الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(مسألة: ما لا يتم الواجب إلا به
وكان مقدورم شرطًا واجب والأكثر وغير شرط كترك الأضداد فى الواجب وفعل ضد فى المحرّم وغسل جزء الرأس وقيل لا فيهما، لنا لو لم يجب الشرط لم يكن شرطًا وفى غيره لو استلزم الواجب وجوبه لزم تعقل الموجب له ولم يكن تعلق الوجوب لنفسه ولامتنع التصريح بغيره ولعصى بتركه ولصح قول الكعبى فى نفى المباح ولوجبت نيته، قالوا: لو لم يجب لصح دونه ولما واجب التوصل إلى الواجب والتوصل واجب بالإجماع وأجيب إن أريد بلا يصح وواجب لا بد منه فمسلم وإن أريد مأمور به فأين دليله وإن سلم الإجماع ففى الأسباب بدليل خارجى).
أقول: الاتفاق على أن الوجوب إذا كان مقيدًا بمقدمة لم تكن تلك المقدمة واجبة كأن يقول: إن ملكت النصاب فزك فهذا لا يكون إيجابًا لتحصيل النصاب. إنما الكلام فى الواجب المطلق هل يكون ما لا يتم ذلك الواجبط إلا به واجبًا أو لا ومختار المصنف أن ما لا يتم الواجب إلا به إن كان مقدورًا للمكلف يتأتى الفعل بدونه عقلًا وعادة لكن الشارع جعله شرطًا للفعل فهو واجب وإلا فلا وقال الأكثرون وغير ما جعله الشارع شرطًا أيضًا واجب مما يلزم فعله عقلًا كترك الأضداد فى الواجب وفعل ضد فى الحرم أو عادة كغسل جزء من الرأس لغسل الوجه كله وقيل لا وجوب فى الشرط وغيره، بهذا يشهد لفظه فى المنتهى لكن غيره إذا قال فى هذه المسألة مقدورًا احترز به عن بعض ما لا يمكن تحصيله من الآلات وكأنه يرى ذلك مما هو قيد فى الوجوب، لنا إما أن الشرط يجب فلأنه لو لم يجب الشرط لم يكن شرطًا إذ بدونه يصدق أنه أتى بجميع ما أمر به فتجب صحته وأنه ينفى حقيقة الشرطية. وأما أن غيره لا يجب فلأنه لو استلزم وجوب الواجب وجوبه لزم تعقل الموجب له وإلا أدى إلى الأمر بما لا يشعر به واللازم باطل لأنا نقطع بإيجاب الفعل مع الذهول عما يلزمه وأيضًا التعلق داخل فى حقيقة الوجوب فكل ما تعلق به الخطاب فهو واجب وما لم يتعلق به فهو غير واجب فلو وجب اللازم ولم يتعلق به خطاب طلب لما كان كذلك وأيضًا لو استلزم وجوبه لامتنع التصريح بأنه غير واجب ونحن نقطع بصحة إيجاب غسل الوجه ونفى إيجاب غيره وأيضًا لو استلزم لعصى بتركه. ومعلوم أن تارك غسل جزء من الرأس إذا لم يحصل بدونه غسل الوجه إنما يعصى بترك غسل الوجه لا
بترك غسل جزء من الرأس وأيضًا لو استلزم لصح قول الكعبى فى نفى المباح لأن فعل الواجب وهو ترك الحرام لا يتم إلا به فيجب وأنه باطل إجماعًا وأيضًا لو استلزم لوجبت نية المقدمة والتالى باطل بالاتفاق.
قالوا: لو لم يجب لصح الأكل دونه ولا يصح لأن المفروض الامتناع دونه، وأيضًا: لو لم يجب لما كان التوصل إلى الواجب واجبًا والتوكل إلى الواجب واجب بالإجماع.
الجواب عنهما: أن قولك فى نفى اللازمين لا يصح الأصل بدونه والتوصل واجب إن أردت به أنه لا بد منه فمسلم لكنه غير محل النزاع وإن أردت به أنه مأمور به شرعًا فهو ممنوع وهو المدعى فأين دليله.
فإن قال: الإجماع على وجوب التوصل شرعًا فإن تحصيل أسباب الواجب واجب كحز الرقبة فى القتل وأسباب الحرام حرام وما ذلك إلا لأنها وسيلة.
فالجواب: لا نسلم الإجماع وإن سلم فهو فى الأسباب خاصة لدليل خارجى لا لأنها وسيلة فلا يدل على وجوب التوكل مطلقًا.
قوله: (الاتفاق على أن الوجوب) قد فسر الواجب المطلق بما يجب فى كل وقت وعلى كل حال فنوقض بالصلاة فزيد فى كل وقت قدره الشارع فنوقض بصلاة الحائض تزيد إلا لمانع وهذا لا يشمل غير المؤقتات ولا مثل الحج والزكاة فى إيجاب ما يتوقف عليه من الشروط والمقدمات؛ فأشار المحقق إلى أن المراد الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى تلك المقدمة حتى إن الزكاة بالنسبة إلى تحصيل النصاب مقيد فلا يجب، وإلى تعينه وإفرازه مطلق فيجب ثم لا خلاف فى إيجاب الأسباب، فالأمر بالقتل أمر بضرب السيف مثلًا والأمر بالإشباع أمر بالإطعام إنما الخلاف فى غيره وتقريره على ما ذكره القوم ظاهر؛ لأنهم يريدون بما لا يتم الواجب إلا به ما يتوقف عليه وجوده شرعًا أو عقلًا أو عادة ويحترزون بالمقدورية عما لا يكون فى وسع المكلف كتحصيل القدم فى القيام وكعدد الأربعين فى الجمعة ونحو ذلك ويعنون بالشرط ما جعله الشارع شرطًا لذلك وإن كان يتصوّر وجوب ذلك الفعل بدونه كالطهارة للصلاة؛ إلا أن المصنف كأنه يعتقد أن الواجب بالنسبة إلى الأمور التى يلزم فعلها عقلًا أو عادة ليس واجبًا قطعًا إذ لا يجاب مقيد
بحصولها فلا تدخل هى تحت ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فلا تفتقر إلى الاحتراز عنها بقيد المقدورية، فلهذا فسر المقدورية بأن يتأتى الفعل بدونه عقلًا وعادة على معنى أن المكلف عند الإتيان بالواجب يتمكن من فعل تلك المقدمة وتركها هذا تقرير الشارح وعليه إشكال مبنى على جعل قوله: يتأتى الفعل بدونه وصفًا كاشفًا للمقدور وذلك أن المقدمة المقدورة حينئذٍ لا تتناول إلا ما جعله الشارع شرطًا ضرورة أن ما لا يلزمه فعله عقلًا أو عادة لا يكون مقدورًا بهذا المعنى، وحينئذٍ يكون التقييد بقوله شرطًا لغوًا والتعميم بقوله وغير شرط باطلًا فالأولى أن يراد بالمقدور مفهومه الظاهر أى ما يدخل تحت قدرة المكلف، ويجعل قوله يتأتى الفعل بدونه وصفًا مخصصًا لا كاشفًا أى إن كان مقدورًا بهذه الصفة فهو واجب وإلا فلا.
قوله: (لو لم يجب الشرط لم يكن شرطًا) لا خفاء فى أن النزاع فى أن الأمر بالشئ هل يكون أمرًا بشرطه وإيجابًا له فوجوب الشرط الشرعى للواجب معلوم قطعًا إذ لا معنى لشرطيته سوى حكم الشارع أنه يجب الإتيان به عند الإتيان بذلك الواجب كالوضوء للصلاة وهذا كما أن الشرط العقل معلوم أنه لازم عقلًا فعلى هذا لا نسلم أن الإتيان بالمشروط دون الشرط إتيان بجميع ما أمر به وإنما يصح لو لم يكن الشرط مأمورًا به بأمر آخر وإن أراد الأمر المتعلق بأصل الواجب فلا نسلم أنه إذا أتى بجميع ما أمر به يجب صحته، وإنما تجب لو لم يكن له شرط أوجبه الشارع بأمر آخر.
قوله: (وأما أن غيره لا يجب) قد استدل عليه بستة أوجه واعترض الشارح العلامة رحمه الله إما إجمالًا فبأنه يرد على أكثرها البعض بالشرط وإما تفصيلًا فبأنه يرد على الأول منع الملازمة وإنما ذلك فى الواجب أصالة، وعلى الثالث منع الملازمة فيمن يقدر على غسل الوجه بدون جزء من الرأس ومنع بطلان التالى فيمن يعجز وبه يخرج الجواب عن الرابع مع ورود منع بطلان التالى وعلى الخامس منع الملازمة وإنما يتم لو لم يحصل ترك الحرام إلا بفعل المباح وكذا على السادس وإنما يلزم لو كان الواجب مقصودًا بالذات ألا ترى أن النية يشترط واجب قطعًا ولا يجب عنها وإلا تسلسل وأما الوجه الثانى فتقرير الشارح العلامة رحمه الله ومن تبعه هو أن وجوب الشئ لو استلزم وجوب غير يشترط لم يكن تعلق
الوجوب به لنفس الوجوب أو لنفس ذلك الغير لتوقفه حينئذ على التعلق بملزومه والتالى باطل؛ لأن الطلب لا يعقل تعلقه بشئ غير المطلوب على ما سبق فى الاحتجاج على الجبائية، ولما كان ضعفه ظاهرًا إذ قد يتعلق بالذات شئ وبالعرض شئ آخر عدل عنه الشارح إلى ما فى ضعفه نوع خفاء أما تقريره فهو أن تعلق الخطاب داخل فى حقيقة الوجوب لكونه من أقسام الحكم فكل واجب متعلق الخطاب، وينعكس إلى ما ليس بمتعلق الخطاب ليس بواجب فلو صدق لا دخل له فى البيان، وأما ضعفه فلأنا لا نسلم أن اللازم لم يتعلق به خطاب طلب بل هذا عين النزاع فإن دعوى كونه واجبًا هو أن خطاب طلب ملزوم متعلق به أيضًا وبعضهم على أنه من تتمة الأول أى لو استلزم الواجب وجوب ذلك الغير والحال أنه لم يكن تعلق الوجوب لنفسه بل بالموجب لزم تعلق الموجب لذلك الغير وبعضهم على أن المراد أن تعلق الوجوب ليس لنفسه بل لا بد من قيام ما يدل على الوجوب والعقل مما لا دخل له فى الإيجاب، والنص لا إشعار فيه إلا لوجوب الأصل دون ذلك الغير وفسادها غنى عن البيان.
قوله: (إن أردت به) أى بعدم صحة الأصل بدون وجوب التوصل إلى الواجب به أنه لا بد منه فى الإتيان بالواجب فسلم لكنه لا يستلزم كونه مأمورًا به شرعًا، وإن أردت أنه مأمور به شرعًا فالنزاع لم يقع إلا فيه؛ فإن قيل كل ما لا بد منه ممتنع الترك وكل ممتنع الترك واجب وكل واجب مأمور به شرعًا فلنا إن أريد بالوجوب الحكم الشرعى فلا نسلم الصغرى أو مجرد اللزوم فلا نسلم الكبرى.
قوله: (لدليل خارجى) قيل هو الإجماع ورد بأن المراد دليل داعٍ إلى الإجماع والاتفاق على ذلك وقيل: ضرورة الجبلة بمعنى أن التوصل بالسبب عند امتثال المسبب من ضرورات الجبلة، ورد بأن جميع ما لا بد منه كذلك مع أنه لا يفيد الوجوب بمعنى خطاب الطلب بل الدليك هو أن ليس فى وسع المكلف إلا مباشرة الأسباب فيتعلق الخطاب بها قطعًا.
قوله: (إنما الكلام فى الواجب المطلق) قال الشارح الواجب المطلق ما لا يتوقف وجوبه على مقدمة وجوده من حيث هو كذلك وإنما اعتبر الحيثية لجواز أن يكون واجبًا مطلقًا بالقياس إلى مقدمة ومقيدًا بالنسبة إلى أخرى فإن الصلاة بل التكاليف
بأسرها موقوفة على البلوغ والعقل فهى بالقياس إليها مقيدة وأما بالإضافة إلى الطهارة فواجبة مطلقًا وبالجملة الإطلاق والتقييد أمران إضافيان ولا بد من اعتبار الحيثية فى حدود الأشياء الداخلة تحت المضاف على ما هو المشهور وقد صرح به صاحب الشفاء فى مبحث الجنس.
قوله: (يتأتى الفعل بدونه عقلًا وعادة) تفسير للمقدور فليس المراد منه كون المقدمة فى نفسها مقدورة بل إن الفعل مقدور بدونها يمكنه الإتيان به مع عدمها عقلًا وعادة وفيه مع قوله: لكن الشارع جعله شرطًا للفعل إشارة إلى انقسام المقدمة ثلاثة أقسام ما يتوقف عليه الفعل عقلًا كترك الأضداد فى الواجب وفعل ضد فى الحرام وتسمى مقدمة عقلية وشرطًا عقليًا وما يتوقف عليه عادة كغسل جزء من الرأس لغسل الوجه كله وتسمى مقدمة عادية وشرطًا عاديًا وما لا يتوقف عليه بأحد الوجهين لكن الشارع يجعل الفعل موقوفًا عليه وضده شرطًا له كالطهارة للصلاة وتسمى مقدمة شرعية وشرطًا شرعيًا والمصنف قد أطلق الشرط وأراد به هذا القسم بدليل المقابل حيث جعل ترك الأضداد غير شرط فذلك إما اصطلاح منه على تخصيص الشرط بما يتوقف عليه الفعل من جهة الشرع وإما على تقدير التقييد بالشرعى وقد حذف اختصارًا.
قوله: (بهذا يشهد لفظه فى المنتهى) يعنى بما ذكرنا من معنى المقدور يشهد عبارة المصنف فى المنتهى ولا تحضرنى تلك العبارة فإن كانت على ما نقل من أنه قال فيه: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب إن كان مقدور للمكلف غير لازم عقلًا كترك أضداد المأمور به ولا عادة كجزء من الرأس فى الوضوء فوجه الشهادة أن قوله غير لازم له عقلًا صفة كاشفة للمقدور لا قيدًا آخر وإلا كان الأنسب إيراد العاطف بيهما والتمثيل للأول أيضًا وأنت خبير بأن تلك الشهادة غير صريحة من تلك العبارة فيجوز أن يحمل المقدور فى كلامه على ما حمل عليه فى كلام غيره ولو ثبت أن المراد ما ذكره كان مخالفًا للمشهور فى مقامين: أحدهما الفرق بين الشرط الشرعى وبين غيره، والثانى فى معنى المقدور وما يحترز به عنه.
قوله: (عن بعض ما لا يمكن تحصيله من الآلات) كاليد مثلًا فى الكتابة وكان المصنف يرى ذلك أى ما لا يمكن المكلف تحصيله من الآلات بما هو قيد فى الوجوب بناء على امتناع التكليف بالمحال فالواجب بالقياس إليه مقيد فيكون
خارجًا عن المبحث.
قوله: (لنا إما أن الشرط يجب) يريد أن الشرط الشرعى يجب بذلك الأمر الذى وجب به الفعل المشروط إذ لو لم يجب به وليس هناك أمر آخر يقتضى وجوبه على ما هو المفروض لزم أن يكون ذلك الفعل المشروط تمام ما أمر به فإذا أتى به حال عدم الشرط صدق أنه أتى بجميع المأمور به فيجب صحة ما أتى به وأجزاؤه وخروجه عن عهدة التكليف وهذا ينفى حقيقة الشرطية المستلزمة انتفاء المشروط عند انتفاء شرطه فلا يكون الشرط الشرعى شرطًا للفعل قطعًا هذا خلف ولا يمكن إجراء هذا الدليل فى الشرائط العقلية والعادية وأما أن غير الشرط الشرعى لا يجب فلأنه لو استلزم وجوب الواجب بأمر وجوب غير الشرط بذلك الأمر لزم تعقل الموجب بذلك الأمر للغير إذ لو لم يلزم لأدى إلى الأمر بشئ وإيجابه مع عدم شعور الآمر به وهو بديهى الاستحالة واللازم أعنى لزوم تعقل الموجب له باطل لأنا نقطع بجواز إيجاب الفعل بل بحصوله مع الذهول عما يلزم الفعل عقلًا أو عادة وأما الشرط الشرعى فلا بد من لزوم تعقله لأن الشارع لما جعل الفعل موقوفًا عليه فقد جعله من تتمته فإذا طلب الفعل فقد طلب من حيث هو موقوف عليه وإلا يلزم ذلك المحذور وأيضًا التعلق داخل فى حقيقة الوجوب لأنه طلب مخصوص ولا بد فيه من تعلقه بالمطلوب فكلما تعلق به الخطاب كان واجبًا وما لم يتعلق به لا يكون واجبًا فلو وجب اللازم العقلى أو العادى للفعل ولم يتعلق به خطاب طلب ضرورة أن الأمر الوارد بوجوب الفعل ليس له تعلق باللازم لما كان التعلق داخلًا فى حقيقة الوجوب وهو باطل والشرط الشرعى قد تعلق به الخطاب بناء على ما عرف وما يقال من أن التعلق فى الوجوب والطلب ليس ذاتيًا غايته أنه لازم بين لا يمكن تعلقهما بدونه فليس بضائر فى المقصود لحصوله على التقديرين وأيضًا لو استلزم وجوبه لامتنع التصريح بأنه غير واجب ظاهر ولا يتأتى فى الشرعى لاستلزامه ذلك المحال وكذا قوله وأيضًا لو استلزم لعصى لا يجرى فيه لثبوت العصيان بتركه أيضًا فإن تارك الصلاة مع الوضوء يعصى بترك كل منهما.
قوله: (ومعلوم أن تارك غسل جزء من الرأس) يريد أنه معلوم من الدين بالضرورة أو بالإجماع وكذا الدليلان الآخران لا يجريان فى الشرط الشرعى.
قوله: (الجواب عنهما) تحريره أن قولهم لو لم يجب لصح الأصل دونه إن أريد
لو لم يجب لأمكن الأصل أى الفعل بدون اللازم العقلى أو العادى فالملازمة ممنوعة لجواز أن يتوقت الواجب على أمر لا يكون واجبًا بحيث لا يمكن وجوده بدونه إما عقلًا أو عادة وإن أريد أنه لو لم يجب لكان الأصل واجبًا دونه فبطلان التالى ممنوع فإنه المتنازع فيه وبعبارة أخرى محصل كلامهم: أنه لا يصح الفعل بدونه فيكون واجبًا فنقول: إن أردتم بلا يصح الفعل دونه أنه لا يمكن دونه فاللازم من الدليل أنه واجب بمعنى أنه لا بد منه لكنه غير محل النزاع وإن أردتم به أن اللازم مأمور به شرعًا مع العقل فهو ممنوع وهو المدعى فأين دليله وكذا قولهم التوصل إلى الواجب واجب إن أريد أنه لا بد فى حصول الواجب من التوصل وأنه لا يمكن إلا به فلا نزاع فيه ولا يفيد وإن أريد المعنى الآخر فهو مصادرة على المطلوب، فإن قال الخصم: قد انعقد الإجماع على وجوب التوصل وجوبًا شرعيًا فإنهم أجمعوا على أن تحصيل أسباب الواجب واجب وأسباب الحرام حرام وليس ذلك الوجوب والتحريم إلا لأن الأسباب وسائل إلى الواجب أو الحرام فبالحقيقة الإجماع على وجوب التوصل فى الواجب فيتم الدليل الثانى ويندفع المنع فالجواب أنا لا نسلم انعقاد الإجماع على ما ذكرتم وإن سلم فهو فى الأسباب خاصة لدليل خارجى هو أن الوجوب لا يتعلق بالمسببات أصلًا لعدم تعلق القدرة بها إما مع عدم الأسباب فلامتناعها وإما معها فلكونها حينئذ لازمة لا يمكن تركها بوجه، فإذا ورد أمر متعلقًا ظاهرًا بمسبب فهو فى الحقيقة متعلق بالسبب فهو الواجب حقيقة وإن كان وسيلة له ظاهرًا فلذلك أجمعوا على وجوب تحصيل أسباب الواجب لا لأنها وسيلة إليه فلا يدل الإجماع على وجوب التوصل مطلقًا فإن اللوازم العقلية والعادية أعنى لشروط الفعل بحسبهما ينافيه ذلك الدليل لأن الفعل معها مقدور وإذا تصورت هذا الكلام عرفت أنه يمكن اندراج الأسباب فى عبارة المتن فى صدر المسألة فإن قوله: وغير شرط يتناولها بإطلاقه ولا يرد عليه ما قيل: من أنه حينئذ قوله: وقيل لا فيهما على الاختلاف فى الأسباب مع أنها متفق عليها ولك أن تخص غير الشرط الشرعى بما عدا الأسباب ولا يلزم إهمالها لأنها قد علمت
(1)
.
(1)
قال مصحح طبعة بولاق: وجدنا فى آخر نسخة الأصل ما نصه: إلى هنا انتهت الحواشى الأخيرة من الحواشى القديمة على شرح العضد للسيد الشريف الجرجانى -رحمة اللَّه عليه- =
المصنف: (ما لا يتم الواجب إلا به. . . إلخ) المراد بيتم يوجد لا ما يشمل المكمل كالسنن بدليل قوله واجب وإنما عبر عن الوجود بالتمام للإشارة إلى أن ما توقف عليه الواجب من توابعه لا من أجزائه وأركانه وما واقعة على فعل بدليل قوله واجب؛ لأن الأحكام التكليفية متعلقها الأفعال، فإن قلت: إن هذه المسألة حينئذ من مسائل الفقه فهى من غاية وفائدة علم الأصول لا منه ولا من مبادئه قلت: إن الغرض من هذه المسألة بيان قسم من أقسام الوجوب وأن منه ما يكون للمقدمة وليس الحكم على المقدمة بالوجوب مقصودًا لذاته ثم إن المصنف لم يقيد الواجب بالمطلق ليخرج مقدمة الوجوب لأنها خارجة بقوله لا يتم الواجب إلا به لأن ذلك هو مقدمة الوجود لا الوجوب ولهذا قيل: إن المطلق فى قولهم ما لا يتم الواجب المطلق إلا به ليس للاحتراز عن المقيد وجوبه بما يتوقف عليه لأن ما يتوقف عليه ليس مقدمة وجود بل مقدمة وجوب فهى خارجة بقوله ما لا يتم فإذا اعتبر أن مقدمة الوجوب يتوقف عليها وجود الواجب من حيث كونه واجبًا صح أن يكون ما لا يتم الواجب إلا به يشمل مقدمة الوجوب كما يشمل مقدمة الوجود التى يتوقف عليها وجود الواجب وإن كان لا من حيث وجوبه فالمراد بما يتوقف عليه وجود الواجب ما هو أعم من كونه من حيث كونه واجبًا أولا من حيث كونه واجبًا فتدخل مقدمة الوجوب فيحترز عنها بتقيد الواجب بالمطلق لتخرج مقدمة الوجوب، فإنها وإن كانت لا يوجد الواجب من حيث كونه واجبًا إلا بها لكن الواجب الموقوف عليها ليس مطلقًا بل مقيدًا ثم الحصر فى قوله ما لا يتم الواجب إلا به حصر إضافى أى لا يتم الواجب بعدم ما توقف عليه.
المصنف: (وكان مقدورًا شرطًا) قال ابن السبكى فى شرحه على هذا الكتاب: إن قوله شرطًا يعنى شرعيًا احتراز من الشرط العادى والعقل لا عن السبب أيضًا بل السبب أولى بالوجوب من الشرط الشرعى ولو أريد به ما عدا السبب أيضًا لكان خرقًا للإجماع الذى قاله هو أى ابن الحاجب ورد ذلك المحلى فى شرحه
= علقه بنفسه ولمن شاء من بعده الفقير أحمد بن القاسم العبادى غفر اللَّه له ذنوبه وشر عيوبه ورحم والديه وسائر أقاربه ومشايخه وأصحابه آمين. وصلى اللَّه على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته وحزبه.
على جمع الجوامع بأن ابن الحاجب قد أفصح فى مختصره الكبير بعدم وجوب السبب وأن الشارع إلا يقصده بالطلب وأما الإجماع الذى قاله فإنما هو على وجوب السبب عند المسبب لكن كون وجوبه من دليل خارجى أو من الصيغة فيه الخلاف والدليل الخارجى هو أنه لما لم يكن فى وسع المكلف حصول المسبب كان القصد بطلبه طلب السبب.
المصنف: (لنا لو لم يجب الشرط لم يكن شرطًا) الملازمة ممنوعة لأن الشرط من خطاب الوضع فلا يتوقف على إيجاب له سواء كان من أمر آخر أو من إيجاب مشروطة ألا ترى أن الوضوء شرط لصحة صلاة الصبى نعم إذا قلنا كما قال السعد: إنه لا معنى لاشتراط الشئ إلا إيجابه صحت الملازمة وإلا صح فى الاستدلال لو لم يجب الشرط بإيجاب المشروط لم يتحقق إيجاب المشروط وقد فرض واجبًا، وأما الاستدلال بأنه لو لم يجب بإيجاب فى المشروط لكان تكليفًا بالحال ففيه أن المحال إنما هو التكليف بالواجب مأخوذًا مع عدم الشرط لا التكليف بالواجب بدون وجوب شرطه ورد بأن التكليف بالواجب إما مقارن للمقدمة وهو المدعى أو مطلق بحيث يصلح لعدم المقارنة فالتكليف بما يتناول المحال.
المصنف: (ولا امتنع التصريح بنفيه) إن أراد بامتناع التصريح بنفى وجوبه نفى وجوبه بإيجاب الواجب فنفى التالى عين النزاع وإن أراد نفى وجوبه مطلقًا منعنا الملازمة.
المصنف: (ولصح قول الكعبى فى نفى المباح) أى لأنه قال: كل مباح فهو ترك حرام فإن المسكوت ترك للقذف والسكون ترك للقتل وكل ترك حرام واجب فلو كان ما توقف عليه الواجب من غير الشرط واجبًا لكان المباح واجبًا إذ يتوقف ترك الحرام الذى هو واجب عليه ورد قول الكعبى بنفى المباح بمنع الصغرى القائلة كل مباح فهو ترك حرام إن أريد بترك الحرام الكف عنه الذى لا يكون إلا بعد الداعية للحرام إذ يتحقق المباح بدون الترك المذكور عند عدم الداعية للحرام وبمنع الكبرى القائلة كل ترك حرام فهو واجب إن أريد بترك احرام انتفاؤه إذ قد ينتفى الحرام بعدم الداعية له فلا يتحقق الكف الواجب فلا يكون كل ترك حرام واجبًا.
الشارح: (فكلما تعلق به الخطاب) أى تعلقًا إلزاميًا وإنما ذكر هذه ليتوصل
بصدقها إلى صدق عكس نقيضها الذى هو محط الاستدلال وقوله لما كان كذلك أى لما كان ما لم يتعلق به فهو غير واجب.
التفتازانى: (فنوقض بصلاة الحائض) يعنى لأنها عند الحيض لا تجب فلا يصدق أن الصلاة تجب فى كل وقت قدره الشارع فلا تكون واجبة مطلقًا بالنسبة للوضوء مثلًا.
التفتازانى: (وهذا لا يشمل غير المؤقتات) أى إذا كان الواجب المطلق هو ما يجب فى كل وقت قدره الشارع إلا لمانع لم يشمل إلا المؤقتات أى التى قدر لها الشارع وقتًا معينًا لا غيرها مثل الزكاة والحج فلا يكون واجبًا مطلقًا بالنسبة إلى ما يتوقف عليه وجوده وقوله فأشار الشارح المحقق إلى أن المراد. . . إلخ. أى حيث قال الوجوب إذا كان مقيدًا بمقدمة. . . إلخ. وقوله وإلى تعيينه وإقرازه أى تعيين وإقراز القدر الواجب.
التفتازانى: (ثم لا خلاف فى إيجاب الأسباب) مقصود السعد أن كلام المصنف إنما هو فى الشرط الشرعى والعادى والعقلى لا ما يشمل السبب وأورد عليه أن المصنف ذكر فى مختصره الكبير أن السبب وقع فيه خلاف ورجح عدم وجوب السبب وتقدم توجيه الإجماع وأنه إنما هو على مطلق وجوب السبب وأما كونه بإيجاب الواجب أو إيجابه لذاته فليس مجمعًا عليه.
التفتازانى: (فى الأمر بالقتل أمر بضرب السيف) يحتمل أنه أمر به تبعًا كما هو أمر بالقتل أصالة فيكون السبب واجبًا بوجوب السبب ويحتمل أنه أمر به أصالة وإنما عبر بالمسبب عن السبب وكذا يقال فى الأمر بالإشباع أمر بالإطعام.
التفتازانى: (إلا أن المصنف كأنه يعنقد أن الواجب بالنسبة إلى الأمور التى يلزم فعلها عقلًا أو عادة. . . إلخ) فيه أن الشارح إنما قال: إن المصنف يرى ويعتقد أن ما لا يمكن تحصيله من الآلات قيد فى الوجوب لا فى الوجود فهو خارج بما لا يتم الواجب إلا به فلا حاجة إلى إخراجه بقيد المقدورية وأما ما يلزم فعله عقلًا أو عادة مما هو شرط عقلى أو عادى فخارج بقيد المقدورية بمعنى تأتى الفعل الواجب بدونه ولكن الشارع جعله شرطًا، وأما السبب العقلى والعادى فواجب على ما قاله التفتازانى وبهذا تعلم أن ما قيل من أن ابن الحاجب يقول: إن الأسباب العادية والعقلية مما توقف عليها الوجوب، والجمهور على أنها مما يتوقف عليها
الوجود والاعتراض على ابن الحاجب بأن الكلام فى أسباب الفعل لا أسباب الوجوب فى غير محله على أن جعله الشرط العقلى والعادى مقدمة وجوبًا على ما نسبه السعد إلى ابن الحاجب باطل لاقتدائه أنه لا يجب غسل الوجه إلا إذا غسل بعض الرأس فى الشرط العادى وكذا يقال فى العقلى.
التفتازانى: (وحينئذ يكون التقييد بقوله شرطًا لغو) فيه أن قوله شرطًا وصف كاشف لقوله مقدورًا وقول الشارح يتأتى الفعل بدونه لكن الشارع جعله شرطًا. . . إلخ. بيان لانقسام المقدمة ثلاثة أقسام كما ذكره قدس سره فلا يكون قوله شرطًا لغوًا.
التفتازانى: (والتعميم بقوله وغير شرط باطل) أى لأنه لم يدخل فى المقدور الذى هو الموضوع وفيه أن قوله وغير شرط تعميم ما لا يتم الواجب إلا به لما علمت من أن قوله إن كان مقدورًا شرطًا قيد واحد فكأنه يقول ما لا يتم الواجب إلا به واجب إن كان شرطًا والأكثر وغير شرط.
التفتازانى: (وإلا فوجوب الشرط الشرعى للواجب معلوم قطعًا إذ لا معنى لاشتراطه سوى حكم الشارع أنه يجب الإتيان به. . . إلخ) قد لا يسلم ذلك فإن الطهارة شرط للصلاة فى الصبى ولا يجب الإتيان بها وإنما تكون الصلاة فاسدة لو أتى بها من غير طهارة فالخطاب بالشرط وضعى وقوله: كما أن الشرط العقلى. . . إلخ. يعنى أن الشرط واجب شرعًا فى الشرط الشرعى وعقلًا فى الشرط العقلى وعادة فى الشرط العادى.
التفتازانى: (فعلى هذا) أى على أنه لا نزاع فى أصل وجوب الشرط وإنما هو فى إيجابه بإيجاب مشروطه وقوله: فلا نسلم أن الإتيان. . . إلخ. فقول الشارح فى بيان اللازمة إذ بدونه يصدق أنه أتى بجميع ما أمر به ممنوع، وإنما يصح لو لم يكن الشرط مأمورًا به بأمر آخر وقد علمت أنه مأمور به بأمر آخر كما تقدم من أنه لا معنى لاشتراطه سوى حكم الشارع أنه يجب الإتيان به عند الإتيان بذلك الواجب، وقوله: وإن أراد الأمر التعلق بأصل الواجب أى إن أراد بقوله: إذ بدونه يصدق أنه أتى بجميع ما أمر به الأمر المتعلق بأصل الواجب فلا نسلم أنه حينئذ يجب صحته فقوله فيجب صحته ممنوع وهذا إنما بظهر لو كان الدليل على أصل الواجب يدل على الوجوب فقط بقطع النظر عن صحته وفساده وتكون
صحته مأخوذة من أمر آخر بالشرط وهو خلاف موضوع المسألة من أن الدليل قال على الواجب وما خلا عن الصحة ليس واجبًا، وحينئذ فيختار أن المراد أتى بجميع ما أمر به بذلك الأمر لأصل الواجب ومتى كان آتيًا بالمأمور به بذلك الأمر لزم أن يكون صحيحًا كما قيل فى تقرير الدليل الذى ذكره المحلى فى شرح جمع الجوامع بقوله: إذ لو لم يجب لجاز ترك الواجب التوقت عليه أن المعنى لو لم يجب بإيجاب الواجب الأصلى لم يكن إيجابه أى إيجاب الأصلى إيجابًا لذلك الأصلى.
التفتازانى: (يرد على أكثرها النقض) وذلك ما عدا الخامس والسادس.
التفتازانى: (فيمن يقدر على غسل الوجه بدون غسل جزء من الرأس) فيه أن الغرض أن المقدمة يتوقف عليها وجود الواجب وحينئذ لا بد أن يمتنع التصريح بعدم الوجوب ومن يقدر لا يكون بالنسبة إليه أمر يتوقت عليه المشروط فلا معنى لهذا التفصيل.
التفتازانى: (وبه يخرج الجواب عن الرابع) فيقال: لا نسلم الملازمة فيمن يقدر ونمنع بطلان الملازم فيمن يعجز، وقوله: مع ورود منع بطلان التالى أى وروده بقطع النظر عن التفصيل المذكور.
التفتازانى: (لنفس ذلك الوجوب أو لنفس ذلك الغير) أى الضمير فى قوله: ولم يكن تعلق الوجوب لنفسه عائد على الوجوب أو غير الشرط الشرعى.
التفتازانى: (لا يعقل تعلقه بشئ غير المطلوب) أى هنا وقد تعلق بالملزوم ولولاه لما تعلق باللازم وقوله على ما سبق فى الاحتجاج على الجبائية أى فى قوله وعلى الجبائية لو حسن الفعل أو قبح لغير الطلب من وجوه واعتبارات لم يكن تعلق الطلب لنفسه لتوقفه على أمر زائد، وقوله: وينعكس أى بعكس النقيض الموافق وقوله فلو صدق تحريف عن قوله فلو وجب وقوله لا دخل له فى البيان أى لأنه علم مما قبله أن ما لم يتعلق به الخطاب غير واجب واللازم لم يتعلق به خطاب فلا يكون واجبًا.
التفتازانى: (والحال أنه لم يكن تعلق الوجوب لنفسه بل بالموجب) بكسر الجيم لا معنى لهذا الحال إذ لا يعقل وجوب من غير موجب وإنما الكلام فى أن استلزام الواجب وجوب الغير يقتضى تعقل الموجب لذلك الغير، وقوله: لزم تعلق الموجب تحريف وحقه لزم تعقل الموجب، وقوله: وبعضهم على أن المراد. . .
إلخ. هذا لا يستقيم كلام المصنف عليه إذ كان مقتضاه أن يقول: لتعلق الوجوب بنفسه أى من غير الوجب والمعنى لو وجب لتعلق الوجوب بنفسه.
قوله: (فأما مطلقًا) أى عن اشتراط سلامة العاقبة.
قوله: (فيما يسع العمر) مفعول يسع محذوف والتقدير فيما يسعه ولو قال فيما وقته العمر لكان أولى وقوله يشترط أن يغلب على ظنه أنه يبقى أى سواء تحقق البقاء أو لم يتحقق فلا عصيان.
قوله: (لعدم ظنه البقاء) أى أنه لا يتأتى ظن البقاء من إنسان ما فلا يجوز تأخير الحج متى كان مستطيعًا أصلًا.
قوله: (والشافعى يرى ذلك) أى يرى ظن البقاء ممكنًا.
قوله: (وبهذا يظهر أن المعارض ليس بقطعى) أى لما علمت من جواز التأخير ولو أدى إلى ارتفاع الوجوب فعدم ارتفاع الوجوب لا يضر على هذا.
قوله: (وليس هناك) أمر آخر يقتضى وجوبه على ما هو المفروض دفع به اعتراض السعد بقوله: لا نسلم أن الإتيان بالمشروط إتيان بجميع ما أمر به وإنما يصح لو لم يكن الشرط مأمورًا به بأمر آخر، وحاصل الدفع أن المفروض عدم أمر آخر سوى الأمر بالأصل وعلى هذا الذى ذكره السيد يظهر للخلاف ثمرة لأن الشرط إن لم يجب إيجاب لواجب وإنما الخطاب به خطاب وضع يكون الثواب والعقاب باعتبار المشروط وحده وإن وجب بإيجابه كان مثابًا ومعاقبًا بالنسبة للشرط أيضًا وكان الشرط كما أنه مخاطب به خطاب وضع مخاطب به خطاب تكليف تبعًا لخطاب المشروط وأما على تقرير السعد من أن الشرط واجب باشتراطه فلا تظهر ثمرة الخلاف فى كونه واجبًا بإيجاب الواجب أو ليس واجبًا بإيجابه لأنه يثاب على فعله ويعاقب على تركه مطلقًا نظرًا لوجوبه فى ذاته وهذا كله فى الشرط الشرعى وأما الشرط العقلى والعادى فتظهر ثمرة الخلاف إن كان القائل بإيجابه بإيجاب الواجب يقول: إنه يثاب على فعله ويعاقب على تركه كما يثاب ويعاقب على فعل وترك الواجب المشروط وأما القائل بعدم إيجابه بإيجاب الواجب فلا ثواب ولا عقاب إلا باعتبار المشروط والشرط لازم عقلًا أو عادة لا يقصد بالطلب هذا وقد فرع فى بعض كتب الأصول على وجوب مقدمة الواجب تحريم الزوجة إذا اشتبهت بالأجنبية لأن الكف عن الأجنبية واجب ولا يحصل العلم به إلا بالكف
عن الزوجة فيجب الكف عنها ليتيقن الكف عن الأجنبية وهو ظاهر فى أن المقدمة التى يتوقف عليها الواجب شاملة لما يتوقف عليها العلم بالإتيان بالواجب ومعنى قولهم إنها مقدمة وجود أنها مقدمة وجود على وجه يخرج به من العهدة وهذا التفريع مبنى على أن مقدمة الواجب واجبة مطلقًا ولو شرطًا عقليًا أو عاديًا.
قوله: (وأما الشرط الشرعى. . . إلخ) هذا ونظيره الآتى قصد به الرد على العلامة الشيرازى فى نقض أكثر الأدلة المذكورة على عدم وجوب غير الشرط الشرعى بالشرط الشرعى.
قوله: (يلزم ذلك المحذور) أى وهو نفى حقيقة الشرطية.
قوله: (تحريره أن قولهم. . . إلخ) هذا تحرير للجواب عن الدليلين فى ذاته وللجواب المذكور فى المصنف، وقوله: وبعبارة محصل كلامهم. . . إلخ. هو جواب المصنف وهذا هو ما ذكره الشارح.
قوله: (هو أن الوجوب لا يتعلق بالمسببات أصلًا) قد جارى المحشى هنا الشارح كما جاراه فى شرح المواقف فى بحث النظر فى معرفة اللَّه واجب وإن كان قد رده فى شرح المواقف قبل ذلك بأن المعرفة واجبة إجماعًا من الأمة فلو كان السبب هو المكلف به عند التكليف بالمسبب ظاهرًا لكان المكلف به فى المعرفة هو النظر مع أن الإجماع على أنها مكلف بها قصدًا وهى مقدورة يتمكن المكلف من تركها بترك سببها ومن إيجادها بإيجاد سببها.
قوله: (وإذا تصورت هذا الكلام) أى الذى تضمن أن هناك من يقول: بأن الإجماع على وجوب التوصل إلى الواجب فى الأسباب لكونها وسيلة إلى الواجب عرفت أنه يمكن اندراج الأسباب. . . إلخ. ولا يرد عليه أنها متفق عليها لأن الاتفاق إنما هو على وجوبها وأما كون الوجوب بإيجاب المسبب أو لذاته فشئ آخر.
قوله: (لأنها قد علمت) أى من الشرط العقلى والعادى إذ كل لا بد منه فى تحصيل الواجب وهذا آخر ما كتب السيد على هذا الكتاب.