المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(مسألة: خطابه لواحد لا يعم - شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني - جـ ٢

[عضد الدين الإيجي]

فهرس الكتاب

- ‌ ابتداء الوضع

- ‌(مسألة: الواجب على الكفاية

- ‌(مسألة: الأمر بواحد من أشياء

- ‌(مسألة: من أخر مع ظن الموت قبل الفعل

- ‌(مسألة: ما لا يتم الواجب إلا به

- ‌(مسائل الحرام)

- ‌(مسائل المندوب)

- ‌(مسائل المكروه)

- ‌(مسائل المباح)

- ‌(خطاب الوضع)

- ‌(المحكوم فيه)

- ‌(مسألة: لا تكليف إلا بفعل

- ‌(المحكوم عليه)

- ‌(مسألة: يصح التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه

- ‌(مباحث الأدلة الشرعية)

- ‌(مباحث الكتاب)

- ‌(مسألة: العمل بالشاذ غير جائز

- ‌(مباحث السنة)

- ‌(مسألة: إذا علم بفعل ولم ينكره

- ‌(مباحث الإجماع)

- ‌(مسألة: لا يختص الإجماع بالصحابة

- ‌(مسألة: التابعى المجتهد معتبر

- ‌(مسألة: إجماع أهل المدينة من الصحابة والتابعين حجة

- ‌(مسألة: الإجماع لا يكون إلا عن مستند

- ‌(مسألة: المختار امتناع ارتداد كل الأمة

- ‌(مسألة: يجب العمل بالإجماع المنقول بخبر الآحاد

- ‌(مباحث الخبر)

- ‌(مباحث خبر الواحد)

- ‌(مسألة: التعبد بخبر الواحد العدل جائز

- ‌(مسألة: مجهول الحال لا يقبل

- ‌(مسألة: الصحابى من رأى النبى عليه الصلاة والسلام

- ‌(مسألة: الأكثر على جواز نقل الحديث بالمعنى

- ‌(مسألة: إذا كذب الأصل الفرع

- ‌(مسألة: حذف بعض الخبر جائز

- ‌(مباحث الأمر)

- ‌(مسألة: صيغة الأمر بمجردها لا تدل على تكرار

- ‌(مسألة اختيار الإمام والغزالى رحمهما اللَّه أن الأمر بشئ معين

- ‌(مسألة: صيغة الأمر بعد الحظر للإباحة

- ‌(مسألة: إذا أمر بفعل مطلق فالمطلوب الفعل

- ‌(مباحث النهى)

- ‌(مسألة: النهى عن الشئ لعينه يدل على الفساد شرعًا

- ‌(مباحث العام والخاص)

- ‌(مسألة: العموم من عوارض الألفاظ

- ‌(مسألة: الجمع المنكر ليس بعام

- ‌(مسألة: المشترك يصح إطلاقه على معنييه مجازًا

- ‌(مسألة: خطابه لواحد لا يعم

- ‌(مسألة: جمع المذكر السالم

الفصل: ‌(مسألة: خطابه لواحد لا يعم

قال: ‌

‌(مسألة: خطابه لواحد لا يعم

خلافًا للحنابلة لنا ما تقدَّم من القطع ولزوم التخصيص ومن عدم فائدة حكمى على الواحد، قالوا:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]، "بعثت إلى الأسود والأحمر" يدل عليه وأجيب بأن المعنى تعريف كل ما يختص به ولا يلزم اشتراك الجميع قالوا: حكمى على الواحد حكمى على الجماعة، يأبى ذلك، قلنا إنه محمول على أنه على الجماعة بالقياس أو بهذا الدليل لا أن خطاب الواحد للجميع، قالوا: نقطع بأن الصحابة حكمت على الأمة بذلك كحكمهم بحكم ماعز فى الزنا وغيره، قلنا إن كانوا حكموا للتساوى فى المعنى فهو القياس وإلا فخلاف الإجماع، قالوا: لو كان خاصًا لكان "يجزئك ولا يجزئ أحدًا بعدك" وتخصصه عليه الصلاة والسلام خزيمة بقبول شهادته وحده، زيادة من غير فائدة، قلنا فائدته قطع الإلحاق كما تقدَّم).

الأول: خطاب الشارع لواحد من الأمة لا يعم جميع الأمة بصيغته فلا يتناول الباقين بخلاف الحنابلة ولعلهم لا يدعون تناوله بصيغته بل بالقياس، أو بقوله:"حكمى على الواحد حكمى على الجماعة" لنا ما تقدَّم من القطع بأن خطاب المفرد لا يتناول غيره ومن لزوم كون إخراج الغير تخصيصًا وأنه يلزم عدم فائدة قوله: حكمى على الواحد حكمى على الجماعة لفهم ما يتضمنه من الخطاب نفسه بصيغته.

قالوا: أولًا: النصوص تدل على تعميم أحكامه مثل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]، وقوله عليه الصلاة والسلام:"بعثت إلى الناس كافة"، وقوله:"بعثت إلى الأسود والأحمر" أى العرب والعجم.

الجواب: منع دلالتها على تعميم مثل ذلك وإنما تدل لو دلت على عموم كل حكم لكل مكلف وفساده ظاهر بل معنى التعميم أنه بعث ليعرّف كل أحد من الناس من مقيم ومسافر وعبد وحر وطاهر وحائض ما يختص به من الأحكام لا أن الكل للكل.

قالوا: ثانيًا: قوله عليه الصلاة والسلام: "حكمى على الواحد حكمى على الجماعة" يأبى ما ذكرتم من عدم تناول حكم الواحد للجميع بصريحه.

الجواب: منع كونه يأباه لأنه محمول على أنه يعم بالقياس أو بهذا الدليل لا أن الخطاب الواحد خطاب للجميع لغة وفيه وقع النزاع.

ص: 668

قالوا: ثالثًا: نحن نعلم قطعًا أن الصحابة كانوا يحكمون على الجماعة فى الحوادث بما حكم به النبى صلى الله عليه وسلم على الواحد كحكمهم برجم كل زانٍ لرجمه ماعزًا وضرب الجزية على كل مجوسى لضربه إياها على مجوس هجر، وشاع وذاع ولم ينكر فكان إجماعًا.

الجواب: إن كان حكمهم بذلك بعد علمهم بتساوى الأمة فى المعنى المعلل به ذلك الحكم كالزنا للرجم والمجوسية للجزية فهو معنى القياس والإلحاق به مما لا نزاع فيه وإن كان بدون ذلك فهو خلاف الإجماع فلا يجوز دعوى الإجماع عليه.

قالوا: رابعًا: لو كان الخطاب لواحد خاصًا به لكان قوله عليه الصلاة والسلام لأبى بردة فى الكفارة حين أجازه فى أكل التمر الذى أمره بإطعامها: "يجزئك ولا يجزئ أحدًا بعدك" وتخصيصه خزيمة بقبول شهادته وحده وتخصيصه عبد الرحمن بن عوف بجواز لبس الحرير وغير ذلك زيادة من غير فائدة.

الجواب: منع عدم الفائدة بل فائدته نفى احتمال الشركة قطعًا للإلحاق بالقياس كما تقدَّم.

قوله: (بصيغته) تنصيص على محل النزاع إذ لا نزاع فى جواز تناوله الأمة بحسب الدليل ثم أشار إلى رفع النزاع باحتمال أنهم يريدون التناول بحسب الدليل دون الصيغة لأنه نزاع فيما علم ثبوته من اللغة قطعًا.

قوله: (وأنه يلزم) عطف على ما تقدَّم لأن ذلك ليس مما تقدَّم وإن كان ظاهر لفظ المتن يقتضيه يعنى يلزم أن لا تكون له فائدة أصلية من التأسيس إذ التأكيد خلاف الأصل وقد يقال فائدته دفع التوهم وقطع الاحتمال لأن عموم خطاب الواحد للأمة ظاهر لا قطعى ومختلف فيه لا متفق عليه.

قوله: (وإنما يدل لو دلت) هذا على طريق الفرض والمساهلة وإلا فعموم كل حكم لكل مكلف لا يقتضى تناول كل خطاب بصيغته للكل.

قوله: (لأن الكل للكل) يعنى ليس معنى التعميم أن كل حكم ثابت لكل مكلف حتى يجب على المريض والحائض مثلًا ما يجب على الصحيح والطاهر، ولا خفاء أن الأولى لكل بالتنكير إذ كون الكل للكل حق ولا يقتضى أن يثبت الكل بل

ص: 669

البعض لكل أحد.

قوله: (من عدم تناول حكم الواحد للجميع) إشارة إلى أن "على" فى قوله: على الجماعة ليس تقابل اللام حتى يكون الحكم عليهم غير متناول للحكم لهم بل هى مثلها فى قولهم المحكوم عليه هو المكلف فتناول الحكم عليهم الإيجاب والندب والتحريم وغيرها.

قوله: (فهو خلاف الإجماع) فإن قيل هذا إنما يصح لو وقع الإجماع على عدم التناول بدون العلم بالتساوى وليس كذلك بل غايته عدم الإجماع على التناول لا الإجماع على عدم التناول وهو عين النزاع قلنا: كأنه يريد بخلاف الإجماع أنه ليس بإجماع، وفى قوله: فى المعنى المعلل به ذلك الحكم إشارة إلى أن المراد به الجامع ولا يرد ما قيل: إنه يجوز أن لا يعلم التساوى ذلك فى المعنى ويثبت الحكم بدليل آخر كنص عام مثلًا لأن الكلام فيما إذا كان حكم النبى عليه الصلاة والسلام على الواحد من غير تعميم.

قوله: (لأبى بردة فى الكفارة) الظاهر أنه غلط والصواب أن ذلك فى التضحية بالجذعة، على ما ذكر فى الكتب المعتبرة أنه قال أبو بردة: عندى جذعة خير من مسنة فقال عليه الصلاة والسلام: "اجعلها مكانها -أو قال: اذبحها- ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك". قال صاحب الفائق: قال النبى عليه الصلاة والسلام لأبى بردة بن نيار فى الجذعة التى أمره أن يضحى بها: "ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك": أى لا يؤدى عنها الواجب ولا تقضيه، من قوله تعالى:{يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48]، قال الإمام محيى السنة: جزى عنى هذا الأمر ويجزيك من هذا الأمر الأقل: أى يقضى وينوب، وهو بلا همزة فإذا كان بمعنى الكفاية، قلت: جزأ عنى، وأجزأ بالهمزة، وأبو بردة شهد العقبة الثانية وبدرًا وأحدًا، وسائر المشاهد، وكانت معه راية بنى حارثة يوم الفتح توفى فى أول خلافة معاوية بعد شهوده مع على حروبه كلها، وأما حديث الكفارة فإنما هو فى قصة أعرابى واقع أهله فى نهار رمضان، ليس فيه أنه: لا يجزئ أحدًا بعدك.

قوله: (وتخصيصه) أى ولكان تخصيصه وهو عطف على قوله: وهذا إنما يستقيم فى شهادة خزيمة لا فى لبس الحرير لعبد الرحمن، فإن ذلك ترخيص لضرورة القمل ونحوه لا تخصيص.

ص: 670

المصنف: (لنا ما تقدم من القطع. . . إلخ) أى لنا مثل ما تقدم من القطع. . . إلخ. لأن القطع المتقدم هو أن خطاب الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعم الأمة وهذا القطع بأن خطاب واحد من الأمة لا يعم جميعهم وبتقدير مثل صح بيان ما تقدم بالقطع وما عطف عليه لا يقال: إن عدم فائدة "حكمى على الواحد حكمى على الجماعة" لم يتقدم مثله لأنا نقول: قد تقدم مثله وهو عدم فائدة مثل قوله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: 50]، و {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79].

الشارح: (ولعلهم لا يدعون تناوله بصيغته) أى لا لغة ولا عرفًا فليس كخطاب المقتدى به فإنه يعم عرفًا عند الحنفية والحنابلة.

الشارح: (لكان قوله صلى الله عليه وسلم لأبى بردة فى الكفارة. . . إلخ) الذى فى صحيح مسلم عن أبى بردة رضى اللَّه عنه أنه قال: جاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول اللَّه قال وما أهلكك؟ قال: واقعت أهلى فى رمضان، فقال: هل تجد ما تعتق به رقبة؟ قال: لا، فقال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: هل تستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ قال: لا؛ ثم جلس فأتى النبى صلى الله عليه وسلم بعزق فيه تمر فقال: تصدق بهذا، فقال: أأفقر منا فما بين لابتيها أهل ما أحوج منا فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك. وفى رواية فكلوه، هكذا رواه ولم يصرح باسم الأعرابى فيحتمل أن اسم الأعرابى أبو بردة غير أبى بردة المشهور ويكون قول الشارح: يجزئك ولا يجزئ أحدًا بعدك حكاية بالمعنى والعزق: بفتح العين والزاى وروى بسكون الزاى أيضًا مكيال يسع خمسة عشر صاعًا وهى ستون مدًا، وأفقر منصوب بفعل مقدر أى أتجد أفقر منا كما قال النووى وعلى هذا لا غلط من الشارح كما ادعى المحشى بل هى واقعة أخرى غير واقعة الضحية التى هى: أن أبا بردة بن نيار خال البراء بن عازب ضحى قبل صلاة العيد فقال صلى الله عليه وسلم: تلك شاة لحم وأمره أن يضحى بأخرى فقال أبو بردة عندى يا رسول اللَّه جذعة من الغنم هى خير من مسنة فقال صلى الله عليه وسلم: ضح بها ولا تصلح لغيرك وفى رواية: ولا يجزى جذعة عن أحد بعدك.

قوله: (لأنه نزاع فيما علم ثبوته من اللغة قطعًا) أى أن النزاع فى تناول خطاب الواحد غيره من الأمة نزاع فيما علم ثبوته وهو عدم التناول من اللغة قطعًا.

ص: 671

قوله: (عطف على ما تقدم لأن ذلك ليس مما تقدم) قد علمت أنه عطف على القطع الواقع بيانًا لما تقدم وأن الكلام على تقدير مثل ما تقدم.

قوله: (فائدته رفع التوهم) أى لأن دلالة خطاب الواحد على العموم بالظهور وتحتمل الخلاف فيدفع احتمال الخلاف المتوهم بقوله: "حكمى على الواحد حكمى على الجماعة".

قوله: (بل البعض) أى بل لا يقتضى أن يثبت البعض.

قوله: (فإن قيل هذا إنما يصح. . . إلخ) اعتراض على الشارح فى رده مذهب الحنابلة بأنهم إذا قالوا: إن الصحابة حكمت بالعموم والتناول لجميع الأمة يكون ذلك خلاف الإجماع وحاصله أنه إنما يصح ذلك لو كان هناك إجماع على عدم التناول عند عدم العلم بالمساواة وليس كذلك بل غايته عدم الإجماع على التناول لا الإجماع على عدم التناول وهو عين النزاع يعنى حيث لم يكن هناك إجماع على عدم التناول ولا إجماع على التناول فالنزاع لا يزال صحيحًا ويصح أن نقول نحن الحنابلة بالتناول لأنه لم يكن هناك إجماع على عدم التناول حتى لا يصح أن نقول بالتناول وقوله: قلنا كأنه يريد بخلاف الإجماع أنه ليس بإجماع جواب عن الشارح بأن مراده بقول خلاف الإجماع أن التناول وشمول جميع الأمة فيما ذكرتم ليس بإجماع فلا يصح منكم يا حنابلة دعوى أن الصحابة جميعًا حكموا بالعدم فيما ذكرتم وقوله: ولا يرد ما قيل أى لتصحيح ما قاله الحنابلة ورد ما ورد عليهم من أنه عند عدم العلم بالتساوى لا إجماع وقوله: لأن الكلام. . . إلخ. رد لهذا التصحيح.

قوله: (قال الإمام محيى السنة) مراده به الشيخ النووى.

قوله: (وليس فيه أنه لا يجزى أحدًا بعدك) علمت أن الشارح حكاه بالمعنى.

قوله: (لا تخصيص) مذهب الجمهور أنه يجوز لكل أحد لبس الحرير للحاجة وبعضهم قال بأن لبس الحرير خاص بعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام الذين شكيا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم القمل فى بعض الأسفار فرخص لهما لبسه.

ص: 672