الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بذلُ نفسِهِ بالسَّعيِّ إلى مجلسِ الحكمِ لأَدائِها)) . انتهى.
ثُمَّ إذا أعارَهُ فليحذَرِ المعارُ لهُ مِنَ التطويلِ بالعاريَّةِ، والإبطاءِ بهِ عليهِ إلَاّ بقدرِ الحاجةِ، فقدْ روينا عن الزهريِّ أنَّهُ قالَ: أيَّاَكَ وغُلُولَ الكُتُبِ قيلَ: وما غُلُولُ الكُتُبِ؟ قالَ: حَبْسُها عن أصحابِها. وروينا عن الفُضَيْلِ بنِ عياضٍ، قالَ: ليسَ مِنْ فَعَالِ العلماءِ أنْ يأخُذَ سماعَ رجلٍ وكتابهُ فيحبِسَهُ عنهُ)) . انتهى. ثُمَّ إذا نسخَ الكتابَ فلا يُثْبِتُ سماعَهُ عليهِ ولا ينقلُهُ إلَاّ بعدَ العرضِ والمقابلةِ، وكذلكَ لا ينبغي إثباتُ سماعٍ على كتابٍ إلَاّ بعدَ المُقابلةِ، إلَاّ أنْ يُبَيِّنَ في النقلِ والإثباتِ أَنَّ النسخةَ غيرُ مُقابلةٍ.
صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيْثِ، وَأَدَائِهِ
620.
... وَلْيَرْوِ مِنْ كِتَابِهِ وَإِْن عَرِي
…
مِنْ حِفْظِهِ فَجَائِزٌ لِلأَكْثَرِ
621.
... وَعَنْ أبي حَنِيْفَةَ الْمَنْعُ كَذَا
…
عَنْ مَالِكٍ وَالصَّيْدَلَانِيْ وَإِذَا
622.
... رَأَى سَمَاعَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فَعَنْ
…
نُعْمَانٍ الْمَنْعُ وَقالَ ابْنُ الْحَسَنْ
623.
... مَعَ أَبِي يُوْسُفَ ثُمَّ الشَّافِعِيْ
…
وَالأَكْثَرِيْنَ بِالْجَوَازِ الْوَاسِعِ
اختلفوا في الاحتجاجِ بمَنْ لا يحفَظُ حديثَهُ، وإنَّمَا يحدِّثُ مِنْ كتابهِ مُعتمداً عليهِ. فذهبَ الجمهورُ إلى جوازِ الروايةِ لذلكَ، وثبوتِ الحجَّةِ بهِ إذا كانَ قدْ ضَبَطَ سماعَهُ، وقابلَ كتابَهُ على الوجهِ الذي سَبَقَ ذكرُهُ في المقابلةِ. ورُوِيَ عَنْ أبي حنيفةَ
ومالكٍ: أنَّهُ لا حجَّةَ إلَاّ فيما رواهُ الراوي من حفظِهِ وتذكُّرِه، وإليهِ ذهبَ أبو بكرٍ الصَّيْدلانيُّ المروزيُّ مِنَ الشَّافِعيةِ. والصوابُ كما قالَ ابنُ الصلاحِ: الأولُ.
وإذا وجدَ سماعَهُ في كتابهِ وهو غيرُ ذاكرٍ لهُ فحُكِيَ عن أبي حنيفةَ أنَّهُ لا يُجَوِّزُ لهُ روايتَهُ. وإليهِ ذهبَ بعضُ أصحابِ الشافعيِّ، وخالفَ أبا حنيفةَ في ذلكَ صاحباهُ: محمدُ ابنُ الحسنِ، والقاضي أبو يوسفَ، فذهبا إلى الجوازِ. وإليهِ ذهبَ الشافعيُّ وأكثرُ أصحابهِ، وقالَ ابنُ الصلاحِ:((ينبغي أنْ يُبْنَى على الخلافِ في جوازِ اعتمادِ الراوي على كتابهِ في ضَبْطِ ما سمعَه، فإنَّ ضبْطَ أصلِ السَّماعِ كأَصلِ المسموعِ، فكما كانَ الصحيحُ وما عليهِ أكثرُ أهلِ الحديثِ تجويزَ الاعتمادِ على الكتابِ المصونِ في ضبطِ المسموعِ حتى يجوزَ لهُ أنْ يرويَ ما فيهِ، وإنْ كانَ لا يذكرُ أحاديثَهُ حديثاً حديثاً، كذلكَ ليكنْ هذا إذا وُجِدَ شرْطُهُ وهو أنْ يكونَ السماعُ بخطِّهِ أو بخطِّ مَنْ يثقُ بهِ، والكتابُ مصونٌ. قالَ: وهذا إذا سكنَتْ نفسُهُ إلى صحتِهِ فإنْ شكَّ فيهِ لم يَجُزِ الاعتمادُ عليهِ))
624.
... وَإِنْ يَغِبْ وَغَلَبَتْ سَلَامَتُهْ
…
جَازَتْ () لَدَى جُمْهُوْرِهِم رِوَايَتُهْ
625.
... كَذَلِكَ الضَّرِيْرُ وَالأُمِّيُّ
…
لَا يَحْفَظَانِ يَضْبُطُ الْمَرْضِيُّ
626.
... مَا سَمِعَا وَالْخُلْفُ فِي الضَّرِيْرِ
…
أَقْوَى، وَأَوْلَى مِنْهُ فِي الْبَصِيْرِ
إذا كانَ اعتمادُ الراوي على كتابِهِ دونَ حفظِهِ، وغابَ عنه الكتابُ بإعارةٍ، أو ضياعٍ، أو سرقةٍ، ونحوِ ذلكَ؛ فذهبَ بعضُ أهلِ التشديدِ في الروايةِ إلى أنَّهُ لا يجوزُ الروايةُ منهُ لغيبتِهِ عنهُ، وجوازِ التغييرِ فيهِ () . والصوابُ الذي عليهِ الجمهورُ أنَّهُ إذا كانَ الغالبُ على الظنِّ مِنْ أَمرِهِ سلامَتَهُ من التغييرِ والتبديلِ جازتْ لهُ الروايةُ منهُ، لا سِيَّمَا إذا كانَ ممَّنْ لا يخفى عليهِ في الغالبِ إذا غُيَّرَ ذلكَ، أو شيءٌ منهُ، لأنَّ بابَ الروايةِ مبنيٌ على غَلَبةِ الظنِّ () .
وقولي: (كَذَلِكَ () الضَّرِيْرُ والأُمِّيُّ) أي: كذلكَ يجري الخلافُ في الضريرِ والأُمِّيِّ اللَّذَينِ لا يحفظانِ حديثهَ ما. فإذا ضَبَطَ سماعَ هُمَا ثقةٌ، وحفظَا كتابيهِ ما عن التغييرِ بحيثُ يغلِبُ على الظنِّ سلامتُهُ؛ صحتْ روايتُهما. قالَ الخطيبُ: والسماعُ من البصيرِ الأَمِّيِّ والضريرِ اللذينِ لَمْ يحفظا () من المحدِّثِ ما سمعاهُ منهُ، لكنَّهُ كُتِبَ لهما، بمثابةٍ واحدةٍ؛ قدْ منعَ منهُ غيرُ واحدٍ من العلماءِ، ورخصَ فيهِ بعضُهم () . وقالَ ابنُ الصلاحِ في الضَّريرِ الذي لَمْ () يحفظْ حديثَهُ مِن فَمِ مَنْ حَدّثَهُ واستعانَ بالمأمونينَ في ضَبْطِ سماعِهِ وحِفْظِ كتابِهِ ثُمَّ عندَ روايتِهِ في القراءةِ منهُ عليهِ، واحتاطَ في ذلكَ على حَسبِ حالِهِ بحيثُ يحصلُ معهُ الظنُّ بالسلامةِ مِنَ التغييرِ صَحَّتْ روايتُهُ. غيرَ أنّهُ أَولى بالخلافِ من مثلِ ذلكَ في البصيرِ () .