصيدة وبيت التاريخ:
ودونك ما أمليت فيه مؤرخا
…
إلا بعُلى الفردوس طالت منازله
ورثاه تلميذه العلامة الشاعر المطبوع الحامل راية المنقول والمسموع أخبرنا الشيخ محمود موسى المفتي بالمنستير بقصيدة رائقة أولها:
كدر الصفو عندنا من نعاك
…
رفع الصوت جهرة وعناكا
1689 -
أبو الفلاح الشيخ صالح الشريف: علامة الزمان واحد الأقران المشار إليهم بالبنان في المعارف والبيان زين الأكابر الأماثل ورأس الأعيان الأفاضل ومقصد الملتمس والسائل. كانت له في العلم منزلة عالية مع همة سامية غيوراً متين الدين شديد الحرص على مصالح المسلمين. أخذ عن جلة منهم الشيخ حسين بن أحمد وانتفع به وحصلت له بركته وحضر الدروس التي حضرتها عليه والشيخ سالم بو حاجب والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ محمَّد بن يوسف والشيخ محمَّد النجار، جد في الطلب حتى بلغ الغاية في العلم والأدب وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وختم الكتب العالية وحصلت له بذلك منزلة سامية وصار من أعيان شيوخ الطبقة الأولى ونجب عليه جماعة صاروا من أعيان المدرسين وأعاظم النابغين منهم الشيخ محمَّد الطاهر بن عاشور والشيخ محمَّد الخضر بن الحسين والشيخ صالح المالقي والشيخ محمَّد ابن الحاج ثم تخلى عما لديه من الخطط النبيهة ورحل للمشرق وطاف البلاد واستفاد وأفاد وأقام بدمشق وبها ظهر علمه واشتهر فضله وفهمه ودخل الآستانة ومنح وظيفة مرشد ولما قامت الحرب على ساق بطرابلس بين تركيا وإيطاليا سنة 1329 هـ كان في صف المجاهدين ثم وضعت الحرب أوزارها بصلح تسبب عنه احتلال إيطاليا لها وبعد ذلك قامت الحرب الكبرى على ساق وكان في صف المقاتلين وبعد أن وضعت الحرب أوزارها استقر بسويسرة ومات بأحد
مستشفياتها في سبيل مطاوعة اغتراب في جمادى الأولى سنة 1338 هـ[1919 م] وحمل جسده لتونس ودفن بالجلاز.
1690 -
أبو عبد الله الشيخ محمَّد النخلي القيرواني: العلامة الذي ليس له في عصره ثاني كان نقاداً خبيراً أستاذاً كبيراً ميّالاً لتحقيق المباحث نابغة شعلة في الذكاء وفي المحاضرة آية بالغة مع فصاحة التعبير والإجهار بما في الضمير، ذا همة عاصمية ونفس أبية كان يقول الشعر ويجيده. دخل جامع الزيتونة سنة 1304 هـ فأسهر جفونه واقتطف من أزاهر العلم أصوله وفنونه فبرز على الأقران وحمد الإصدار والإيراد في الرهان. أخذ عن شيوخ جلة منهم عمر ابن الشيخ وسالم بو حاجب ومحمود بن محمود وأحمد بن مراد والطيب النيفر ومصطفى رضوان ومحمد النجار. تصدر للتدريس وتخرج عليه الكثير من الفحول منهم من زان المناصب الشرعية والمحاكم العدلية والخطط التدريسية وبالجملة فإنه أستاذ متضلع وعالم متطلع من أعيان شيوخ الطبقة الأولى قضى جل عمره قراءة وإقراء وختم الكتب العالية في فنون شتى فشاع بذلك ذكره وارتفع قدره. توفي بتونس في رجب سنة 1342 هـ وكانت جنازته مشهودة حين إرادة حمل جسده للقيروان وكذلك بالقيروان ودفن بالجناح الأخضر ورثاه بعض طلبته بقصائد فرائد.
1691 -
شيخنا أبو النجاة سالم بن عمر بو حاجب البنيلي: نسبة لقرية قرب المنستير من ذرية الشيخ شبشوب دفين الساحل وجده الذي ينتهي إليه نسبه هو الشيخ مهذب دفين عمل الصخيرة فهو الأستاذ الأكبر العلم الأشهر الذي أضحى إمام الأئمة الأعلام والحبر الذي قصرت عن استيفاء فضائله الأرقام والبحر الذي لا تكدره الدلاء ولا يدرك ساحله والبر الذي لا تطوى مراحله أمام المنقولات والمعقولات والمبرهن على حدودها وبراهينها والمقولات حلاّل المشكلات المرجوع إليه في المهمات حامل لواء البلاغة والنحو والأدب المطلع على أسرار كلام العرب سارت بأخباره الرفاق ونال من فضله علماء الآفاق إذا تكلم في المجالس أظهر من درر بحره النفائس وإن حرر أصاب شاكلة الصواب وأتى بفصل الخطاب وإن نظم أزرى بعقد الثريا وإن نثر أخجل زهر الروض الباسم المحيا آية الله الباهرة في التحرير والحجة البالغة في التقرير. كان زكي الأخلاق كريم المعاشرة
أنيس المحاضرة جميل المذاكرة، نشأ في حجر أبيه ساعياً فيما يعنيه وحفظ القرآن ثمّ جوده على الشيخ ابن رئيس ودخل جامع الزيتونة فأسهر جفونه واقتطف من أزاهر العلم أصوله وفنونه وأخذ عن أعلام مهتدين من أئمة الدين كأحمد عاشور قاضي باردو وابن ملوكة والخضار وابن طاهر وابن سلامة والشاذلي بن صالح ومحمد النيفر الأكبر وإبراهيم الرياحي ومحمد معاوية وكان غالب تحصيله على أبي الحسن العفيف وشيخي الإِسلام محمَّد بن الخوجة ومحمد بيرم الرابع وعمه مصطفى فامتلأ بالعلم وطابه وكثر لديه طلابه وانتصب للتدريس وأتى بكل نفيس وأفاد وأجاد وألحق الأحفاد بالأجداد ونجب عليه كثير من علماء الدين الذين صاروا من أكابر المدرسين وأعاظم النابغين انحصر جامع الزيتونة في تلامذته وتلامذة تلامذته فلا تجد طالباً إلا وله عليه شيخوخة إما مباشرة أو بواسطة فالزيتونيون عيال عليه ومرجعهم في العلم إليه فمن الفضلاء الأعلام الذين أخذوا عنه الشاذلي ابن القاضي ومحمد القصار ومحمد النجار وحسين بن أحمد ومحمود بيرم وابن أخيه أحمد وأحمد بن الخوجة ومحمد جعيط ومحمد بن يوسف ومحمد السنوسي وإسماعيل الصفائحي وجماعة من هذا النمط الذين لا يشق لهم غبار وظهروا ظهور الشمس في رابعة النهار. قرأت عليه الأشموني على الخلاصة وأوائل الموطأ وأوائل البخاري، ختم الكثير من الكتب العالية كالبخاري والموطأ والعضد على أصلي ابن الحاجب والمغني والمزهر والمطول وصحيح مسلم بشرح الإِمام أبي عبد الله محمَّد المازري المسمى بالمعلم ومدح بقصائد فرائد عند ختمها، جالس الأمراء والوزراء والعلماء والأدباء واجتمع بأعلام من أهل المشرق والمغرب واعترفوا له بالعلم والفضل كالشيخ محمَّد عبده والشيخ عبد الحي الكتاني والشيخ محمَّد يحيى الولاتي الشنجيطي. رحل لتركيا وفرنسا وإيطاليا في مهمات وأقام بإيطاليا نحواً من ست سنين بمعية صديقه أمير الأمراء حسين وزير المعارف وله في ذلك رحلة وكان العضد المتين والمرشد المعين لأمير الأمراء الوزير الأكبر خير الدين صاحب المزايا الخالدة المجيدة والمشاريع النافعة الحميدة وذكر بعضها في التتمة. من تآليفه أنه شارك في تحرير أقرب المسالك في معرفة أحوال الممالك وشرح على ألفية ابن عاصم الأصولية وتقريرات على البخاري ابتدأها من كتاب العلم وأضاف إليها أختامه الرمضانية وهي نحو السنين ختماً جامعة لغرر من المسائل مع ما فيها من التوفيق بين الشريعة المطهرة والتمدن العصري وله رسائل في كثير من الفنون وشعره كله عيون لو جمع لكان ديواناً وله ديوان خطب غاية في الإجادة خطبها في جامع سبحان الله فامتلأ المنبر بها نوراً واهتز سروراً وله تقارير على الأشموني على الخلاصة، تولى الخطط النبيهة
شرعية وإدارية منها التدريس بجامع الزيتونة ثم الفتيا سنة 1323 هـ ثم كبير أهل الشورى المالكية سنة 1337 هـ. مولده سنة 1243 هـ ولما قرب الأجل المحتوم نظم أبياتاً وهي آخر منظوم:
ابني لا تأسوا لفقد أبيكم
…
فرضاه يكفل بالمنى المستقبله
ما مات من أبقى رجالاً مثلكم
…
فحياتكم لحياته كالتكمله
أوصيكمو بالاتحاد وإن تروا
…
إخوانكم في البر مني مبدله
وأوصى بكتب بيتين على قبره وهما:
إلهي لا تقطع عن العبد ما به
…
تعود من إحسانك المتجدد
بإرشاده في خدمة العلم يرتجي
…
لدى الحتف في تاريخه مرشد
ومرشد اسمه الأول وفيه تاريخ ولادته لأنه توفي بعد التاريخ المذكور وهو سنة 1337 هـ[1918 م] بست سنين فيكون عمره تسعاً وتسعين سنة وتوفي عالي الكعب آمن السرب في ذي الحجة سنة 1342 هـ[1923 م] شهد جنازته الأمير والمأمور والخاصة والجمهور دفن والتأسف عليه بالغ غايته والتلهف نهايته وترك أبناء من رجال الكمال منهم ابنه المفضال العلم الحري بالتكريم والتبجيل أمير الأمراء أبو المودة خليل وزير القلم ثم أسندت إليه الصدارة فهو الآن وزيرها الأكبر وعلمها الأشهر ورثاه بعض تلامذته بقصائد منها قصيدة فريدة جادت بها قريحة أخينا العلامة الألمعي الفهّامة ذي الرأي الصائب والفكر الثاقب القاضي بعين دراهم الشيخ أبي عبد الله محمَّد بو شارب بها أبيات ومستهلها:
عمر الفتى إن طال فهو قصير
…
وسروره إن جل فهو حقير
وحياته تحكي المنام وإنما
…
ريب المنون لحلمها تعبير
فيم الوقوف مع الظواهر وهي في
…
نظر البصير إلى الفناء تصير
ومنها:
أمعلمي ما قد جهلت ومثقلي
…
منناً ينوء يحملهن ثبير
مهلاً فُديت فإن بين جوانحي
…
قلباً يكاد إذا نأيت يطير
من ذا أعاطيه العزاء وكل من
…
فوق التراب إلى العزاء فقير
لكنهم ألفوا السكون على الأسى
…
ثقة بأنك في غد مسرور
سر آمناً تقفوك ألوية الثنا
…
سيرً مداه جنة وحرير
وكواعب ما إن ظمئن وأكؤوس
…
ما إن صرفن مزاجها كافور
من كف أمثلة الجمال كأنهم
…
بين الحدائق لؤلؤ منثور
ومقاعد للصدق يخفق حولها
…
نور وملك فوق ذاك كبير
هذا الجزاء وذا مقال مؤرخ
…
مالت لإنسك في الجنان الحور
1692 -
شيخنا أبو عبد الله محمَّد الطيب ابن الشيخ محمَّد النيفر الأكبر: العلم الأشهر بركة عصره وواحد دهره خاتمة المسندين والمحدثين وقدوة العلماء العاملين والفضلاء المحققين الحامل لواء مذهب مالك باليمين من أوعية العلم فروعاً وأصولاً معقولاً ومنقولاً كانت له عناية بالرواية ومنزلة سامية بالدراية نشأ في كفالة والده في مروءة وديانة وعفاف وأمانة وأخذ عنه وانتفع به وأجازه بما حواه ثبته وعن عمه صالح والشيخ البنا والشيخ محمَّد بن صالح بن ملوكة وأجازه والشيخ إبراهيم الرياحي وأجازه بما حواه ثبت الشيخ محمَّد الأمير وبما حواه ثبت الشيخ محمَّد عابد المسمى بحصر الشارد في أسانيد الشيخ عابد وأجازه أيضاً شيخ الإِسلام محمَّد بن أحمد بن الخوجة وشيخ الإِسلام الرابع محمَّد بيرم والشيخ أحمد دحلان شيخ مشايخ الحرمين في وقته المتوفى سنة 1304 هـ[1886 م] والشيخ منة الله الأزهري أحد تلامذة الشيخ الأمير وأجازه بما حواه ثبت شيخه المذكور والشيخ عمر الخطيب الأزهري والشيخ محمَّد الكتبي شيخ الإِسلام بمكة المكرمة والشيخ محمَّد كمون شيخ مشايخ رواق المغاربة بالأزهر وغيرهم اجتهد في خدمة العلم الشريف وحمل لواءه الزاهي المنيف فأقبل عليه وسعى سعي المحب إليه تصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وأفاد وأجاد عمر فألحق الأحفاد بالأجداد، دروسه عذبة المورد مشتملة على آداب يلقيها وحكايات لطيفة يمليها بأبين بيان وألطف إشارة وأفصح عبارة وهي في الحقيقة درر وفرائد غرر وختم الكثير من الكتب العالية وأتى في إقرائها بما زاد في منزلته السامية كالموطأ والبخاري وشرح الزرقاني على المختصر والتاودي على التحفة تخرج عليه الكثير من فحول العلماء وأعيان الفضلاء منهم ابناه محمَّد المترجم له فيما مضى والأكتب الأنبه الأنبل الشيخ زين العابدين واستجازه جماعة منهم شيخنا محمَّد عبد الحي الكتاني وشيخنا بلحسن الجار وأجازه بما حواه ثبته قرأت عليه أوائل شرح التاودي على التحفة له أحفاد عقود سوددهم بالعلم اتسقت جواهره اتساقاً وبدوره لا تخشى كسوفاً ولا محاقاً له فتاوى غاية في التحرير وتقارير على البخاري في غاية الإجادة والتحبير تولى الخطط النبيهة منها التدريس من
الرتبة الأولى ثم القضاء ثم الفتيا فزانها بعلمه وفهمه ثم رياستها ولم يزل مشكور السيرة محمود السريرة إلى أن توفاه الله في 17 رجب سنة 1345 هـ[1926] م، مولده سنة 1247 هـ.
وتولى عوضه رئاسة الفتوى العالم المشهور الشيخ أبو عبد الله محمَّد الطاهر ابن الشيخ محمَّد ابن قاضي الجماعة الشيخ محمَّد الطاهر بن عاشور المترجم لجديه في الماضي فهو الآن بتونس غيث واديها ومصباح ناديها وقطب رحاها وشمس ضحاها.
1693 -
شيخنا أبو محمَّد بلحسن ابن الشيخ المفتي محمَّد النجار: العلامة النظار الفهّامة الذي لا يشق له غبار الكريم النجار فرد الدنيا في العلوم كلها الجامع لمنطوقها ومفهومها المالك لمجهولها ومعلومها واحد الدهر في التحصيل والذكاء وثقوب الفكر. نشأ في كفالة والده في أطيب وصف وأحسن رصف، أخذ عنه وبه تهذب وانتفع به وتأدب وأجازه كما أجازه الشيخ محمَّد الطيب النيفر والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ المهدي الوزاني والشيخ أحمد بن محمَّد الخياط الفاسي بما في فهارسهم وبالجملة فإنه أخذ عن أساتذة أعلام حتى انتظم في سلك العلماء أيّ انتظام وامتلأ بالعلم وطابه وتصدى للتدريس فأكثر عليه طلابه وأتى في إقرائه الكتب العالية بالعجب العجاب بما يدل على أنه أخذ في الفنون بلب اللباب مع حسن التأدية والتفسير وسعة الملكة ولطف التقرير، إليه الإشارة في الفصاحة وجزالة الألفاظ وسلاستها وبلاغة المعاني ونفاستها جميل المعاشرة عظيم المذاكرة ولم يزل يرتع في رياض الفضائل ويطبق أصول المسائل على الدلائل حتى عمّ نفعه واشتهر وذاع وملأ الأسماع والبقاع، تخرّج بين يديه أساتذة فحول جهابذة أجازني بما حوته فهرسته، تولى التدريس من الرتبة الأولى ورواية الحديث بجامع الحرمل ثم حنت إليه الرتب السامية وخطبته وتعطشت إليه المناصب العالية وطلبته لفضائله المنتشرة الظاهرة حتى زفت إليه الفتيا عروساً فاخرة في ذي الحجة سنة 1342 هـ فحضرته الآن في الشهباء فارس ميدانها فضلاً وناظر إنسانها علماً وذكاءً ونبلاً مذكور بكل لسان ممدوح لكل إنسان حفظه الله وشكره.