المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أَقْسَامُ الحَدِيْثِ   11. ... وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ … إلى صَحِيْحٍ - شرح التبصرة والتذكرة ألفية العراقي - جـ ١

[العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌طبعات الكتاب

- ‌القسم الأول: الدراسة

- ‌الباب الأول: ابن الصلاح ومقدمته

- ‌الفصل الأول:دراسة تحليلية لسيرة ابن الصلاح

- ‌الفصل الثانيدراسة عن مقدمة ابن الصلاح

- ‌المبحث الأولآراء العلماء في الكتاب

- ‌المبحث الثانيتوظيف العلماء جهودهم خدمة لكتاب ابن الصلاح:

- ‌أ. المختصرات:

- ‌ب. المنظومات:

- ‌ج. الشروح:

- ‌د. التنكيت:

- ‌الباب الثانيالحافظ العراقيوكتابه " شرح التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الأولدراسة تحليلية لسيرة الحافظ العراقي

- ‌المبحث الأولاسمه، ونسبه، وكنيته، وولادته:

- ‌المبحث الثانيأسرته:

- ‌المبحث الثالثنشأته:

- ‌المبحث الرابعمكانته العلمية وأقوال العلماء فيه:

- ‌المبحث الخامسشيوخه:

- ‌المبحث السادستلامذته:

- ‌المبحث السابعآثاره العلمية:

- ‌المبحث الثامنوفاته:

- ‌الفصل الثاني: دراسة كتاب شرح التبصرة والتذكرة

- ‌المبحث الأولمنهجه في شرحه

- ‌المبحث الثانيمصادره في شرحه:

- ‌المبحث الثالثدراسة عروضية لنظم ألفية الحافظ العراقي:

- ‌المبحث الرابعشروح الألفية:

- ‌القسم الثانيالتحقيق

- ‌الفصل الأولالتعريف بالكتاب

- ‌المبحث الأولمادته ومحتواه:

- ‌المبحث الثانياسم الكتاب:

- ‌المبحث الثالثتاريخ إكمال الشرح:

- ‌الفصل الثانيوصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق

- ‌الفصل الثالثمنهج التحقيق

- ‌أَقْسَامُ الحَدِيْثِ

- ‌أصحُّ كُتُبِ الحديثِ

- ‌الصَحيحُ الزَائدُ على الصَحيحَينِ

- ‌ المستخرجاتِ

- ‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

- ‌حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ، وَالتَّعْلِيْقِ

- ‌نَقْلُ الحَديثِ مِنَ الكُتبِ المُعتَمَدةِ

- ‌القِسْمُ الثَّاني: الحَسَنُ

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ الضَّعِيْفُ

- ‌ المرفوعِ

- ‌المُتَّصِلُ وَالمَوصُولُ

- ‌الموقوفِ

- ‌ المقطوعُ

- ‌فُرُوْعٌ

- ‌قولُ الصحابيِّ: ((من السنةِ كذا))

- ‌قولُ الصحابيِّ: أُمِرْنا بكذا

- ‌قولُ الصحابيِّ كُنَّا نَرَى كذا

- ‌ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابِيْ

- ‌قولُهم عن الصحابيِّ يرفعُ الحديثَ

- ‌ما جاءَ عن صحابيٍّ موقوفاً عليهِ

- ‌ المرسلِ

- ‌المُنْقَطِعُ والمُعْضَلُ

- ‌العَنْعَنَةُ

- ‌تَعَاْرُضُ الْوَصْلِ والإرْسَاْلِأوِ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ

- ‌التَّدْلِيْسُ

- ‌ الشاذِّ

- ‌الْمُنْكَرُ

- ‌الاعْتِبَارُ وَالمُتَابَعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ

- ‌زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ

- ‌الأفْرَاْدُ

- ‌المُعَلَّلُ

- ‌ المضطربِ

- ‌المُدْرَجُ

- ‌ الموضوعُ

- ‌المَقْلُوْبُ

- ‌تَنْبِيْهَاْتٌ

- ‌مَعْرِفَةُ صِفَةِ مَنْ تُقَبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ

- ‌ بيانٌ لشروطِ العدالةِ

- ‌ بيانٌ لما تثبتُ به العدالةُ

- ‌‌‌ تعديلُ المرأةِالعدلِ، والعبدِ العدلِ

- ‌ تعديلُ المرأةِ

- ‌ تزكيةُ العبدِ

- ‌ الاستفاضةُ والشهرةُ

- ‌ ضبطُ الراوي

- ‌ التعديلِ والجرحِ، هل يقبلانِ، أو أحدُهما من غيرِ ذكرِ أسبابِهِما، أم لا يقبلانِ إلاّ مُفسّرَينِ

- ‌ تعارضَ الجرحُ والتعديلُ في راوٍ واحدٍ

- ‌التعديلُ على الإبهامِ

- ‌ روايةُ العدلِ عن شيخٍ بصريحِ اسمِهِ، فهلْ ذلكَ تعديلٌ له أم لا

- ‌ روايةِ المجهولِ

- ‌ روايةِ مبتدعٍ لم يُكفَّرْ في بدعتِهِ

- ‌ المبتدعِ الذي يُكَفَّرُ ببدعتِهِ

- ‌مَنْ تَعمَّدَ كَذِباً في حديثِ رسولِ اللهِ

- ‌إذا روى ثقةٌ عن ثقةٍ حديثاً فكذَّبَهُ المُرْوَى عنهُ صريحاً

- ‌ روايةِ مَنْ أخذَ على التحديثِ أجراً

- ‌ روايةَ مَنْ عُرِفَ بالتساهُلِ في سماعِ الحديثِ وتحمُّلِهِ

- ‌يُكْتَفَى في أهليةِ الشيخِ

- ‌يُكتَفَى في اشتراطِ ضَبْطِ الراوي

- ‌مَرَاْتِبُ التَّعْدِيْلِ

- ‌مَتَى يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ، أَوْ يُسْتَحَبُّ

- ‌أَقْسَاْمُ التَّحَمُّلِ

- ‌أَوَّلُهَا: سَمَاْعُ لَفْظِ الشَّيْخِ

- ‌الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ

- ‌تَفْرِيْعَاتٌ

- ‌إذا كانَ الشيخُ الذي يُقْرَأُ عليه عَرْضَاً لا يحفظُ ذلك المقروءَ عليهِ

- ‌إذا قَرأَ القارئُ على الشَّيخِ، وسكتَ الشَّيخُ على ذلكَ، غيَر مُنْكِرٍ له مع إِصغائِهِ، وفهمِهِ، وَلمَ يُقِرَّ باللفظِ

- ‌ بيانٌ لأَلفاظِ الأَداءِ

- ‌الشَّكُ فِي الأَخْذِ

- ‌ السَّمَاعِ…مِنْ نَاسِخٍ

- ‌ عَزَبَ عن السامعِ الكلمةُ والكلمتانِ

- ‌ الشَّيْخُ يُدْغِمُ الحرفَ

- ‌(نا)

- ‌ السَّماعُ من وراءِ حجابٍ

- ‌ سمعَ من شيخٍ حديثاً ثم قال له: لا تَرْوِهِ عَنِّي

- ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

- ‌ وهيَ على تسعةِ أنواعٍ:

- ‌لَفْظُ الإجَازَةِ، وَشَرْطُهَاْ

- ‌الرَّاْبِعُ: الْمُنَاولَةُ

- ‌ وهي على نوعينِ:

- ‌كَيْفَ يَقُوْلُ مَنْ رَوَى بِالمُنَاولَةِ وَالإِجَاْزَةِ

- ‌الخَاْمِسُ: المُكَاتَبَةُ

- ‌السَّاْدِسُ: إعْلَامُ الشَّيْخِ

- ‌السَّاْبِعُ: الْوَصِيَّةُ بالكِتَاْبِ

- ‌الثَّاْمِنُ: الْوِجَاْدَةُ

- ‌كِتَاْبَةُ الْحَدِيْثِ وَضَبْطُهُ

- ‌اختلفَ الصحابةُ والتابعونَ في كتابةِ الحديثِ:

- ‌يَنْبَغِي لطالبِ العلمِ ضبطُ كتابهِ

- ‌ الْخَطُّ الرَّقِيْقُ

- ‌كيفيةِ ضَبْطِ الحرفِ المُهْمَلِ

- ‌ أنْ يُبيِّنوا اختلافَ الرواياتِ

- ‌ أَنْ يجعلَ بينَ كلِّ حديثينِ دارةً (صورةَ O) تفصلُ بينَ الحديثينِ وتميِّزُ بَيْنَهُمَا

- ‌ أن يُحافظَ على كَتْبِ الثناءِ على اللهِ تعالى

- ‌ يُصَلي على النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

- ‌المُقَاْبَلَةُ

- ‌خْرِيْجُ السَّاْقِطِ

- ‌التَّصْحِيْحُ، وَالتَّمْرِيْضُ، وهُو التَّضْبِيْبُ

- ‌الْكَشْطُ، وَالْمَحْوُ، وَالضَّرْبُ

- ‌الْعَمْلُ فِي اخْتِلاْفِ الرُّوَاْيَاْتِ

- ‌الإِشَاْرَةُ بِالرَّمْزِ

- ‌كِتَاْبَةُ التَّسْمِيْعِ

- ‌صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيْثِ، وَأَدَائِهِ

- ‌الرِّوَاْيَةُ مِنَ الأَصْلِ

- ‌الرِّوَاْيَةُ بِالْمَعْنَى

- ‌الاقْتِصَاْرُ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيْثِ

- ‌التَّسْمِيْعُ بِقِرَاءَةِ اللَّحَّاْنِ، وَالْمُصَحِّفِ

- ‌إِصْلَاحُ اللَّحْنِ، وَالْخَطَأِ

الفصل: ‌ ‌أَقْسَامُ الحَدِيْثِ   11. ... وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ … إلى صَحِيْحٍ

‌أَقْسَامُ الحَدِيْثِ

11.

... وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ

إلى صَحِيْحٍ وَضَعِيْفٍ وَحَسَنْ

12.

... فَالأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ

بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطِ الْفُؤَادِ

13.

... عَنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَا شُذُوْذِ

وَعِلَّةٍ قَادِحَةٍ فَتُوْذِي

أي: وأهلُ الحديثِ. قال الخطَّابيُّ في " معالمِ السُّنَنِ ": ((اعلموا أَنَّ الحديثَ عندَ أهلِهِ على ثلاثةِ أقسامٍ: حديثٌ صحيحٌ، وحديثٌ حسنٌ وحديثٌ سَقيْمٌ؛ فالصحيحُ عندَهُم: ما اتّصلَ سندُهُ وعُدِّلَتْ نَقَلَتُهُ)) . فلمْ يشترطِ الخطَّابيُّ في الحدِّ ضَبْطَ الراوي، ولا سلامَةَ الحديثِ من الشذوذِ والعلّةِ. ولا شكَ أَنَّ ضَبْطَ الراوي لابُدَّ منِ اشتراطِه؛ لأنَّ مَنْ كَثُرَ الخطأُ في حديثِهِ، وفَحُشَ؛ استحقَ التْركَ، وإنْ كانَ عدلاً.

وأما السلامةُ من الشذوذِ والعلةِ، فقالَ الشيخُ تقيُّ الدينِ ابنُ دَقيقِ العيدِ في " الاقتراح ":((إِنَّ أصحابَ الحديثِ زادوا ذلكَ في حدِّ الصحيحِ. قال: وفي هذينِ الشرطينِ نظرٌ على مقتضى نَظَرِ الفقهاءِ، فإنَّ كثيراً من العِلَلِ التي يُعَلِّلُ بها المحدِّثونَ لا تجرِي على أُصولِ الفقهاءِ)) .

ص: 103

قلتُ: قد احترزْتُ بقولي: (قادحةً)، عن العلةِ التي لا تقدحُ في صحّةِ الحديثِ. فقولي:(المتّصلُ الإسنادِ) ، احترازٌ عمّا لم يتصلْ وهو المنقطعُ، والمرسلُ، والمعضلُ، وسيأتي إيضاحُها. وقولي:(بنقلِ عدلٍ) ، احترازٌ عما في سندِهِ مَنْ لم تُعْرَفْ عدالتُهُ، إما بأنْ يكونَ عُرِفَ بالضعفِ أو جُهِلَ عيناً، أو حالاً، كما سيأتي في بيانِ المجهولِ. وقولي:(ضابطٌ) ، احترازٌ عمّا في سندِهِ راوٍ مغفّلٌ، كثيرُ الخطأ، وإِنْ عُرِفَ بالصدقِ والعدالةِ. وقولي: و (غيرُ ما شذوذٍ وعلةٍ قادحةٍ) ، احترازٌ عن الحديثِ الشاذِّ والمعللِ، بعلةٍ قادحةٍ. وما: هنا مُقْحَمَةٌ. ولم يذكُرِ ابنُ الصلاحِ في نفسِ الحدِّ قادحةً ولكنه ذكرَهُ بعد سَطْرٍ فيما احْتَرَزَ عنه، فقال:((وما فيهِ علةٌ قادحةٌ)) . قالَ ابنُ الصلاحِ:

((فهذا هو الحديثُ الذي يُحْكَمُ له بالصحةِ بلا خلافٍ بين أهلِ الحديث)) . وإنّما قَيَّدَ نفيَ الخلافِ بأهلِ الحديثِ؛ لأنَّ بعضَ متأخّري المعتزلةِ يشترطُ العددَ في الروايةِ كالشهادةِ، حكاهُ الحازميُّ في شروط الأئمة. قال ابنُ دقيقِ العيد:((لو قِيْلَ: في هذا: الحديثُ الصحيحُ المجمعُ على صحتِهِ، هو كذا وكذا إلى آخرِه لكانَ حسناً؛ لأَنَّ مَنْ لا يشترطُ مثلَ هذهِ الشروطِ، لا يحصُرُ الصحيحَ في هذه الأوصافِ. قال: ومِنْ شرطِ الحدِّ أَنْ يكونَ جامعاً مانعاً)) .

ص: 104

14.

... وَبالصَّحِيْحِ وَالضَّعِيفِ قَصَدُوا

في ظَاهِرٍ لَا الْقَطْعَ، وَالْمُعْتَمَدُ

15.

... إمْسَاكُنَا عَنْ حُكْمِنَا عَلى سَنَدْ

بِأَنَّهُ أَصَحُّ مُطْلَقاً، وَقَدْ

16.

... خَاضَ بهِ قَوْمٌ فَقِيْلَ مَالِكُ

عَنْ نَافِعٍ بِمَا رَوَاهُ النَّاسِكُ

17.

... مَوْلَاهُ وَاخْتَرْ حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ

الشَّافِعِيْ قُلْتُ: وعَنْهُ أَحْمَدُ

أي: حيثُ قال أهلُ الحديثِ: هذا حديثٌ صحيحٌ، فمرادُهُم فيما ظهرَ لنا عملاً بظاهر الإسنادِ، لا أَنَّهُ مقطوعٌ بصحتِهِ في نفسِ الأمرِ، لجوازِ الخطأ والنسيانِ على الثقةِ، هذا هو الصحيحُ الذي عليه أكثرُ أهلِ العلمِ، خلافاً لِمَنْ قالَ: إنَّ خبرَ الواحدِ يوجبُ العلمَ الظاهرَ، كحسين بن علي الكرابيسيِّ وغيرِهِ. وحكاه ابنُ الصباغِ في " العُدَّةِ " عن قومٍ مِنْ أصحابِ الحديثِ. قال القاضِي أبو بكرٍ الباقلانيّ:((إنّهُ قولُ مَنْ لم يُحَصِّلْ علمَ هذا الباب)) ، انتهى. نعم

إنْ أخرجَهُ الشيخانِ أو

ص: 105

أحدُهُما فاختارَ ابنُ الصلاحِ القطعَ بصحتِه، وخالفَهُ المحقّقونَ -كما سيأتي - وكذا قولُهم: هذا حديثٌ ضعيفٌ فمرادُهم أنه لم يظهَرْ لنا فيه شروطُ الصحةِ، لا أنَّهُ كَذِبٌ في نفسِ الأمرِ، لجوازِ صِدْقِ الكاذبِ، وإصابةِ مَنْ هو كثيرُ الخطأ.

وقولُهُ: (والمعتمدُ إمساكُنا عن حُكْمِنا) إلى آخره. أي: القولُ المُعْتَمَدُ عليهِ، المختارُ: أنَّهُ لا يُطْلَقُ على إسنادٍ معينٍ بأنَّهُ أصَحُّ الأسانيدِ مُطْلَقاً؛ لأنَّ تَفَاوُتَ مراتبِ الصحةِ مترتبٌ عَلَى تَمَكُّنِ الإسنادِ مِن شروطِ الصحةِ، ويعِزُّ وجودُ أعلى درجات القبولِ في كلِ فردٍ فردٍ من ترجمةٍ واحدةٍ بالنسبةِ لجميعِ الرواةِ. قالَ الحاكمُ في عُلومِ الحديثِ:((لا يمكنُ أنْ يُقْطَعَ الحكمُ في أصحِّ الأسانيدِ لصحابيٍّ واحدٍ)) . وسنذكرُ تتمةَ كلامِهِ في آخرِ هذهِ الترجمةِ. قالَ ابنُ الصلاحِ: ((عَلَى أَنَّ جماعةً مِنْ أئمةِ الحديثِ خاضُوا غَمْرةَ ذلكَ فاضطربَتْ أقوالهُمْ)) . وقوله: (فقِيلَ: مالكٌ)، أي: فقيلَ: أصحُّ الأسانيدِ ما رواهُ مالكٌ عَنْ نافعٍ عن ابن عمر، وَهُوَ المرادُ بقولِهِ:

ص: 106

(مولاهُ) أي: سَيِّدُهُ. وهذا هُوَ قولُ البخاريِّ. وقولُه: (واختَرْ حيثُ عَنْهُ) أيْ: عن مالكٍ، (يُسْنِدُ الشَّافعيُّ)، أي: فعلى هذا إذا زدْتَ في الترجمةِ واحداً فأصحُّ الأسانيدِ ما أسندهُ الشافعيُّ عن مالكٍ بها، فقال الأستاذُ أبو منصورٍ عبدُ القاهرِ بن طاهرٍ التَّميميُّ: إنَّهُ أَجَلُّ الأسانيدِ، لإجماعِ أصحابِ الحديثِ أنه لم يكنْ في الرواةِ عن مالكٍ أجلُّ مِنَ الشافعيِّ.

وقولُه: (قلتُ وعنهُ)، أي: وعنِ الشافعيِّ أحمدُ بنُ حنبلٍ، يريدُ وإنْ زِدْتَ في الترجمةِ آخرَ، فأصحُّ الأسانيدِ ما رواه أحمدُ عنِ الشافعيِّ عنْ مالكٍ بها، لاتفاقِ أهلِ الحديثِ على أَنَّ أجلَّ مَنْ أخذَ عن الشافعيِّ مِنْ أهلِ الحديثِ الإمامُ أحمدُ، ووقعَ لنا بهذهِ الترجمةِ حديثٌ واحدٌ، أخبرني به أبو عبدِ الله محمدُ بنُ إسماعيلَ ابنُ الخبّازِ،

ص: 107

بقراءتي عليه بدمشقَ، قال: أخبرنا المسلمُ بنُ مكيٍّ ح وأخبرني عليُّ بنُ أحمدَ العرضيُّ، بقراءتي عليه بالقاهرة، قال: أخبرتنا زينبُ بنتُ مكيٍّ، قالا: أخبرنا حنبلٌ، قال: أخبرنا هبةُ اللهِ بنُ محمدٍ، قال: أخبرنا الحسنُ بنُ عليٍّ التميميُّ، قال: أخبرنا أحمدُ بنُ جعفرِ بن حمدانَ، قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ، قال: حدثني أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمدُ بنُ إدريسَ الشافعيُّ، قال: أخبرنا مالكٌ، عَنْ نافعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رحمةُ اللهِ عليهِ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:((لا يبِيعْ بعضُكُم على بَيعِ بعضٍ)) ، ونهى عنِ النَّجَشِ، ونهى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحبَلَةِ، ونهى عن المُزَابَنَةِ، والمزابنةُ: بيعُ الثمرِ بالتمرِ

ص: 108

كيلاً، وبيعُ الكَرْمِ بالزَّبيبِ كيلاً. أخرجَهُ البخاريُّ مُفرَّقاً مِنْ حديثِ مالكٍ.

18.

... وَجَزَم ابْنُ حَنْبَلٍ بالزُّهْرِي

عَنْ سَالِمٍ أَيْ: عَنْ أَبِيْهِ البَرِّ

أي: وذهبَ أحمدُ بنُ حنبلٍ، وكذلك إسحاقُ بنُ راهويه إلى أَنَّ أصحَّ الأسانيدِ ما رواهُ أبو بكرٍ محمدُ بنُ مسلمِ بنِ عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ شهابٍ الزهريُّ عنْ سالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أبيهِ.

ص: 109

19.

... وَقِيْلَ: زَيْنُ العَابِدِيْنَ عَنْ أَبِهْ

عَنْ جَدِّهِ وَابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ بِهْ

أي: وقيل: أصحُّ الأسانيدِ ما رواهُ ابنُ شهابٍ المذكورُ عن زَيْنِ العابدينَ وهو عليُّ ابنُ الحسينِ، عن أبيهِ الحُسينِ، عَنْ جَدِّهِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وهو قولُ عبدِ الرزاقِ، ورُوِيَ أيضاً عَنْ أبي بكرِ بنِ أبي شيبةَ.

فقوله: (وابنُ شهابٍ عنهُ بهِ)، أي: عَنْ زينِ العابدينَ بالحديثِ. وابنُ: مرفوعٌ على الابتداءِ، والواوُ: للحالِ، أي: في حالِ كونِ ابنِ شهابٍ راوياً للحديثِ عنهُ.

20.

... أَوْ فَابْنُ سِيْريْنَ عَنِ السَّلْمَاني

عَنْهُ أوِ الأعْمَشُ عَنْ ذي الشَّانِ

21.

... النَّخَعِيْ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ عَلْقَمَهْ

عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ وَلُمْ مَنْ عَمَّمَهْ

أَوْ: هنا في الموضعينِ ليستْ للتخييرِ، ولا للشكِّ؛ ولكنها لتنويعِ الخلافِ، والضميرُ في (عنهُ) عائدٌ إلى قولِهِ في البيتِ الذي قبلَهُ (جَدِّهِ) ، يريدُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ، أي: وقيلَ: أصحُّ الأسانيدِ ما رواهُ محمدُ بنُ سيرينَ، عَنْ عَبيدَةَ السَّلْمانيِّ، عن عَليٍّ، وهو قولُ عَمْرِو بنِ عليٍّ الفلاّسِ، وعليِّ بنِ المدينيِّ وسليمانَ بنِ حربٍ إلا أَنَّ ابنَ المديني قال:((أجودُها: عبدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ، عن ابنِ سيرينَ، عن عَبيدَةَ عَنْ عليٍّ)) .

ص: 110

وقالَ سليمانُ بنُ حربٍ: ((أصحُّهَا: أيوبُ عَنِ ابنِ سيرينَ عَنْ عَبيدةَ عنْ عليٍّ)) وقيل: أصحُّ الأسانيدِ ما رواهُ سليمانُ بنُ مِهْرانَ الأعمشُ، عن إبراهيمَ بنِ يزيدَ النَّخَعيِّ، عَنْ علقمةَ بنِ قيسٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، وهو قولُ يحيى بنِ مَعينٍ. وهذهِ جملةُ الأقوالِ التي حكاها ابنُ الصلاحِ. وفي المسألةِ أقوالٌ أُخَرُ ذكرتُها في " الشرحِ الكبيرِ "، وفيه فوائدُ مهمةٌ لا يستغني عنها طالبُ الحديثِ.

وقولُهُ: (وَلُمْ مَنْ عَمَّمَه) . أي: وَلُم مَنْ عَمَّمَ الحكمَ في أصحِّ الأسانيدِ في ترجمةٍ لصحابيٍّ واحدٍ، بلْ ينبغي أنْ تُقَيَّدَ كلُّ ترجمةٍ منها بِصحابيها. قالَ الحاكمُ: ((لا يمكنُ أنْ يُقْطَعَ الحكمُ في أصحِّ الأسانيدِ لصحابيٍّ واحدٍ فنقولُ وباللهِ التوفيقُ: إِنَّ أصحَّ أسانيدِ أهلِ البيتِ: جعفرُ بنُ محمدٍ عن أبيهِ عن جَدِّه، عَنْ عَليٍّ، إذا كانَ الراوي

ص: 111

عن جعفرٍ ثِقَةً. وأصحُّ أسانيدِ الصِّدِّيقِ: إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ، عن قَيْسِ بنِ أبي حازمٍ، عنْ أبي بكرٍ. وأصحُّ أسانيدِ عُمَرَ: الزهريُّ، عن سالمٍ، عن أبيهِ عن جَدِّهِ. وأصحُّ أسانيدِ أبي هُريرةَ: الزهريُّ، عَنْ سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أبي هُريرةَ. وأصحُّ أسانيدِ ابنِ عُمَرَ: مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ. وأصحُّ أسانيدِ عائشةَ: عُبَيْدُ اللهِ ابنُ عُمَرَ عَنِ القاسمِ، عَنْ عائشةَ. وقالَ يحيى بنُ معينٍ: هذهِ تَرْجَمةٌ مشبّكةٌ بالذَّهبِ. وأصحُّ أسانيدِ ابنِ مسعودٍ: سفيانُ الثوريُّ، عَنْ منصورٍ، عَنْ إبراهيمَ، عَنْ علقمةَ، عَنِ ابنِ مسعودٍ. وأصحُّ أسانيدِ أنسٍ: مالكٌ، عن الزهريِّ، عَنْ أَنَسٍ. وأصحُّ أسانيدِ المكيِّيْنَ: سفيانُ بنُ عُيينةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دينارٍ، عَنْ جابرٍ. وأصحُّ أسانيدِ اليمانيِّين: مَعْمَرٌ، عن هَمّامٍ، عَنْ أبي هُريرةَ. وأثبتُ أسانيدِ المِصْرِّيْينَ: اللّيْثُ عن يزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ، عَنْ أبي الخيرِ، عنْ عُقْبَةَ بنِ عامرٍ. وأثبتُ أسانيدِ الشاميِّينَ: الأوزاعيُّ، عنْ حَسّانَ بنِ عَطيَّةَ، عن الصَّحابةِ.

ص: 112