الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
منهج التحقيق
يمكننا أن نلخص منهج التحقيق الذي سرنا عليه والتزمناه في تحقيقنا لشرح التبصرة والتذكرة في ما يأتي:
1-
لم نتخذ واحدة من النسخ أصلاً في تحقيقنا هنا، فإن هذا عمل قد يحتاج إليه في كتاب قد لا تتوافر منه إلا نسخة أو نسختان في العالم، أمّا مع كتاب يوجد منه في داخل العراق فقط ثماني عشرة نسخة خطية، فهذا أمر شبه المتعذر.
2-
حاولنا ضبط النص - قدر المستطاع - سواء الألفية أو شرحها، مستعينين بما نثق به من الكتب المطبوعة، مثل: النفائس، وفتح المغيث، وشرح السيوطي، وطبعات الكتاب السابقة، مع مراجعة المصادر المباشرة للمؤلف، ككتب المتون والأسانيد، وكتب الرجال على اختلاف ألوانها.
3-
خرجنا الآيات الكريمات من مواطنها في المصحف، مع الإشارة إلى اسم السورة ورقم الآية.
4-
خرجنا الأحاديث النبوية الكريمة تخريجاً مستوعباً حسب الطاقة، وأجملنا التخريج عَلَى الصَّحَابِيّ، وبينا ما فيها من نكت حديثية، ونبّهنا على مواطن الضعف، وكوامن العلل مستعينين بما ألّفه الأئمة الأعلام جهابذة الحديث ونقّاد الأثر في هذا المجال.
5-
خرّجنا الأبيات الشعرية التي استشهد بها المصنف من دواوين القائلين أو أقدم مصدر ذكرها.
6-
خرّجنا أكثر نقولاته عن العلماء وذلك بعزوها إلى كتبهم.
7-
تتبّعنا المصنف فيما يورده من المذاهب سواء أكانت لغوية أم فقهية أم غيرها؟ ووثّقناها من المصادر التي تعنى بتلك العلوم.
8-
لم يكن من وكدنا أن نترجم للأعلام الذين يذكرهم الشارح رغم فائدتها التي لا تخفى، مقدمين دفع مفسدة تضخم الكتاب، على مصلحة التعريف بهؤلاء الأعلام، على أن الكتاب لا يخلو من التعريف ببعضهم.
9-
قدّمنا للكتاب بدراسة نراها حسب اعتقادنا كافية كمدخل إليه.
10-
لم نألوا جهداً في تقديم أي عمل يخدم الكتاب، وهذا يتجلى في الفهارس المتنوعة التي ألحقناها بالكتاب، بغية توفير الوقت والجهد على الباحث.
11-
قمنا بشكل الألفية وشرحها، شكلاً متوسطاً، على حسب ما يقتضيه المقام.
12-
علّقنا على المواطن التي نعتقد أنها بحاجة إلى مزيد إيضاح وبيان.
13-
ذيّلنا الشرح بالمهم من نكت البقاعي والزركشي وشرح السيوطي وغيرها، ممّا أغنى الكتاب وتمّم مقاصده.
وبعد هذا كلّه، فلسنا من الذين يدّعون الكمال لأنفسهم أو أعمالهم، وليتذكر من يقف على هفوة أو شطحة قلم أن يقدّم النظر بعين الرضا على الانتقاد بعين السخط، وليضع قول الإمام الشافعي رحمه الله نصب عينيه إذ يقول:
وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيْلَةٌ
…
ولَكِنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي المَسَاويَا
سبحان ربك ربّ العزة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين
المحقّقان
صبيحة يوم الجمعة 19 / محرّم / 1422 هـ
13 / نيسان / 2001 م
العراق / الأنبار / الرمادي / حي التقدُّم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ الذي قَبِلَ بصحيحِ النيّةِ حسنَ العملِ، وحَملَ الضعيفَ المنقطِعَ على مراسيلِ لُطفِهِ فاتّصلَ، ورفعَ مَنْ أسندَ في بابهِ، ووقفَ مَنْ شَذَّ عنْ جنابهِ وانفصلَ، ووصلَ مقاطيعَ حُبِّهِ، وأدرجَهُمْ في سلسلةِ حزبهِ؛ فسكنَتْ نفوسُهُم عن الاضطرابِ والعِللِ، فموضوعُهُم لا يكونُ محمولاً، ومقلوبُهُم لا يكونُ مقبُولاً ولا يُحْتَمَلُ.
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَه، الفردُ في الأزلِ. وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أرسلَهُ والدينُ غريبٌ فأصبحَ عزيزاً مشهوراً واكتملَ، وأوضحَ به معضلاتِ الأُمورِ، وأزالَ به منكراتِ الدُّهُورِ الأُوَلِ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلمَ ما علا الإسنادُ ونزَلَ، وطلعَ نجمٌ وأفلَ.
وبعدُ: فعلمُ الحديثِ خطيرٌ وَقْعُهُ، كثيرٌ نفعُهُ، عليه مدارُ أكثرِ الأحكامِ، وبه يُعْرَفُ الحلالُ والحرامُ، ولأهلهِ اصطلاحٌ لابدَّ للطالبِ منْ فَهْمِهِ فلهذا نُدِبَ إلى تقديمِ العنايةِ بكتابٍ في علمِهِ. وكنتُ نظمْتُ فيهِ أُرجوزةً أَلَّفْتُهَا، ولبيانِ اصطلاحِهمُ أَلَّفْتُهُاْ، وشرعْتُ في شرحٍ لها، بسطتُهُ وأوضحتُه، ثم رأيتُه كبيرَ الحجمِ
فاستطَلتُهُ ومَلِلتُه، ثم شرعْتُ في شرحٍ لها متوسطٍ غيرِ مُفْرِطٍ ولا مُفَرِّطٍ، يُوضِحُ مُشْكِلَهَا، ويفتحُ مُقْفَلَها، ما كَثُرَ فأَمَلَّ، ولا قَصُرَ فأَخَلَّ، مَعَ فوائدَ لا يستغني عنها الطالبُ النبيهُ، وفرائدَ لا توجدُ مجتمعةً إلا فيهِ، جعلَهُ اللهُ تعالى خالصاً لوجهِهِ الكريمِ، ووسيلةً إلى جنات النعيمِ.
1.
... يَقُوْلُ رَاجِي رَبِّهِ المُقْتَدِرِ
…
عَبْدُ الرَّحيمِ بنُ الحُسَيْنِ الأَثَريْ
2.
... مِنْ بَعْدِ حَمْدِ اللهِ ذِي الآلاءِ
…
عَلَى امْتِنَانٍ جَلَّ عَنْ إحْصَاءِ
3.
... ثُمَّ صَلَاةٍ وسَلامٍ دَائِمِ
…
عَلَى نَبِيِّ الخَيْرِ ذِي المَرَاحِمِ
4.
... فَهَذِهِ المَقَاصِدُ المُهِمَّهْ
…
تُوْضِحُ مِنْ عِلْمِ الحدِيْثِ رَسْمَهْ
(الأَثَرِيُّ) - بفتحِ الهمزةِ والثاءِ المثلثةِ -: نسبةٌ إلى الأَثَرِ، وهو الحديثُ واشتهرَ بها الحسينُ بنُ عبدِ الملكِ الخلَاّلُ الأثريُّ، وعبدُ الكريمِ بنُ منصورٍ الأثريُّ، في آخرينَ.
(والآلاءُ) : النِّعَمُ، واحدُها أَلاً بالفتحِ والتنوينِ كَرَحًى، وقيلَ: بالكسرِ كمِعًى، وقيلَ: بالكسرِ وسكونِ اللامِ والتنوينِ كَنِحْىً، وقيلَ: بالفتحِ وتركِ
التنوينِ كقَفَى. (والمراحمُ) : جمعُ مَرْحَمَةٍ، وهي الرحمةُ. وفي صحيحِ مسلمٍ:((أنا نبيُّ المَرْحَمْةِ)) ، وفي روايةٍ: الرحمة، وفي روايةٍ: الملحَمْةِ.
والمرادُ برسْمِ الحديثِ: آثارُ أهلِهِ التي بَنَوا عليها أصولَهُم. والرسمُ في اللغةِ: الأثرُ، ومنهُ رسمُ الدارِ، وهو ما كان مِنْ آثارها لاصقاً بالأرض، وعَبَّرَ بالرسمِ هنا إشارةً إلى دُرُوْسِ كثيرٍ مِنْ هذا العلمِ، وإنَّهُ بقيتْ منهُ آثارٌ يُهْتَدَى بها، ويُبْنَى عليها.
5.
... نَظَمْتُهَا تَبْصِرَةً لِلمُبتَدِيْ
…
تَذْكِرَةً لِلْمُنْتَهِيْ وَالْمُسْنِدِ
6.
... لَخَّصْتُ فيهَا ابْنَ الصَّلاحِ أَجْمَعَهْ
…
وَزِدْتُهَا عِلْماً تَرَاهُ مَوْضِعَهْ
(المسنِدُ) : بكسرِ النونِ فاعلُ أسندَ الحديثَ، أي: رواهُ بإسنادِهِ. وأَما عبدُ اللهِ ابنُ محمدِ المُسْنَدي، فهو - بفتحهَا - أحدُ شيوخِ البخاريِّ.
وقولهُ: (لخصتُ فيها ابنَ الصلاحِ)، أي: كتابَ ابنِ الصَّلاحِ. والمرادُ مسائلُهُ وأقسامُهُ دونَ كثيرٍ من أمثلتِهِ وتعاليلِهِ ونسبةِ أقوالٍ لقائليها وما تكررَ فيهِ.
وقولُه: (وزدتُها علماً) : اعْلَمْ أَنَّ ما زدتُهُ فيها على ابنِ الصلاحِ أكثرُهُ مَيَّزْتُ أولَهُ بقولي: " قلت " ولم أميّزْ آخرَه، بل قدْ يتميزُ بالواقعِ إِنْ كانَ آخرَ مسألةٍ في تلكَ الترجمةِ المترجَمِ عليها، وأميزُ ما لمْ يقعْ آخرَ الترجمةِ في هذا الشرحِ إِنْ شاءَ اللهُ تعالى. ومِنَ الزياداتِ ما لم أميزْ أولَهُ بقولي: قلتُ. إذْ هو مُمَيَّزٌ بنفسِهِ عند مَنْ لَهُ معرفةٌ؛ بأَنْ يكونَ حكايةً عَمَّنْ هو متأخّرٌ عن ابن الصلاح كالنوويِّ، وابنِ دقيقِ العيدِ، وابن رُشَيدٍ، وابنِ سَيِّدِ الناسِ كما ستراهُ. وكذلك إذا تُعقّبَ كلامُ ابنِ الصلاحِ
بِرَدٍّ أو إيضاحٍ له، فهو واضحٌ في أنّهُ مِنَ الزياداتِ، وكذلك إذا تُعقبَ كلامُ مَنْ هو متأخرٌ عن ابنِ الصلاحِ بطريقٍ أولى. ومن الزياداتِ ما لَمْ أُميّزْ أولَها ولا تميزَتْ بنفسِها بما تقدمَ؛ فأميزُهَا في الشرحِ، وهي مواضعُ يسيرةٌ رأيتُ أنْ أجمعَهَا هنا لتُعْرَفَ.
فمنها في آخرِ البابِ الأولِ قولُه: (ولُمْ منْ عَمَّمَهُ) .
ومنها: في التدليسِ النقلُ عن الأكثرينَ أنّهمُ قبلوا ما صرحَ ثقاتُ المدلّسينَ بوصلِهِ.
ومنها: قولي في آخرِ القسمِ الثالثِ من أقسامِ المجهولِ: (وفيه نظرٌ) .
ومنها: في مراتبِ التعديلِ ومراتبِ الجرحِ زيادةُ ألفاظٍ لم يذكرْهَا ابنُ الصلاحِ مَيَّزْتُها هناكَ في الترجمتينِ المذكورتينِ.
ومنها: قولي في صُوَرِ المناولةِ: (وأعلَاها) .
ومنها قولي: (فيما إذا ناولَ واستّردَّ عند المحقِّقين) .
ومنها في آخر المناولةِ قولي: (يُفيدُ حيثُ وقعَ التَّبيُّنُ) .
ومنها قولي في كتابةِ الحديثِ: (وكَتْبِ السَّهْمِي) .
ومنها: تقطيعُ حروفِ الكلمةِ المُشْكِلَةِ في هامشِ الكتابِ.
ومنها: استثناءُ الحاءِ مما يُنَقَّطُ أسفلَ من الحروفِ المُهْمَلَةِ.
ومنها: بيانُ أَنَّ مُسْنَدَ يعقوبَ بنِ شيبةَ ما كَمُلَ.
ومنها: ذكرُ العسكريِّ فيمَنْ صَنَّفَ في التصحيفِ.
ومنها: - في المُؤتَلِفِ والمُختَلِفِ - استثناءُ الحِزامي الذي أُبْهِمَ اسمُهُ، فإنَّ فيه الخلافَ في الراءِ والزاي.
7.
... فَحَيْثُ جَاءَ الفِعْلُ والضَّميْرُ
…
لِواحِدٍ وَمَنْ لَهُ مَسْتُوْرُ
8.
... كَ (قَالَ) أوْ أَطْلَقْتُ لَفْظَ الشَّيْخِ مَا
…
أُرِيْدُ إلَاّ ابْنَ الصَّلاحِ مُبْهَما
هذا بيانُ ما اصطلَحْتُ عليهِ للاختصارِ، أي: إذا أتى فعلٌ لواحدٍ لا لجماعةٍ، أو اثنينِ، ولم يُذْكَرْ فاعلُهُ معهُ. ولا قبلهُ؛ فالمرادُ بفاعلِهِ الشيخُ أبو عَمْرو ابنُ الصلاحِ. كقولِه: وقالَ: (بانَ لي بإمعانِ النظرِ) . وكذا إذا أتى بضميرٍ موَحدٍ لا يعودُ على اسمٍ تقدم قَبلَهُ؛ فالمرادُ به ابنُ الصلاحِ كقولهِ: كذا له وقيل ظَنَاً وَلَدَى. وكذا إذا أُطلِقَ الشيخُ فالمرادُ به ابنُ الصلاحِ، كقولهِ: فالشيخُ فيما بعدُ قد حَقَّقَهُ. وقولُه: (مُبْهَماً) بالباءِ الموحّدةِ وفتحِ الهاءِ، ويجوزُ كسرُهَا.
9.
... وَإِنْ يَكُنْ لاثْنَيْنِ نَحْوُ (الْتَزَمَا)
…
فَمُسْلِمٌ مَعَ البُخَارِيِّ هُمَا
10.
... وَاللهَ أرجُوْ في أُمُوْرِي كُلِّهَا
…
مُعْتَصِماً في صَعْبِهَا وَسَهْلِهَا
أي: وإِنْ يكن الفعلُ أو الضميرُ المذكورانِ لاثنينِ، كقولهِ: (واقطعْ بصحَّةٍ
لما قدْ أَسندَا) ، وكقولهِ:(وأَرْفَعُ الصحيحِ مَرْوِيُّهُمَا)، فالمرادُ بذلك: البخاريُّ ومسلمٌ. وقوله: (معتصَماً) بفتحِ الصادِ على التمييزِ، ويجوزُ كسرُها على الحالِ.