الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنَّ فلاناً أَوْصَى لي بكتبهِ، أَفأُحَدِّثُ بِهَا عنهُ؟ قالَ: نَعَمْ.. ثمَّ قالَ لي بعدَ ذلكَ: لا آمُرُكَ ولا أنهاكَ. قالَ حمَّادٌ: وكانَ أبو قِلابةَ قالَ: ادفعوا كُتُبي إلى أيوبَ إنْ كانَ حَيَّاً، وإلاّ فاحرقُوهَا. وعلَّلَهُ القاضي عياضٌ: بأَنَّ في دَفْعِهَا لهُ نَوعاً من الإذْنِ وشَبَهاً من العَرْضِ والمناولةِ. قالَ: وهو قريبٌ من الضَّرْبِ الذي قبلَهُ. قالَ ابنُ الصَّلَاحِ: ((هذا بعيدٌ جدَّاً وهو إمَّا زَلَّةُ عالِمٍ، أو مُتأوَّلٌ على أَنَّهُ أرادَ الروايةَ على سبيلِ الوِجَادةِ. قالَ: وإنَّهُ لا يصحُّ تشبيهُهُ بقسمِ الإعلامِ وقسمِ المناولةِ)) .
الثَّاْمِنُ: الْوِجَاْدَةُ
…
ثُمَّ الوِجَادَةُ وَتِلْكَ مَصْدَرْ
…
وَجَدْتُهُ مُوَلَّدَاً لِيَظْهَرْ
549.
... تَغَايُرُ الْمَعْنَى، وَذَاكَ أَنْ تَجِدْ
…
بِخَطِّ مَنْ عَاصَرْتَ أَوْ قَبْلُ عُهِدْ
…
مَا لَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ وَلَمْ يُجِزْ
…
فَقُلْ: بِخَطِّهِ وَجَدْتُ، وَاحْتَرِزْ
551.
... إِنْ لَمْ تَثِقْ بِالْخَطِّ قُلْ وَجَدْتُ
…
عَنْهُ، أَوْ اذْكُرْ قِيْلَ أَوْ ظَنَنْتُ
القسمُ الثامنُ من أقسامِ أَخْذِ الحديثِ وَنقْلِهِ الوِجَادَةُ بكسر الواو وهي مصدرٌ مُوَلَّدٌ لِـ وَجَدَ - يَجِدُ قالَ الْمُعَافَى بنُ زكريا النَّهْرَوَانيُّ إنَّ المولَّدِينَ
فَرَّعُوا قولَهم وِجَادَةً فيما أُخِذَ مِنَ العِلْمِ مِنْ صَحِيْفَةٍ من غيرِ سماعٍ ولا إجازةٍ ولا مُنَاوَلةٍ، من تفريقِ العَرَبِ بين مصادرِ وَجَدَ، للتمييزِ بينَ المعاني المختلفةِ قالَ ابنُ الصلاحِ يعني قولَهم وَجَدَ ضالَّتَهُ وِجْدَاناً، ومطلوبَهُ وُجُوداً، وفي الغَضَبِ مَوْجِدَةً، وفي الغِنى وُجْدَاً، وفي الحُبِّ وَجْداً قلتُ وَلِـ وَجَدَ مصدرانِ آخرانِ، لم يذكرْهُما وهما جِدَةٌ في الغَضَبِ وفي الغنى، وإِجْدَانٌ - بكسرِ الهمزةِ - حَكاهما ابنُ الأعرابيِّ، قالَ ابنُ سِيْدَه وهذا على بَدَلِ الهمزةِ من الواوِ، وليسَ معنى من المعاني التي ذكرَها مقتصراً على مصدرٍ واحدٍ إلاّ في الحُبِّ؛ فإنَّ مصدَرَهُ وَجْدٌ - بالفتح لا غيرُ كما قالَ ابنُ سِيْدَه وكذلكَ هو مصدرُ وَجَدَ بمعنى حَزِنَ قالَهُ الجوهريُّ وغيرُهُ وأمَّا في المَطْلُوبِ فلهُ مصدرانِ وُجُوْدٌ، ووِجْدانٌ حَكَاهما صاحبُ المشارقِ وأمَّا في الضَّالةِ فلهُ إجْدَانٌ أيضاً، كمَا تقدَّمَ وأمَّا بمعنى الغَضَبِ، فله مصادرُ مَوْجِدَةٌ وجِدَةٌ ووَجْدٌ -بالفتح- ووِجْدَانٌ، حَكَاها ابنُ سِيْدَه وأمَّا بمعنى الغِنَى، فلَهُ أيضاً مصادرُ
أربعةٌ وَُِجْدٌ - مثلَّثُ الواوِ - وَجِدَةٌ، حَكَاها الجوهريُّ وابنُ سِيْدَه وقُرِئَ بالثلاثةِ في قولهِ تعالى {أَسْكِنُوْهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}
وقولي وذَاكَ أي والوِجادةُ أن تجدَ بخطِّ مَنْ عاصرْتَهُ لقيتَهُ أوْ لم تلْقَهُ أو لم تُعاصِرْهُ، بلْ كانَ قبلَكَ؛ أحاديثَ يرويها، أو غيرَ ذلكَ ممَّا لم تسمَعْهُ منهُ، ولم يُجِزْهُ لكَ، فلكَ أنْ تقولَ وجدْتُ بخطِّ فلانٍ، أخبرنا فلانٌ، وتسوقَ الإسنادَ والمتنَ أو ما وجدْتَهُ بخطِّهِ، أو نحو ذلكَ هذا إذا وَثِقَ بأنَّهُ خطُّهُ، فإِنْ لم يَثِقْ بأنَّهُ خطُّهُ فليحترِزْ عن جَزْمِ العبارةِ بقولِهِ بلغني عَنْ فلانٍ، أو وجدْتُ عنهُ، أو وجدْتُ بخطٍّ قِيْلَ إنَّهُ خطُّ فلانٍ، أو قالَ لي فلانٌ إنَّهُ خطُّ فلانٍ، أو ظننْتُ أنَّهُ خطُّ فلانٍ، أو ذَكَرَ كُنَاتُهُ أنَّهُ فلانُ بنُ فلانٍ، ونحوِ ذلكَ مِنَ العباراتِ الْمُفْصِحَةِ بالْمُستَنَدِ في كونهِ خطَّهِ قلتُ هكذا مَثَّلَ ابنُ الصلاحِ الوِجادةَ بما إذا لَمْ يكنْ لَهُ إجازةٌ ممَّنْ وَجَدَ ذلكَ بخطِّهِ وقدِ استعملَ غيرُ واحدٍ من أهلِ الحديثِ الوِجادةَ معَ الإجازةِ، وهو واضحٌ كقولِهِ وجدْتُ بخطِّ فلانٍ وأَجَازَهُ لي، وكذلكَ لم يذكرْهُ القاضي عياضٌ في الإلماعِ في مثالِ الوِجَادةِ، وإنِّما أرادَ الشيخُ أَنْ يَتَكَلَّمَ على الوِجَادَةِ الخاليةِ عن الإجازةِ، هلْ هيَ مُسْتَنَدٌ صحيحٌ في الروايةِ، أو العملِ؟ واللهُ اعلمُ
…
وَكُلُّهُ مُنْقَطِعٌ، وَالأَوَّلُ
…
قَدْ شِيْبَ وَصْلاً مَا، وَقَدْ تَسَهَّلُوْا
553.
... فيْهِ بِعَنْ، قالَ وَهَذَا دُلْسَهْ
…
تَقْبُحُ إِنْ أَوْهَمَ أَنَّ نَفْسَهْ
…
حَدَّثَهُ بِهِ، وَبَعْضٌ أَدَّى
…
(حَدَّثَنَا) ، (أَخْبَرَنَا) وَرُدَّا
555.
... وَقِيْلَ فِي الْعَمَلِ إِنَّ الْمُعْظَمَا
…
لَمْ يَرَهُ، وَبالْوُجُوْبِ جَزَمَا
…
بَعْضُ الْمَحُقِّقِيْنَ وَهْوَ الأَصْوَبُ
…
وَ (لاِبْنِ إِدْرِيْسَ) الْجَوَازَ نَسَبُوْا
أي: وكُلُّ ما ذُكِرَ منَ الرّوايةِ بالوِجادةِ منقطعٌ، سواءٌ وَثِقَ بأنَّهُ خَطُّ مَنْ وَجَدَهُ عنهُ، أَم لا. ولكنَّ الأوَّلَ وهو إذا ما وثِقَ بأنَّهُ خطُّهُ أَخَذَ شوباً من الاتصالِ بقولهِ: وجدْتُ بخطِّ فلانٍ، وقد تَسَهَّلَ مَنْ أَتى بلفظةِ:((عَنْ فلانٍ)) في موضعِ الوِجادةِ، قالَ ابنُ الصلاحِ: وذلكَ تَدْلِيْسٌ قبيحٌ، إذا كانَ بحيثُ يُوهِمُ سماعَهُ منه على ما سبقَ في نوعِ التدليسِ.
فقولي: (أَنَّ نَفْسَهْ) أي: نَفْسَ مَنْ وَجَدَ ذلكَ بخطِّهِ حدَّثَهُ بِهِ. وجازَفَ بعضُهُمْ فأطْلَقَ في الوِجادةِ: حَدَّثَنَا وأخبرنا، وانتُقِدَ ذلكَ على فاعِلِه، قالَ القاضي عياضٌ: لا أعْلَمُ مَنْ يُقْتَدَى بهِ أجازَ النقلَ فيهِ بـ: حَدَّثَنَا، وأخبرنا، ولا مَنْ يَعُدُّهُ مَعَدَّ المُسْنَدِ. انتهى.
هذا الحكمُ في الروايةِ بالوِجادةِ، وأَمّا العملُ بها، فقالَ القاضي عياضٌ: اختلفَ أَئمةُ الحديثِ والفِقْهِ والأُصولِ فيهِ، مع اتفاقِهِم على مَنْعِ النَّقْلِ، والروايةِ بهِ، فمعظُمُ المحدِّثينَ والفقهاءِ من المالكيةِ وغيرِهم، لا يَرَوْنَ العملَ بهِ، قالَ: وحُكِيَ عن الشافعيِّ رحمه الله جوازُ العملِ بهِ، وقالَتْ بهِ طائفةٌ مِنْ نُظَّارِ أَصحابهِ، قالَ: وهوَ الذي
نصرَهُ الْجُوينيُّ وَاخْتَارَهُ غيرُهُ مِن أربابِ التحقيقِ. قالَ ابنُ الصلاحِ: قطعَ بعضُ المحقِّقِينَ من أصحابهِ في أُصولِ الفِقْهِ بوجوبِ العملِ بهِ عندَ حصولِ الثقةِ بهِ، وقالَ: لو عُرِضَ ما ذكرناهُ على جُملةِ المحدِّثينَ لأَبَوْهُ. قالَ ابنُ الصلاحِ: وما قطعَ بهِ هوَ الذي لا يَتَّجِهُ غيرُهُ في الأعصارِ المتأخِّرةِ، وقالَ النوويُّ: هذا هو الصحيحُ.
557.
... وَإِنْ يَكُنْ بِغَيْرِ خَطّهِ فَقُلْ
…
قالَ وَنَحْوَهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ
…
بِالنُّسْخَةِ الْوُثُوْقُ قُلْ: (بَلَغَنِيْ)
…
وَالْجَزْمُ يُرْجَى حِلُّهُ لِلْفَطِنِ
إذا أردْتَ نقلَ شَيءٍ من كتابٍ مُصَنَّفٍ، فإنْ كانتِ النُّسْخَةُ بخطِّ المُصَنِّفِ، وَوَثِقْتَ بأَنَّهُ خطُّهُ، فقُلْ: وجدْتُ بخطِّ فلانٍ، واحْكِ كلامَهُ، كما تَقدَّمَ. وإنْ كانتْ بغيرِ خطِّ المُصَنِّفِ، فإنْ وَثِقْتَ بصِحَّةِ النسخةِ بأَنْ قابلَها المُصَنِّفُ، أو ثقةٌ غيرُهُ بالأَصلِ، أو بفرعٍ مُقَابَلٍ على ما تقدَّمَ؛ فقُلُ: قالَ فلانٌ، أو ذَكَرَ فلانٌ، ونحوَ ذلكَ مِنْ أَلفاظِ الجزمِ. وإنْ لَمْ تَثِقْ بصحَّةِ النسخةِ فقُلْ: بلغني عن فلانٍ، أو: وجدْتُ في نسخةٍ من الكتابِ الفلانيِّ، ونحوَ ذلكَ مِمَّا لا يقتضي الجزمَ. قالَ ابنُ الصلاحِ: فإنْ كانَ المطالِعُ عالماً فطناً بحيثُ لا يخفى عليهِ في الغالِبِ مواضعُ الإسقاطِ والسَّقَطِ، أَو ما أُحِيْلَ عَن