الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(مسألة: إذا كذب الأصل الفرع
سقط لكذب واحد غير معين ولا يقدح فى عدالتها فإن قال لا أدرى فالأكثر يعمل به خلافًا لبعض الحنفية، ولأحمد روايتان لنا عدل غير مكذب كالموت والجنون واستدل بأن سهيل بن أبى صالح روى عن أبيه عن أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، ثم قال لربيعة لا أدرى، وكان يقول: حدَّثنى ربيعة عنى قلنا صحيح فأين وجوب العمل قالوا لو جاز لجاز فى الشهادة قلنا الشهادات أضيق، قالوا لو عمل به لعمل الحاكم بحكمه إذا شهد شاهدان ونسى قلنا يجب ذلك عند مالك وأحمد وأبى يوسف وإنما يلزم الشافعية).
أقول: إذا روى عدل عن عدل ثم كذب الأصل الفرع فى روايته عنه، وقال: لم أر وله هذا فالاتفاق على أنه يسقط أى لا يعمل بذلك الحديث لأن أحدهما كاذب قطعًا من غير تعيين ولا يقدح فى عدالتهما لأن واحدًا منهما بعينه لم يعلم كذبه وقد كان عدلًا ولا يرفع اليقين بالشك، هذا إذا كذب أما إذا قال: ما أدرى رويته له أم لا فالأكثر على أنه يعمل به خلافًا لبعض الحنفية ولأحمد فيه روايتان، لنا أنه عدل غير مكذب فوجب العمل بروايته كما لو مات الأصل أو جن فإن عدم تذكره دون ذلك قطعًا، وقد استدل بأن سهيل بن أبى صالح روى عن أبيه عن أبى هريرة أنهما قالا إنه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، فروى عنه ربيعة ثم قال سهيل لربيعة: لا أدرى أرويته أم لا؟ لأنه قد نسى فكان سهيل إذا روى قال: حدَّثنى ربيعة عنى، أنى حدثته عن أبى.
والجواب: أنه إنما يدل على الوقوع ولا دليل فيه على وجوب العمل به.
قالوا: أولًا: لو جاز ذلك فى الرواية جاز مثله فى الشهادة واللازم منتف، للإجماع على أنه لا تقبل شهادة الفرع مع نسيان الأصل.
الجواب: منع الملازمة فإن باب الشهادة أضيق من باب الرواية فقد اعتبر فيه الحرية والذكورة والعدد وامتناع العنعنة وامتناع الحجاب وعينوا له لفظ أشهد دون أعلم.
قالوا: ثانيًا: لو عمل بروايته مع نسيان الأصل لعمل الحاكم بحكمه إذا شهد شاهدان بحكمه فى قضية وهو قد نسى حكمه فيها واللازم منتف.
والجواب: منع انتفاء اللازم إذ يجب عليه الحكم عند مالك وأحمد وأبى
يوسف، وإنما يلزم ذلك أصحاب الشافعى حيث لا يوجبون حكمه، والجواب من طرفهم أن نسيان الترافع وطول القال والقيل وما آل إليه ذلك من الحكم أبعد من نسيان الرواية فلا يصح القياس.
قوله: (باب الشهادة أضيق) فإن قيل ينبغى أن يكون الأمر بالعكس لأنه يثبت بالرواية حكم كلى يعم المكلفين إلى يوم القيامة وبالشهادة قضية جزئية قلنا: نعم إلا أن الرواية أبعد عن التهمة، فلذا كانت الشهادة أجدر بالاحتياط.
الشارح: (ولا يرفع اليقين بالشك) فيعمل برواية كل منهما فى غير ما وقع فيه التكذيب ومعنى كون الشك لا يرفع اليقين أنه يجب العمل بمقتضى اليقين الذى كان لا بمقتضى الشك الطارئ لا بمعنى أن اليقين الذى كان باق مع طريان الشك.
الشارح: (وامتناع العنعنة) فلا يقول: أشهد عن فلان عن فلان أن الأمر كذا وقوله: وامتناع الحجاب أى لا تجوز الشهادة مع احتجاب المشهود عليه عن الشاهد.
الشارح: (إذ يجب عليه الحكم عند مالك وأحمد وأبى يوسف) تبع الشارح فى هذا عبارة المصنف وقد أعترض على المصنف صاحب مسلم الثبوت بأن كتب أتباعه من الحنفية ناطقة بعدم القبول عنده.
قال: (مسألة: إذا انفرد العدل بزيادة والمجلس واحد فإن كان غيره لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة لم يقبل وإلا فالجمهور يقبل وعن أحمد روايتان لنا عدل جازم فوجب قبوله قالوا: ظاهر الوهم فوجب رده قلنا سهو الإنسان بأنه سمع ولم يسمع بعيد بخلاف سهوه عما سمع فإنه كثير فإن تعدد المجلس قبل باتفاق فإن جهل فأولى بالقبول ولو رواها مرة وتركها مرة فكروايتين وإذا أسنده وأرسلوه أو رفعه ووقفوه أو وصله وقطعوه فكالزيادة).
أقول: إذا انفرد العدل بزيادة فى الحديث مثل أن يروى أنه دخل البيت ويروى أنه دخل البيت وصلى فإما أن يتحد مجلس السماع أو يتعدد، أما إذا اتحد فإن كان غيره من الرواة فى الكثرة بحيث لا يتصوّر غفلة مثلهم عن مثل تلك الزيادة لم يقبل وإلا فالجمهور على أنه يقبل، وقال بعضهم: لا يقبل، وعن أحمد فيه روايتان، لنا أنه عدل جازم فى حكم ظنى فوجب قبول قوله وعدم رواية غيره لا يصلح مانعًا، إذ الفرض جواز الغفلة، قالوا: الظاهر نسبة الوهم إليه لوحدته وتعددهم فوجب رده.
الجواب: إن سهو الإنسان فيما لم يسمع حتى يجزم بأنه سمع بعيد جدًا بخلاف سهوه عما سمع فإن ذهول الإنسان عما يجرى بحضوره لاشتغاله عنه كثير الوقوع وأما إذا تعدد المجلس فيقبل بالاتفاق، فإذا جهل كونه واحدًا أو متعددًا فأولى بالقبول مما اتحد لاحتمال التعدد، وهذا كله إذا تعدد الرواة فلو روى الزيادة عدل واحد مرة وتركها مرة فكذا أى حكمه حكم تعدد الرواة وذلك حكم الاختلاف فى الزيادة وأما فى غيره مثل أن يسنده عدل ويرسله الباقون أو يرفعه إلى الرسول ووقفه الباقون على الصحابى أو وصله فلم يترك راويًا فى البين وقطعوه فتركوه فهى كالزيادة وحكمها حكمها.
قوله: (فكذا أى حكمه حكم تعدد الرواة) مشعر بأن الواقع فى نسخته فكذا مقام فكراويين أو فكراويتين على ما فى النسخ المشهورة. وبالجملة فحكمه أنه إن تعدد المجلس قبل اتفاقًا وإن اتحد ففيه الخلاف وظاهر العبارة لا يتناول ما إذا رواها مرة وتركها مرات أو بالعكس وفى الكتب المشهورة أنه إن تعذر الجمع بين قبول الزيادة والأصل لم تقبل وإن لم يتعذر فإن تعدد المجلس قبلت، وإن اتحد فإن
كانت مرات روايته للزيادة أقل لم تقبل إلا أن يقول: سهوت فى تلك المرات وإن لم تكن أقل قبلت.
قوله: (إلا أن يقول: سهوت فى تلك المرات) أى: المرات التى لم أذكر فيها تلك الزيادة.