المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب مقادير ديات النفس - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ٦

[أحمد الخليل]

الفصل: ‌باب مقادير ديات النفس

قال رحمه الله (كما لو استأجره سلطان أو غيره)

هذا التعليل لعدم ضمان السلطان وهو القياس على ما لو استأجره السلطان فإنّ السلطان لو استأجر شخصا لبناء أو ليصعد شجرة أو لينزل إلى بئر ثم مات فإنه لا ضمان لأنّ الأصل كما تقدم معنا أنّ المستأجِر لا يضمن الجناية على المستأجَر التي بسبب العمل التي استأجره من أجلها. فهذا هو دليل الحنابلة وتقدم معنا أنّ هذا صحيح لولا شبهة الإلزام.

‌باب مقادير ديات النفس

قال رحمه الله باب مقادير ديات النفس يعني باب لبيان مقادير ديات النفس وسيخصص المؤلف بابا آخر مستقل لديات ما دون النفس

وقوله باب مقادير / مقادير جمع مقدار والمقدار هو مبلغ الشيء وقدره مقدار الشيء هو مبلغه وقدره

بدأ المؤلف كما هو المنطقي بدية الحر المسلم

فقال رحمه الله (دية الحر المسلم مائة بعير ، أو ألف مثقال ذهبا أو اثنا عشر ألف درهم أو مائتا بقرة أو ألفا شاة)

اعتبر المؤلف أنّ هذه الأجناس الخمس هي مقادير الديات هنا نحتاج الدليل على كل واحد من هذه الأجناس فنبدأ بالإبل.

الإبل من أجناس الدية بالنص والإجماع لا إشكال فيها ولله الحمد. أما النص ففي حديث عمرو بن حزم يقول صلى الله عليه وسلم ودية النفس المؤمنة مائة من الإبل.

وفي حديث جابر قال قضى النبي صلى الله عليه وسلم الدية أنّ فيها مائة من الإبل أو مائتي حلة أو مائتي من البقر أو ألفين من الغنم فهذا الحديث ذكر البقر والغنم والحلل والإبل. لكن هذا الحديث فيه ضعف.

أما البقر والغنم فالدليل عليها حديث جابر هذا ، لكن البقر والغنم من مفردات الحنابلة لم يوافق الحنابلة أحد على إدخال البقر والغنم ضمن أجناس الدية.

بقينا في الذهب. الذهب صحيح ثبت في حديث عمرو بن حزم أنه ذكر أنّ الدية من الذهب ألف مثقال.

ص: 117

بقينا في الفضة. الفضة جاءت في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وجاءت أيضا في رواية لحديث جابر. الآن اكتملت الخمس أجناس في الديات سيذكر المؤلف مسألة مهمة جدا سنتحدث عنها وهي الأصل في الدية هل الأصل الإبل أو الأصل الخمس لكن قبل أن ننتقل لهذا أحب أن نتدارس في قضية أخرى وهي مسألة قيمة مائة من الإبل. مجلس القضاء الأعلى في السعودية نظر مرتين في قيمة الإبل. المرة الثانية المعتمدة أنا سأذكر لكم الآن ماذا خلص المجلس؟ المرة الثانية كانت في سنة 1401 هـ نحن الآن في صدد بيان قيمة المائة من الإبل باعتبار أنه في وقتنا هذا الديات لا تدفع من الإبل وإنما تدفع قيمة الإبل في سنة 1401هـ نظر مجلس القضاء الأعلى في دية شبه العمد والعمد ، وبعد المدارسة وسؤال أهل الخبرة قضى إلى أنّ دية شبه العمد مائة وعشرة آلاف ، ودية الخطأ مائة ألف وهذا التقدير مازال يعمل به إلى وقتنا هذا لكن في الحقيقة لما قرأت بيان مجلس القضاء الأعلى الصادر في هذه السنة 1401هـ أشكل عليّ جدا اختلاف الأسعار فلما سألت وجدت أنه هناك فارق كبير نحن الآن سنذكر مقادير هي من باب المدارسة وأما في باب القضاء فهم يحكمون بما يرون أنه مناسب لكن نحن الآن في باب المدارسة وتقرير الفقه فقط. الناس الذين يتعاملون بالإبل أربعة أجناس

الجنس الأول: القصابين. الذين يبيعون اللحم. الثاني: قالوا الشريطية اللي يبيعون ويشترون في الإبل. الجنس الثالث: الدلالين. الدلال هذا هو ما يملك ولكنه يسعى في بيعها ، الأخير جنس يسمونهم المربية. كم صار أجناس الناس أربعة سألت أنا هؤلاء جميعا يعني نأخذ المتوسط من أسعار هؤلاء جميعا حتى إذا قلت مثلا قيمة الواحدة من الإبل كذا ما تقول هي قيمته عند أصحاب اللحوم ولا قيمته عند المربين الجواب أنه قيمته المتوسط هذا واحد.

اثنين: السؤال سألت بعد ارتفاع الأعلاف في سنة 1427هـ 1428هـ ارتفعت الأعلاف بشكل ملحوظ وأنا سألت سنة 1428هـ بعد ارتفاع الأسعار. هذا اثنين.

ص: 118

ثلاثة: سألت عن قيم الإبل المتوسطة لا قيم الإبل المرتفعة الثمن ولا الإبل منخفضة الثمن يعني تجنبنا تماما هذه اللي يسمونه المزايين لأنّ هذا غير شيء آخر إنما أخذنا الذي يتعامل به الناس والوسط من أيضا طيب النتيجة تبيّن لي أنه قيمة بنت المخاض ألفين ومائتين وبنت اللبون ثلاثة آلاف وخمسمئة والحقة أربعة آلاف والجذعة أربعة آلاف وخمسمائة. فإذا أردنا أن نأخذ قيمة المائة من كل واحد عشرين كما سيأتينا الآن سيكون مبلغ كبير جدا ، ثلاثمائة وثمان عشرين ألف هذا يقابل التقدير المعمول به مائة ألف وهذا فارق كبير على أنه في الحقيقة أنا سعيت قدر المستطاع أني آخذ الوسط وأتحرى قدر الإمكان وكانت النتيجة هو هذا ما سمعت فأنا أرى أنه ينبغي إعادة النظر في القضية المائة ألف هذه فهي إجحاف بالجاني ولا المجني عليه؟ المجني عليه فأنت تعطيه ثلث حقه في الواقع. لاسيما على القول كما سيأتينا على قول بعض الفقهاء الذين يجعلون هي الأصل في الديات على هذا القول يكون في إجحاف واضح جدا فأنتم الآن سمعتم كيفية هذا التقدير والأجناس التي أخذت منها إلى آخره.

بنت المخاض ألفين ومائتين. وبنت لبون ثلاثة آلاف وخمسمائة. والحقة أربعة آلاف والجذعة أربعة آلاف وخمسمائة. وهذه الأسعار يجزم كثير من أصحاب الصنعة أنها أقل أيضا من الواقع يجزم بعضهم أنها أقل من الواقع فنحن أخذنا المتوسط وعند بعض الناس نعتبر أخذنا أقل من المتوسط.

قال رحمه الله (هذه هي أصول الدية)

هذه مسألة مهمة. ما هو الأصل في الدية؟ فالحنابلة يرون أنّ الأصناف الخمسة أصول في الدية. الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة.

استدلوا على هذه أصول بحديث جابر السابق فإنه ذكر هذه الأصناف واستدلوا بحديث عمرو بن حزم فإنه ذكر نحوا مما ذكر في هذا الحديث.

والقول الثاني: أنّ أصول الديات الخمسة المذكورة عند الحنابلة مع إضافة الحلل واستدلوا بحديث جابر ففيه ذكر الحلل واستدلوا بأن عمر بن الخطاب قضى بالدية بالحلل هذا هو القول الثاني.

القول الثالث: أنّ الأصل في الدية الإبل والفضة والذهب فقط. لأنها المذكورة في الأحاديث المشهورة ولأنّ حديث البقر والغنم والحلل ضعيف.

ص: 119

القول الرابع والأخير: أنّ الأصل في الدية الإبل فقط. واستدل هؤلاء بدليلين: الدليل الأول: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوّم الديات على أهل البوادي بالإبل. فإن غلت رفعها وإن رخصت نقصها. ففي الحديث الدلالة الصريحة على أنّ القيمة تعرف بقيمة الإبل.

الدليل الثاني: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب في مكة ذكر أنّ دية الخطأ مائة من الإبل.

حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. حديث فيه اختلاف لكن يظهر لي الآن أنه إسناده حسن والراجح القول الأخير وإن كنت أقول إنّ هذه المسألة فيها إشكال وفي الأقوال قوة لاسيما القول قبل الأخير وهو اعتبار البقر والغنم والذهب والفضة ففيه قوة واضحة جدا. أما الغنم والبقر والحلي ففي القول بها ضعف لكن الخلاف في الحقيقة يدور بين الأصناف الثلاثة. فأقول مع كون الراجح القول الأخير إلاّ أنّ المسألة قوية وفيها احتمال وليست من الوسائل التي يكون فيها الراجح واضحا ظاهرا.

ثم - قال رحمه الله (فأيها أحضر من تلزمه لزم الولي قبوله)

إذا أحضر الجاني الدية من أي صنف من الأصناف الخمس فإنه يلزم الولي أن يقبل لأنها أصول وليس له أن يرفض ويشترط الإبل أو الغنم أو البقر ولو كان الجاني من أهل صنف يختلف عن الصنف الذي أعطاه ولو كان المجني عليه من أهل صنف يختلف عن الصنف الذي أخذه. يعني إذا كان الجاني رجل يملك الإبل ودفع الدية من الفضة فيلزم ولي المجني عليه القبول أو لا يلزمه؟ يلزمه.

ص: 120

لو كان المجني عليه رجل راعي بقر يعني ماله من البقر ودفع الجاني الدية من الإبل فإنه يلزمه أيضا أن يقبل لماذا؟ كل هذا يعود إلى مسألة أنّ الأصول هي هذه الخمسة كلها. وعلى القول بأنّ الأصل الإبل فإنه لا يلزمه أن يقبل وله أن يقول بل أريد مائة من الإبل لأنّ الإبل هي الأصل في الدية وليس له أي للجاني أن يلزم الولي بأن يقبل بدل هذا الأصل لأنّ هذا البدل يعتبر معاوضة ونحن قلنا أنّ المعاوضات لا تتم إلاّ بالرضا وهنا لا رضا. إذا على القول الراجح إذا أحضر له مائة ألف ريال له أن يقول أريد مائة من الإبل وإذا أحضر له من الفضة أو من الذهب أو من البقر أو من الغنم فالأمر كذلك له أن يرفض وأن يقول لا أريد إلاّ مائة من الإبل.

قال رحمه الله (ففي قتل العمد وشبهه: خمس وعشرون بنت مخاض)

بدأ المؤلف ببيان أسنان الإبل في الديات. والدية تارة تكون مغلظة وتارة تكون مخففة وبدأ الشيخ بالدية المغلظة وهي دية العمد وشبهه.

فقال أنّ دية العمد وشبهه مائة من الإبل هذا متفق عليه لكن كيف نقسم هذه المائة يقول خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون

الخ. أي أنها تقسم أرباعا بهذه الأسنان. الدليل على هذا أنّ السائب بن يزيد حدّث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم

جعل الدية في العمد وشبهه على هذه الأصناف فذكر التربيع. رضي الله عنه لكن هذا الحديث فيه ضعف.

القول الثاني: أنّ الدية المغلظة أثلاثا ، ثلاثين حقة. وثلاثين جذعة. وأربعون في بطونها أولادها. وهذا أغلظ بكثير من التقسيم الرباعي أليس كذلك؟ أولا جعل عدد الجذعة والحقة أكبر ثم ألزمه بأربعين في كل واحدة منها ولد. الدليل على هذا أنه جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وعمرو بن حزم ، وحديث ثالث ، في ثلاثة أحاديث جاء التنصيص على أنها أثلاث وهذه الأحاديث أصح بكثير من أدلة المذهب. ولهذا اختار هذا القول اثنان من محققي الحنابلة الأول الزركشي. والثاني أبو الخطاب. وهذا القول الثاني

أصح إن شاء الله وهو التثليث لأنّ أحاديثه أصح وأثبت.

انتقل المؤلف إلى الدية المخففة وهي دية الخطأ. فذكر أنها تجب أخماسا.

ص: 121

قال رحمه الله (وفي الخطأ: تجب أخماسا، ثمانون من الأربعة المذكورة ، وعشرون من بني مخاض)

يعني تكون الدية عشرون بنت مخاض. وعشرين بنت لبون. وعشرين حقة. وعشرين جذعة. وعشرين بني مخاض. من كل واحد عشرين. الدليل أولا إلى هذا ذهب الأئمة الأربعة التخميس مذهب الأئمة الأربعة. واستدلوا على هذا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا أنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا التخميس. وحديث ابن مسعود روي أيضا موقوف والموقوف أصح.

القول الثاني: أنها أرباع كدية العمد وهو قول ضعيف يخالف النصوص. نحن قلنا أنّ تقسيم دية الخطأ أخماس مذهب الأئمة الأربعة أليس كذلك؟ إلاّ أنّ المالكية والشافعية. يجعلون بدل عشرين بني مخاض. عشرين بنت لبون. وهذا أصعب كأن يرون أنه أصعب سبب الخلاف بين الحنابلة والحنفية ، والمالكية والشافعية. أنه في حديث ابن مسعود الموقوف في بعض ألفاظه عشرين بنت لبون. وفي بعض ألفاظه عشرين بني مخاض. إذا الترجيح بين القولين سيعود إلى الترجيح بين اللفظين. والناظر في اللفظين يرجح أنّ الثابت عن ابن مسعود عشرين بني مخاض فالحنابلة والحنفية أصح إذا التقسيم الرباعي من حيث هو متفق عليه لكن اختلفوا هل هي بني مخاض أو بنت لبون.

قال رحمه الله (ولا تعتبر القيمة في ذلك)

يعني لا تعتبر القيمة عند اختيار جنس من الأجناس الخمسة فمثلا إذا جاء بمائة من الإبل لا يشترط فيها أن تكون أقيامها ألف مثقال من الذهب ولا اثني عشر ألف من الفضة لا يشترط ولو كانت أقل أو أكثر لماذا؟ لأنهم يرون أنّ كل جنس من هذه الأشياء هو أصل بنفسه فلا يشترط المساواة كذلك لو أتى بألف مثقال من الذهب لا يشترط أن تساوي قيمة مائة من الإبل. وهذا صحيح إذا قررنا أنّ الأصول الخمسة كل واحد منها أصل بنفسه. وعلى القول بأنّ الأصل الإبل حينئذ يشترط إذا جاء بأي جنس من الأجناس أن تكون قيمته مساوية لمائة من الإبل.

ثم - قال رحمه الله (بل السلامة)

ص: 122

بل تشترط السلامة يعني من العيوب فلا نشترط القيمة بل نشترط السلامة ، والدليل على هذا أنّ الأصل في إطلاق النصوص السلامة من العيوب فإذا أمر بإعتاق عبد أو دفع دية من الإبل فالأصل في هذه الأشياء أن تكون سالمة من العيوب لأنه مقتضى الإطلاق.

قال رحمه الله (ودية الكتابي: نصف دية المسلم)

في المقنع بعد أن ذكر دية المسلم الحر ذكر بعده دية المرأة المسلمة. والشيخ هنا في الحقيقة خالف ولم يحسن. كان ينبغي أن يبدأ بدية المسلمين ثم يتكلم عن دية غير المسلمين لكنه خالف الأصل ولو لم يخالف الأصل لكان أحسن. دية الكتابي على النصف من دية المسلم

عند الجماهير والدليل على هذا أنه في حديث عمرو بن حزم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ودية الكتابي على النصف من دية المسلم

والقول الثاني: أنّ دية الكتابي الذمي أو المستأمن أو المعاهد كدية المسلم لأنه معصوم الدم كالمسلم والراجح الأول لأنّ النص فيه ظاهر قبل أن ننتقل استدل الذين قالوا أنّ دية الكتابي كدية المسلم بدليل أيضا آخر قد يكون أقوى من الدليل الذي ذكرت وهو أن الله تعالى قال {فدية مسلمة إلى أهله} [النساء/92] وأنه ذكر هذا الحكم حين ذكر المسلم وحين ذكر الكتابي فدل على أنّ الدية فيهما واحد وهذا استدلال بالمفهوم ونحن أخذنا مرارا وأخذنا أنّ القاعدة أنّ المنطوق مقدم على المفهوم. وحديث عمرو بن حزم نص في أنّ دية الكتابي على النصف من دية المسلم فلا يمكن العدول عنه لظاهر نص ولو كان هذا النص من الكتاب.

قال رحمه الله (ودية المجوسي والوثني: ثمان مائة درهم)

يعني دية غير الكتابي. يقول الشيخ ديتهما ثمان مائة درهم. يعني كم من الدية يعني ثلثا عُشر الدية الدليل قالوا أنه روي عن الصحابة رضي الله عنهم أنّ هذا هو دية المجوسي كما أنّ الإمام أحمد يقول لا يكاد أن يختلفون في دية المجوسي.

ص: 123

القول الثاني: أنّ ديته كدية الكتابي سواء لأنّ في حديث عمرو بن حزم لما قال ودية الكتابي على النصف من دية المسلم. في لفظ آخر للحديث ودية الكافر على النصف من دية المسلم. فقالوا ودية الكافر هذا عام يشمل الكتابي وغيره من أصناف الكفار. والراجح القول الأول بل في القول الثاني نوع شذوذ لمخالفته المروي عن الصحابة فالصحابة بيّنوا أنّ المقصود بالكافر في حديث عمروبن حزم هو الكتابي.

قال رحمه الله (ونساؤهم على النصف كالمسلمين)

الآن ذكر دية المرأة يقول ونساؤهم على النصف كالمسلمين. يقول أنّ نساء أهل الكتاب على النصف كنساء المسلمين. نبدأ بالأصل المقيس عليه وهو دية الحرة المسلمة. دية الحرة المسلمة على النصف من دية المسلم عند الجماهير بل حكي إجماعا ولم يخالف إلاّ من شذ

واستدل الجماهير بقول النبي صلى الله عليه وسلم ودية المرأة على النصف من دية الرجل.

القول الثاني: المنسوب إلى الشذوذ ، أنها كدية المسلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم وفي النفس المؤمنة مائة من الإبل والمرأة نفس مؤمنة. والجواب عن هذا الدليل أنّ هذا اللفظ في حديث عمرو بن حزم وفي آخره ودية المرأة على النصف من دية الرجل ففي حديث واحد جاء دية النفس المؤمنة مائة من الإبل ، ودية المرأة على النصف من دية الرجل ، فدل هذا على أنّ المراد بالنفس المؤمنة هنا الرجل كما أنّ القول الثاني شاذ والشذوذ من أدلة الضعف ففي هذا علامة على ضعفه. فالراجح إذا إن شاء الله أنها على النصف. أما دية المرأة الكافرة فهي على النصف بلا إشكال من أهل دينه. ولعله ليس في هذه المسألة خلاف لأنّ الخلاف كان بسبب دية النفس المؤمنة وهذه ليست مؤمنة فهي على النصف من دية الرجل من دينها إذا لا إشكال في المرأة الكافرة وإنما الخلاف وإن كان خلافا شاذا إنما هو في دية المسلمة.

ثم - قال رحمه الله (ودية الرقيق قيمته)

دية الرقيق قيمته ودية الرقيق تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: إما أن تكون قيمته أقل من دية الحر. فإذا كانت قيمته أقل من دية الحر فديته قيمته بالإجماع.

ص: 124

القسم الثاني: أن تكون قيمته أكثر من دية الرجل الحر كأن يقتل عبد قيمته ألفي مثقال من الذهب أو عشرين ألف درهم ، المهم أكثر من دية الرجل الحر المسلم فديته قيمته على المذهب ولو زادت عن دية الحر. لأنّ النظر في العبد إلى قيمته كسائر الأموال.

والقول الثاني: أنه لا يزاد في ديته عن دية الحر لأنّ الحر أشرف فكيف تكون دية العبد أكثر والراجح القول الأول بلا إشكال.

قال رحمه الله (وفي جراحه ما نقصه بعد البرء)

يعني إذا أصيب العبد بجراح فدية الجراح بحسب ما نقص من قيمته بعد البرء ، فإذا كانت قيمته قبل الإصابة مائة ألف وقيمته بعد الإصابة والبرء خمسون ألف فدية هذا الجرح خمسون ألف وهذا لا إشكال فيه إلاّ إذا كانت الجراح في جزء له دية خاصة من الحر مثلا العين من الحر فيها نصف الدية أليس كذلك كما سيأتينا. فإذا أصيب العبد بجزء له دية مقدرة من الحر ففيه خلاف. القول الأول كالطريقة الأولى مهما أصيب بأي جزء.

ص: 125

والقول الثاني: أن نعطيه بمقداره من الدية فإذا أصيب في جزء من الحر فيه نصف الدية أعطيناه القيمة نصف القيمة وإذا أصيب في جزء فيه ربع الدية أعطيناه ربع القيمة. فإذا أصيب العبد في عينه وقيمته مائة ألف كم دية الجرح؟ خمسون ألف. القول الأول اختيار عدد من المحققين أنه ينظر إلى قيمته قبل وبعد البرء مطلقا اختيار شيخ الإسلام وغيره من المحققين. وهو فيه عدل وإنصاف وقوة لكن يشكل عليه شيء لم أر هم تطرقوا إليه في الحقيقة ولا أدري لماذا؟ هذا الإشكال هو أنّ العبد أحيانا يصاب بجرح ويبرأ الجرح ثم نجد أنّ العبد بعد الجرح قيمته كقيمته قبلها أليس كذلك؟ وهذا كثير جدا. مثلا إذا صار العبد إنما صار ثمينا لكونه كاتبا أصيب بجرح في بطنه وبرء هل يؤثر هذا على صنعة الكتابة سيبقى سعره كما هو صحيح لو أصيب في يده وهو حمال فسيؤثر هذا على سعره لكن أحيانا لا يؤثر هذه النقطة لم أجد أحدا يعني أنّ الفقهاء تطرقوا إليها وهو في حال ما إذا كان سعره قبل البرء وبعد البرء واحد. إذا كم سنعطيه هنا يكون التقدير الثاني ملجأ الحقيقة للإنسان وينضبط ولا يختلف باختلاف ما إذا زادت أو نقصت قيمة الجناية وفي الحقيقة الجناية أحيانا كثيرة ما تؤثر على السعر أليس كذلك؟ في أحيان كثيرة ما تؤثر وإن أثرت فتأثيرها قليل لا يقاس بالجناية على الحر والدية الواجبة بنفس الجرح لو كان حرا أليس كذلك؟ المهم لهذا كله القول الثاني فيه وجاهة. إلاّ أن يأتي أحد يجيب عن هذا الإشكال فيكون نبقى مع القول الأول ورجحانه. أما بدون إجابة القول الثاني لهذا السبب فيه وجاهة.

قال رحمه الله (ويجب في الجنين ذكرا كان أو أنثى عشر دية أمه غرة)

ص: 126

دية أمه إذا كانت حرة ومسلمة كم؟ خمسون من الإبل. العشر؟ خمس من الإبل إذا دية الجنين إذا سقط هو خمس من الإبل تأتي هنا عندنا الإشكال في التقدير السابق فمثلا إذا أردنا أن نأخذ التقدير الذي عليه العمل الآن ستكون قيمة الجناية خمسة آلاف لأنّ خمس من الإبل قيمتها كم؟ خمسة آلاف. بينما إذا أردنا أنّ نأخذ بالتقدير الذي ذكرت فيما إذا جنا شخص على جنين وسقط ستكون المبلغ ستة عشر ألف وأربعمائة ريال. الفرق يأتي دائما هنا أوهنا. متى قدرت سيكون هناك فرق.

والدليل على هذا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما اقتلت الهذليتين ورمت إحداهما الأخرى بحجر فسقط ما في بطنها حكم النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين بدية غرة عبد أو أمة إلى هنا انتهى الحديث من أتى الفقهاء بقضية عشر أمه وجدوا أنّ العبد أو الأمة في العهد النبوي تقدر قيمتهما بخمس من الإبل فعرفوا أنّ دية الجنين عشر دية أمه وأخذوا هذه قاعدة للتبسيط وإلاّ الحديث فيه أنه غرة عبد أو أمة.

يقول الشيخ رحمه الله (وعشر قيمتها إن كان مملوكا)

إذا كان الطفل مملوك فإنّ الواجب في ديته عشر قيمة أمه فإن كانت أمه أمة فالأمر واضح. وإن كانت حرة.

يقول الشيخ رحمه الله (وتقدر الحرة أمة)

فنقول أمه هذه وإن كانت حرة لو كانت أمة كم تساوي؟ ثم نخرج عشر القيمة وهي دية هذا الجنين الذي سقط بالجناية إذا عرفنا الآن الدليل على اعتبار العشر وماذا نصنع إذا كان الجنين عبدا ، أما إذا كان حرا فكما قال المؤلف فيه عشر دية أمه.

قال رحمه الله (وإن جنا رقيق خطأ أو عمدا لا قود فيه أو فيه قود واختير فيه المال أو أتلف مالا بغير إذن سيده تعلق ذلك برقبته)

ص: 127

لو أنه ذكر ضابط وقال إذا جنا جناية توجب المال لانتهينا من هذا التمثيل فالحكم أنه يتعلق هذا المال برقبته. فقوله إذا جنا رقيق خطأ الخطأ يوجب القود أو الدية؟ الدية. إذا يوجب مالا. أو عمدا لا قود فيه. كما تقدم معنا أنّ الجروح فيها ما فيه دية وفيه ما فيه قصاص فالجروح التي ليس فيها قصاص كالمأمومة والجائفة وكسر الساق كما تقدم معنا في الدرس السابق هذه فيها دية فإذا جنا جناية لا قود فيها فسيكون الواجب في ذمته مال ، أو فيها قود لكن اختار من له الصلاحية المال ، أو أتلف مالا بغير إذن سيده تعلق ذلك برقبته. الدليل قالوا أنه إذا جنا العبد جناية توجب المال فإما أن يتعلق قيمة هذه الجناية بالسيد وهذا لا يمكن لماذا؟ لأنّ السيد لم يجني أو أن تتعلق بذمة العبد وهذا لا يمكن لماذا؟ لأنّ هذا يؤدي إلى ضياع الحق أو أن تكون هدر ولا يأتي الشارع بالهدر في الجنايات

لم يبقى إلاّ أن تتعلق برقبته وهذا صحيح لا مناص من تعلقها برقبته. فإذا تعلقت برقبته سيبيّن المؤلف الحكم.

قال رحمه الله (فيخير سيده بين أن يفديه بأرش جنايته)

الأرش اسم للمال الواجب بسبب الجروح والجنايات هذا المال يسمى أرش. فيخير سيده بين أن يفديه بأرش جنايته. السيد مخير بين أمرين إما أن يفديه بأرش جنايته. ما معنى أن يفديه بأرش جنايته؟ أن يدفع. لأنه قلنا الأرش هي دية الجناية على الأطراف وما دون النفس فنقول أنت مخير إما أن تدفع هذه الجناية أو أن تبيع لكن الحنابلة يرون أنه لا يلزم السيد أن يدفع أرش الجناية إذا كانت أكثر من ثمنه. لأنّ الجناية إنما تتعلق برقبة العبد فيكف نلزم السيد أن يدفع أكثر من قيمته هذا هو المذهب.

ص: 128

والقول الثاني: الذي يشير إليه المؤلف أنه يجب على السيد أن يدفع الأرش ولو كان أكثر من القيمة أو يبيع العبد فنلزم السيد بأحد أمرين إما أن يبيع أو يدفع الأرش. على المذهب لا يلزمونه بالبيع إذا أراد أن يدفع الأرش الذي هو يساوي قيمة البيع لا يلزمونه أن يبيع وعلى هذا القول نقول إما أن تبيع أو أن تدفع الأرش ولو كان أكثر من القيمة قد يظهر للإنسان أنّ الخلاف لا طائل تحته لأنه إذا ألزمناه وكان السعر بمقدار الأرش أو أكثر فإنّ السيد سيبعه ولن يدفع الأكثر أليس كذلك؟ لكن في الحقيقة الخلاف له أثر لأنّ السيد قد يرغب في ابقاء العبد أليس كذلك؟ وإن كانت قيمته في السوق تساوي أو أكثر من الأرش فنحن نقول أنت مخير بين أمرين على القول الراجح إما أن تبيع أو تدفع كامل الأرش ولو كان أكثر من قيمته وأنتم تعلمون الآن أنه يوجد كثير من السلع هي في لواقع أنفع من سعرها أليس كذلك؟ لو أراد الإنسان أن يبيعها لن تأتي له في السوق بسعر لكن هي مفيدة أليس كذلك؟ كذلك العبد ربما يكون مفيد لكن ليس له سعر في السوق. يبدوا لي أنّ ما ذهب إليه المؤلف وهو أنّ السيد مخير بين البيع ودفع الأرش ولو كان أكثر من القيمة هو القول الراجح. بخلاف المذهب.

يقول رحمه الله (أو يسلمه إلى ولي الجناية فيملكه)

إذا سلمه إلى ولي الجناية يعني سلم العبد وملكه لولي الجناية فقد برئت ذمة السيد لأنه أعطاه ما تعلق الحق برقبته فإن قال ولي الجناية لا أريد العبد بل تولى بيعه وأعطني الثمن فإنه لا يلزم السيد أن يبيع ويعطيه الثمن بل له أن يدفع العبد إلى ولي الجناية وتبرأ ذمته بذلك.

والقول الثاني: أنه ملزم أن يبيع ويعطيه الثمن. وهذا القول ضعيف في الحقيقة لأنّ السيد لم يجني وليس منه خطأ فكيف نلزمه بأن يتولى البيع ومشقة ذلك ليعطي ولي الجناية الثمن مع أنّ الحق متعلق برقبة العبد وهو دفع العبد برمته. فالراجح أنه لا يلزمه.

قال رحمه الله (أو يبيعه ويدفع ثمنه)

ص: 129