الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(مسألة: العمل بالشاذ غير جائز
مثل: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) واحتج به أبو حنيفة لنا ليس بقرآن ولا خبر يصح العمل به. قالوا: يتعين أحدهما فيجب. قلنا: يجوز أن يكون مذهبًا وإن سلم فالخبر المقطوع بخطئه لا يعمل به، ونقله قرآنًا خطأ).
أقول: لا يجوز العمل بالقراءات الشاذة مثل ما نقل فى مصحف ابن مسعود: فصيام ثلاثة أيام متتابعات. وقد احتج به أبو حنيفة فأوجب التتابع لنا أنه ليس بقرآن لعدم تواتره ولا خبر يصح العمل به إذ لم ينقل خبرًا وهو شرط صحة العمل ولا عبرة بكلام هو غيرهما فلا حجة فيه أصلًا.
قالوا: لا يخلو أن يكون قرآنًا أو خبرًا ورد بيانًا فظُن قرآنًا فألحق به، فإن غير الخبر الوارد لذلك لا يحتمله وعلى التقديرين يجب العمل به.
الجواب: المنع لجواز أن يكون مذهبًا سلمنا العمل لكن متى ثبت العمل بالخبر أمطلقًا أو إذا لم يكن خطأً قطعًا؟ الأول: ممنوع، والثانى: مسلم ولا يفيد لأن هذا خطأ قطعًا إذ نقل قرآنًا وليس بقرآن فارتفع الثقة.
قوله: (لجواز أن يكون مذهبًا) وقع سندًا للمنع وإلا فضعفه ظاهر إذ لا يظن بالعدل ذلك.
قوله: (لأن هذا خطأ قطعًا) فيه بحث لأن غايته أن يكون كونه قرآنًا خطأ وهو لا يوجب أن يكون كونه خبرًا خطأ قطعًا لجواز أن يكون خبرًا لم ينقل خبرًا ولا نسلم أن هذا يوجب القطع بخطئه.
الشارح: (سلمنا العمل) تحريف وصوابه سلمنا أنه خبر.
قوله: (وإلا فضعفه ظاهر) رد بأنه ليس المراد أن نقله قرآنًا ترويجًا لمذهبه بل نقله قرآنًا خطأ.
قال: (المحكم المتضح المعنى والمتشابه مقابله، إما لاشتراك أو إجمال أو ظهور تشبيه، والظاهر الوقف على {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] لأن الخطاب بما لا يفهم بعيد).
أقول: فى القرآن محكم ومتشابه، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7]، فالمحكم هو المتضح المعنى سواء كان نصًا أو ظاهرًا، والمتشابه غير المتضح المعنى، وعدم اتضاحه قد يكون للاشتراك نحو:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] أو للإجمال ونعنى به غير الناشئ من الاشتراك بقرينة سبق الاشتراك نحو: {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] أو لأن ظاهره التشبيه مثل: {بِيَدَيَّ} [ص: 75]{بِيَمِينِه} [الزمر: 67]، و {يسْتَهْزِئُ} [البقرة: 15]، ومنهم من قال المحكم ما استقام نظمه للإفادة وهو حق لكن مقابله من المتشابه يكون هو ما اختل نظمه لعدم الإفادة فمنهم من صار إليه للوقف على قوله:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] بجعل {والرَّاسخُونَ فِى الْعِلْم} [اَل عمران: 7]، مستأنفًا والظاهر خلافه وأن الوقف على {والرَّاسخُونَ فِى الْعِلْم} ، فيعلمون تأويله وذلك لأن الخطاب بما لا يفهم بعيد وإن كان لا يمتنع على اللَّه لا يقال يلزم تخصيص الحال: وهو يقولون بالمعطوف والأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه فى المتعلقات، لأنا نقول مخالفة الظاهر أهون من الخطاب بما لا يفيد أصلًا.
قوله: (فمنهم) يريد بيان التقريب فى إيراد قوله، والظاهر الوقف ههنا ردًا لما توهموا من أن المراد أن هذه الآية من قبيل المتشابه أى من القائلين بأن الحكم ما استقام نظمه للإفادة من صار إلى أن المتشابه ما اختل نظمه لعدم الإفادة وذلك لاشتمال القرآن على ما لا يفيد شيئًا ولا يفهم منه معنى بدليل الوقف على {إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7]، قد اقتفى فى هذا التقرير أثر الآمدى والظاهر أن القول باختلال نظم القرآن مما لا يصدر عن المسلم بل المقابل لما استقام نظمه للإفادة هو ما استقام نظمه لا للإفادة إما من غير تأويل أو مع تأويل والمتشابه ما انتظم وترتب لا للإفادة بل للابتداء.
المصنف: (أو إجمال) قد عرف المجمل فى بابه بأنه: ما لم يتضح دلالته فكأنه قال هنا السبب فى كونه غير متضح المعنى أنه غير متضح المعنى وهو ظاهر الفساد.
قوله: (ردًا لما توهموا. . . إلخ) أى أن بعض الشارحين توهم أن معنى قول المصنف: والظاهر الوقف. . . إلخ. أن تلك الآية فيها اشتباه فى الواو من قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7]، أهى للعطف أم للاستئناف من المتشابه فرده الشارح بأنه ليس كذلك وإنما مراد المصنف أن من القائلين بأن المحكم: ما استقام نظمه للإفادة من صار إلى أن المتشابه ما اختل نظمه. . . إلخ.