المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌متى يصح تحمل الحديث، أو يستحب - شرح التبصرة والتذكرة ألفية العراقي - جـ ١

[العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌طبعات الكتاب

- ‌القسم الأول: الدراسة

- ‌الباب الأول: ابن الصلاح ومقدمته

- ‌الفصل الأول:دراسة تحليلية لسيرة ابن الصلاح

- ‌الفصل الثانيدراسة عن مقدمة ابن الصلاح

- ‌المبحث الأولآراء العلماء في الكتاب

- ‌المبحث الثانيتوظيف العلماء جهودهم خدمة لكتاب ابن الصلاح:

- ‌أ. المختصرات:

- ‌ب. المنظومات:

- ‌ج. الشروح:

- ‌د. التنكيت:

- ‌الباب الثانيالحافظ العراقيوكتابه " شرح التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الأولدراسة تحليلية لسيرة الحافظ العراقي

- ‌المبحث الأولاسمه، ونسبه، وكنيته، وولادته:

- ‌المبحث الثانيأسرته:

- ‌المبحث الثالثنشأته:

- ‌المبحث الرابعمكانته العلمية وأقوال العلماء فيه:

- ‌المبحث الخامسشيوخه:

- ‌المبحث السادستلامذته:

- ‌المبحث السابعآثاره العلمية:

- ‌المبحث الثامنوفاته:

- ‌الفصل الثاني: دراسة كتاب شرح التبصرة والتذكرة

- ‌المبحث الأولمنهجه في شرحه

- ‌المبحث الثانيمصادره في شرحه:

- ‌المبحث الثالثدراسة عروضية لنظم ألفية الحافظ العراقي:

- ‌المبحث الرابعشروح الألفية:

- ‌القسم الثانيالتحقيق

- ‌الفصل الأولالتعريف بالكتاب

- ‌المبحث الأولمادته ومحتواه:

- ‌المبحث الثانياسم الكتاب:

- ‌المبحث الثالثتاريخ إكمال الشرح:

- ‌الفصل الثانيوصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق

- ‌الفصل الثالثمنهج التحقيق

- ‌أَقْسَامُ الحَدِيْثِ

- ‌أصحُّ كُتُبِ الحديثِ

- ‌الصَحيحُ الزَائدُ على الصَحيحَينِ

- ‌ المستخرجاتِ

- ‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

- ‌حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ، وَالتَّعْلِيْقِ

- ‌نَقْلُ الحَديثِ مِنَ الكُتبِ المُعتَمَدةِ

- ‌القِسْمُ الثَّاني: الحَسَنُ

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ الضَّعِيْفُ

- ‌ المرفوعِ

- ‌المُتَّصِلُ وَالمَوصُولُ

- ‌الموقوفِ

- ‌ المقطوعُ

- ‌فُرُوْعٌ

- ‌قولُ الصحابيِّ: ((من السنةِ كذا))

- ‌قولُ الصحابيِّ: أُمِرْنا بكذا

- ‌قولُ الصحابيِّ كُنَّا نَرَى كذا

- ‌ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابِيْ

- ‌قولُهم عن الصحابيِّ يرفعُ الحديثَ

- ‌ما جاءَ عن صحابيٍّ موقوفاً عليهِ

- ‌ المرسلِ

- ‌المُنْقَطِعُ والمُعْضَلُ

- ‌العَنْعَنَةُ

- ‌تَعَاْرُضُ الْوَصْلِ والإرْسَاْلِأوِ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ

- ‌التَّدْلِيْسُ

- ‌ الشاذِّ

- ‌الْمُنْكَرُ

- ‌الاعْتِبَارُ وَالمُتَابَعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ

- ‌زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ

- ‌الأفْرَاْدُ

- ‌المُعَلَّلُ

- ‌ المضطربِ

- ‌المُدْرَجُ

- ‌ الموضوعُ

- ‌المَقْلُوْبُ

- ‌تَنْبِيْهَاْتٌ

- ‌مَعْرِفَةُ صِفَةِ مَنْ تُقَبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ

- ‌ بيانٌ لشروطِ العدالةِ

- ‌ بيانٌ لما تثبتُ به العدالةُ

- ‌‌‌ تعديلُ المرأةِالعدلِ، والعبدِ العدلِ

- ‌ تعديلُ المرأةِ

- ‌ تزكيةُ العبدِ

- ‌ الاستفاضةُ والشهرةُ

- ‌ ضبطُ الراوي

- ‌ التعديلِ والجرحِ، هل يقبلانِ، أو أحدُهما من غيرِ ذكرِ أسبابِهِما، أم لا يقبلانِ إلاّ مُفسّرَينِ

- ‌ تعارضَ الجرحُ والتعديلُ في راوٍ واحدٍ

- ‌التعديلُ على الإبهامِ

- ‌ روايةُ العدلِ عن شيخٍ بصريحِ اسمِهِ، فهلْ ذلكَ تعديلٌ له أم لا

- ‌ روايةِ المجهولِ

- ‌ روايةِ مبتدعٍ لم يُكفَّرْ في بدعتِهِ

- ‌ المبتدعِ الذي يُكَفَّرُ ببدعتِهِ

- ‌مَنْ تَعمَّدَ كَذِباً في حديثِ رسولِ اللهِ

- ‌إذا روى ثقةٌ عن ثقةٍ حديثاً فكذَّبَهُ المُرْوَى عنهُ صريحاً

- ‌ روايةِ مَنْ أخذَ على التحديثِ أجراً

- ‌ روايةَ مَنْ عُرِفَ بالتساهُلِ في سماعِ الحديثِ وتحمُّلِهِ

- ‌يُكْتَفَى في أهليةِ الشيخِ

- ‌يُكتَفَى في اشتراطِ ضَبْطِ الراوي

- ‌مَرَاْتِبُ التَّعْدِيْلِ

- ‌مَتَى يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ، أَوْ يُسْتَحَبُّ

- ‌أَقْسَاْمُ التَّحَمُّلِ

- ‌أَوَّلُهَا: سَمَاْعُ لَفْظِ الشَّيْخِ

- ‌الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ

- ‌تَفْرِيْعَاتٌ

- ‌إذا كانَ الشيخُ الذي يُقْرَأُ عليه عَرْضَاً لا يحفظُ ذلك المقروءَ عليهِ

- ‌إذا قَرأَ القارئُ على الشَّيخِ، وسكتَ الشَّيخُ على ذلكَ، غيَر مُنْكِرٍ له مع إِصغائِهِ، وفهمِهِ، وَلمَ يُقِرَّ باللفظِ

- ‌ بيانٌ لأَلفاظِ الأَداءِ

- ‌الشَّكُ فِي الأَخْذِ

- ‌ السَّمَاعِ…مِنْ نَاسِخٍ

- ‌ عَزَبَ عن السامعِ الكلمةُ والكلمتانِ

- ‌ الشَّيْخُ يُدْغِمُ الحرفَ

- ‌(نا)

- ‌ السَّماعُ من وراءِ حجابٍ

- ‌ سمعَ من شيخٍ حديثاً ثم قال له: لا تَرْوِهِ عَنِّي

- ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

- ‌ وهيَ على تسعةِ أنواعٍ:

- ‌لَفْظُ الإجَازَةِ، وَشَرْطُهَاْ

- ‌الرَّاْبِعُ: الْمُنَاولَةُ

- ‌ وهي على نوعينِ:

- ‌كَيْفَ يَقُوْلُ مَنْ رَوَى بِالمُنَاولَةِ وَالإِجَاْزَةِ

- ‌الخَاْمِسُ: المُكَاتَبَةُ

- ‌السَّاْدِسُ: إعْلَامُ الشَّيْخِ

- ‌السَّاْبِعُ: الْوَصِيَّةُ بالكِتَاْبِ

- ‌الثَّاْمِنُ: الْوِجَاْدَةُ

- ‌كِتَاْبَةُ الْحَدِيْثِ وَضَبْطُهُ

- ‌اختلفَ الصحابةُ والتابعونَ في كتابةِ الحديثِ:

- ‌يَنْبَغِي لطالبِ العلمِ ضبطُ كتابهِ

- ‌ الْخَطُّ الرَّقِيْقُ

- ‌كيفيةِ ضَبْطِ الحرفِ المُهْمَلِ

- ‌ أنْ يُبيِّنوا اختلافَ الرواياتِ

- ‌ أَنْ يجعلَ بينَ كلِّ حديثينِ دارةً (صورةَ O) تفصلُ بينَ الحديثينِ وتميِّزُ بَيْنَهُمَا

- ‌ أن يُحافظَ على كَتْبِ الثناءِ على اللهِ تعالى

- ‌ يُصَلي على النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

- ‌المُقَاْبَلَةُ

- ‌خْرِيْجُ السَّاْقِطِ

- ‌التَّصْحِيْحُ، وَالتَّمْرِيْضُ، وهُو التَّضْبِيْبُ

- ‌الْكَشْطُ، وَالْمَحْوُ، وَالضَّرْبُ

- ‌الْعَمْلُ فِي اخْتِلاْفِ الرُّوَاْيَاْتِ

- ‌الإِشَاْرَةُ بِالرَّمْزِ

- ‌كِتَاْبَةُ التَّسْمِيْعِ

- ‌صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيْثِ، وَأَدَائِهِ

- ‌الرِّوَاْيَةُ مِنَ الأَصْلِ

- ‌الرِّوَاْيَةُ بِالْمَعْنَى

- ‌الاقْتِصَاْرُ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيْثِ

- ‌التَّسْمِيْعُ بِقِرَاءَةِ اللَّحَّاْنِ، وَالْمُصَحِّفِ

- ‌إِصْلَاحُ اللَّحْنِ، وَالْخَطَأِ

الفصل: ‌متى يصح تحمل الحديث، أو يستحب

بثقةٍ، لا يُكتَبُ حديثُهُ. وتقدَّمَ أَنَّ ابنَ الصلاحِ أجابَ عَنْهُ: بأَنَّهُ لَمْ يَحْكِهِ عن غيرِهِ من أهلِ الحديثِ. وسألَ حمزةُ السَّهْمِيُّ الدَّارَقطنيَّ: أَيْشٍ تريدُ إذا قلْتَ: فلانٌ لينٌ؟ قال: لا يكونُ ساقطاً متروكَ الحديثِ، ولكنْ مجروحاً بشيءٍ لا يُسْقِطُ عن العدالةِ.

وأما تَمْييزُ ما زدْتُهُ من ألفاظِ الجرحِ على ابنِ الصلاحِ، فهي: فلانٌ وضَّاعٌ، ويضعُ، ووضَعَ، ودجَّالٌ، ومتَّهمٌ بالكذِبِ، وهالكٌ، وفيه نظرٌ، وسَكَتُوا عنهُ، ولا يُعتبرُ به، وليس بالثقةِ، ورُدَّ حديثُهُ، وضعيفٌ جِدَّاً، وواهٍ بمرّةٍ، وطرحُوا حديثَهُ، وارمِ بِهِ، ومطَرَّحٌ، ولا يُسَاوِي شيئاً، ومنكرُ الحديثِ وواهٍ، وضعفوهُ، وفيهِ مقالٌ، وضُعِّفَ، وتَعْرِفُ وتُنكرُ، وليس بالمتينِ، وليسِ بحُجَّةٍ، وليس بِعُمْدَةٍ، وليسَ بالمَرْضِيِّ، وللضَّعْفِ ما هوَ، وفيهِ خُلْفٌ، وطعنوا فيه، وسَيِّئُ الحفظِ، وتَكَلَّمُوا فيهِ.

فهذهِ الألفاظُ لم يذكُرْهَا ابنُ أبي حاتِمٍ، ولا ابنُ الصلاحِ، وهي موجودةٌ في كلامِ أئَمةِ أهلِ هذا الشأَنِ، وأشرتُ إلى ذلك بقولي:(وزدْتُ ما في كَلَامِ أهلِهِ وَجدْتُ) .

‌مَتَى يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ، أَوْ يُسْتَحَبُّ

؟

350

وَقَبِلُوا مِنْ مُسْلِمٍ تَحَمُّلَا

فِي كُفْرِهِ كَذَا صَبِيٌّ حُمِّلَا

351.

... ثُمَّ رَوَى بَعْدَ الْبُلُوْغِ وَمَنَعْ

قَوْمٌ هُنَا وَرُدَّ (كَالسِّبْطَيْنِ) مَعْ

352.

... إِحْضَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلصِّبْيَانِ ثُمّْ

قَبُوْلُهُمْ مَا حَدَّثُوا بَعْدَ الْحُلُمْ

ص: 379

مَنْ تحمَّلَ قبلَ دخولهِ في الإسلامِ، وروى بعدَهُ قُبِلَ ذلك منهُ. مثالهُ: حديثُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ المتفقُ على صحتِهِ: أَنَّهُ سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ في المغربِ بالطُّوْرِ. وكانَ جاءَ في فِدَاءِ أُسَارَى بدرٍ قَبلَ أَنْ يُسْلِمَ. وفي روايةٍ للبُخَاريِّ: وذلكَ أَوَّلُ ما وقرَ الإيمانُ في قلبي. وكذلك تُقْبلُ روايةُ مَنْ سمعَ قبلَ البلوغِ، وَرَوَى بعدَهُ. ومنعَ مِنْ ذلكَ قومٌ هنا، أي: في مسألةِ الصبيِّ، وهوَ خطأٌ مردودٌ عليهم.

وقولي: (كالسِّبْطَيْنِ)، أي: كروايةِ الحَسنِ والحُسينِ، وغيرهِما، مِمَّنْ تَحَمَّلَ في حالِ صباهُ، كعبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ، والنُّعمانِ بنِ بَشِيرٍ، وعبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، والسائبِ بنِ يزيدَ، والمِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، ونحوِهم.

وَقبِلَ الناسُ روايتَهُم مِنْ غيرِ فَرْقٍ بينَ ما تحمَّلُوهُ قبلَ البلوغِ وبعدَهُ. وكذلك كانَ أَهلُ العلمِ يُحضِرُونَ الصِّبيانَ مجالسَ الحديثِ وَيَعْتَدُّوْنَ بروايتِهِمْ بذلكَ بعدَ البلوغِ.

ص: 380

353.

... وَطَلَبُ الْحَدِيْثِ فِي الْعِشْرِيْنِ

عِنْدَ (الزُّبَيْرِيِّ) أَحَبُّ حِيْنِ

354.

... وَهْوَ الَّذِي عَلَيْهِ (أَهْلُ الْكُوْفَهْ)

وَالْعَشْرُ فِي (الْبَصْرَةِ) كَالْمَألُوْفَهْ

355.

... وَفِي الثَّلَاثِيْنَ (لأَهْلِ الشَّأْمِ)

وَيَنْبَغِي تَقْيِيْدُهُ بِالْفَهْمِ

356.

... فَكَتْبُهُ بالضَّبْطِ، والسَّمَاعُ

حَيْثُ يَصِحُّ، وَبِهِ نِزَاعُ

357.

... فَالْخَمْسُ لِلْجُمْهُورِ ثُمَّ الحُجَّهْ

قِصَّةُ (مَحْمُوْدٍ) وَعَقْلُ الْمَجَّهْ

358.

... وَهْوَ ابْنُ خَمْسَةٍ، وَقِيْلَ أَرْبَعَهْ

وَلَيْسَ فِيْهِ سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ

359.

... بَلِ الصَّوَابُ فَهْمُهُ الْخِطَابَا

مُمَيِّزاً وَرَدُّهُ الْجَوَابَا

حكى أبو محمَّدِ بنُ خَلَاّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ في كتابهِ " المحدِّثِ الفاصلِ "، عن أبي عبدِ اللهِ الزُّبيريِّ من الشافعيةِ، واسمُهُ الزُّبيرُ بنُ أحمدَ، أَنَّهُ قالَ: يُستحبُ كَتْبُ الحديثِ في العشرينِ؛ لأَنَّها مُجتمعُ العقلِ، قالَ: وأحبُّ أَنْ يَشْتَغِلَ دونَها بحفِظِ القرآنِ، والفرائِضِ.

وقولي: (في العشرينِ) - بكسر النون - على لغةٍ كقولِ الشاعرِ:

...... ...... ...... وَقَدْ جاوزْتُ حَدَّ الأربعِيْنِ

وقالَ موسى بنُ إسحاقَ: كانَ أهلُ الكوفةِ لا يُخرِجُونَ أولادَهُم في طلبِ الحديثِ صِغَاراً، حَتَّى يستكمِلوا عشرينَ سنةً. وقالَ موسى بنُ هارونَ الحمَّالِ: أهلُ البصرةِ يكتبُوْنَ لعشرِ سنينَ، وأهلُ الكوفةِ لعشرينَ، وأهلُ الشَّامِ لثلاثينَ.

ص: 381

وقوليِ: (وَيَنْبَغِي تَقْييدُهُ)، أي: طلبُ الحديثِ وكتابتُهُ بالضبطِ، وسماعُهُ مِنْ حيثُ يصحُّ. فقولهُ:(والسَّماعُ)، مرفوعٌ عطفاً على قولهِ:(فكتبهُ) . قال ابنُ الصلاحِ: ((وينبغي بعدَ أَنْ صار الملحوظُ إبقاءَ سلسلةِ الإسنادِ أن يُبَكَّرَ بإسماعِ الصغيرِ في أَولِ زمانٍ يَصِحُّ فيهِ سماعُهُ. وأمَّا الاشتغالُ بِكَتْبِهِ الحديثَ وتحصيلِهِ، وضبطِهِ، وتقييدِهِ، فمن حيثُ يتأهَّلُ لذلكَ ويستعدُ لهُ، وذلكَ يختلفُ باختلافِ الأشخاصِ، وليس ينحصرُ في سِنٍّ مخصوصٍ)) . وقولي: (وَبِهِ نِزَاعٌ)، أي: وفي الوقتِ الذي يصحُ فيه السماعُ نزاعٌ بين العلماءِ، وهي أربعةُ أقوالٍ: أحدُها: ما ذهبَ إليه الجمهورُ أَنَّ أقلَّهُ خمسُ سنينَ. وحكاهُ القاضي عياضٌ في " الإلماع " عن أَهلِ الصنعةِ. وقالَ ابنُ الصلاحِ: هو الذي استقرَّ عليه عملُ أهلِ الحديثِ المتأخِّرينَ، وحجتُهُم في ذلكَ ما رواهُ البخاريُّ في صحيحِهِ والنسائيُّ وابنُ ماجه، من حديثِ محمودِ بنِ الرَّبيعِ قالَ: عَقَلْتُ مِنَ النبيِّ (مَجَّةً مَجَّهَا في وَجْهِي مِنْ دلوٍ وأنا ابنُ خمسِ سنينَ. بَوَّبَ عليهِ البخاريُّ: متى يصحُّ سماعُ الصغيرِ؟ قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: حَفِظَ ذلكَ عنهُ

ص: 382

وهوَ ابنُ أربعِ سنينَ، أو خمسِ سنينَ.

وأثبْتُ هاءَ التأنيثِ في خمسةٍ أو أربعةٍ لإرادةِ الأعوامِ. وأثبْتُ مع حذفِ المعدودِ عَلَى إِحدى اللُّغتيْنِ. وليسَ في حديثِ محمود سُنَّةٌ مُتَّبعةٌ، إذ لا يلزمُ منه أَنْ يُمَيِّزَ كلُّ أَحدٍ تمييزَ محمودٍ، بلْ قد ينقصَ عنه وقدْ يزيدُ. ولا يلزمُ منه ألَاّ يعقِلَ مثلَ ذلكَ وسِنُّهُ أَقلُ من ذلكَ، ولا يلزمُ مِنْ عَقْلِ المَجَّةِ أَنْ يَعْقِلَ غيرَ ذلك مما يسمَعُهُ. والقولُ الثاني من الخلافِ في صحةِ سماعِ الصغيرِ اعتبارُ تمييزِهِ على الخصوصِ، فمتى كانَ يفهمُ الخطابَ، ويردُّ الجوابَ؛ كان سماعُهُ صحيحاً، وإنْ كانَ ابْنَ أقلّ مِنْ خمسٍ وإنْ لم يكنْ كذلك لم يصحَّ، وإنْ زادَ على الخمسِ. وهذا هو الصوابُ، وسيأتي القولانِ الآخرانِ في الأبياتِ التي تلي هذا.

360.

... وَقِيْلَ: (لابْنِ حَنْبَلٍ) فَرَجُلُ

قال: لِخَمْسَ عَشْرَةَ التَّحَمُّلُ

361.

... يَجُوْزُ لَا فِي دُوْنِهَا، فَغَلَّطَهْ

قال: إذا عَقَلَهُ وَضَبَطَهْ

362.

... وَقِيْلَ: مَنْ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْبَقَرْ

فَرَّقَ سَامِعٌ، وَمَنْ لَا فَحَضَرْ

363.

... قال: بِهِ الَحْمَّالُ، وابْنُ الْمُقْرِيْ

سَمَّعَ لاِبْنِ أَرْبَعٍ ذِي ذُكْرِ

ص: 383

وممَّا يدلُّ على اعتبارِ التمييزِ في صحةِ سماعِ الصبيِّ، قولُ أحمدَ وقدْ سُئِلَ: مَتَى يصحُّ سماعُ الصبيِّ للحديثِ؟ فقالَ: إذا عَقَلَ وَضَبَطَ. فَذُكرَ لهُ عَنْ رجلٍ أنَّهُ قالَ: لا يجورُ سماعُهُ حَتَّى يكونَ له خمسَ عَشْرَةَ سنةً، فأنكرَ قولَهُ، وقالَ: بئسَ القولُ. وهذا هو القولُ الثالثُ.

والقولُ الرابعُ: وهو قولُ موسى بنِ هارونَ الحمَّالِ، وقد سُئِلَ متى يجوزُ سماعُ الصبيِّ للحديثِ؟ فقالَ: إذا فَرَّقَ بَيْنَ البقرةِ والدابَّةِ، وفي روايةٍ بَيْنَ البَقَرَةِ والحِمَاْرِ. وقولي:(وابنُ الْمُقْرِيْ) هُوَ مبتدأٌ ليسَ معطوفاً عَلَى الحمَّالِ. والذي سمعَ لهُ ابنُ المقرئ هُوَ الْقَاضِي أبو محمدٍ عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ اللَّبانِ الأصبهانيُّ. فروينا عَنْ الخطيبِ قالَ: سمعتُهُ يقولُ: حفِظْتُ القرآنَ ولي خمسُ سنينَ، وأُحْضِرْتُ عِنْدَ أبي بكرِ بنِ المقري، ولي أربعُ سنينَ، فأرادوا أن يُسَمِّعُوا لي فِيْمَا حَضَرْتُ قراءتَهُ، فَقَالَ بعضُهُم: إنَّهُ يصغرُ عَنْ السماعِ! فقالَ لي ابنُ المقرئ: اقرأْْ سورةَ ((الكافرون)) ، فقرأتُها. فقالَ: اقرأْ سورةَ ((التكويرِ)) ، فقرأتها. فقالَ لي غيرُهُ: اقرأْ سورةَ و ((المرسلاتِ)) ، فقرأتها، وَلَمْ أَغلطْ فِيْهَا. فَقَالَ ابنُ المقرئ: سمِّعوا لَهُ والعُهْدَةُ عليَّ. وقالَ ابنُ الصلاحِ: بَلَغَنَا عنْ إبراهيمَ بنِ سعيدٍ الْجَوْهَرِيِّ، قالَ: رأيتُ صبيَّاً ابنَ أربعِ

ص: 384