الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقْسَامُ الحَدِيْثِ
11.
... وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ
…
إلى صَحِيْحٍ وَضَعِيْفٍ وَحَسَنْ
12.
... فَالأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ
…
بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطِ الْفُؤَادِ
13.
... عَنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَا شُذُوْذِ
…
وَعِلَّةٍ قَادِحَةٍ فَتُوْذِي
أي: وأهلُ الحديثِ. قال الخطَّابيُّ في " معالمِ السُّنَنِ ": ((اعلموا أَنَّ الحديثَ عندَ أهلِهِ على ثلاثةِ أقسامٍ: حديثٌ صحيحٌ، وحديثٌ حسنٌ وحديثٌ سَقيْمٌ؛ فالصحيحُ عندَهُم: ما اتّصلَ سندُهُ وعُدِّلَتْ نَقَلَتُهُ)) . فلمْ يشترطِ الخطَّابيُّ في الحدِّ ضَبْطَ الراوي، ولا سلامَةَ الحديثِ من الشذوذِ والعلّةِ. ولا شكَ أَنَّ ضَبْطَ الراوي لابُدَّ منِ اشتراطِه؛ لأنَّ مَنْ كَثُرَ الخطأُ في حديثِهِ، وفَحُشَ؛ استحقَ التْركَ، وإنْ كانَ عدلاً.
وأما السلامةُ من الشذوذِ والعلةِ، فقالَ الشيخُ تقيُّ الدينِ ابنُ دَقيقِ العيدِ في " الاقتراح ":((إِنَّ أصحابَ الحديثِ زادوا ذلكَ في حدِّ الصحيحِ. قال: وفي هذينِ الشرطينِ نظرٌ على مقتضى نَظَرِ الفقهاءِ، فإنَّ كثيراً من العِلَلِ التي يُعَلِّلُ بها المحدِّثونَ لا تجرِي على أُصولِ الفقهاءِ)) .
قلتُ: قد احترزْتُ بقولي: (قادحةً)، عن العلةِ التي لا تقدحُ في صحّةِ الحديثِ. فقولي:(المتّصلُ الإسنادِ) ، احترازٌ عمّا لم يتصلْ وهو المنقطعُ، والمرسلُ، والمعضلُ، وسيأتي إيضاحُها. وقولي:(بنقلِ عدلٍ) ، احترازٌ عما في سندِهِ مَنْ لم تُعْرَفْ عدالتُهُ، إما بأنْ يكونَ عُرِفَ بالضعفِ أو جُهِلَ عيناً، أو حالاً، كما سيأتي في بيانِ المجهولِ. وقولي:(ضابطٌ) ، احترازٌ عمّا في سندِهِ راوٍ مغفّلٌ، كثيرُ الخطأ، وإِنْ عُرِفَ بالصدقِ والعدالةِ. وقولي: و (غيرُ ما شذوذٍ وعلةٍ قادحةٍ) ، احترازٌ عن الحديثِ الشاذِّ والمعللِ، بعلةٍ قادحةٍ. وما: هنا مُقْحَمَةٌ. ولم يذكُرِ ابنُ الصلاحِ في نفسِ الحدِّ قادحةً ولكنه ذكرَهُ بعد سَطْرٍ فيما احْتَرَزَ عنه، فقال:((وما فيهِ علةٌ قادحةٌ)) . قالَ ابنُ الصلاحِ:
((فهذا هو الحديثُ الذي يُحْكَمُ له بالصحةِ بلا خلافٍ بين أهلِ الحديث)) . وإنّما قَيَّدَ نفيَ الخلافِ بأهلِ الحديثِ؛ لأنَّ بعضَ متأخّري المعتزلةِ يشترطُ العددَ في الروايةِ كالشهادةِ، حكاهُ الحازميُّ في شروط الأئمة. قال ابنُ دقيقِ العيد:((لو قِيْلَ: في هذا: الحديثُ الصحيحُ المجمعُ على صحتِهِ، هو كذا وكذا إلى آخرِه لكانَ حسناً؛ لأَنَّ مَنْ لا يشترطُ مثلَ هذهِ الشروطِ، لا يحصُرُ الصحيحَ في هذه الأوصافِ. قال: ومِنْ شرطِ الحدِّ أَنْ يكونَ جامعاً مانعاً)) .
14.
... وَبالصَّحِيْحِ وَالضَّعِيفِ قَصَدُوا
…
في ظَاهِرٍ لَا الْقَطْعَ، وَالْمُعْتَمَدُ
15.
... إمْسَاكُنَا عَنْ حُكْمِنَا عَلى سَنَدْ
…
بِأَنَّهُ أَصَحُّ مُطْلَقاً، وَقَدْ
16.
... خَاضَ بهِ قَوْمٌ فَقِيْلَ مَالِكُ
…
عَنْ نَافِعٍ بِمَا رَوَاهُ النَّاسِكُ
17.
... مَوْلَاهُ وَاخْتَرْ حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ
…
الشَّافِعِيْ قُلْتُ: وعَنْهُ أَحْمَدُ
أي: حيثُ قال أهلُ الحديثِ: هذا حديثٌ صحيحٌ، فمرادُهُم فيما ظهرَ لنا عملاً بظاهر الإسنادِ، لا أَنَّهُ مقطوعٌ بصحتِهِ في نفسِ الأمرِ، لجوازِ الخطأ والنسيانِ على الثقةِ، هذا هو الصحيحُ الذي عليه أكثرُ أهلِ العلمِ، خلافاً لِمَنْ قالَ: إنَّ خبرَ الواحدِ يوجبُ العلمَ الظاهرَ، كحسين بن علي الكرابيسيِّ وغيرِهِ. وحكاه ابنُ الصباغِ في " العُدَّةِ " عن قومٍ مِنْ أصحابِ الحديثِ. قال القاضِي أبو بكرٍ الباقلانيّ:((إنّهُ قولُ مَنْ لم يُحَصِّلْ علمَ هذا الباب)) ، انتهى. نعم
…
إنْ أخرجَهُ الشيخانِ أو
أحدُهُما فاختارَ ابنُ الصلاحِ القطعَ بصحتِه، وخالفَهُ المحقّقونَ -كما سيأتي - وكذا قولُهم: هذا حديثٌ ضعيفٌ فمرادُهم أنه لم يظهَرْ لنا فيه شروطُ الصحةِ، لا أنَّهُ كَذِبٌ في نفسِ الأمرِ، لجوازِ صِدْقِ الكاذبِ، وإصابةِ مَنْ هو كثيرُ الخطأ.
وقولُهُ: (والمعتمدُ إمساكُنا عن حُكْمِنا) إلى آخره. أي: القولُ المُعْتَمَدُ عليهِ، المختارُ: أنَّهُ لا يُطْلَقُ على إسنادٍ معينٍ بأنَّهُ أصَحُّ الأسانيدِ مُطْلَقاً؛ لأنَّ تَفَاوُتَ مراتبِ الصحةِ مترتبٌ عَلَى تَمَكُّنِ الإسنادِ مِن شروطِ الصحةِ، ويعِزُّ وجودُ أعلى درجات القبولِ في كلِ فردٍ فردٍ من ترجمةٍ واحدةٍ بالنسبةِ لجميعِ الرواةِ. قالَ الحاكمُ في عُلومِ الحديثِ:((لا يمكنُ أنْ يُقْطَعَ الحكمُ في أصحِّ الأسانيدِ لصحابيٍّ واحدٍ)) . وسنذكرُ تتمةَ كلامِهِ في آخرِ هذهِ الترجمةِ. قالَ ابنُ الصلاحِ: ((عَلَى أَنَّ جماعةً مِنْ أئمةِ الحديثِ خاضُوا غَمْرةَ ذلكَ فاضطربَتْ أقوالهُمْ)) . وقوله: (فقِيلَ: مالكٌ)، أي: فقيلَ: أصحُّ الأسانيدِ ما رواهُ مالكٌ عَنْ نافعٍ عن ابن عمر، وَهُوَ المرادُ بقولِهِ:
(مولاهُ) أي: سَيِّدُهُ. وهذا هُوَ قولُ البخاريِّ. وقولُه: (واختَرْ حيثُ عَنْهُ) أيْ: عن مالكٍ، (يُسْنِدُ الشَّافعيُّ)، أي: فعلى هذا إذا زدْتَ في الترجمةِ واحداً فأصحُّ الأسانيدِ ما أسندهُ الشافعيُّ عن مالكٍ بها، فقال الأستاذُ أبو منصورٍ عبدُ القاهرِ بن طاهرٍ التَّميميُّ: إنَّهُ أَجَلُّ الأسانيدِ، لإجماعِ أصحابِ الحديثِ أنه لم يكنْ في الرواةِ عن مالكٍ أجلُّ مِنَ الشافعيِّ.
وقولُه: (قلتُ وعنهُ)، أي: وعنِ الشافعيِّ أحمدُ بنُ حنبلٍ، يريدُ وإنْ زِدْتَ في الترجمةِ آخرَ، فأصحُّ الأسانيدِ ما رواه أحمدُ عنِ الشافعيِّ عنْ مالكٍ بها، لاتفاقِ أهلِ الحديثِ على أَنَّ أجلَّ مَنْ أخذَ عن الشافعيِّ مِنْ أهلِ الحديثِ الإمامُ أحمدُ، ووقعَ لنا بهذهِ الترجمةِ حديثٌ واحدٌ، أخبرني به أبو عبدِ الله محمدُ بنُ إسماعيلَ ابنُ الخبّازِ،
بقراءتي عليه بدمشقَ، قال: أخبرنا المسلمُ بنُ مكيٍّ ح وأخبرني عليُّ بنُ أحمدَ العرضيُّ، بقراءتي عليه بالقاهرة، قال: أخبرتنا زينبُ بنتُ مكيٍّ، قالا: أخبرنا حنبلٌ، قال: أخبرنا هبةُ اللهِ بنُ محمدٍ، قال: أخبرنا الحسنُ بنُ عليٍّ التميميُّ، قال: أخبرنا أحمدُ بنُ جعفرِ بن حمدانَ، قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ، قال: حدثني أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمدُ بنُ إدريسَ الشافعيُّ، قال: أخبرنا مالكٌ، عَنْ نافعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رحمةُ اللهِ عليهِ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:((لا يبِيعْ بعضُكُم على بَيعِ بعضٍ)) ، ونهى عنِ النَّجَشِ، ونهى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحبَلَةِ، ونهى عن المُزَابَنَةِ، والمزابنةُ: بيعُ الثمرِ بالتمرِ
كيلاً، وبيعُ الكَرْمِ بالزَّبيبِ كيلاً. أخرجَهُ البخاريُّ مُفرَّقاً مِنْ حديثِ مالكٍ.
18.
... وَجَزَم ابْنُ حَنْبَلٍ بالزُّهْرِي
…
عَنْ سَالِمٍ أَيْ: عَنْ أَبِيْهِ البَرِّ
أي: وذهبَ أحمدُ بنُ حنبلٍ، وكذلك إسحاقُ بنُ راهويه إلى أَنَّ أصحَّ الأسانيدِ ما رواهُ أبو بكرٍ محمدُ بنُ مسلمِ بنِ عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ شهابٍ الزهريُّ عنْ سالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أبيهِ.
19.
... وَقِيْلَ: زَيْنُ العَابِدِيْنَ عَنْ أَبِهْ
…
عَنْ جَدِّهِ وَابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ بِهْ
أي: وقيل: أصحُّ الأسانيدِ ما رواهُ ابنُ شهابٍ المذكورُ عن زَيْنِ العابدينَ وهو عليُّ ابنُ الحسينِ، عن أبيهِ الحُسينِ، عَنْ جَدِّهِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وهو قولُ عبدِ الرزاقِ، ورُوِيَ أيضاً عَنْ أبي بكرِ بنِ أبي شيبةَ.
فقوله: (وابنُ شهابٍ عنهُ بهِ)، أي: عَنْ زينِ العابدينَ بالحديثِ. وابنُ: مرفوعٌ على الابتداءِ، والواوُ: للحالِ، أي: في حالِ كونِ ابنِ شهابٍ راوياً للحديثِ عنهُ.
20.
... أَوْ فَابْنُ سِيْريْنَ عَنِ السَّلْمَاني
…
عَنْهُ أوِ الأعْمَشُ عَنْ ذي الشَّانِ
21.
... النَّخَعِيْ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ عَلْقَمَهْ
…
عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ وَلُمْ مَنْ عَمَّمَهْ
أَوْ: هنا في الموضعينِ ليستْ للتخييرِ، ولا للشكِّ؛ ولكنها لتنويعِ الخلافِ، والضميرُ في (عنهُ) عائدٌ إلى قولِهِ في البيتِ الذي قبلَهُ (جَدِّهِ) ، يريدُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ، أي: وقيلَ: أصحُّ الأسانيدِ ما رواهُ محمدُ بنُ سيرينَ، عَنْ عَبيدَةَ السَّلْمانيِّ، عن عَليٍّ، وهو قولُ عَمْرِو بنِ عليٍّ الفلاّسِ، وعليِّ بنِ المدينيِّ وسليمانَ بنِ حربٍ إلا أَنَّ ابنَ المديني قال:((أجودُها: عبدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ، عن ابنِ سيرينَ، عن عَبيدَةَ عَنْ عليٍّ)) .
وقالَ سليمانُ بنُ حربٍ: ((أصحُّهَا: أيوبُ عَنِ ابنِ سيرينَ عَنْ عَبيدةَ عنْ عليٍّ)) وقيل: أصحُّ الأسانيدِ ما رواهُ سليمانُ بنُ مِهْرانَ الأعمشُ، عن إبراهيمَ بنِ يزيدَ النَّخَعيِّ، عَنْ علقمةَ بنِ قيسٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، وهو قولُ يحيى بنِ مَعينٍ. وهذهِ جملةُ الأقوالِ التي حكاها ابنُ الصلاحِ. وفي المسألةِ أقوالٌ أُخَرُ ذكرتُها في " الشرحِ الكبيرِ "، وفيه فوائدُ مهمةٌ لا يستغني عنها طالبُ الحديثِ.
وقولُهُ: (وَلُمْ مَنْ عَمَّمَه) . أي: وَلُم مَنْ عَمَّمَ الحكمَ في أصحِّ الأسانيدِ في ترجمةٍ لصحابيٍّ واحدٍ، بلْ ينبغي أنْ تُقَيَّدَ كلُّ ترجمةٍ منها بِصحابيها. قالَ الحاكمُ: ((لا يمكنُ أنْ يُقْطَعَ الحكمُ في أصحِّ الأسانيدِ لصحابيٍّ واحدٍ فنقولُ وباللهِ التوفيقُ: إِنَّ أصحَّ أسانيدِ أهلِ البيتِ: جعفرُ بنُ محمدٍ عن أبيهِ عن جَدِّه، عَنْ عَليٍّ، إذا كانَ الراوي
عن جعفرٍ ثِقَةً. وأصحُّ أسانيدِ الصِّدِّيقِ: إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ، عن قَيْسِ بنِ أبي حازمٍ، عنْ أبي بكرٍ. وأصحُّ أسانيدِ عُمَرَ: الزهريُّ، عن سالمٍ، عن أبيهِ عن جَدِّهِ. وأصحُّ أسانيدِ أبي هُريرةَ: الزهريُّ، عَنْ سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أبي هُريرةَ. وأصحُّ أسانيدِ ابنِ عُمَرَ: مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ. وأصحُّ أسانيدِ عائشةَ: عُبَيْدُ اللهِ ابنُ عُمَرَ عَنِ القاسمِ، عَنْ عائشةَ. وقالَ يحيى بنُ معينٍ: هذهِ تَرْجَمةٌ مشبّكةٌ بالذَّهبِ. وأصحُّ أسانيدِ ابنِ مسعودٍ: سفيانُ الثوريُّ، عَنْ منصورٍ، عَنْ إبراهيمَ، عَنْ علقمةَ، عَنِ ابنِ مسعودٍ. وأصحُّ أسانيدِ أنسٍ: مالكٌ، عن الزهريِّ، عَنْ أَنَسٍ. وأصحُّ أسانيدِ المكيِّيْنَ: سفيانُ بنُ عُيينةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دينارٍ، عَنْ جابرٍ. وأصحُّ أسانيدِ اليمانيِّين: مَعْمَرٌ، عن هَمّامٍ، عَنْ أبي هُريرةَ. وأثبتُ أسانيدِ المِصْرِّيْينَ: اللّيْثُ عن يزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ، عَنْ أبي الخيرِ، عنْ عُقْبَةَ بنِ عامرٍ. وأثبتُ أسانيدِ الشاميِّينَ: الأوزاعيُّ، عنْ حَسّانَ بنِ عَطيَّةَ، عن الصَّحابةِ.