الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
384/ 3/ 73 - عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية: فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيته فقال: لتمشِ ولتركبْ"(1).
الكلام عليه من وجوه:
واعلم فيها أن قوله "حافية" ليس في البخاري كما نبَّه عليه عبد الحق في "جمعه".
[الأول:](2) في التعريف براويه، وقد سلف في الحديث السادس من كتاب النكاح.
[الثاني:](3) أخته هي أم حِبان، بكسر الحاء المهملة، ثم باء موحدة، ثم ألف، ثم نون، بنت عامر أسلمت وبايعت. ذكره ابن
(1) البخاري (1866)، ومسلم (1644)، وأبو داود (3399)، وابن ماجه (2134)، والنسائي في الكبرى (4756)، والنسائي (7/ 19)، والدارمي (2/ 183، 184)، وابن الجارود (936، 937)، والبيهقي (10/ 135، 136)، وعبد الرزاق (8/ 451)، والبغوي (10/ 27).
(2)
في ن هـ (الثاني).
(3)
في ن هـ (الثالث).
ماكولا (1) عن محمَّد بن سعد، وحكاه عنه ابن بشكوال في "مبهماته"(2)، ولم يذكرها ابن عبد البر في الصحابة، وهي من شرطه.
[الثالث:](3) معنى قوله: "لتمشِ ولتركبْ"، والله أعلم لتمش إن قدرت، وتركب إذا عجزت أو شق عليها المشي، وكذا ترجم له البيهقي في "سننه" (4) فقال: باب المشي فيما قدر عليه والركوب فيما عجز عنه، ثم ذكر هذا الحديث، ثم قال باب الهدي فيما ركب واختلاف الروايات عنه، ثم ساق بإسناده عن عكرمة، عن ابن عباس "أن أخت عقبة نذرت أن تحج ماشية وأنها لا تطيق ذلك فقال [رسول الله] (5) صلى الله عليه وسلم:"إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب، ولتهدِ بدنة"، وفي رواية له:"أن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت فقال: إن الله غني عن نذر أختك، فتحج راكبة وتهدي بدنة". ورواه أبو داود في [سننه](6)"، وقال: "تهدي هديًا".
وخالفه هشام الدستوائي فَرَواه عن قتادة دون ذكر الهدي فيه، ورواه بإسناده عن هشام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي - صلي الله عليه وسلم - بلغه أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية فقال له
(1) الإِكمال (2/ 311).
(2)
غوامض الأسماء المبهمة (837).
(3)
في ن هـ (الرابع).
(4)
السنن الكبرى (10/ 78، 79).
(5)
في ن هـ (النبي)، وما أثبت من السنن.
(6)
في ن هـ ساقطة.
النبي - صلي الله عليه وسلم -: "إن الله لغني عن نذرها، فمرها فلتركب"(1)، وكذلك روي عن خالد الحذاء، عن عكرمة دون ذكر الهدي فيه.
ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة، فأرسله، ولم يذكر الهدي فيه، ورواه أبو داود من حديث ابن (2) عدي عن شعبة، عن قتادة، عن عكرمة أن أخت عقبة بمعنى حديث هشام لم يذكر الهدي، وقال:"مُرْ أختك فلتركب"، قال أبو داود: رواه خالد عن عكرمة بمعناه، وقيل: عن [عكرمة](3)، عن عقبة بن عامر دون ذكر الهدي فيه. كذلك رواه أبو داود عن شعيب بن أيوب، عن معاوية بن هشام، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، عن عقبة بن عامر أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:"إن أختي نذرت أن تمشي إلى البيت فقال: "إن الله لا يصنع بمشي أختك إلى البيت شيئًا"، ورواه [الحاكم] (4) في "مستدركه" من حديث يعلى بن عبيد ثنا أبو سعد البقّال، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي - صلي الله عليه وسلم - فقال: إن أختي حلفت أن تمشي إلى البيت، وأنه يشق عليها المشي. قال: مرها فلتركب إذا لم تستطع أن تمشي، فما أغنى الله أن يشق على أختك"، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد، وروى في "مستدركه" أيضًا من حديث شريك، عن محمَّد بن عبد الرحمن مولى آل أبي طلحة، عن كريب، عن ابن عباس قال: "جاء رجل إلى
(1) أبو داود (3296، 3297)، والبيهقي (10/ 79)، والطبراني (11829).
(2)
في هـ زيادة (أبي).
(3)
في ن هـ ساقطة.
(4)
زيادة من ن هـ ومستدرك الحاكم (4/ 302)، والطبراني (11949).
النبي - صلي الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أختي جعلت عليها المشي إلى بيت الله، قال:"إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، قل لها فلتحج راكبةً ولتكفر يمينها". قال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم. ورواه البيهقي (1) بسند شيخه الحاكم، ثم قال تفرد به شريك [القاضي](2)، ورواه أبو حاتم بن حبان في "صحيحه" (3) من هذا الوجه بلفظ:"جاء رجل إلى رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال: "إن أختي جعلت على نفسها أن تحج ماشية، قال: فمرها فلتركب [ولتكفر](4) "، ثم قال ابن حبان: يشبه أن تكون هذه جعلت على نفسها أن تحج ماشية [إذ](5) النذر لا كفارة فيه.
قلت: ولحديث عقبة هذا طريق آخر رواه أصحاب السنن الأربعة وابن حبان في صحيحه من حديث عبيد الله بن زحر عن أبي سعيد الرعيني، عن عبد الله بن مالك، عن عقبة بن عامر قال:"نذرت أختي أن تحج لله ماشية، غير مختمرة، قال: فذكرت ذلك لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال: مُر أختك فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام"(6)، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن.
(1) السنن الكبرى (10/ 80).
(2)
زيادة من ن هـ والمرجع السابق.
(3)
ابن حبان (4384)، وأحمد (1/ 310، 315)، وأبو داود (3295).
(4)
في الأصل بياض، وما أثبت من ن هـ وابن حبان.
(5)
في المرجع السابق (أو)، فليصحح.
(6)
الترمذي (1544)، وأبو داود (مختصر السنن)(3161)، وابن ماجه (2134)، والنسائي (7/ 20).
وقال البيهقي (1): هذا الحديث رواه يحيى بن سعيد عن عُبيد الله بن زحر هكذا، وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وكذلك رواه ابن جُريج قال: كتب إلى يحيى بن سعيد فذكره.
ورواه الترمذي عن يحيى بن سعيد واختلف عليه في إسناده قال: وقال محمَّد بن إسماعيل البخاري: لا يصح فيه الهدي، يعني في حديث عقبة.
قلت: وعُبيد الله هذا مختلف فيه، ضعفه الإِمام أحمد، وقال ابن المديني (2): منكر الحديث، وقال يحيى (3): ليس بشيء كل حديثه عندي ضعيف، وقال الدارقطني (4): ليس بالقوي، وقال ابن حبان (5): يروي الموضوعات عن الأثبات.
وجزم ابن حزم من "محلاه"(6) بضعفه. وأما الحاكم: فأخرج له في "مستدركه" ولم يضعفه البيهقي في "سننه"(7)، بل حكى في باب بيع المغنيات عن البخاري أنه وثقه، وذكر الترمذي أيضًا ذلك
(1) السنن (10/ 80).
(2)
الجرح والتعديل ترجمة (1499).
(3)
تاريخ الدارمي عن يحيى بن معين ترجمة (626)، وتاريخ الدوري (2/ 382).
(4)
الضعفاء للدارقطني ترجمة (327).
(5)
المجروحين (2/ 62).
(6)
المحلى (4/ 217)(5/ 165)(7/ 265)(9/ 58).
(7)
السنن (6/ 14).
عنه في "علله"(1)، وقال أبو عبيد الآجري (2): قال أبو داود: سمعت أحمد يقول عبيد الله بن زحر ثقة، وقال: في موضع آخر سألت أبا داود عن عُبيد الله بن زحر فقال: كان أحمد يوثقه، والذي يظهر من هذا هو أحمد بن صالح المصري، فإن حربًا قال: قلت لأحمد بن حنبل (3): عُبيد الله بن زحر فضعفه، كما أسلفناه وقال أبو زرعة (4): لا بأس به صدوق، وقال النسائي (5): ليس فيه بأس.
قلت: ولم ينفرد به، بل تابعه بكر بن سوادة [ورواه](6) عن ابن هاعان، عن أبي تميم الجيشاني، عن [عقبة](7) أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة، فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -:"لتركب ولتلبس ولتصم"، رواه الطبراني (8) من هذا الوجه.
وعبد الله بن مالك الراوي عن عقبة بن عامر ذكره ابن حبان في "ثقاته"(9)، وادعى ابن القطان جهالته، وفرق أبو حاتم بينه وبين
(1) ذكره في حاشية تهذيب الكمال (19/ 39).
(2)
ذكره في تهذيب الكمال (19/ 38).
(3)
الجرح والتعديل ترجمة (1499)، وتهذيب الكمال (19/ 37).
(4)
المرجع السابق.
(5)
المرجع السابق.
(6)
في ن هـ (فراواه).
(7)
في الأصل بياض، وما أثبت من ن هـ والطبراني.
(8)
الطبراني الكبير (17/ 324).
(9)
(5/ 49).
أبي [تميم](1) الجيشاني الذي ولد في عصره (2) عليه الصلاة والسلام وهما واحد كما قاله ابن يونس وغيره، وصرَّح به الطبراني كما سلف عنه.
وأبو سعيد الرُّعَينِي الراوي عن عبد الله اسمه جُعْثُل بن هَاعَان كما سلف في رواية الطبراني وهو قاضي إفريقية روى عن أبي تميم [وعنه](3) بكر بن سوادة.
وعُبيد الله بن زحر قاله ابن يونس، أخرجه عمر بن عبد العزيز إلى المغرب ليقرئهم القرآن، وكان أحد القراء الفقهاء، له وفادة على هشام بن عبد الملك، وادعى ابن القطان جهالته تبعًا لابن حزم في "محلاه".
ولحديث عقبة هذا طريق آخر جيد، رواه الطحاوي في "مشكله" عن يونس أخي ابن وهب بن حي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عقبة أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية غير مختمرة، فذكر ذلك عقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"مُرْ أختك فلتركب ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام"، وحِيَيِّ هذا قال في [حديثه](4) ابن معين ليس به بأس. وأخرج له الحاكم وابن حبان
(1) في ن هـ (حاتم)، وما أثبت يوافق الجرح والتعديل (5/ 171، 172)، وتهذيب الكمال (15/ 512).
(2)
ذكر ذلك ابن حجر في تهذيب التهذيب نقلًا عن الدولابي (5/ 380).
(3)
في ن هـ (وعن)، وما أثبت يوافق تهذيب الكمال (15/ 512).
(4)
في ن هـ (حقه). وانظر: تاريخ الدارمي (91)، ترجمة (239)، وتهذيب الكمال (7/ 488).
وذكره في "ثقاته"(1) في أتباع التابعين، وخالف ابن حزم فقال في "محلاه"(2) إنه مجهول.
قال الطحاوي: كشف وجهها حرام فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفارة لمنع الشريعة إياها منه (3)، ثم ذكره الطحاوي من وجه آخر، وفيه:"نذرت أن تحج ماشية ناشرة شعرها، فقال: "لتركب ولتصم ثلاثة أيام". وفي البيهقي (4) من حديث أبي هريرة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في جوف الليل في ركب إذ بصر بخيال قد نفرت منه إبلهم، فأنزل رجلًا فنظر، فإذا هو بامرأة عريانة ناقضة شعرها، فقال: مالك؟ قالت: نذرت أن أحج البيت ماشية عريانة ناقضة شعري فأنا أتكمن بالنهار وأتنكب الطريق بالليل، فأتى النبي - صلي الله عليه وسلم - فأخبره فقال: "ارجع إليها فمرها فلتلبس ثيابها ولتهرق دمًا".
قال البيهقي: إسناده ضعيف (5)، قال: وروي من وجه آخر منقطع دون ذكر الهدي فيه، ثم أسند من حديث البصري عن عمران بن الحصين أنه عليه الصلاة والسلام قال:"إذا نذر أحدكم أن يحج ماشيًا فليهدِ هديًا وليركب". وفي رواية: "فليهد بدنة
(1) الثقات (6/ 235).
(2)
المحلى (7/ 265).
(3)
معالم السنن (3/ 597).
(4)
السنن الكبرى (10/ 80).
(5)
انظر: كتاب المراسيل لابن أبي حاتم (40)، وتهذيب الكمال (6/ 122).
وليركب"، ثم قال: لا يصح سماع الحسن من عمران فهو مرسل (1)، قال: وروى فيه عن علي موقوفًا، قلت: فأما الحاكم فإنه أخرجه في "مستدركه" (2) من حديث الحسن عن عمران وقال: صحيح الإِسناد. قال في "مستدركه" (3) في كتاب اللباس: إن أكثر مشايخنا على أنه سمع منه، فهذه طرق حديث عقبة مع ما يشاكله، وقد حصل في إيرادها فوائد جمة، فلا تسأم من طولها، فإن طرق الحديث يفسر بعضها بعضًا.
ورأيت في "معرفة الصحابة" للحافظ أبي موسى الأصبهاني أن هذا الحديث رواه جماعة عن عقبة بن عامر وروي عن عبد الله [بن مالك](4) الجهني، والأول هو الصحيح.
تنبيه: رواية "ولتهدِ بدنة"، عزاها القاضي عياض (5) ثم النووي (6) إلى أبي داود، وتبعه ابن العطار والفاكهي ولم أرها فيه، والذي فيه "ولتهدِ هديًا" كما أسلفناه عنه فتنبه لذلك.
الوجه الرابع: في أحكامه.
(1) المرجع السابق.
(2)
المستدرك (4/ 305).
(3)
المستدرك (4/ 191)، ووافقه الذهبي، وأما في تاريخ الدارمي في روايته عن يحيى بن معين (100) ففرق بين حديثه عن البصريين فنقل سماعه وبين حديثه عن الكوفيين فأثبته.
(4)
في ن هـ ساقطة.
(5)
إكمال المعلم (5/ 395، 396).
(6)
شرح مسلم (11/ 103).
أولها: صحة النذر إلى الذهاب إلى بيت الله تعالى، فإذا قال: لله عليَّ أن آتي البيت الحرام أو بيت الله تعالى، ونواه انعقد نذره، ولزمه إتيانه بحج أو عمرة، خلافًا لأبي حنيفة، حيث قال: إذا لم بسم حجًا ولا عمرة [لا](1) يلزمه شيءٌ، والأول قَوْلُ مالك والشافعي، وهو مروي عن عمر وابن عباس وهو ظاهر الحديث، إذا تقرر هذا فإنْ نَذَرَهُ راكبًا لزمه ذلك راكبًا، فلو ذهب ماشيًا لزمه دم لترفهه بتوفير مؤنة الركوب، وهذا بناء على أن الركوب أفضل وفيه خلاف مشهور عندنا ليس هذا موضع ذكره، وإن نذره ماشيًا لزمه ما التزم ويمشي من حيث أحرم، سواء من الميقات أو قبله على الأصح عندنا، ولا يجوز أن يترك المشي في الحج إلى أن يرمي جمرة العقبة إذا جعله آخر التحللين، ويفرغ من العمرة، وحيث أوجبنا المشي فركب لعذرٍ أجزأه، وعليه دم على أظهر قولي الشافعي، وهو شاذ وقيل: بدنة للروايتين اللتين أسلفتهما، أو بلا عذر أجزأه وعليه دم على المشهور فيهما عندنا. ومذهب مالك إن نذر المشي إلى بيت الله الحرام لازم، سواء أطلقه أو علقه، فإن عجز في بعض الطريق أو ركب رجع من قابل فمشى ما ركب، وجعل ذلك في حج أو عمرة، إلَّا أن يعجز عن المشي في جملة فيركب ويهدي فيأول الحديث على حالة العجز عن المشي.
فرع: نذر إتيان شيء من الحرم كالصفا ولو دار أبي جهل ودار الخيزران يوجب الحج أو العمرة لشمول حرمة الحرم في تنفير
(1) في ن هـ ساقطة.
الصيد وغيره. وعند المالكية حكاية خلاف في ذلك، وبقولنا يقول أبي يوسف ومحمد بن الحسن، ولو نذر إتيان عرفات فإن أراد بذلك التزام الحج انعقد نذره به، وإلَّا فلا، لأن عرفات من الحل، فهو كبلد آخر. وأطلق ابن حبيب المالكي اللزوم، وقال أبو حنيفة: لا يلزمه في كل هذا شيء ولا مسير من القياس.
فرع: لو نذر إتيان مسجد المدينة والأقصى فالأظهر عند المراوزة إلحاقهما بالمسجد الحرام خلافًا للعراقيين والروياني.
ولو نذر إتيان مسجد آخر سوى هذه الثلاثة لم يتعين جزمًا. وقال ابن المواز المالكي: إن كان قريبًا كالأميال لزمه المشي إليه وإن كان بعيدًا فلا.
ثانيها: ظاهر الحديث إقرارها على الحفاء، لكن رواية الطبراني التي أسلفتها أنها نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة، فقال عليه الصلاة والسلام:"لتركب ولتلبس". ظاهرها عدمه، وهو الظاهر، فإن الحفي ليس طاعة، فإذًا نَذْرُهُ لا يصح.
ثالثها: جواز النيابة والاستنابة في الاستفتاء خصوصًا إذا كان المستنيب معذورًا لعدم بروزه لذلك أو مخالطته لهم ونحو ذلك.
رابعها: قبول خبر الواحد.
خامسها: أن من نذر الحج ماشيًا فلم يطقه في بعض الأحوال فإنه يركب وعليه دم، للحديث السالف. وأما رواية البدنة فإنها تُطْلَقُ لغةً على البعير والبقرة والواحد من الغنم. ولهذا لو نذر أن يهدي
شيئًا لزمه ما يجزئ من الأضحية ، وهل يجب عليه مع الهدي الرجوع فيمشي ما ركبه أم لا؟
قال الشافعي وأهل الكوفة: بالمنع.
وقال سلف أهل المدينة بالوجوب.
وفرق مالك فقال: إن كان المشيُ يسيرًا لم يرجع، وإن كان كثيرًا رجع، ما لم يرجع لبلده البعيدة فيكفيه الدم. وطرق حديث عقبة التي أسلفناها لم يذكر فيها الرجوع البتة، فيقوى بها مقالة الشافعي وأهل الكوفة، والله الموفق.