الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالَ الخطيبُ: بلغني عَنْ خَلَف بنِ سالمٍ الْمُخَرِّميِّ، قالَ: سمعتُ ابنَ عُيينةَ يقولُ:
(نا)
عمرُو بنُ دينارٍ، يريدُ: حَدَّثَنَا، فإذا قيِلَ له: قُلْ: حَدَّثَنَا عمرٌو، قالَ: لا أَقولُ لأَنِّي لم أَسْمَعْ مِنْ قولِهِ -حَدَّثَنَا- ثلاثَةَ أحْرُفٍ؛ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ، وهي ح د ث. وعن ابنِ عُيينةَ أَنهُ قالَ له أبو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلي: إنَّ الناسَ كثيرٌ لا يسْمَعُونَ. قالَ: تسمعُ أَنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فَأَسْمِعْهُم. قالَ: وهذا هوَ الذي عليهِ العملُ،
أي: أنَّ مَنْ سَمِعَ الْمُسْتَمْلي دونَ سَماعِ لفظِ المُمْلي جازَ له أَنْ يَرْوِيَهُ عن المُمْلي كالعَرْضِ، سواءٌ؛ لأَنَّ الْمُسْتَمْلي في حُكْمِ مَنْ يقرأُ على الشيخِ ويعرِضُ حديثَهُ عليه ولكن يُشْتَرَط أَنْ يَسْمعَ الشيخُ المُمْلي لَفْظَ الْمُسْتَمْلي، كالقارئِ عليه. ومَعَ هذا فليسَ لِمَنْ لم يسمعْ لفظَ المُمْلي أَنْ يقول: سمعْتُ فلاناً يقولُ - كما تقدَّمَ في العَرْض - سواءٌ، ولكنَّ الأَحوطَ أن يُبَيِّنَ حالةَ الأَداءِ أنَّ سماعَهُ لذلكَ، أو لبعضِ الأَلفاظِ، من الْمُسْتَمْلي، كما فَعَلَهُ الإمامُ أبو بكرِ بنُ خُزيمةَ، وغيرُهُ من الأَئِمَّةِ.
وقالَ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنُ عَمَّارٍ الموْصليُّ: ما كتبتُ قطُّ مِنْ في المُسْتَمْلي، ولا التفَتْتُ إليهِ، ولا أَدْري أَيَّ شيءٍ يقولُ، إنَّما كنتُ أكتبُ عن فِي المحُدِّثِ. وأمَّا قولُ حَمَّادِ بنِ زيدٍ لمن استفهَمَهُ، كيف قُلتَ؟ فقالَ: استفهِم الذي يليكَ. وقولُ الأعمَشِ: كُنَّا نجلسُ إلى إبراهيمَ النخعيِّ فتتسعُ الحلقةُ فَرُبَّمَا يُحَدِّثُ بالحديثِ فلا يسمَعُهُ مَنْ تَنَحّى عنهُ، فَيَسْأَلُ بعضُهُم بَعْضَاً، عمَّا قالَ، ثُمَّ يروُونَهُ عنهُ، وما سمعُوهُ منهُ، فهذا وما أشبههُ تساهلٌ ممنْ فَعلَهُ، وقد قالَ أبو زُرْعَةَ - بعدَ أَنْ رَوَى حكايةَ الأعمشِ هذهِ-: رأيتُ أبا نُعَيمٍ لا يُعْجِبُهُ هذا، ولا يَرْضَى به لنفسِهِ، وأَمَّا قولُ عبدِ الرحمنَ بنِ مهديٍّ: يكفيكَ من الحديثِ شَمُّهُ، فقال حمزة بنُ محمدٍ الكنانيُّ: إنَّهُ يعني بهِ إذا سُئِلَ عن أوَّلِ شيءٍ عَرَفَهُ، وليسَ يعني التسهيلَ في السماعِ.