الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
376/ 2/ 72 - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها، إلَّا أتيت الذي هو خير، وتحللتها"(1).
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: في التعريف براويه وقد سلف في باب السواك في الحديث الرابع منه.
ثانيها: هذا الحديث ورد على سبب وهو أنه عليه الصلاة والسلام "قدم عليه رهط من الأشعريين فسألوه الحملان فقال: "والله لا أحملكم ولا عندي ما أحملكم عليه، ثم أتي بعد ذلك بإبل فأمر لهم بثلاث ذود". وفي رواية: "بخمس ذود غبر الذرى فلما انطلقوا
(1) البخاري (3133)، ومسلم (1649)، وأبو داود (3276)، والنسائي (7/ 9)، وفي السنن الكبرى له (4721)، وابن ماجه (2107)، وأحمد (4/ 398، 401)، والبيهقي (10/ 31، 51)، والمسند (4/ 401، 460، 393، 397)، والترمذي (826، 827)، والدارمي (2/ 102، 103)، وابن الجارود (929)، والبغوي في السنة (2436).
كرهوا تحلل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه وخافوا عقوبة ذلك فأتوه وأخبروه بالخبر فقال: ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم. ثم قال: إني والله" إلى آخر الحديث.
وفي رواية في الصحيح: "إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير" وفي الصحيح: "إن ذلك كان في جيش العسرة وهي غزوة تبوك" وفي أخرى فيه: "أنه أعطاهم ستة أبعرة ابتاعهن من سعد".
ثالثها: في أحكامه وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الحنث إذا رآه خيرًا من التمادي على اليمين وقد سلف في الحديث قبله.
المسألة الثانية: جواز الحلف من غير استحلاف.
المسألة الثالثة: تقديم ما يقتضي الحنث في اللفظ على الكفارة، إن كان معنى:"وتحللتها" التكفير عنها. قال الشيخ تقي الدين: ويحتمل أن يكون معناه إتيان ما يقتضي الحنث، فإن التحلل يقتضي العقد. والعقد هو ما دلت عليه اليمين من موافقة مقتضاها، فيكون التحلل الإِتيان بخلاف مقتضاها ثم قال:
فإن قلت: فيكفي عن هذا قوله: "أتيت الذي هو خير" فإنه بإتيانه إياه تحصل مخالفة اليمين والتحلل منها، فلا يفيد قوله حينئذٍ:"وتحللت". فائدة: زائدة على ما في قوله: "أتيت الذي هو خير".
ثم أجاب بأن فيه فائدة التصريح والتنصيص على كون ما فعله محللًا والإِتيان به بلفظه يناسب الجواز والحل صريحًا. فإذا صرح بذلك كان أبلغ مما أتى به على سبيل الاستلزام.
الرابعة: تأكيد ما يخبر به الإِنسان عن نفسه في المستقبل بالقسم فإنه صلى الله عليه وسلم أكد في هذا الحديث للحكم المذكور باليمين بالله تعالى عليه، وهو يقتضي المبالغة في ترجيح الحنث على الوفاء عند هذه الحالة.
وفيه أيضًا تطييب قلب أصحابه وأمته إذا وقع لهم ذلك أن لا يخرجوا منه وهذا "الخير" الذي أشار إليه أمر يرجع إلى مصالح الحنث، المتعلقة بالمفعول المحلوف على تركه.
خامسها: الاستثناء بإن شاء الله تبركًا وأدبًا فإن قصد به حل اليمين صح بشرط أن يكون متصلًا وأن ثبوته قبل الفراغ من اليمين كما ستعلمه في الحديث الرابع إن شاء الله.
سادسها: ترجم البخاري على هذا الحديث الكفارة قبل الحنث (1) وبعده، وترجم عليه أيضًا الاستثناء في الأيمان (2)، وترجم عليه أيضًا لا تحلفوا بآبائكم (3)، وترجم عليه أيضًا بقوله:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} (4) وأراد أن أفعال الخلق مخلوقة لله تعالى
(1) في كتاب: (الأيمان) ح (6721).
(2)
في كتاب: (الأيمان) ح (6718).
(3)
كتاب (الأيمان) و (النذور) ح (6649).
(4)
كتاب (التوحيد) ح (7555).
وأغفل المؤلف رحمه الله تعالى الأبواب الآتية:
1 -
في فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ح (3133).
2 -
في المغازي، باب: قدوم الأشعريين وأهل اليمن ح (4385). =
وهذا مذهب أهل السنة خلافًا للمعتزلة.
قال المازري (1): معناه أن الله تعالى أتاني، ما أحملكم عليه ولولا ذلك لم يكن عندي ما أحملكم عليه.
= 3 - الذبائح والصيد، باب لحم الدجاج ح (5518).
4 -
في الأيمان، باب: اليمين فيما لا يملك (6680)، وفي باب قول الله تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (6623).
(1)
المعلم بفوائد مسلم (2/ 367).