المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الصحيحين، والتعليق - شرح التبصرة والتذكرة ألفية العراقي - جـ ١

[العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌طبعات الكتاب

- ‌القسم الأول: الدراسة

- ‌الباب الأول: ابن الصلاح ومقدمته

- ‌الفصل الأول:دراسة تحليلية لسيرة ابن الصلاح

- ‌الفصل الثانيدراسة عن مقدمة ابن الصلاح

- ‌المبحث الأولآراء العلماء في الكتاب

- ‌المبحث الثانيتوظيف العلماء جهودهم خدمة لكتاب ابن الصلاح:

- ‌أ. المختصرات:

- ‌ب. المنظومات:

- ‌ج. الشروح:

- ‌د. التنكيت:

- ‌الباب الثانيالحافظ العراقيوكتابه " شرح التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الأولدراسة تحليلية لسيرة الحافظ العراقي

- ‌المبحث الأولاسمه، ونسبه، وكنيته، وولادته:

- ‌المبحث الثانيأسرته:

- ‌المبحث الثالثنشأته:

- ‌المبحث الرابعمكانته العلمية وأقوال العلماء فيه:

- ‌المبحث الخامسشيوخه:

- ‌المبحث السادستلامذته:

- ‌المبحث السابعآثاره العلمية:

- ‌المبحث الثامنوفاته:

- ‌الفصل الثاني: دراسة كتاب شرح التبصرة والتذكرة

- ‌المبحث الأولمنهجه في شرحه

- ‌المبحث الثانيمصادره في شرحه:

- ‌المبحث الثالثدراسة عروضية لنظم ألفية الحافظ العراقي:

- ‌المبحث الرابعشروح الألفية:

- ‌القسم الثانيالتحقيق

- ‌الفصل الأولالتعريف بالكتاب

- ‌المبحث الأولمادته ومحتواه:

- ‌المبحث الثانياسم الكتاب:

- ‌المبحث الثالثتاريخ إكمال الشرح:

- ‌الفصل الثانيوصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق

- ‌الفصل الثالثمنهج التحقيق

- ‌أَقْسَامُ الحَدِيْثِ

- ‌أصحُّ كُتُبِ الحديثِ

- ‌الصَحيحُ الزَائدُ على الصَحيحَينِ

- ‌ المستخرجاتِ

- ‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

- ‌حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ، وَالتَّعْلِيْقِ

- ‌نَقْلُ الحَديثِ مِنَ الكُتبِ المُعتَمَدةِ

- ‌القِسْمُ الثَّاني: الحَسَنُ

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ الضَّعِيْفُ

- ‌ المرفوعِ

- ‌المُتَّصِلُ وَالمَوصُولُ

- ‌الموقوفِ

- ‌ المقطوعُ

- ‌فُرُوْعٌ

- ‌قولُ الصحابيِّ: ((من السنةِ كذا))

- ‌قولُ الصحابيِّ: أُمِرْنا بكذا

- ‌قولُ الصحابيِّ كُنَّا نَرَى كذا

- ‌ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابِيْ

- ‌قولُهم عن الصحابيِّ يرفعُ الحديثَ

- ‌ما جاءَ عن صحابيٍّ موقوفاً عليهِ

- ‌ المرسلِ

- ‌المُنْقَطِعُ والمُعْضَلُ

- ‌العَنْعَنَةُ

- ‌تَعَاْرُضُ الْوَصْلِ والإرْسَاْلِأوِ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ

- ‌التَّدْلِيْسُ

- ‌ الشاذِّ

- ‌الْمُنْكَرُ

- ‌الاعْتِبَارُ وَالمُتَابَعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ

- ‌زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ

- ‌الأفْرَاْدُ

- ‌المُعَلَّلُ

- ‌ المضطربِ

- ‌المُدْرَجُ

- ‌ الموضوعُ

- ‌المَقْلُوْبُ

- ‌تَنْبِيْهَاْتٌ

- ‌مَعْرِفَةُ صِفَةِ مَنْ تُقَبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ

- ‌ بيانٌ لشروطِ العدالةِ

- ‌ بيانٌ لما تثبتُ به العدالةُ

- ‌‌‌ تعديلُ المرأةِالعدلِ، والعبدِ العدلِ

- ‌ تعديلُ المرأةِ

- ‌ تزكيةُ العبدِ

- ‌ الاستفاضةُ والشهرةُ

- ‌ ضبطُ الراوي

- ‌ التعديلِ والجرحِ، هل يقبلانِ، أو أحدُهما من غيرِ ذكرِ أسبابِهِما، أم لا يقبلانِ إلاّ مُفسّرَينِ

- ‌ تعارضَ الجرحُ والتعديلُ في راوٍ واحدٍ

- ‌التعديلُ على الإبهامِ

- ‌ روايةُ العدلِ عن شيخٍ بصريحِ اسمِهِ، فهلْ ذلكَ تعديلٌ له أم لا

- ‌ روايةِ المجهولِ

- ‌ روايةِ مبتدعٍ لم يُكفَّرْ في بدعتِهِ

- ‌ المبتدعِ الذي يُكَفَّرُ ببدعتِهِ

- ‌مَنْ تَعمَّدَ كَذِباً في حديثِ رسولِ اللهِ

- ‌إذا روى ثقةٌ عن ثقةٍ حديثاً فكذَّبَهُ المُرْوَى عنهُ صريحاً

- ‌ روايةِ مَنْ أخذَ على التحديثِ أجراً

- ‌ روايةَ مَنْ عُرِفَ بالتساهُلِ في سماعِ الحديثِ وتحمُّلِهِ

- ‌يُكْتَفَى في أهليةِ الشيخِ

- ‌يُكتَفَى في اشتراطِ ضَبْطِ الراوي

- ‌مَرَاْتِبُ التَّعْدِيْلِ

- ‌مَتَى يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ، أَوْ يُسْتَحَبُّ

- ‌أَقْسَاْمُ التَّحَمُّلِ

- ‌أَوَّلُهَا: سَمَاْعُ لَفْظِ الشَّيْخِ

- ‌الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ

- ‌تَفْرِيْعَاتٌ

- ‌إذا كانَ الشيخُ الذي يُقْرَأُ عليه عَرْضَاً لا يحفظُ ذلك المقروءَ عليهِ

- ‌إذا قَرأَ القارئُ على الشَّيخِ، وسكتَ الشَّيخُ على ذلكَ، غيَر مُنْكِرٍ له مع إِصغائِهِ، وفهمِهِ، وَلمَ يُقِرَّ باللفظِ

- ‌ بيانٌ لأَلفاظِ الأَداءِ

- ‌الشَّكُ فِي الأَخْذِ

- ‌ السَّمَاعِ…مِنْ نَاسِخٍ

- ‌ عَزَبَ عن السامعِ الكلمةُ والكلمتانِ

- ‌ الشَّيْخُ يُدْغِمُ الحرفَ

- ‌(نا)

- ‌ السَّماعُ من وراءِ حجابٍ

- ‌ سمعَ من شيخٍ حديثاً ثم قال له: لا تَرْوِهِ عَنِّي

- ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

- ‌ وهيَ على تسعةِ أنواعٍ:

- ‌لَفْظُ الإجَازَةِ، وَشَرْطُهَاْ

- ‌الرَّاْبِعُ: الْمُنَاولَةُ

- ‌ وهي على نوعينِ:

- ‌كَيْفَ يَقُوْلُ مَنْ رَوَى بِالمُنَاولَةِ وَالإِجَاْزَةِ

- ‌الخَاْمِسُ: المُكَاتَبَةُ

- ‌السَّاْدِسُ: إعْلَامُ الشَّيْخِ

- ‌السَّاْبِعُ: الْوَصِيَّةُ بالكِتَاْبِ

- ‌الثَّاْمِنُ: الْوِجَاْدَةُ

- ‌كِتَاْبَةُ الْحَدِيْثِ وَضَبْطُهُ

- ‌اختلفَ الصحابةُ والتابعونَ في كتابةِ الحديثِ:

- ‌يَنْبَغِي لطالبِ العلمِ ضبطُ كتابهِ

- ‌ الْخَطُّ الرَّقِيْقُ

- ‌كيفيةِ ضَبْطِ الحرفِ المُهْمَلِ

- ‌ أنْ يُبيِّنوا اختلافَ الرواياتِ

- ‌ أَنْ يجعلَ بينَ كلِّ حديثينِ دارةً (صورةَ O) تفصلُ بينَ الحديثينِ وتميِّزُ بَيْنَهُمَا

- ‌ أن يُحافظَ على كَتْبِ الثناءِ على اللهِ تعالى

- ‌ يُصَلي على النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

- ‌المُقَاْبَلَةُ

- ‌خْرِيْجُ السَّاْقِطِ

- ‌التَّصْحِيْحُ، وَالتَّمْرِيْضُ، وهُو التَّضْبِيْبُ

- ‌الْكَشْطُ، وَالْمَحْوُ، وَالضَّرْبُ

- ‌الْعَمْلُ فِي اخْتِلاْفِ الرُّوَاْيَاْتِ

- ‌الإِشَاْرَةُ بِالرَّمْزِ

- ‌كِتَاْبَةُ التَّسْمِيْعِ

- ‌صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيْثِ، وَأَدَائِهِ

- ‌الرِّوَاْيَةُ مِنَ الأَصْلِ

- ‌الرِّوَاْيَةُ بِالْمَعْنَى

- ‌الاقْتِصَاْرُ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيْثِ

- ‌التَّسْمِيْعُ بِقِرَاءَةِ اللَّحَّاْنِ، وَالْمُصَحِّفِ

- ‌إِصْلَاحُ اللَّحْنِ، وَالْخَطَأِ

الفصل: ‌حكم الصحيحين، والتعليق

‌حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ، وَالتَّعْلِيْقِ

40.

... وَاقْطَعْ بِصِحَّةٍ لِمَا قَدْ أَسْنَدَا

كَذَا لَهُ، وَقِيْلَ ظَنّاً وَلَدَى

مُحَقِّقِيْهِمْ قَدْ عَزَاهُ (النَّوَوِيْ)

وَفي الصَّحِيْحِ بَعْضُ شَيءٍ قَدْ رُوِيْ

42.

... مُضَعَّفاً وَلَهُمَا بِلا سَنَدْ

أَشْيَا فَإنْ يَجْزِمْ فَصَحِّحْ، أو وَرَدْ

مُمَرَّضاً فَلا، وَلكِنْ يُشْعِرُ

بِصِحَّةِ الأصْلِ لَهُ كَـ (يُذْكَرُ)

أَي: ما أَسندَهُ البخاريُّ ومسلمٌ، يريدُ رَوَيَاهُ بإسنادِهِمَا المتّصلِ، فهو مقطوعٌ بصحتِهِ، كذا قالَ ابنُ الصلاحِ، قال: ((والعلمُ اليقينيُّ النظريُّ واقعٌ به، خلافاً لقولِ مَنْ نَفَى ذلكَ مُحتَجَّاً بأنَّهُ لا يفيدُ في أصْلِهِ إلا الظنَّ وإنَّما تلقَتْهُ الأمةُ بالقبولِ؛ لأنَّهُ يجبُ عليهم العملُ بالظنِّ، والظنُّ قد يُخطِئُ قال: وقد كنتُ أمِيْلُ إلى هذا، وأحسَبُهُ

ص: 134

قويّاً، ثم بانَ لي أنَّ المذهبَ الذي اخترناهُ أوّلاً هو الصحيحُ؛ لأنَّ ظَنَّ مَنْ هو معصومٌ من الخطأ لا يُخْطِئُ، والأمةُ بإجماعها معصومةٌ مِنَ الخطأ))

إلى آخرِ كلامِهِ. وقد سبقَهُ إلى نحوِ ذلك محمدُ بنُ طاهرٍ المقدسيُّ، وأبو نصرٍ عبدُ الرحيمِ بنُ عبدِ الخالقِ بنِ يوسفَ. قال النوويُّ:((وخالفَ ابنَ الصلاحِ المحقّقونَ والأكثرون، فقالوا: يفيدُ الظنَّ ما لم يتواترْ)) .

وقولُهُ: (ظناً) منصوبٌ بفعلٍ محذوف، أي: يفيدُ ظناً. وقولُهُ: (بعضُ شيءٍ) ، إشارةٌ إلى تقليلِ ما ضُعِّفَ من أحاديثِ الصحيحينِ.

ولمّا ذكرَ ابنُ الصلاحِ: أنَّ ما أسنداهُ مقطوعٌ بصحتِهِ. قال: سوى أحرُفٍ يسيرةٍ، تكلّمَ عليها بعضُ أهلِ النقدِ، كالدارقطنيِّ وغيرِهِ، وهي معروفةٌ عندَ أهلِ الشأنِ. انتهى. وروينا عن محمدِ بنِ طاهرٍ المقدسيِّ، ومن خَطِّهِ نَقلْتُ قال: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ محمدَ بنَ أبي نصرٍ الحميديَّ ببغدادَ يقول: قال لنا أبو محمدٍ بنُ حزمٍ: وما وجدنا للبخاريِّ ومسلمٍ في كتابيهما شيئاً لا يحتمل مخرجاً إلا حديثين. لكلِّ واحدٍ منهُما حديثٌ، تَمَّ عليهِ في تخريجِهِ الوَهْمُ معَ إتقانِهِمَا وحفظِهِمَا وصحةِ معرفتِهِما.

ص: 135

فذكر من عند البخاريِّ حديثَ شَرِيكٍ، عن أنسٍ في الإسراءِ، أنَّهُ قبلَ أنْ يُوحَى إليهِ، وفيهِ شَقُّ صَدْرِهِ. قال ابنُ حزمٍ: والآفةُ من شريكٍ. والحديثُ الثاني عندَ مسلمٍ، حديثُ عِكْرمةَ بنِ عمّارٍ، عن أبي زُمَيْلٍ، عن ابنِ عبّاسٍ، قال: كانَ المسلمون لا ينظرونَ إلى أبي سُفيانَ، ولا يقاعِدُوْنَهُ، فقال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: ثلاثٌ أعْطِينِهنَّ. قال: نعم. قال: عندي أحسنُ العربِ وأجملُهُ أمُّ حبيبةَ بنتُ أبي سفيانَ، أُزوِّجُكَهَا. قال: نعم

الحديث. قالَ ابنُ حزمٍ: هذا حديثٌ موضوعٌ لاشكَّ في وضْعِهِ، والآفةُ فيهِ منْ عِكْرمةَ بنِ عمّارٍ. وقد ذكرتُ في "الشرحِ الكبيرِ" أحاديثَ غيرَ هذينِ.

ص: 136

وقد أفردتُ كتاباً لما ضُعِّفَ من أحاديثِ الصحيحينِ مع الجواب عنها. فمَنْ أرادَ الزيادةَ في ذلك فليقِفْ عليه، ففيه فوائدُ مهمّاتٌ.

وقولُهُ: (ولَهُما بلا سَنَدْ أشيا) . أي: وللبخاريِّ ومسلمٍ في الصحيحِ مواضعُ لم يَصِلاها بإسنادِهِما، بل قطعا أوَّلَ أسانيدِهما مما يليهِما. وذكرَ ابنُ الصلاحِ أنَّ ذلك وقعَ في الصحيحينِ. قالَ:((وأغلبُ ما وقع ذلك في كتاب البخاريِّ، وهو في كتابِ مسلمٍ قليلٌ جداً)) . قلتُ: في كتابِ مسلمٍ من ذلك موضعٌ واحدٌ في التيمُّمِ. وهو حديثُ أبي الْجُهَيم بنِ الحارثِ بنِ الصِّمَّةِ. أقبلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ نحوِ بئرِ جمل،

الحديث. قال فيه مسلم: وروى الليثُ بنُ سعدٍ. ولم يوصلْ مسلمٌ إسنادَهُ إلى الليثِ. وقد أسندَهُ البخاريُّ عن يحيى بنِ بكيرٍ عن الليثِ. ولا أعلمُ في كتاب مسلمٍ بعد مقدمةِ الكتابِ حديثاً لم يذكرْهُ إلا تعليقاً غيرَ هذا الحديثِ. وفيه مواضعُ أخرُ يسيرةٌ رواها بإسنادِهِ المتصلِ، ثم قال: ورواهُ فلانٌ، وهذا ليس من باب التعليقِ، إنّما أرادَ ذِكْرَ مَنْ تابعَ رواية الذي أسندَهُ من طريقِهِ عليه، أو أرادَ بيانَ اختلافٍ في السندِ، كما يَفْعَلُ أهلُ الحديثِ. ويدلُّ على أنَّهُ ليسَ مقصودُهُ بهذا ادخالَهُ في كتابِهِ؛ أنَّهُ يقعُ في بعضِ

ص: 137

أسانيدِ ذلك مَنْ ليس هو من شرْطِ مسلم، كعبدِ الرحمنِ بنِ خالدِ بنِ مُسافرٍ. وقد بَيَّنتُ بقيةَ المواضعِ في " الشرحِ الكبيرِ ".

وقولُهُ: (فإنْ يجزم فصحِّحْ)، أي: إنْ أتى به بصيغةِ الجزمِ، كقولِهِ: قال فلانٌ، أو رَوَى فلانٌ أو نحوَ ذلكَ؛ فاحكمْ بصحتِهِ عمَّنْ عَلَّقَهُ عنه، لأنَّهُ لا يستجيزُ أنْ يجزمَ بذلكَ عنه إلا وقد صحَّ عندَهُ عنه. ثمَّ الحكمُ بصحةِ الحديثِ مطلقاً يتوقفُ على ثقةِ رجالِهِ، واتصالِهِ من مَوْضِعِ التعليقِ. فإنْ كان فيمَنْ أبرزَهُ مَنْ لا يحتجُّ به، فليسَ فيهِ إلا الحكمُ بصحتهِ عمَّن أسندَ إليه كقولِ البخاريِّ: وقال بَهْزٌ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:((اللهُ أحقُّ أنْ يُسْتَحيَى منه)) . قالَ ابنُ الصلاحِ: ((فهذا ليس من شرطِهِ قطعاً. ولذلكَ لم يوردْهُ الحميديُّ في جَمْعِهِ بين الصحيحينِ)) .

(وإنْ وردَ مُمَرَّضاً)، أي: أُتِي به بصيغةِ التمريضِ، كقولِهِ: ويُذْكَرُ، ويُرْوَى، ويُقَاْلُ، ونُقِلَ، ورُوِيَ، ونحوِها. فلا تحكمنَّ بصحتِهِ. كقولِهِ: ويُرْوَى عن ابنِ عباسٍ

ص: 138

وجَرْهَدٍ ومحمّدِ بنِ جَحْشٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:((الفَخِذُ عورةٌ)) ؛ لأنَّ هذهِ الألفاظَ استعمالُها في الضعيف أكثرُ، وإن استعملتْ في الصحيحِ. وكذا قولُهُ: وفي البابِ تستعملُ في الأمرينِ معاً. قالَ ابنُ الصلاحِ: ومَعَ ذلك فإيرادُهُ له في أثناءِ الصحيحِ مُشعرٌ بصحةِ أصْلِهِ إشعاراً يؤنسُ به ويركنُ إليه. وحملَ ابنُ الصلاحِ قولَ البخاريِّ: ما أدخلتُ في كتابي " الجامع "، إلا ما صحَّ. وقول الأئمة في الحكم بصحتِهِ على أنَّ المرادَ مقاصدُ الكتابِ وموضوعُهُ ومتون الأبوابِ دون التراجمِ ونحوها.

ص: 139

44.

... وَإنْ يَكُنْ أوَّلُ الاسْنَادِ حُذِفْ

مَعْ صِيغَةِ الجَزْم فَتَعليْقَاً عُرِفْ

وَلَوْ إلى آخِرِهِ، أمَّا الَّذِي

لِشَيْخِهِ عَزَا بـ (قالَ) فَكَذِي

46.

... عَنْعَنَةٍ كخَبَرِ المْعَازِفِ

لا تُصْغِ لاِبْنِ حَزْمٍ المُخَالِفِ

هذا بيانٌ لحقيقةِ التعليقِ، والتعبيرُ به موجودٌ في كلامِ الدارقطنيِّ والحميديِّ في

الجمعِ بين الصحيحينِ وهو أنْ يُسْقِطَ مِنْ أوَّلِ إسنادِ البخاريِّ أو مسلمٍ من جهتِهِ راوٍ فأكثرَ، ويعزِيَ الحديثَ إلى مَنْ فوقَ المحذوفِ من رواتِهِ بصيغةِ الجزمِ، كقولِ البخاريِّ في الصومِ وقالَ يحيى بنُ كثيرٍ، عن عمرِ بنِ الحكم بنِ ثوبانَ، عن أبي هريرةَ

ص: 141

قال إذا قاءَ فلا يفطرُ وكقولِ مسلمٍ في التيمُّمِ ورَوَى الليثُ بنُ سعدٍ، فذكرَ حديثَ أقبلَ من نحوِ بئرِ جملٍ

الحديث، وقد تقدم

قالَ ابنُ الصلاحِ وكأنَّ التعليقَ مأخوذٌ من تعليقِ الجدارِ، وتعليقِ الطلاقِ ونحوه، لما يشتركُ الجميعُ فيه من قَطْعِ الاتصالِ قال ولم أجدْ لفظَ التعليقِ مستعمَلاً فيما سقطَ منه بعضُ رجالِ الإسنادِ مِنْ وَسَطِه أوْ من آخرِهِ، ولا فيما ليسَ فيه جزْمٌ، كيُرْوَى ويُذْكَرُ قلت استعملَ غيرُ واحدٍ من المتأخّرينَ التعليقَ في غيرِ المجزومِ به، منهم الحافظُ أبو الحجاجِ المزيُّ كقولِ البخاريِّ في بابِ مَسِّ الحريرِ من غيرِ لُبْسٍ ويُروَى فيهِ عن الزُّبيديِّ، عن الزهريِّ، عن أنسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره في الأطرافِ، وعَلَّمَ عليهِ علامةَ التعليقِ للبخاريِّ

ص: 142

وقوله ولو إلى آخِرِهِ، أي ولو حذفَ الإسنادَ إلى آخرِهِ واقتصرَ على ذِكْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحديثِ المرفوعِ، أو على الصحابيِّ في الموقوفِ، كقولِهِ في العِلْمِ وقالَ عمرُ تفقهُوا قبل أنْ تسودوا أي فإنّهُ يُسمَّى تعليقاً هكذا حكاهُ ابنُ الصلاحِ عن بعضِهم، ولم يحكِ غَيْرَهُ فقالَ إنَّ لفظَ التعليقِ وجدتُهُ مستعملاً فيما حُذِفَ من مبتدأ إسنادِهِ واحدٌ فأكثرُ حتى إنَّ بعضَهم استعملَهُ في حذفِ كُلِّ الإسنادِ انتهى ولم يذكر المزيُّ هذا في الاطرافِ في التعليقِ، بلْ ولا ما اقتصرَ فيهِ على ذِكْرِ الصَّحابيِّ غالباً، وإنْ كان مرفوعاً

وقولُهُ أمَّا الذي لشيخِهِ عزا بقالَ فكذي عنعنة، أي أمَّا ما عزاهُ البخاريُّ إلى بعضِ شيوخِهِ بصيغةِ الجزمِ، كقولِهِ قالَ فلانٌ، وزادَ فلانٌ، ونحوَ ذلكَ فليسَ حكمُهُ حكمَ التعليقِ عن شيوخِ شيوخِهِ، ومَنْ فوقَهُم، بل حكمُهُ حكمُ الإسنادِ المعَنْعَن، وحكمُهُ كما سيأتي في موضعِهِ الاتصالُ بشرطِ ثبوتِ اللقاءِ، والسلامةِ من التدليسِ واللقاءُ في شيوخِهِ معروفٌ، والبخاريُّ سالمٌ من التدليسِ، فَلَهُ حكمُ الاتصالِ هكذا جزمَ بهِ ابنُ الصلاحِ في الرابعِ من التفريعاتِ التي تلي النوعَ الحادي عشرَ ثم قال وبلغني عَن بعض المتأخّرينَ منْ أهلِ المغربِ أنَّهُ جعلَهُ قسماً من التعليقِ ثانياً،

ص: 143

وأضافَ إليه قولَ البخاريِّ في غيرِ موضعٍ من كتابِهِ وقالَ لي فلانٌ، وزادنا فلانٌ فَوَسَمَ كُلَّ ذلك بالتعليقِ المتّصلِ مِن حيثُ الظاهرُ، المنفصلِ من حيثُ المعنى،

، وسيأتي حكمُ قولِهِ قال لنا فلان، عند ذكرِ أقسامِ التحمُّلِ وما ذكرَهُ ابنُ الصلاحِ هنا هو الصوابُ وقد خالَفَ ذلك في مثالٍ مَثَّلَ به في السادسةِ من الفوائدِ في النوعِ الأولِ، فقالَ وأمَّا الذي حُذِفَ من مبتدأ إسنادِهِ واحدٌ أو أكثرُ ثمَّ قالَ مِثالُهُ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كذا، قال ابن عبّاس كذا، قال مجاهدٌ كذا، قال عفّانُ كذا، قال القَعْنَبيُّ كذا إلى آخركلامه

فقولُهُ قالَ عفانُ كذا قال القعنبيُّ كذا في أمثلةِ ما سقطَ من أولِ إسنادِهِ واحدٌ مخالفٌ لكلامِهِ الذي قدّمْنَاهُ عنه؛ لأنَّ عفانَ والقعنبيَّ كلاهما شيخُ البخاريِّ حَدَّثَ عنه في مواضعَ من صحيحِهِ متصلاً بالتصريحِ فيكونُ قولُهُ قال عفانُ، قال القعنبيُّ، محمولاً على الاتّصال، كالحديث المعنعنِ وعلى هذا عملُ غيرِ واحدٍ من

ص: 144

المتأخّرينَ، كابنِ دقيقِ العيدِ، والمزّيِّ فجعلا حديثَ أبي مالكٍ الأشعَرِيِّ - الآتي ذِكْرُهُ - مثالاً لهذهِ المسألةِ تعليقاً وفي كلامِ أبي عبدِ الله بنِ منده أيضاً ما يقتضي ذلكَ، فقالَ في جزءٍ له في اختلافِ الأئمةِ في القراءة، والسماعِ، والمناولةِ، والإجازةِ أخرجَ البخاريُّ في كتبهِ الصحيحةِ وغيرِها، قال لنا فلانٌ، وهي إجازةٌ وقال فلانٌ، وهو تدليسٌ قال وكذلك مسلمٌ أخرجَهُ على هذا انتهى كلام ابنِ منده ولم يوافق عليهِ

وقولُهُ كخبرِ المعازِفِ، هو مثالٌ لما ذَكَرَهُ البخاريُّ عن بعضِ شيوخِهِ من غيرِ تصريحٍ بالتحديثِ، أو الإخبارِ، أو ما يقومُ مقامَهُ كقولهِ قال هشامُ بنُ عمّار حدّثنا صَدَقةُ بنُ خالدٍ، حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ يزيدَ بنِ جابرٍ، حدثنا عطيّةُ بنُ قيسٍ، قال حدّثني عبدُ الرحمنِ بنُ غَنْمٍ، قال حدثني أبو عامرٍ، أو أبو مالكٍ الأشعريُّ، أنَّهُ سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول ليكونَنَّ في أمتي أقوامٌ يستحلونَ الحِرَّ والحريرَ والمعازفَ، الحديث فإنَّ هذا الحديثَ حكمُهُ الاتصالُ؛ لأنَّ هشامَ بنَ عَمّارٍ من شيوخِ البخاريِّ حدَّثَ عنه بأحاديثَ، وخالفَ ابنُ حزمٍ في ذلك، فقال في المحلى هذا حديثٌ منقطعٌ لم يتصل ما بين البخاريِّ، وصدقةَ بنِ خالدٍ

ص: 145