الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المُدْرَجُ
213.
... المُدْرَجُ: المُلْحَقُ آخِرَ الخَبَرْ
…
مِنْ قَوْلِ راوٍ مَا، بلا فَصْلٍ ظَهَرْ
214.
... نَحْوُ (إذَا قُلْتَ: التَّشَهُّدَ) صَلْ
…
ذَاكَ (زُهَيْرٌ) وَ (ابنُ ثَوْبَانَ) فَصَلْ
215.
... قُلْتُ: وَمِنْهُ مُدْرَجٌ قَبْلُ قُلِبْ
…
(كَأسْبِغُوا الوُضُوْءَ وَيْلٌ لِلعَقِبْ)
المدرجُ في الحديثِ أقسامٌ:
القسمُ الأولُ منه: ما أُدرجَ في آخرِ الحديثِ من قولِ بعضِ رواتِهِ. أمَّا الصحابيُّ، أو مَنْ بعدَهُ موصولاً بالحديثِ من غيرِ فَصْلٍ بين الحديثِ وبين ذلك الكلامِ، بذكرِ قائِلِه، فيلتبسُ على مَنْ لا يعلم حقيقةَ الحالِ، ويتوهمُ أنَّ الجميعَ مرفوعٌ. مثالُهُ: ما رواهُ أبو داودَ، قالَ: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ النُّفَيْلِيُّ، قالَ: حدَّثَنا زُهَيرٌ، قالَ: حدَّثَنا الحسنُ بنُ الحُرِّ، عن القاسمِ بنِ مُخَيْمِرةَ، قال: أخذَ عَلْقَمةُ بيدي، فحدّثني أنَّ عبدَ اللهِ
بْنَ مسعودٍ أخذَ بيدِهِ، وأنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخذَ بيدِ عبدِ اللهِ، فعلَّمَنَا التشهدَ في الصلاةِ. قال: فذكرَ مثلَ حديثِ الأعمشِ: إذا قُلتَ هذا، أو قَضَيْتَ هذا فقد قَضَيْتَ صَلاتَكَ، إنْ شِئْتَ أنْ تقومَ فَقُمْ. وإنْ شئتَ أنْ تقعُدَ فاقْعُدْ. فقولُهُ: إذا قلتَ إلى آخره، وصلَهُ زُهيرُ بنُ معاويةَ أبو خَيثمةَ بالحديثِ المرفوعِ في روايةِ أبي داودَ هذهِ. قالَ الحاكمُ: قولُهُ إذا قلتَ، هذا مدرجٌ في الحديثِ من كلامِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ. وكذا قالَ البيهقيُّ في " المعرفةِ ": قد ذهبَ الحُفَّاظُ إلى أنَّ هذا وهمٌ وأنَّ قولَهُ: ((إذا فعلتَ هذا، أو قضيتَ هذا، فقد قَضَيْتَ صَلاتَكَ)) من قولِ ابنِ مسعودٍ، فأدرجَ في الحديثِ. وكذا قال الخطيبُ في كتابهِ الذي جمَعهُ في الْمُدرجِ: إنّها مُدْرَجَةٌ. وقالَ النَّوويُّ في " الخُلاصة ": اتّفقَ الحفَّاظُ على أنّها مُدرجةٌ. انتهى. وقولُ الخطّابيِّ في " المعالم ": اختلفوا فيهِ، هلْ هوَ مِنْ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أو من قولِ ابنِ مسعودٍ؟ فأرادَ اختلافَ الرواةِ في وصلِهِ، وفصلِهِ، لا اختلافَ الحفَّاظِ؛ فإنَّهُمْ متَّفِقُونَ على أنَّهَا
مُدْرَجَةٌ.
على أنَّهُ قدِ اختُلِفَ على زُهيرٍ فيهِ، فرواهُ النُّفَيليُّوأبو النَّضْرِ هاشمُ بنُ القاسمِ، وموسى بنُ داودَ الضَّبِّيُّ، وأحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ يونسَ اليَرْبوعيُّ، وعليُّ بنُ الجَعْدِ، ويحيى بنُ يحيى النَّيسابوريُّ، وعاصمُ بنُ عليٍّ، وأبو داودَ الطيالسيُّ، ويحيى بنُ أبي بُكَيرٍ الكِرْمانيُّ، ومالكُ بنُ إسماعيلَ النَّهْديُّ عنهُ، هكذا مُدْرَجَاً.
ورواهُ شَبَابةُ بنُ سَوَّارٍ عنهُ، فَفَصَلَهُ وبيَّنَ أنَّهُ مِنْ قولِ عبدِ اللهِ، فقالَ: قالَ عبدُ اللهِ: ((فإذا قلتَ ذلكَ فقد قَضَيْتَ ما عليكَ من الصلاةِ، فإنْ شئتَ أنْ تقومَ فقُمْ، وإنْ شئتَ أنْ تَقْعُدَ فاقعُدْ)) . رواهُ الدارقطنيُّ، وقالَ: شَبَابةُ ثقةٌ. وقد فَصَلَ آخِرَ الحديثِ وجعلَهُ من قولِ ابنِ مسعودٍ، وهو أصحُّ من روايةِ مَنْ أدرجَ آخرَه. وقولُه أشبهُ
بالصوابِ؛ لأنَّ ابنَ ثوبانَ رواهُ عن الحسنِ بنِ الحرِّ كذلك، وجعل آخرَه من قولِ ابنِ مسعودٍ، ولم يرفعْهُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. ثم رواهُ من روايةِ غسّانَ بنِ الربيعِ، عن عبدِ الرحمن ابنِ ثابتِ بنِ ثوبانَ، عن الحسنِ بنِ الحرِّ، بهِ. وفي آخرِهِ: ثم قال ابنُ مسعودٍ: إذا فرغتَ من هذا فقد فرغتَ من صلاتِكَ، فإنْ شئتَ فاثبُتْ، وإن شئتَ فانصرِفْ. ورواه الخطيبُ أيضاً من روايةِ بقيّةَ، قال: حدّثنا ابنُ ثوبانَ فاستدلَّ الدارقطنيُّ على تصويبِ قولِ شَبَابةَ، بروايةِ ابنِ ثوبانَ هذهِ، وباتفاقِ حسين الجُعْفِيِّ، وابنِ عَجْلانَ، ومحمدِ بنِ أبانَ في روايتِهِم عن الحسنِ بنِ الحرِّ، على تَرْكِ ذكرِهِ في آخِرِ الحديثِ، مع اتفاقِ كُلِّ مَنْ روى التشهدَ عن علقمةَ، وعَنْ غيرِهِ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ على ذلك.
واعلمْ أنَّ ابنَ الصلاحِ قَيَّدَ هذا القسمَ من المدرجِ بكونِهِ أُدرجَ عَقِبَ الحديثِ. وقد ذكرَ الخطيبُ في المدرجِ ما أُدخلَ في أوَّلِ الحديثِ، أو في وَسَطِهِ. فأشرتُ إلى ذلكَ بقولي:(قلتُ: ومنه مدرجٌ قَبْلُ قُلِبْ) أي: أُتي بهِ قبلَ الحديثِ المرفوعِ، أو قبلَ آخرهِ، في وَسطِهِ مثلاً. وقولُهُ:(قُلِبْ) أي: جعلَ آخِرَهُ أوَّلَهُ؛ لأنَّ الغالبَ في المدرجاتِ ذكرُها عَقِبَ الحديثِ.
ومثالُ ما وُصلَ بأوَّلِ الحديثِ، وهو مدرجٌ: ما رواه الخطيبُ من روايةِ أبي قَطَن، وشَبابَة فَرَّقَهُما عن شعبةَ، عن محمدِ بنِ زيادٍ، عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أسبغوا الوضوءَ، ويلٌ للأعقابِ من النارِ)) .
فقولُهُ: أسبغوا الوضوءَ، من قولِ أبي هريرةَ، وُصلَ بالحديثِ في أوَّلِهِ كذلك. رواه البخاريُّ في صحيحهِعن آدمَ بنِ أبي إياسٍ، عن شعبةَ، عن محمدِ بنِ زيادٍ، عن أبي هريرةَ، قال: أسبغوا الوضوءَ، فإنَّ أبا القاسمِ صلى الله عليه وسلم قال:((ويلٌ للأعقابِ من النارِ)) . قال الخطيبُ: وَهِمَ أبو قَطَن عمرُو بنُ الهيثمِ، وشَبَابةُ بنُ سَوَّارٍ في روايتهما هذا الحديث عن شعبةَ على ما سقناه. وذلك أنَّ قولَهُ:((أسبغوا الوضوءَ)) كلامُ أبي هريرةَ. وقولُهُ: ((ويلٌ للأعقابِ مِنَ النارِ)) ، كلامُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد رواهُ أبو داودَ الطيالسيُّ، ووَهْبُ بنُ جريرٍ، وآدمُ بنُ أبي إياسٍ، وعاصمُ بنُ عليٍّ، وعليُّ بنُ الجَعْدِ، وغُنْدَرٌ، وهُشيمٌ، ويزيدُ بنُ زُرَيعٍ، والنَّضْرُ بنُ شُميلٍ، ووكيعٌ، وعيسى بنُ يونسَ، ومُعاذُ بنُ معاذٍ؛ كلُّهُم عن شعبةَ. وجعلوا الكلامَ الأولَ من قولِ أبي هريرةَ، والكلامَ الثانيَ مرفوعاً.
وقولُهُ: (ويلٌ للعَقِبِ) ، أُفرِدَ لأجلِ الوزنِ، وكذلك هو في روايةِ أبي داودَ الطيالسيِّ، عن شعبةَ:((ويلٌ للعَقِبِ من النارِ)) .
ومثالُ المدرجِ في وَسَطِ الحديثِ، ما رواهُ الدارقطنيُّ في سننهِ من روايةِ عبدِ الحميدِ بنِ جعفرٍ، عن هِشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيهِ، عن بُسْرَةَ بنتِ صَفْوانَ قالتْ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، أو أُنْثَيَيْهِ أو رُفْغَهُ، فَلْيَتَوضَّأْ)) . قال الدارقطنيُّ: كذا رواه عبدُ الحميدِ، عن هشامٍ، ووَهِمَ في ذكرِ الأُنثيين، والرُّفْغِ، وإدراجِهِ ذلك في حديثِ بُسْرَةَ. قالَ: والمحفوظُ أنَّ ذلك من قولِ عُروةَ غيرُ مرفوعٍ. وكذلك رواه الثقاتُ عن هشامٍ منهم: أيوبُ السِّخْتِيانيُّ، وحمّادُ بنُ زيدٍ، وغيرُهما. ثم رواهُ من طريق أيوبَ بلفظِ:((مَنْ مَسَّ ذكرَهُ فليتوضَّأ)) ، قال: وكان عروةُ يقولُ: إذا مسَّ رُفْغَيهِ، أو أُنثييهِ، أو ذكرَهُ فليتوضَّأْ. وقالَ الخطيبُ: تفرّدَ عبدُ الحميدِ بذكرِ الأُنثيينِ، والرُّفْغينِ. وليس من كلامِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإنَّما هو قولُ عروةَ بنِ الزبيرِ، فأدرَجَهُ الراوي في متنِ الحديثِ. وقد بَيَّنَ ذلك حمّادٌ وأيوبُ.
قلتُ: لم ينفردْ به عبدُ الحميدِ. فقد رواه الطَّبرانيُّ في "المعجمِ الكبيرِ" من روايةِ أبي كاملٍ الجَحْدريِّ، عن يزيدَ بنِ زُرَيعٍ، عن أيوبَ، عن هشامٍ عن أبيه، عن بُسرة بلفظِ:((إذا مسَّ أحدُكُم ذَكَرَهُ، أو أُنْثييهِ، أو رُفْغيْهِ، فَلْيَتوضَّأ)) . وعلى هذا فقدِ اختُلِفَ فيه على يزيدَ بنِ زُريعٍ. ورواهُ الدارقطنيُّ أيضاً من روايةِ ابنِ جريجٍ، عن هشامٍ، عن أبيهِ، عن مروانَ، عن بُسرة، بلفظ:((إذا مسَّ أحدُكم ذكرَهُ أو أنْثَييهِ)) ، ولم يذكرِ: الرُّفْغَ، وزادَ في السندِ مروانَ بنَ الحكمِ. وقد ضعّفَ ابنُ دقيقِ العيدِ الطريقَ إلى الحُكْمِ بالإدراجِ في نحو هذا. فقالَ في " الاقتراح " وممّا يَضعُفُ فيه أنْ يكونَ مُدرجاً في أثناءِ لفظِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، لاسيما إنْ كان مُقدَّماً على اللفظِ المرويِّ، أو معطوفاً عليه بواوِ العطفِ، كما لو قال مَنْ مسَّ أنثييهِ أو ذَكَرَهُ فَلْيَتَوضَّأْ، بتقديمِ لفظِ الأنثييْنِ على الذَّكَرِ فهاهنا يضعفُ الإدراجُ لما فيه من اتصالِ هذهِ اللفظةِ بالعاملِ الذي هو من لفظِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم. قلتُ: ولا يعرفُ في طُرُقِ الحديثِ تقديمُ الأُنثيين على الذَّكَرِ، وإنّما ذكرَهُ الشيخُ مثالاً، فليُعلمْ ذلكَ.
216.
... وَمِنْهُ جَمْعُ مَا أتَى كُلُّ طَرَفْ
…
مِنْهُ بِإسْنَادٍ بِوَاحِدٍ سَلَفْ
…
كـ (وَائِلٍ) في صِفَةِ الصَّلَاةِ قَدْ
…
أُدْرِجَ (ثُمَّ جِئْتُهُمْ) وَمَا اتَّحَدْ
أي: من أقسامِ المدرَجِ، وَهُوَ القسمُ الثاني: أنْ يكونَ الحديثُ عِنْدَ راويهِ بإسنادٍ إلاّ طرفاً مِنْهُ، فإنهُ عندَهُ بإسنادٍ آخرَ. فيجمعُ الرَّاوِي عَنْهُ طرفيِّ الحديثِ بإسنادِ الطرفِ الأولِ، ولا يذكرُ اسنادَ طرفِهِ الثاني. مثالُهُ: حديثٌ رواهُ أبو داودَ من روايةِ زائدةَ، وشَرِيكٍ، فَرَّقَهُمَا، والنسائيُّ من روايةِ سفيانَ بنِ عيينة كلُّهُم، عن عاصمِ بنِ كُلَيْبٍ، عن أبيهِ، عن وائلِ بن حُجْرٍ في صِفَةِ صلاةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ فِيْهِ: ثُمَّ جِئْتُهُم بعدَ ذلكَ في زمانٍ فِيْهِ بردٌ شديدٌ، فرأيتُ الناسَ عَلَيْهِمْ جُلَّ الثيابِ، تَحَرَّكُ أيديِهم تحتَ الثِّيابِ. قَالَ موسى بنُ هارونَ الحمّالُ: ذَلِكَ عندنا وهمٌ. فقولُهُ: (ثُمَّ جئت) . ليس هو بهذا الإسنادِ، وإنّما أُدرج عليه وهو من روايةِ عاصمٍ، عن عبدِ الجبارِ بنِ وائلٍ عن بعضِ أهلِهِ، عن وائلٍ. وهكذا رواه مُبَيَّناً زُهيرُ بنُ معاويةَ، وأبو بَدْرٍ شُجاعُ بنُ الوليدِ، فمَيَّزَا قصّةَ تحريكِ الأيدي من تحتِ الثيابِ، وفَصَلاها مِنَ الحديثِ، وذكر إسنادها، كما ذكرناه. قال موسى بنُ هارونَ الحمّالُ: وهذه روايةٌ مضبوطةٌ، اتفق عليها زهيرٌ وشُجاعُ بنُ الوليدِ. فهما أثبَتُ له روايةً ممَّنْ رَوَى رفعَ الأيدي من تحتِ الثيابِ، عن عاصمِ بنِ كُليبٍ، عن أبيهِ، عن وائلٍ. وقال ابنُ الصلاح: إنهُ الصّوابُ.
وقولي: (وما اتّحد) أي: وما اتحدَ إسنادُ هذا الطرفِ الأخيرِ مع أوَّلِ الحديثِ، بل إسنادُهما مختلفٌ.
218.
... وَمِنْهُ أنْ يُدْرَجَ بَعْضُ مُسْنَدِ
…
في غَيْرِهِ مَعَ اخْتِلَافِ السَّنَدِ
…
نَحْوُ (وَلَا تَنَافَسُوْا) في مَتْنِ (لَا
…
تَبَاغَضُوا) فَمُدْرَجٌ قَدْ نُقِلَا
220.
... مِنْمَتْنِ لَا تَجَسَّسوا أدْرَجَهُ
…
إبْنُ أبي مَرْيَمَ إذْ أخْرَجَهُ
أي: ومن أقسامِ المدرجِ، وهو القسمُ الثالثُ: أنْ يُدرجَ بعضُ حديثٍ في حديثٍ آخرَ مخالفٍ له في السند.
مثالُهُ: حديثٌ رواهُ سعيدُ بنُ أبي مريمَ، عن مالكٍ، عن الزهريِّ، عن أنسٍ، أنَّ رسولَ اللهِ (، قال: ((لا تَبَاغَضُوا، ولا تَحَاسَدُوا، ولا تَدَابَرُوا ولا تَنَافَسُوا،
…
الحديثَ)) .
فقولُهُ: ((ولا تنافسُوا)) مدرجَةٌ في هذا الحديثِ أدرَجَها ابنُ أبي مريمَ فيه، من حديثٍ آخرَ لمالكٍ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ (: ((إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذَبُ الحديثِ، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَنَافَسُوا، ولا تَحاسَدُوا،
…
)) وكلا الحديثينِ متفقٌ عليه. من طريقِ مالكٍ. وليس في الأولِّ: ولا تنافسوا. وهي في الحديثِ الثاني. وهكذا الحديثانِ عند رواةِ " الموطّأ ": عبدِ الله بنِ
يوسفَ، والقَعْنبيِّ، وقُتيبةَ، ويحيى بنِ يحيى، وغيرهم. قال الخطيبُ: وقد وَهِمَ فيها ابنُ أبي مريمَ على مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ. وإنّما يرويها مالكٌ في حديثِهِ عن أبي الزِّنادِ.
221.
... وَمِنْهُ مَتْنٌ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدْ
…
وَبَعْضُهُمْ خَالَفَ بَعْضَاً في السَّنَدْ
222.
... فَيَجْمَعُ الكُلَّ بإسْنَادٍ ذَكَرْ
…
كَمَتْنِ (أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ) الخَبَرْ
223.
... فَإنَّ (عَمْرَاً) عِنْدَ (وَاصِلٍ) فَقَطْ
…
بَيْنَ (شَقيْقٍ) وَ (ابْنِ مَسْعُوْدٍ) سَقَطْ
224.
... وَزَادَ (الاعْمَشُ) كَذَا (مَنْصُوْرُ)
…
وَعَمْدُالادْرَاجِ لَهَا مَحْظُوْرُ
أي: ومن أقسامِ المدرجِ، وهو القسمُ الرابعُ: أنْ يرويَ بعضُ الرواةِ حديثاً عن جماعةٍ، وبَيْنهم في إسنادهِ اختلافٌ فيجمعُ الكلَّ على إسنادٍ واحدٍ ممّا اختلفوا فيه، ويدرجُ روايةَ مَنْ خالفَهم معهم على الاتفاقِ.
مثالُهُ: حديثٌ رواه الترمذيُّ، عن بُنْدَارٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ مهديٍّ عن سفيانَ الثوريِّ، عن واصلٍ، ومنصورٍ، والأعمشِ، عن أبي وائلٍ، عن عمرِو بنِ
شُرَحْبِيلَ، عن عبدِ اللهِ، قال: ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ الذنبِ أعظَمُ؟
…
)) الحديثَ. وهكذا رواهُ محمدُ بنُ كثيرٍ العبديُّ، عن سفيانَ فيما رواهُ الخطيبُ. فروايةُ واصلٍ هذهِ مدرجةٌ على روايةِ منصورٍ، والأعمشِ؛ لأنَّ واصلاً لا يذكرُ فيه عمراً، بل يجعلُهُ عن أبي وائلٍ، عن عبدِ اللهِ، هكذا. رواه شعبةُ، ومهديُّ بنُ ميمونٍ، ومالكُ بنُ مِغْولٍ، وسعيدُ بنُ مسروقٍ، عن واصلٍ، كما ذكرَهُ الخطيبُ.
وقد بَيَّنَ الإسنادَيْنِ معاً يحيى بنُ سعيدٍ القطّانُ في روايتهِ، عن سفيانَ، وفَصَلَ أحدَهُما من الآخرِ. رواه البخاريُّ في صحيحهِ في "كتابِ المحاربينَ" عن عمرِو بنِ عليٍّ، عن يحيى، عن سفيانَ، عن منصورٍ، والأعمشِ؛ كلاهما عن أبي وائلٍ، عن عمرٍو، عن عبدِ اللهِ، وعن سفيانَ، عن واصلٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبدِ اللهِ، من غيرِ ذكرِ عمرِو بنِ شرحبيلَ. قال عمرُو بنُ عليٍّ: فذكرتُهُ لعبدِ الرحمنِ، وكان حدّثنا عن سفيانَ، عن الأعمشِ، ومنصورٍ وواصلٍ، عن أبي وائلٍ، عن أبي مَيْسرةَ، يعني: عمراً، فقال: دَعْهُ دَعْهُ.
قلتُ: لكن رواهُ النسائيُّ في المحاربةِ، عن بُنْدارٍ، عن ابنِ مهديٍّ، عن سفيانَ، عن واصلٍ - وَحْدَهُ -، عن أبي وائلٍ، عن عمرِو بنِ شُرْحَبيلَ، فزادَ في السند عمْراً من غير ذكرِ أحدٍ، أدرجَ عليه روايةَ واصلٍ. وكأنَّ ابنَ مهديٍّ لمّا حدَّثَ به عن سفيانَ، عن منصورٍ، والأعمشِ، وواصلٍ، بإسنادٍ واحدٍ ظنَّ الرواةُ عن ابنِ مهديٍّ اتفاقَ طرقِهِم، فربَّما اقتصرَ أحدُهم على بعضِ شيوخِ سفيانَ، ولهذا لا ينبغي لمَنْ يروي حديثاً بسندٍ فيه جماعةٌ في طبقةٍ واحدةٍ مجتمعين في الرواية عن شيخٍ واحدٍ، أن يحذفَ بعضَهم؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ اللفظُ في السندِ أو المتنِ لأحدِهم وحملَ روايةَ الباقينَ عليه. فربَّما كانَ مَنْ حَذَفَهُ هو صاحبُ ذلكَ اللفظِ، وسيأتي التنبيهُ على ذلكَ في موضعِهِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
وقولُهُ: (وزادَ الأعمشُ) أي: وزادَ الأعمشُ، ومنصورٌ، ذِكْرَ عمرِو بنِ شُرحبيلَ بين شَقيقٍ، وابنِ مسعودٍ؛ على أنَّهُ قد اختُلِفَ على الأعمشِ في زيادةِ عمرِو بنِ شرحبيلَ اختلافاً كثيراً، ذكرَهُ الخطيبُ.
وقولُهُ: (وعَمْدُ الادراجِ لها) أي: لهذهِ الأقسامِ الأربعةِ، أو الخمسةِ. محظورٌ، أي: ممنوعٌ. قالَ ابنُ الصلاحِ: واعلمْ أنَّهُ لا يجوزُ تعمُّدُ شيءٍ مِنَ الادراجِ المذكورِ. وهذا النوعُ قد صنَّفَ فيه الخطيبُ، فشَفَى وكَفَى.
المَوْضُوْعُ
225.
... شَرُّ الضَّعِيْفِ: الخَبَرُ الموضُوْعُ
…
الكَذِبُ، المُختَلَقُ، المَصْنُوْعُ
226.
... وَكَيْفَ كَانَ لَمْ يُجِيْزُوا ذِكْرَهُ
…
لِمَنْ عَلِمْ، مَا لَمْ يُبَيِّنْ أَمْرَهُ
227.
... وَأكْثَرَ الجَامِعُ فِيْهِ إذْ خَرَجْ
…
لِمُطْلَقِ الضَّعْفِ، عَنَى: أبَا الفَرَجْ