المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الأول 355/ 1/ 68 - عن عبد الله بن مسعود - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٩

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌الحديث الأول 355/ 1/ 68 - عن عبد الله بن مسعود

‌الحديث الأول

355/ 1/ 68 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"(1).

الكلام عليه من وجوه:

أولها: هذا الحديث رواه مسلم أيضًا من رواية عائشة (2)، لكنه من أفراده. وفي رواية له من حديث ابن مسعود: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله إلَّا ثلاثة نفر: التارك للإسلام. . . ." وذكر الحديث. وفي رواية للبخاري: "والمارق من

(1) البخاري (6878)، ومسلم (1676)، والترمذي (1402)، وابن ماجه (2534)، وأبو داود (4352)، والدارمي (2/ 218)، والبيهقي (8/ 19، 194، 202، 213، 283)، والطيالسي (289)، والبغوي (2517)، وأحمد (1/ 382، 428، 444).

(2)

مسلم (1676)، والنسائي (7/ 90)، البيهقي (8/ 194)، والدارقطني (3/ 82)، وأحمد (6/ 181).

ص: 42

الدين التارك للجماعة". وفي رواية للنسائي: "وإن محصن"، وفيه: "لا يحل قتل مسلم إلا من إحدى ثلاث خصال: رجل يقتل مسلمًا متعمّدًا، ورجل يخرج من الإِسلام فيحارب الله ورسوله فيُقتل، أو يُصلب، أو يُنفى من الأرض".

ثانيها: في التعريف براويه وقد سلف في باب المواقيت.

ثالثها: في ألفاظه ومعانيه.

قوله: "لا يحل دم امرئ مسلم" هو كناية عن قتله، أي لا يحل إلا بإحدى هذه الأمور.

وقوله: "دم امرئ" فيه حذف مضاف، أي أجزاء دمه. والدم مخفف الميم على المشهور، وأصله دمى كيد ولامهما محذوفة حتى من التثنية، وجرى الدميان شاذ، وكذا يديان بيضاوان عندهم محكم لا يقاس عليه.

وامرىءٍ: يُقال فيه مر كما سلف في حديث: "إنما الأعمال بالنيات".

وقوله عليه الصلاة والسلام: "يشهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله" هو كالتفسير لقوله: " [مسلم] (1) "، وكذا:"المفارق للجماعة"، كالتفسير لقوله:"التارك لدينه". والجماعة جماعة المسلمين، وفراقهم بالردة إما بالتكفير بكلمة الكفر أو بالاعتقاد أو بالفعل، ومن خرج عنهم ببدعة أو بغى وكان الخوارج تقاتل حتى يرجع إليهم، وليس بكافر.

(1) في ن هـ (امرىءٍ)، وما أُثبت يوافق إحكام الأحكام مع الحاشية.

ص: 43

و"الثيب" المراد به المحصن، كما في رواية النسائي السالفة. وهو من وطئ في نكاح صحيح، وهو حر بالغ عاقل.

و"الإِحصان": أصله المنع، وله معانٍ. هذا، وهو الموجب رجم الزاني ولا ذكر له في القرآن إلا في قوله تعالى:{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (1)، أي محصنين بالنكاح لا بالزنا وبمعنى: العفة، والحرية، والتزوج، والإِسلام، وكلها مذكورة في القرآن. والجامع لأنواع الإِحصان المنع، فكل واحد ممن ذكرنا يمنع ما ينافيه، وقد أوضحت ذلك في كتابي المسمَّى بـ:"الإِشارات إلى ما وقع في المنهاج من الأسماء والمعاني واللغات".

و"الثيب": اسم جنس يدخل فيه الذكر والأنثى. قاله أهل اللغة.

قال ابن السكيت: وذلك إذا كانت المرأة قد دخل بها، أو كان الرجل قد دخل بامرأته.

وقوله: "الزاني" قال النووي في "شرح مسلم"(2): هو في نسخ "صحيح مسلم" بغير ياء، وهي لغة صحيحة قُرىء بها في السبع من قوله تعالى:{الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)} (3). قال: والأشهر في اللغة إثبات الياء.

(1) سورة النساء: آية 24.

(2)

شرح مسلم (11/ 164).

(3)

سورة الرعد: آية 9.

ص: 44

و"النفس": تُذكَّر وتؤنَّث. قال تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا} (1)، وقال: "بلى قد جاءتك آياتي، [فإن كان مجردًا من الألف واللام فالأكثر الحذف لا](2).

رابعها: في فوائده:

الأولى: أن المسلم لا يصير مسلمًا إلَّا بالتلفظ بالشهادتين، فإنه عليه الصلاة والسلام جعلهما كالتفسير والوصف للمسلم، وذلك لا يُعرف إلا بالتلفظ والاتصاف. ومن الشافعية من قال: إن كان ينكر إحداهما وأقر بها حكم بإسلامه وألزم الإِقرار بالأخرى، فإن أبى، فمرتدّ. وكذا لو أقر بما ينكره مما هو خاص بشريعتنا، والأصح عند جمهورهم أنه لابد منها، اللهم إلا أن يعجز عن النطق لخلل في لسانه أو لعدم التمكن منه كمعالجة المنية أو لغير ذلك.

وهل يحتاج معها إلى الإقرار بعموم الرسالة أو البراءة من كل دين يخالف الإِسلام؟ فيه أوجه:

أصحّها: إن كان ينكر عمومها ويخصها بالعرب، فلابد من الإقرار أو التبرئة، وإلا فلا، ولو كان كفره بجحود فرض أو استباحة محرم لم يصح إسلامه حتى يأتي بالشهادتين ويرجع عما اعتقده.

الثانية: عصمة دم المسلم إلا فيما ذكر النووي (3)، وهذا الحديث عام، خصَّ منه الصائل ونحوه، فإنه يُباح قتله في الدفع.

(1) سورة الزمر: آية 56.

(2)

زيادة في الأصل ولا مناسبة لها.

(3)

شرح مسلم (11/ 165).

ص: 45

وقد يُجاب عن هذا بأنه داخل في المفارق للجماعة، ويكون المراد لا يحل تعمُّد قتله قصدًا إلا في هؤلاء الثلاث.

الثالثة: إباحة دم الزاني المحصن بصفته المعروفة في الأحاديث الصحيحة، وهو الرجم بالحجارة.

الرابعة: وجوب القصاص في النفس بشرطه.

الخامسة: أن المسلم يقتل بالذمي والحربي والعبد، لعموم قوله:{النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (1)؛ وكما في الآية أيضًا قاله أصحاب أبي حنيفة والجمهور على خلافه، ومنهم باقي الأربعة والليث وأنه عموم أريد به الخصوص في المتماثلين، وقد وافقوا على تخصيص هذا العموم في صور:

منها: ما إذا قتل السيد عبده عمدًا.

ومنها: ما إذا قتل الأب ابنه، ولا حجة لهم في حديث:"لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده"(2)[حيث قالوا: التقدير بالمال ولا ذو عهد في عهده](3) بكافر حربي، فالذي لا يقتل به المسلم هو الحربي تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه لأوجه.

إحداها: [لا نسلم](4) أن الواو هنا عاطفة، بل استثنائية، فلا يلزم الاشتراك.

(1) سورة المائدة: آية 45.

(2)

ابن حبان (5996).

(3)

ن هـ ساقطة.

(4)

زيادة من ن هـ.

ص: 46

ثانيها: سلَّمنا لكن العطف يقتضي الاشتراك في الأصل دون توابعه كما في قولك: مررت بزيد قائم وعمرو. فإنه لا يلزم منه المرور بعمرو قائمًا أيضًا، بل الاشتراك في أصل المرور لا غير، فيقتضي العطف هنا أنه لا يقتل به المسلم. أما تعيين من يقتل به الآخر، فلا؛ لأن الذي يقتل به بعض توابع الحكم.

ثالثها: لا نسلم أن معناه بحربي، بل معناه التنبيه على التشبيه، فإن "في" تكون للتشبيه، فيصير معنى الكلام: ولا يقتل ذو عهد بسبب المعاهدة فيفيدنا ذلك أن المعاهدة سبب يوجب العصمة، وليس المراد به أنه يقتص منه ولا غير ذلك.

رابعها: أن معناه نفي الوهم عمن يعتقد أن عقد المعاهدين كعقد الذمة يدوم، فنبه عليه الصلاة والسلام على أن أمر ذلك العهد إنما هو في ذلك الزمن خاصة لا يتعدّاه، وتكون "في" على هذا للظرفية.

[خامسها](1): إباحة دم المرتد بشرطه وهو إجماع في الرجل والجمهور على إلحاق المرأة به.

وقال أبو حنيفة (2): لا تقتل. وقد أوضح البيهقي المسألة في "خلافياته"(3)، وضعف حديث ابن عباس بأنها لا تقتل (4).

(1) ن هـ ساقطة سادسها. . . . إلخ الفوائد.

(2)

تحفة الفقهاء (3/ 530).

(3)

مختصر الخلافيات (4/ 406).

(4)

حديث ابن عباس (4361)، والنسائي (7/ 107).

ص: 47

[سادسها](1): إن مخالف الإِجماع يكفر فيقتل، وقد نسب ذلك إلى بعض الناس [. . .](2)، وقد قدمنا الطريق في التكفير، فالمسائل الإِجماعية تارة يصحبها [التواتر](3) بالنقل عن صاحب الشرع، كوجوب الصلاة مثلًا. وقد لا يصحبها، [فـ](4) الأول يكفَّر جاحده، لمخالفته [التواتر](5)، لا لمخالفته الإِجماع. [و] (6) الثاني: لا يكفَّر به.

قال الشيخ تقي الدين: وقد وقع في هذا المكان من يدعي الحِذْق في المعقولات، ويميل إلى الفلسفة، فظن أن المخالفة في حدوث العالم من قبيل مخالفة الإِجماع، وأخذ من قول من قال: "إنه لا يكفر مخالف الإجماع، أن لا يكفَّر هذا المخالف في هذه المسألة. وهذا كلام ساقط بالمرة، إما عن عمى في البصيرة، أو [عن](7) تعامٍ؛ [لأن](8) حدوث العالم من قبيل ما اجتمع فيه الإِجماع والتواتر بالنقل عن صاحب الشريعة، فيكفَّر المخالف بسبب مخالفته النقل المتواتر، لا بسبب مخالفة الإِجماع.

(1) ن هـ (السابعة).

(2)

في إحكام الأحكام (4/ 300) زيادة (وليس ذلك بالهين).

(3)

زيادة من إحكام الأحكام.

(4)

في المرجع السابق (فالقسم).

(5)

في إحكام الأحكام (المتواتر).

(6)

في المرجع السابق (القسم).

(7)

غير موجودة في المرجع السابق.

(8)

في هـ (لا عن).

ص: 48

[سابعها](1): أن تارك الصلاة كسلًا لا يقتل، لأنه عليه الصلاة والسلام حصر دم المرء المسلم في هذه الثلاثة بلفظ النفي العام، والاستثناء منه لهذه الثلاثة، وهو قول المزني من أصحاب الشافعي قال: يُضرب ويُحبس حتى يصلي، وهو مشهور مذهب أبي حنيفة، واختاره الحافظ أبو الحسن علي بن المفضّل المقدسي المالكي في قصيدة له مشهورة، أنبأنا بها غير واحد عن شيخ الإِسلام تقي الدين القشيري، عن الفقيه المفتي أبي موسى هارون بن عبد الله المهراني، عنه.

خسر الذي ترك الصلاة وخابا

وأبى معاذًا صالحًا ومآبا

إن كان يجحدها، فحسبك أنه

أمسى بربك كافرًا مرتابا

أو كان يتركها لنوع تكاسل

[غطى](2) على وجه الصواب حجابا

فالشافعي ومالك رأيا له

إن لم يتب: حَدَّ الحسام عقابا

وأبو حنيفة قال يترك مرة

هَمَلًا، ويحبس مرة إيجابا

والظاهر المشهور من أقواله

تعزيره زجرًا له وعقابا

[. . .](3).

والرأي عندي: أن يؤدبه الإِمام

بكل تأديب يراه صوابا

(1) ن هـ ساقطة.

(2)

في الأصل ون هـ (غشى)، وما أُثبت من إحكام الأحكام.

(3)

في المرجع السابق (إلى أن قال).

ص: 49

ويكف عنه القتل طول حياته

حتى يلاقي في المآب حسابا

فالأصل عصمته إلى أن يمتطي

إحدى الثلاث إلى الهلاك ركابا

الكفر أو قتل المكافي عامدًا

أو محصن طلب الزنا فأصابا

واستشكل إمام الحرمين قتله وقوى بعض المتأخرين إزالة الإِشكال في عدم قتله بقوله عليه الصلاة والسلام: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلَّا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة". فوقف العصمة على مجموع ما ذكر والمرتب على أشياء لا تحصل بحصول مجموعها، وينتفي بانتفاء بعضها.

قال الشيخ تقي الدين (1): وهذا إن قصد به الاستدلال بالمنطوق (2) وهو الأمر بالقتال إلى هذه الغاية، فقد [ذهل](3) وسهى؛ لأنه فرَّق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه، فإن "المقاتلة" مفاعلة تقتضي الحصول من الجانبين.

ولا يلزم من إباحة المقاتلة على الصلاة إباحة القتل عليها (4) من الممتنع من فعلها إذا لم يقاتل، ولا إشكال بأن قومًا لو تركوا الصلاة [وقاتلوا عليها قوتِلوا](5)، [أي بدليل مناظرة عمر الصديق في

(1) إحكام الأحكام (4/ 304).

(2)

في إحكام الأحكام زيادة (وهو قوله عليه السلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى. . . . إلخ"، فإنه يقتضي بمنطوقه الأمر بالقتال. . . . إلخ".

(3)

في المرجع السابق (وهل).

(4)

في ن هـ كلمة غير واضحة.

(5)

في المرجع السابق (ونصبوا القتال عليها أنهم يقاتلون).

ص: 50

قتال مانعي زكاة المال] (1) النظر والخلاف فيما إذا تركها إنسان من غير نَصب قتال: [هل يقال يقُتل أم لا؟](2) فتأمَّل الفرق بين المقاتلة على الصلاة [والقتل](3) عليها وأنه لا يلزم من إباحة المقاتلة عليها [إباحة القتل عليها](4) وإن كان أخذ هذا من لفظ آخر الحديث، وهو ترتب العصمة على فعل ذلك، فإنه يدل بمفهومه على أنها لا تترتب على فعل بعضها، [دون المجموع](5) هان الخطب لأنها دلالة مفهوم، والخلاف فيها معروف مشهور، وبعض من ينازعه في هذه المسألة لا يقول بدلالة المفهوم، ولو قال بها فقد يرجح عليها دلالة المنطوق في هذا الحديث.

واعلم أن قتل تارك الصلاة كسلًا وعدمه مبني على تكفيره وقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين:

أحدهما: أنه يكفر بذلك، وهو المشهور عن أحمد، وقول المحدثين وبعض المالكية، وحكاه العبدري (6) عن منصور الفقيه من

(1) في المرجع السابق (إنما).

(2)

في المرجع السابق (هل يقتل عليها أم لا؟).

(3)

زيادة من إحكام الأحكام.

(4)

في هـ ساقطة.

(5)

في المرجع السابق غير موجودة.

(6)

هو علي بن سعيد بن عبد الرحمن بن محرز بن أبي عثمان المعروف بأبي الحسن الجدري له مؤلفات منها مختصر الكفاية كان ظاهري المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي توفي ببغداد يوم السبت سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي (5/ 257).

ص: 51

أصحابنا، والشيح أبي إسحاق في "خلافياته" عن أبي الطيب بن سلمة (1)، ونسبه القاضي حسين في باب قتل المرتد إلى أبي جعفر الترمذي (2)، وابن خربويه (3)، ووجهه قوله عليه الصلاة والسلام:"إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"(4)، رواه مسلم من حديث جابر. وقوله عليه الصلاة والسلام:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"(5). رواه الترمذي من حديث بريدة، وصحَّحه؛ وكذا ابن حبان. وقال

(1) هو العلامة أبو الطيب محمَّد بن المفضل بن سلمة بن عاصم الضبي صنف الكتب وله وجوه في مذهب الشافعي منها أنه كفر تارك الصلاة توفي شابًا في المحرم سنة ثمان وثلاثمائة. ترجمته في سير أعلام النبلاء (14/ 361)، ووفيات الأعيان (4/ 205).

(2)

هو محمَّد بن أحمد بن نصير، أبو جعفر الترمذي. مولده في ذي الحجة سنة مائتين. وتوفي في المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين. له مؤلف:"اختلاف أهل الصلاة" في الأصول. ترجمة طبقات ابن شهبة (1/ 82)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (10)، وطبقات الشافعية للسبكي (1/ 288).

(3)

هو علي بن الحسين بن حرب بن عيسى أبو عبيد بن حربويه، ولي قضاء واسط ثم مصر، توفي في صفر سنة تسع عشرة وثلاثمائة ترجمته في طبقات ابن شهبة (1/ 96)، وقد جاء اسمه مصحفًا في شذرات الذهب (2/ 281)(أبو عبيد بن جويرية)، وطبقات ابن هداية (15)(جوبويه).

(4)

مسلم (134).

(5)

الترمذي (2621)، وابن حبان (1454)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (1/ 6، 7)، والنسائي (1/ 231)، وابن ماجه (1079)، وأحمد (5/ 346، 355)، والبيهقي (3/ 366)، والدارقطني (2/ 52).

ص: 52

الحاكم: صحيح الإِسناد ولا نعرف له علة.

قال: وله شاهد على شرطهما، فذكره عن شقيق، عن أبي هريرة قال:"كان أصحاب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لا يرون من الأعمال شيئًا تركه كفرًا غير الصلاة"(1). وروى هذا الترمذي عن شقيق بإسناد صحيح.

وفي صحيح ابن حبان (2) من حديث ابن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه ذكر الصلاة يومًا، فقال:"من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها، لم يكن له برهان ولا نور ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وهامان، وفرعون". وأصح الوجهين عندهم أنه لا يكفر بذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام:"خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن فلم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهدًا أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة"(3)، رواه مالك في الموطأ وأبو داود واللفظ له، والنسائي وابن ماجه، وصحَّحه ابن حبان وابن السكن وابن عبد البر.

وجه الدلالة: أنه لو كفر لم يدخل تحت المشيئة، وللأحاديث الصحيحة الثابتة بحديث: "من مات وهو يعلم أن لا إله إلَّا الله دخل

(1) الترمذي (2622)، والحاكم (1/ 6، 7).

(2)

أحمد (2/ 169)، والدارمي (2/ 301).

(3)

مالك (1/ 123)، وأبو داود (1420)، والنسائي (1/ 230)، وابن ماجه (1401)، وابن حبان (1731)، وأحمد (5/ 315)، والدارمي (1/ 370).

ص: 53

الجنة" (1) وشبهه، ولم يزل المسلمون يورثون تارك الصلاة ويرثون عنه، ولو كان كافرًا لم يغفر له ولم يورث ولم يرث. نعم يقتل حدًّا وحديث جابر السالف، وكذا حديث بريدة أيضًا يحملان على أنه شارك الكافر في بعض أحكامه، وهو وجوب القتل، كحديث: "قتال المسلم كفر"، أو على جاحد الوجوب، أو على كفر النعمة، ولأنه عموم دخله التخصيص بحديث عبادة السالف.

وإذا قلنا يُقتل، فمتى يُقتل؟

اختلف أصحابنا فيه على أوجه محل الخوض فيها كتب الفروع [وقد أوضحناها فيه، ولله الحمد](2).

(1) مسلم (26)، وأحمد (1/ 65)، وابن منده (32)، وأبو عوانة (1/ 7).

(2)

ن هـ ساقطة.

ص: 54