الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(مسألة: يجب العمل بالإجماع المنقول بخبر الآحاد
وأنكره الغزالى. لنا نقل الظنى موجب فالقطعى أولى، وأيضًا نحن نحكم بالظاهر، قالوا إثبات أصل بالظاهر، قلنا المتمسك الأول قاطع والثانى يبتنى على اشتراط القطع والمعترض مستظهر من الجانبين).
أقول: الإجماع المنقول بخبر الآحاد هل يجب العمل به؟ الحق أنه يجب وأنكره الغزالى وبعض الحنفية لنا نقل الدليل الظنى الدلالة كالخبر الواحد يجب العمل به قطعًا فنقل الدليل القطعى الدلالة أولى بأن يجب العمل به، ولنا أيضًا أنه عليه الصلاة والسلام قال نحن نحكم بالظاهر، ويدخل فيه ذلك لظهوره، وإفادته الظن، وقد تمنع إفادة الظن لبعد اطلاعه على إجماعهم دون غيره كما نقلناه عن أحمد، قالوا على هذين الدليلين أنهما من قبيل الظواهر لأنه قياس على خبر الواحد، وقد أردتم إثبات أصل كلى به وهو العمل بالإجماع المظنون ثبوته، والأصول لا تثبت بالظواهر لوجوب القطع فى العمليات.
والجواب: أن تمسكنا بالمتمسك الأول فهو قاطع لأنه إثبات له بالطريق الاولى وأنه قطعى وأن تمسكنا بالثانى فلا شك أنه ظاهر فتنبنى صحته على أنه هل يشترط القطع فى الأصول أم لا وعليه دلائل واعتراضات مشكلة من الجانبين وسواء استدل المستدل على عدم اشتراطه أو على اشتراطه فالقوة للمعترض لضعف الأدلة وهذا معنى قوله والمعترض مستظهر من الجانبين.
قوله: (فالقطعى أولى) لأن الضرر فى مخالفة المقطوع أكثر واحتمال الغلط لا يقدح فى وجوب العمل كما فى خبر الواحد.
قوله: (وقد تمنع) اعترض على الدليل الثانى أوّلًا يمنع عموم الظاهر، وثانيًا بأنه لا دلالة على وجوب العمل، وثالثًا: بما ذكره الشارح وهو أنا لا نسلم أن الإجماع المنقول بخبر الآحاد يفيد الظن إذ يبعد اطلاع الناقل الواحد على إجماعهم من غير أن يطلق عليه غيره فإنه أمر مشهور متعلق بجمع كثير ليس كالإخبار.
قوله: (أنهما من قبيل الظواهر) أما الأول فلأنه قياس على خبر الواحد والقياس ظاهر ظنى، وأما الثانى: أعنى: قوله عليه الصلاة والسلام: "نحن نحكم بالظاهر" فلأنه خبر واحد بصيغة العموم ولظهور كونه من قبيل الظواهر لم يتعرض له.
قوله: (والمعترض مستظهر من الجانبين) قال العلامة يعنى من جانبى النافى والمثبت لوجوب العمل بالإجماع المنقول بالآحاد أما من جهة النافى فيمنع أن كل ظنى موجب، وأما من جهة المثبت فيمنع ثبوت امتناع ثبوت الأصل بالظواهر ومثل هذا الاستظهار جار فى أكثر المسائل اللهم إلا أن يقال المراد أن المعترض مستظهر فى الاعتراض على الدليل الثانى من جانب من يشترط القطع فى الأصول، ومن لا يشترط لأنه إن شرط منع اعتباره فيه وإن لم يشرط منع دلالة الحديث عليه بناء على منع كون الكلام للعموم وما ذكره المحقق سديد وحاصله أن اشتراط القطع فى الأصول ولا اشتراطه فى محل التوقف لأن أدلة الإثبات والنفى ضعيفة ووجوه المنع والدفع قوية هذا ولكن ظاهر كلام الأصول أن المراد بالجانبين جانبا المستدل على الإثبات والمستدل على النفى فى مسألة ثبوت الإجماع بخبر الواحد قال الآمدى وبالجملة المسألة دائرة على اشتراط قطعية دليل الأصل وعدمه فمن اشترط منع كون خبر الواحد مفيدًا فى نقل الإجماع ومن لم يشترط لم يمنع والظهور فى هذه المسألة للمعترض من الجانبين دون المستدل.
المصنف: (فالقطعى أولى) أى لأن الأول مظنون بحسب النقل والجنس، والثانى مظنون بحسب النقل مقطوع بحسب الجنس.
المصنف: (نحن نحكم بالظاهر) ووجه دلالته أن الأمة مثله فى ذلك لأن الحديث ذكر فى معرض تعليم الأحكام والظاهر يتناول الإجماع المنقول بطريق الآحاد لأن اللام للاستغراق وحديث نحن نحكم بالظاهر لا يعرفه المحدثون لكن معناه لا خلاف فيه ففى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إنما أقضي بنحو مما أسمع" وروى أن العباس قال: يا رسول اللَّه كنت مكرهًا يوم بدر، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:"أما ظاهرك فكان علينا وأما سريرتك فإلى اللَّه".
المصنف: (إثبات أصل) هو هنا وجوب العمل بالإجماع المنقول بخبر الآحاد وقوله بالظاهر أى بالدليل الغير القطعى وهو القياس على العمل بخبر الآحاد، وحديث نحن نحكم بالظاهر الذى يدخل فيه الإجماع المنقول بطريق الآحاد بناء على جعل "ال" للاستغراق كما هو ظاهر اللفظ.
المصنف: (ينبنى على اشتراط القطع) أى فى أدلة الأصول فمن شرط القطع فيها منع إثبات الأصل بالظاهر فمنع إثبات وجوب العمل بالإجماع المنقول بالآحاد بالحديث المذكور أعنى نحن نحكم بالظاهر ومن لم يشترط لم يمنع فلم يمنع إثبات وجوب العمل بالإجماع المذكور بالحديث المذكور.
المصنف: (والمعترض مستظهر من الجانبين) أى قوى متمكن من الجانبين.
الشارح: (وهو العمل بالإجماع) أى وجوب العمل بالإجماع.
قوله: (يمنع عموم الظاهر) رد بأن كونه عامًا هو الحقيقة لأنه معرف بـ "ال" وهو حقيقة فى العموم، وقوله وثانيًا بأنه لا دلالة على وجوب العمل أى بل غايته الجواز مردود بأن العمل بالظاهر اختلف فيه بين الوجوب والحرمة فإذا انتفت الحرمة ثبت الوجوب.
قوله: (ومثل هذا الاستظهار) وهو التمكن من الاعتراض على دليل النفى والاعتراض على دليل الإثبات جار فى أكثر المسائل فيعترض على الطرفين فى أكثرها فلا خصوصية لهذه المسألة بذلك فما وجه ذكر ذلك أعنى قوله والمعترض مستظهر من الجانبين فيها.
قوله: (منع اعتباره فيه) أى اعتبار الدليل الثانى فى التمسك بوجوب العمل بالإجماع المنقول بخبر الواحد لأن الدليل الثانى ظاهر ولا يصح التمسك بالظاهر فى الأصول.
قوله: (ولكن ظاهر كلام الأصول. . . إلخ) أى فالحل الأول هو الموافق لكلام أهل الأصول وإن ورد عليه إن ذلك جار فى أكثر المسائل.
قوله: (قال الآمدى) استدلال على أن كلام الأصول على ما يوافق الحل الأول لكن الآمدى لم يختر شيئًا فعبارته بقوله والمعترض مستظهر من الجانبين ناشئة عن عدم اختياره، وأما المصنف فقد اختار أنه يجب العمل بالإجماع المنقول بخبر الآحاد ثم تبعه فى قوله والمعترض مستظهر من الجانبين.
قال: (مسألة: إنكار حكم الإجماع القطعى ثالثها المختار أن نحو العبادات الخمس يكفر).
أقول: إنكار حكم الإجماع الظنى ليس بكفر إجماعًا، وأما القطعى ففيه مذاهب أحدها: كفر، ثانيها: ليس بكفر، ثالثها: وهو المختار أن نحو العبادات الخمس مما علم بالضرورة من الدين يوجب الكفر اتفاقًا، وإنما الخلاف فى غيره والحق أنه لا يكفر هكذا أفهم هذا الموضع فإنه مصرح به فى المنتهى.
قوله: (هكذا أفهم هذا الوضع) إنما قال ذلك لأن ظاهر كلام المتن والشروح وأحكام الآمدى أن فى المسألة ثلاثة مذاهب الأول التكفير مطلقًا، الثانى عدم التكفير مطلقًا، الثالث: وهو المختار التفصيل بأن حكم الإجماع إن كان مما علم كونه من الدين بالضرورة فإنكاره يوجب الكفر وإلا فلا، ولا خفاء فى أنه لا يتصور من المسلم القول بأن إنكار ما علم كونه من الدين بالضرورة لا يوجب الكفر، فلذا قال فى المنتهى أما القطعى فكفر به بعض وأنكره بعض، والظاهر أن نحو العبادات الخمس والتوحيد مما لا يختلف وهو صريح فى أن إطلاقه إنما هو فى غير ما علم بالضرورة كونه من الدين لكن جعل الثالث على هذا التقرير مذهبًا ليس على ما ينبغى.
المصنف: (إنكار حكم الإجماع) أى الحكم الذى ثبت بالإجماع وأجمع عليه، أما إنكار نفس الإجماع وأنه ليس حجة فإن كان المنكر حجية الإجماع السكوتى والإجماع الذى لم ينقرض عصره ونحو ذلك من الإجماعات التى اختلف العلماء المعتبرون فى انتهاضها حجة فلا ريب أنا لا نكفره وإن كان المنكر حجية الإجماع أصلًا وإن اللَّه لم يشرع الاحتجاج به أصلًا فمنكره مبتدع والقول فى تكفيره كالقول فى تكفير أهل البدع.
قال: (مسألة: التمسك بالإجماع فيما لا تتوقف صحته عليه صحيح كرؤية البارئ ونفى الشريك ولعبد الجبار فى الدنيوية قولان لنا دليل السمع).
أقول: لا يصح التمسك بالإجماع فيما تتوقف حجية الإجماع عليه كوجود البارئ وصحة الرسالة ودلالة المعجزة لأنه دور، وأما غيره فإن كان دينيًا صح اتفاقًا كرؤية البارئ ونفى الشريك، وإن كان دنيويًا صح خلافًا للقاضى عبد الجبار من المعتزلة، فإن له فيه قولين وذلك كالآراء والحروب، لنا دليل السمع فإنه عام لا يفرق بينهما.
المصنف: (كرؤية البارئ ونفى الشريك) أى لأن العلم يكون بالإجماع حجة لا يتوقف على العلم بهما لأنه يمكننا أن نعلم حجية الإجماع قبل علمنا بهما.