الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس: (1) من الجنايات
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتاب الجنايات
الجناية في لغة العرب: هي الذنب الذي يؤاخذ عليه الإنسان بين قومه أو عند الله ، فلا تطلق الجناية في اللغة على أي ذنب ، وإنما على الذنب الذي إذا ارتكبه الإنسان صار محط لوم وتعنيف من قومه.
والأصل في الجناية أنها تطلق على كل اعتداء وإضرار في النفس أو غيرها كالأموال ، لكن الفقهاء اصطلحوا على قصر تسمية الجنايات على الاعتداء على النفس فقط وصاروا يسمون الاعتداء على الأموال سرقة وغصبا ونحو ذلك. فالجناية يختص بالاعتداء على النفس في عرف الفقهاء. ولا يعمم عند الفقهاء فلا يطلق على الجناية على الأموال وبهذا عرفنا معنى الجناية في اللغة وفي الشرع.
ثم - قال رحمه الله (وهي عمد يختص القود به بشرط القصد)
بدأ المؤلف بالكلام عن أنواع القتل ولم يتطرق إلى حكم القتل لأن حكم القتل معلوم من الدين بالضرورة فالقتل محرم بالكتاب والسنة والإجماع ولم يختلف فيه أحد بل هو محرم في جميع الشرائع ، ولعله لهذا لم يتطرق إليه المؤلف رحمه الله.
والأدلة على تحرينه كثيرة كقوله تعالى {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} [النساء/29]
وكقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزان والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة) وأما الإجماع فهو معلوم بالضرورة من كلام أهل العلم قاطبة انه محرم.
وقول الشيخ رحمه الله (وهي) أي والجناية على النفس تنقسم إلى ثلاثة أقسام سيذكرها إجمالا ثم يذكرها رحمه الله تعالى تفصيلا.
ثم - قال رحمه الله (وهي عمد يختص القود به بشرط القصد وشبه عمد وخطأ)
إذا الجناية على النفس ثلاثة أنواع عمد وشبه عمد وخطأ. إلى هذا التقسيم ذهب الجماهير فاعتبروا القتل ينقسم إلى هذه الثلاثة أنواع في الجملة.
واستدل الجمهور بقول النبي صلى الله عليه وسلم (ألا إن دية القتل الخطأ شبه العمد مائة من الإبل في بطونها أولادها) وقال في الحديث قتيل العصا والسوط. فدل هذا الحديث على قسم ثالث وهو شبه العمد.
والقول الثاني: أنه لا يوجد إلا عمد وخطأ. ولا يوجد شيء اسمه شبه عمد وهو مذهب المالكية. واستدل المالكية على هذا أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه نوعين من الجناية على النفس الخطأ والعمد
الجواب على هذا: أن القران ذكر قسمين وأضافت السنة قسما ثالثا ..
مسألة: إذا لم يكن عند المالكية شيء اسمه شبه عمد ،فالجنايات التي تعتبر شبه عمد عن الجمهور تعتبر عمد إذا هم يعتبرونها عمد ويجرون عليها أحكام العمد. ولهذا كلما جاءنا خلاف يتعلق بالقتل شبه العمد لن تجد للمالكية قول لأنه لا يوجد عندهم شي اسمه شبه عمد.
وقول المؤلف (وعمد يختص القود)
قوله القود يعني القصاص وسمي بذلك لأن القاتل يقاد إلى أولياء المقتول ليقتصوا منه فسمي نفس القصاص قود وإلا أصله أنه يقاد إلى أولياء المقتول ثم لما ذكر المؤلف أنواع الجنايات على النفس بدا بها مفصلة واحدا واحدا فبدأ بالعمد.
ثم - قال رحمه الله (فالعمد أن يقصد من يعلمه ادميا معصوما فيقتله بما يغلب على الظن موته به)
اشتمل التعريف على ركنين إذا توفرا فالقتل عمد:
الركن الأول: أن يقصد المجني عليه ، الركن الثاني: أن يقصده يما يقتل غالبا.
فإذا قصد الجاني المجني عليه بما يقتل غالبا صارت الجناية تسمى عمدا ، وكيف نعرف أن الجاني يقصد القتل.؟ أجاب الفقهاء عن هذا بأنه يُعرف الجاني قصد القتل من خلال الآلة ولا ننظر إلى القصد الداخلي لأنه مجهول فإذا صارت الآلة تقتل غالبا حكمنا على الجاني أن قصده كان القتل. فإذا جاء إنسان معه سيف وضرب شخصا وقتله وقال لم أقصد قتله مطلقا إنما أردت أن أمزح معه فوقع السيف في بطنه .. نقول هذه الدعوة مردودة ونحن نعتبر أن قصدك القتل بدلالة الآلة إذا عرفنا الآن أن يقصده وهو أن القصد يعرف من خلال الآلة لأن القصد الداخلي لا يمكن الوقوف عليه ولو فتح هذا الباب لكان كل يقتل ويقول لم أقصد القتل. ثم لما ذكر حقيقة القتل العمد انتقل إلى الصور وسيذكر المؤلف تسع صور لا يكاد يخرج عنها صورة من صور القتل العمد
1ـ ثم - قال رحمه الله (مثل أن يجرحه بما له مور في البدن)
هذه الصورة الأولى: أن يجرحه بما له مور في البدن ..
المور: الدخول والتردد داخل البدن. فإذا جرحه بما له تردد ودخول داخل البدن فإنا نعتبر الجناية عمدا من أمثلة هذا: أن يطعنه بالسكين أو بالسيف أو بالخنجر أو بكل ماله مور.
واشترط الأحناف للقتل العمد أن يكون بمدبب أو بمحدد .. فهذه الصورة الأولى تدخل عند الجمهور والأحناف لأنهم يشترطون في القتل لكي يكون عمدا أن يستعمل الجاني آلة حادة أو مدببة لأنها الذي يظهر منها قصد القتل بوضوح وأما الجمهور فإنهم لا يشترطون.
في آلة القتل أن تكون محددة بل كل آلة يغلب على الظن القتل بها فيعتبر استعمالها قتلا عمدا واستدل الجمهور بالحديث المشهور بقصة اليهودي الذي قتل الجارية بجحر حتى قتلها فهذا اليهودي استعمل محدد أو مدبب أو ماله ثقل؟ ماله ثقل ويقتل غالبا وأقاده النبي صلى الله عليه وسلم بالجارية فدل الحديث على ضعف قول الأحناف وصحة قول الجمهور.
2 -
قال رحمه الله (أو يضربه بجحر كبير ونحوه أو يلقي عليه حائطا أو يلقيه من شاهق)
الصورة الثانية ذكر المؤلف لها ثلاث أمثلة أن يضربه بجحر أو يلقي عليه حائطا أو يلقيه من شاهق. والضابط الذي يجمع هذه الصور أنّ نقول [أن يقتله مثقل] وما هو المثقل هو الآلة أو الأداة التي تقتل بثقلها. فإذا قتله بمثقل فإنه يعتبر عمدا كالأمثلة التي ذكرها المؤلف أن يضربه بحجر كبير أو يلقي عليه حائطا أو يلقيه من شاهق ، ومن تلك الصور أيضا أن يضربه بعمود كبير فإذا ضربه بعمود كبير فقد قتله بمثقل ، ومن تلك الصور أن يضربه بعصا صغير لكن بشرط أن يكون الضرب في موضع يقتل غالبا ، فأما إن ضربه بعصا صغير في موضع لا يقتل غالبا ومات فهو كما سيأتينا شبه عمد.
3 -
قال رحمه الله (أو في نار ، أو ماء يغرقه ولا يمكنه التخلص منهما)
الصورة الثالثة أو في نار أو ماء يغرقه ولا يمكنه التخلص منهما ، إذا ألقاه في النار وأغلق عليه الباب أو في الماء ولم يمكنه من الخروج فهو قتل عمد ولا يوجد فيما وقفت عليه يجمع هذه الصور إنما هو قتل بالإغراق أو الإحراق ويشترط في هذا القتل ليكون عمدا أن لا يتمكن المجني عليه من الخروج فإن تمكن من الخروج وتساهل فإنه لا يعتبر من القتل العمد لأنه جنا على نفسه.
4 -
قال رحمه الله (أو يخنقه)
وهذه هي الصورة الرابعة وضابطها القتل بقطع النفس سواء بالخنق أو بالشنق أو بلف رأسه بوسادة أو بأي طريقة تمنع من خروج النفس فهذا يعتبر من القتل العمد الذي يقاد به.
5 -
قال رحمه الله (أو يحبسه ويمنعه الطعام أو الشراب فيموت من ذلك في مدة يموت فيها غالبا)
الخامسة القتل بالمنع عن الطعام والشراب فإذا منعه من الطعام والشراب حتى مات فإنه يعتبر قتلا عمدا ويشترط في هذه الصورة أن يمنعه في مدة مثلها تقتل عادة أما إذا منعه لساعة ثم مات فإنه لا يعتبر قتل عمد بل يجب أن يمنعه لمدة في مثلها يموت الإنسان فإذا منعه فيقاد به.
6 -
قال رحمه الله (أو يقتله بسحر)
القتل بالسحر قتل عمد ولو زعم الساحر أنه ظن أن لن يموت بمثل هذا العمل ، نقتله ونعتبر هذا القتل عمد لكن إذا قتلنا الساحر فهل نقتله حدا أو قصاصا فيه خلاف بين الفقهاء يأتينا في كتاب الحدود الذي يعنينا هنا أنه إذا قتلناه على أساس أنه حد فإنه يجب أن نعطي أهل المجني عليه دية لأنه لم يقتل قصاصا وإن قتلناه على أساس أنه قصاص فليس لأهل المقتول دية ، وهذا صحيح بقي الترجيح هل يقتل حدا أو قصاصا وهذا سيأتينا في كتاب الحدود.
7 -
قال رحمه الله (أو سُم)
الصورة السابعة أن يقتله بالسُم ومقصود الحنابلة سواء كان هذا السم مخلوطا بغيره أو صرفا أعطاه المقتول وسواء جعله يأكل من حيث لا يشعر أو أجبره على الأكل في كل الصور يعتبر من القتل العمد.
8 -
قال رحمه الله (أو شهدت عليه بيّنة بما يوجب قتله ثم رجعوا وقالوا عمدنا قتله ونحو ذلك)
الصورة الثامنة أن تشهد عليه بيّنة بما يوجب قتله ثم يرجع ويقول عمدنا ، فصارت الشروط ثلاثة. أن يشهدوا بما يوجب القتل.
الثاني: أن يرجعوا. الثالث: أن يعترفوا أنهم صنعوا هذا عمدا. إذا توفرت الشروط الثلاثة فإنهم يقادون به ويجب عليهم القصاص لأنّ هذا من القتل العمد. والدليل على هذا أنه روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه حكم بهذا وأنه رأى أن من شهد على شخص بقطع أو قتل عمدا فإنه يقاد به.
قال رحمه الله (وشبه العمد: أن يقصد جناية لا تقتل غالبا)
شبه العمد يقول المؤلف رحمه الله أن يقصد جناية لا تقتل غالبا ولم يجرحه بها. عناصر شبه العمد هو أن يقصد ضربه لكن بما لا يقتل غالبا فقصد الضرب موجود ولكن الآلة لا تصلح للقتل العمد فإذا توفر الشرطان أصبح هذا من شبه العمد من أمثلته المشهورة
أن يضرب ابنه تأديبا أو تلميذه تأديبا. بما لا يقتل غالبا فهنا يعتبر شبه عمد أما إذا ضربه بما يقتل غالبا صار عمد والفرق بين شبه العمد والعمد في الآلة. فالآلة هي التي تحدد هل هو عمد أو شبه عمد أما قصد الضرب فهو موجود في الصورتين وهذا الذي جعل المالكية يقولون أنه عمد فهم يقولون هذا الرجل قصد أن يضرب هذا الرجل ومات بسبب الضرب المقصود فهو قتل عمد ولم ينظروا لمسألة الآلة لكن الجمهور كما تقدم أحظ بالدليل وأحظ بالنظر لأنه هذا وإن قصد الضرب إلاّ انه لم يقصد القتل وعلمنا أنه لم يقصد القتل من خلال الآلة.
ثم - قال رحمه الله (ولم يجرحه بها)
في الحقيقة هذه العبارة لم يذكرها ابن قدامة في الأصل يعني المقنع وإنما ذكرها صاحب الإقناع والمنتهى فقط وعندي فيها نظر ظاهر أرى أنها لا تصح فقها لأنه قد يضربه بما يجرح إلاّ انه لا يقتل غالبا فصح الحد عليه وإن جرحه فالجرح ربما يوجد مع آلة لا تقتل غالبا كأن يضربه بعصا مكسور فإنّ العصا الصغير المكسور يسبب جرحا ومع هذا نعتبره شبه عمد ولهذا نقول لو أنّ المؤلف تابع ابن قدامة وترك ما أضافه صاحب الإقناع والمنتهى لكان أدق.
قال رحمه الله (كمن ضربه في غير مقتل بسوط ، أو عصا صغيرة ، أو لكزه ونحوه)
إذا ضربه بعصا أو سوط فإنه يعتبر شبه عمد ولكن لاحظ أنّ المؤلف اشترط لهذا أن لا يكون في غير مقتل ، فإن كان في مقتل فإنه يعتبر من العمد. وتلاحظ في الأمثلة توفر الشروط وهي قصد الضرب بغير آلة تقتل غالبا.
قال رحمه الله (والخطأ)
الخطأ ينقسم إلى قسمين: - وهو مهم لكثرة وقوعه.
1 -
خطأ في القصد.
2 -
وخطأ في الفعل.
القسم الأول: خطأ في القصد وينقسم إلى قسمين: - القسم الأول: أن يرمي مايظنه صيدا أو حربيا فيبين مسلما. رجل رمى شيئا يظنه صيدا فتبيّن انه مسلما معصوم الدم فهذا خطأ بالقصد.
القسم الثاني: أن يرمي رجلا في دار الحرب يظنه كافرا وهو أسلم خفية هذه أنواع الخطأ في القصد سيأتينا كيف نفرق بين هذه.
الثاني: الخطأ في الفعل وهو نوع واحد كأن ينقلب النائم على الطفل فيقتله أو أن يرمي صيدا فيصيب معصوما. الآن عرفنا أنّ الخطأ على نوعين خطأ في القصد وخطأ في الفعل. الفرق بينهما الخطأ في القصد الأول هو رمى ما يظنه صيد فأصبح معصوما. في الصورة الأولى هل يوجد أصلا صيد ، لا يوجد صيد أصلا وإنما ظن أنه صيد فتبيّن أنه إنسان في الخطأ في الفعل لما نقول أراد أن يقتل صيدا فأصاب إنسانا يوجد صيد حقيقة لكنه أراد أن يرميه فأخطأ فأصاب إنسانا.
في القسم الثاني من الخطأ في القصد. أن يرمي كافرا في دار الحرب فيتبيّن أنه مسلم هنا الخطأ في القصد لا في الفعل لأنّ هذا الشخص زيد لما رمى عمرو هو يريد عمرو لكنه لم يعلم أنّ عمرو أصبح مسلما. وهذا التقسيم للتقريب والمعنى واضح وهو أن يخطأ في القصد أو في الفعل طبعا النائم إذا انقلب على الطفل لا يوجد منه قصد حتى نقول خطأ في القصد وإنما هو خطأ في الفعل.
يقول رحمه الله (أن يفعل ماله فعله)
قوله أن يفعل ماله فعله تبيّن من كلام المؤلف أنه لو فعل ما ليس له فعله فإنه يكون عمدا وهذا منصوص عن الإمام أحمد مثاله / لو أراد الإنسان أن يرمي شاة ملك لرجل فأخطأ وأصاب إنسان هل فعل ماله فعله أو ما ليس له فعله؟ ما ليس له فعله. بخلاف من أراد أن يصيد فإنه فعله وهو الصيد أما هنا فأراد أن يعتدي على مال الآخرين فهنا نص الإمام أحمد على أنّ هذا عمد يعني إذا أراد الإنسان أن يصيد شاة في ملك إنسان عامدا ثم أصاب إنسان فإنّا نعتبر هذا عمد لأنّا نشترط في الخطأ أن يفعل ماله فعله وهنا فعل ما ليس له فعله.
القول الثاني: أنه يعتبر خطأ وإن فعل ما ليس له فعله لأنه أخطأ في القصد فهو يقصد الشاة في المثال لا الرجل المعصوم وإلى هذا القول ذهب ابن قدامة رحمه الله -
القول الثالث: أنه إن قصد معصوما فأصاب معصوما آخر فإنه يعتبر عمد ، وإن قصد ما هو أقل من المعصوم كالحيوانات فأصاب معصوما فإنه يعتبر خطأ وإلى هذا ذهب شيخنا رحمه الله والراجح إن شاء الله بلا إشكال مذهب ابن قدامة بلا إشكال لماذا؟ لأنه هذا الرجل لا يقصد القتل مطلقا والخطأ في قصده ظاهر ولو قصد معصوما فإذا أراد أن يرمي زيد فأصاب عمرو فهو الآن أخطأ أو لم يخطأ هل أراد قتل عمرو؟ لم يرد لكن بقي عليه أن يبيّن وأن يأتي بدليل على أنه لم يرد عمرو وإنما أراد زيد مثلا فإذا استطاع أن يثبت هذا فإنه لا حرج عليه.
قال رحمه الله (مثل أن يرمي صيدا أو غرضا ، أو شخصا فيصيب آدميا لم يقصده)
يقصد بقوله شخصا يعني مباح الدم. هذه ثلاثة أمثلة أن يرمي صيد أو يرمي غرض أو يرمي آدميا غير معصوم الدم هذه من الخطأ في القصد أو في الفعل؟ من الخطأ في الفعل. هذه الأمثلة كلها من الخطأ في الفعل ولهذا لو أنّ المؤلف شكل فمثل لخطأ القصد وخطأ الفعل لكان أولى.
قال رحمه الله (وعمد الصبي والمجنون)
خطأ بلا نزاع عند الحنابلة لأنه لا قصد لهما أصلا فعملهما يشبه عمل النائم. بهذا انتهى هذا الفصل نختمه
بمسألة / الذي يظهر من أمثلة الفقهاء وما ذكروه في القتل الخطأ أنه يشترط ليترتب على الجناية الضمان أن يكون من الجاني شيء من التفريط أو من التعدي أو من التقصير أو من مخالفة النظام فإن لم يكن شيء من ذلك فليس من الخطأ. يعني نشترط في القتل الخطأ لنرتب عليه أحكام القتل الخطأ أن يكون من القاتل شيء من التقصير أو التفريط أو مخالفة النظام أو عدم الاحتياط فإذا كان مع الإنسان بيده خشبة وضرب بها وسقطت على إنسان فهذا من القتل الخطأ لماذا؟ لأنه لم يحتط الاحتياط الكافي. أما لو كان يركب الدابة ثم تجاوز الإنسان وهو متحكم بالدابة فرفست الدابة إنسان فمات فليس من الخطأ لأنّ الإنسان يتمكن بمقدمة الدابة مالا يتمكن من التحكم بمؤخرة الدابة. فما قتلته بالمقدمة يعتبر فيه تفريط ولو كان بغير قصد إذ كان عليه أن يحتاط وأن يحذر بخلاف ما قتلته بمؤخرتها فإنه لا يعتبر من التفريط من هنا نقول حوادث السيارات تتنزل على هذا المعنى فإن كان من السائق تفريط في تفقد السيارة أو في السرعة أو في تنبه الطريق أو في أي شيء من الأشياء التي كان ينبغي عليه أن يحتاط فيها فهو قتل خطأ ، وإن لم يكن منه أي تفريط وليس منه أي سبب كأن يمشي مشيا صحيحا ثم يخرج رجل راجل فجأة بما لا يتمكن معه السائق من الوقوف فإنّ هذا لا يعتبر من القتل الخطأ لأنه لا تفريط من السائق مطلقا هذا القول لعله هو أحسن الأقوال في مسألة القتل الخطأ وتنزيل حوادث السيارات عليه.
فصل
قال رحمه الله (تقتل الجماعة بالواحد)
ذهب الحنابلة إلى أنّ الجماع تقتل بالواحد واستدلوا على هذا بأدلة: -
الدليل الأول: قوله تعالى {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون} [البقرة/179] والقصاص هو قتل من قتل واحدا كان أو أكثر.
الثاني: أنّ هذا ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إفتاء وقضاء ، فإنه أفتى بهذا وأنّ الجماعة يقتلون بالواحد. وحكم فيمن قتل بصنعاء من قبل عدد أن يقتلوا به ، وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به.
الثالث: أنه لو لم نقل بقتل الواحد بالجماعة لصار سببا إلى الاحتيال على الحدود بأن يجتمع العدد ليقتلوا شخصا وبهذا يسلموا من القصاص.
القول الثاني: أنه لا يقتل العدد بالواحد لقوله تعالى {النفس بالنفس} [المائدة/45] فتأخذ منهم الدية لعدم التساوي فالمقتول واحد والقتلة جماعة.
القول الثالث: أنه يقتل من الجماعة واحد وتقسم الدية على الباقين لأنّ النفس تأخذ بالنفس والباقين لم يقتلوا لمعنى ولوجود مانع فبقيت في ذمتهم الدية. والراجح المذهب بلا إشكال فتقتل الجماعة بالواحد.
قال رحمه الله (وإن سقط القود أدوا دية واحدة)
إذا سقط القود إما لعفو الأولياء أو لأي سبب من الأسباب فإنّ على الجماعة أن يؤدوا الدية. ولا نقول على كل واحد دية لأنّ النفس الواحدة فيها دية واحدة فتقسم الدية عليهم وإنما صار القصاص منهم كلهم لأنه لا يمكن أن نقتص إلاّ بقتلهم جميعا ، ففرق بين القصاص وبين دفع الدية.
قال رحمه الله (ومن أكره مكلفا على قتل مكافئه فقتله فالقتل أو الدية عليهما)
هذه مسألة الإكراه إذا أكره شخص آخر على قتل الثالث ، فالقتل أو الدية عليهما يعني على المُكره والمكرَه وهذا هو مذهب الحنابلة واستدل الحنابلة على هذا بأنّ المُكره عمل ما يؤدي إلى الموت غالبا وهو إكراه القاتل. وأما القاتل فأمره واضح فقد باشر القتل.
القول الثاني: لأبي يوسف أنه لا قتل عليهما. أما المباشر فلأنه مكرَه. وأما المُكره فلأنه لم يباشر.
والقول الثالث: أنه يقتل المُكره فقط دون المباشر. واستدلوا على هذا بأنّ المُكره هو القاتل في الحقيقة وأما المباشر فهو كالآلة لأنه قتل بسبب الإكراه.
والقول الرابع: أنه يقتل المباشر فقط دون المُكره لأنه هو المباشر والراجح مذهب الحنابلة. وأضعف الأقوال الذي يقول لا قتل عليهما ولا ينتهي عجب الإنسان من هذا القول بناء عليه إذا أراد الإنسان أن يقتل آخر فما عليه إلاّ أن يجبر غيره وبهذا ينجوا هو والمجبر المُكره من القتل يعني أتعجب من صدور هذا الرأي من فقيه مثل أبي يوسف رحمه الله فهو بعيد كل البعد عن الفقه وعن قواعد الشرع ولكن هكذا ظهر له رحمه الله
قال رحمه الله (وإن أمر بالقتل غير مكلف أو مكلفا يجهل تحريمه أو أمر به السلطان
ظلما من لا يعرف ظلمه فيه فقتل فالقود أو الدية على الآمر) هذه ثلاث صور تستثنى من الصور السابقة.
إذا أمر غير مكلف كصغير ومجنون. أو أمر مكلفا إلاّ أنه يجهل التحريم بأن ظن يجوز أن يقتل هذا الشخص أو كان الآمر به السلطان ظلما والمأمور لا يعرف ظلمه. في هذه الصور القود أو الدية على الآمر لماذا؟ لأنه في الصورة الأولى والثانية. لا قصد لهما ونحن أخذنا أنه مع عدم القصد يكون القتل خطأ وإذا لم يجب عليهما القصاص هؤلاء صار القصاص على الآمر لأنّ نفس المؤمن لا تذهب هدرا فإذا لم يمكن تحميل الضمان عليهم صار على الآمر لأنه هؤلاء أصبحوا كالآلة والآلة لا تضمن.
قال رحمه الله (وإن قتل المأمور المكلف عالما بتحريم القتل فالضمان عليه دون الآمر)
إذا أمر شخص شخصا بلا إكراه أن يقتل غيره فقتله فالضمان على المباشر لأنّ الآمر لم يكره والمباشر باشر القتل حفاظا على نفسه فيكون الضمان عليه وبهذا تختلف هذه المسألة وهي مسألة إذا أُمر بغير إكراه عما إذا أُمر بإكراه. إذا تقرر معنا أنه إذا أمر شخص شخصا بالقتل فالضمان على المأمور لأنه الظالم المباشر للقتل. يبقى علينا ماذا على الآمر؟ على الآمر التعزير فقط. يعزر على هذا الأمر تعزيرا بالغا يردع أمثاله عن مثل هذا الأمر.
قال رحمه الله (وإن اشترك فيه اثنان لا يجب القود على أحدهما منفردا لأبوة أو غيرها فالقود على الشريك)
رجع المؤلف لمسائل الاشتراك في القتل فيقول المؤلف فإنّ اشترك فيه اثنان ..... الخ إذا اشترك في القتل اثنان أحدهما عليه القود والآخر يوجد مانع من أن يقع عليه القصاص كأن يقتل رجل وآخر ابنه ، فالأبوة تمنع من القصاص وكأن يقتل حر وعبد عبدا. فالعبد سيقتل بالعبد والحر لا يقتل بالعبد إذا يوجد الآن مانع ، ذكر المؤلف الحكم انه يقتل الشريك الذي ليس فيه مانع واستدل الحنابلة على هذا بأنّ كلا منهما يستحق القود والقصاص فرفعناه عن أحدهما لوجود المانع فبقي في حق الآخر بلا مانع فأمضيناه لأنّ الموجب موجود بلا مانع.
والقول الثاني: أنه لا قصاص عليهما لأناّ لا نعلم جرح أيهما قتل ربما الذي أدى إلى الوفاة جرح الأب في المثال الاول أو الحر في المثال الثاني.
والقول الثالث: التفريق فإذا كان المانع من قتل الشريك يختص به كالأبوة فإنا نقتل الآخر وإذا كان المانع لا يختص به كنقص السبب والمكافأة فإناّ لا نقتص منه. وهذا الثالث هو المذهب والراجح ما ذكره المؤلف لأنه لا يوجد في الشريك مانع فيجب أن نجري عليه القصاص.
ثم - قال رحمه الله (فإن عدل إلى طلب المال لزمه نصف الدية)
أي إن عدل الأولياء عن القصاص إلى الدية فإنّ هذا الذي كنا سنقتله لا يجب عليه إلاّ نصف الدية لأنه كان سيقتل ويرفع القتل عن الآخر لوجود المانع فإذا صرنا إلى الدية فهما مشتركان في القتل فعليهما الدية إذ لا يوجد فأي منهما مانع يمنع من إلزامه بالدية.
والقول الثاني: أنّ على المقتول الدية كاملة لأنه كان سيقتل وهذا القول الثاني ضعيف جدا. ويكون الراجح إن شاء الله القول الأول إذا عدل الأولياء إلى الدية فإنها تكون على المشترك.
الدرس: (2) من الجنايات
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله باب شروط القصاص.
لما ذكر المؤلف رحمه الله أحكام القصاص وما يتعلق به وأنواع الجناية على النفس انتقل إلى الشروط التي تشترط ليتم القصاص من الجاني فقال رحمه الله (وهي أربعة الأول عصمة المقتول فلو قتل مسلم أو ذمي حربيا أو مرتدا لم يضمنه)
الشرط الأول للقصاص من الجاني: أن يكون المقتول معصوم النفس ، فإن قتل حربيا أو مرتدا فلا قصاص ويلحق بهم الزاني المحصن إذا ثبت زناه سواء ثبت قبل القتل أو بعد القتل ، المهم أن يثبت زناه. فإذا قتل الجاني شخصا غير معصوم الدم فلا قصاص.
استدل الحنابلة على هذا: أنه قتل من يستحق القتل وأما أنه افتات على الإمام فيعزر لهذا الافتيات.
القول الثاني: أنه إذا قتل الزاني المحصن أو غيره فإنه يقتاد منه لأن القتل من خصائص الإمام ، فإذا قتل فقد فعل ما لم يؤذن له فيه ، وكل فعل لم يؤذن فيه فعليه ضمانه.
هذا الخلاف بطبيعة الحال كما قلت في ما إذا قتل الزاني المحصن ونحوه أما إذا قتل الحربي فلا ضمان بالإجماع.
ثم - قال رحمه الله (الثاني التكليف فلا قصاص على صغير ولا مجنون)
لا قصاص لا على الصغير ولا المجنون إجماعا. حكي الإجماع
لقول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاث عن الصغير حتى يبلغ والنائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق)
وإذا كان القلم مرفوع عنه فإنه لا يؤاخذ لأن التكليف مرفوع أيضا عنه. وهذه المسألة كما قلت محل إجماع.
مسألة: لم يتطرق إليها المؤلف: السكران: فيه عن الإمام أحمد روايتان. الرواية الأولى أنه يقتل والراوية الثانية انه لا يقتل.
والصحيح أنه يقتل لدليلين: الأول: أن الصحابة أقاموه مقام القاذف في حد الخمر. فقالوا إنه إذا سكر قذف فاجلدوه ثمانين جلدة.
فقاسوا على حد القذف مما يعني أن الصحابة يؤاخذونه بأفعاله.
الدليل الثاني: انه لو قيل بأن السكر يرفع الضمان عن القاتل فلا يقتل بمن قتل لصار هذا بابا يستغله من أراد أن يقتل غيره ، فلسد هذا الباب نقول من قتل يقتل ولو كان سكرانا.
ثم - قال رحمه الله (الثالث: المكافأة بان يساويه في الدين والحرية والرق)
الشرط الثالث: المكافأة والمقصود بالمكافأة: ألا يفضل القاتل المقتول في دين ولا في حرية ولا في رق. والفرق بين الحرية والرق أنهم يقصدون بالرق أن يكون أن يكون المقتول مملوكا للقاتل. فإذا كان مملوكا للقتل فإنه ليس بينهما تكافؤ من جهتين:
الأول: تفاوت الحرية. والثاني: أنه مملوك له.
مسألة: ووقت المكافأة المعتبر هو حال الجناية ، فإذا قتل عبد عبدا ثم أعتق القاتل فإنه يقتل وإن كان حال تنفيذ القصاص حرا، لكن المعتبر في المكافأة حال أداء عمل الجناية.
ثم لما ذكر الشيخ المكافأة فصل فيها.
ثم - قال رحمه الله (فلا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد)
لا يقتل مسلم بكافر ولو كان هذا الكافر ذميا. وقد حكي الإجماع على هذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري (لا يقتل مسلم بكافر)
والقول الثاني: أن المسلم يقتل بالكافر ومقصودهم إذا كان ذميا أو مستأمنا أي إذا كان معصوم الدم.
واستدل أصحاب هذا القول: لأن النبي صلى الله عليه وسلم (قتل مسلما بكافر) وهذا الحديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم والراجح المذهب. قد شدد الإمام احمد وأنكر إنكارا شديدا على من ذهب إلى القول الثاني لكونه خالف الحديث الصريح الذي في صحيح البخاري ، ولهذا أنكر عليه إنكارا شديدا ، وهذا الإنكار من الإمام احمد إشارة إلى ما ذكره شيخ الإسلام: أن مسائل الخلاف تنقسم إلى قسمين: مسائل خلاف ومسائل اجتهاد ، وأن المسائل التي يسوغ فيها الاختلاف هي مسائل الاجتهاد لا مسائل الخلاف، والفرق بينهما أن مسائل الاجتهاد: هي المسائل التي تبني على أدلة صحيحة ولها وجهة صحيحة من النظر ، أما مسائل الخلاف فتشمل هذه وتشمل المسائل التي لم تبن على دليل صحيح كخلاف الحنفية في الطمأنينة وعدة مسائل يعتبر الخلاف فيها شاذا وينكر على من خالف فيها فهذا الإنكار من الإمام احمد يشير إلى أن هذا التقسيم صحيح.
ثم - قال رحمه الله (ولا حر بعبد)
لا يقتل الحر بالعبد لعدم مكافأة ، فإذا قتل حر عبدا صرنا إلى الدية لعدم المكافأة ، واستدل الحنابلة على هذا بأمرين:
الأول: انه مروي عن عمر وعلي.
الثاني: حديث (لا يقتل حر بعبد)
أما الحديث فهو ضعيف وأما الآثار فلم أقف على أسانيدها.
القول الثاني: أن الحر يقتل بالعبد. واستدلوا بدليلين:
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم (المؤمنون تتكافأ دمائهم) والعبد مؤمن.
الدليل الثاني: العمومات فإنها عامة تشمل ما إذا كان المقتول حرا أو عبدا. واختار هذا القول شيخ الإسلام وقال ليس في استثناء العبد حديث صحيح صريح. وأيد شيخ الإسلام قوله بقول النبي صلى الله عليه وسلم (من قتل عبده قتلناه) لكن أيضا هذا الحديث فيه ضعف. والراجح ما ذهب إليه شيخ الإسلام.
ثم - قال رحمه الله (وعكسه يقتل) إجماعا ..
لأنه إذا أخذ بالأدنى فيؤخذ بالأعلى فإذا قتلنا الحر بالحر فلأن نقتل العبد بالحر من باب أولى. لأن الحر أرفع درجة في باب المكافأة من العبد عن الحنابلة.
ثم - قال رحمه الله (ويقتل الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر)
أما قتل الأنثى بالذكر فهو إجماع وتدل عليه العمومات. إلا أن بعض الفقهاء وروي عن علي ولا أظنه يثبت أنه قال (إذا قتلت المرأة الرجل فإنا نقتل المرأة ونعطي أهل المقتول نصف الدية) لكونها أقل مرتبة. فقتلها مع نصف الدية يوازي الرجل. ولكن المجد ابن تيمية أنكر هذا القول جدا وقال إنه قول ضعيف ولذلك أنا أقول إن هذا القول لا أظنه يثبت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
المسألة الثانية: أن الرجل يقتل بالمرأة ، والدليل على هذا ما في حديث عمرو بن حزم أنه قال (وأن الرجل يقتل بالمرأة)
واستدلوا على هذا بالعمومات (النفس بالنفس) وقوله (الحر بالحر).
والقول الثاني: أن الرجل لا يقتل بالمرأة لأنها أقل منه بل نصير إلى الدية. وهذا القول الثاني ضعيف.
والراجح بلا إشكال إن شاء الله أن الرجل يقتل بالمرأة ، ومما يدل على تعين القول بهذا المذهب حديث اليهودي الذي قتل الجارية فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقاده بها. وهو نص في قتل الرجل بالمرأة.
ثم - قال رحمه الله (الرابع: عدم الولادة)
يشترط لتنفيذ القصاص ألا يكون القاتل أبا للمقتول وإلا فإنه لا يقاد به. واستدل الجمهور على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يقتل والد بولده) وهذا الحديث فيه خلاف شديد في ثوبته أو عدم ثبوته والأقرب والله أعلم أنه صحيح.
والقول الثاني: انه يقتل به. وهو اختيار ابن المنذر واستدل على ذلك بالعمومات. وكأنه يضعف الحديث.
والقول الثالث: اختيار الإمام مالك: أنه إن قتله قتلة لا يشك فيها بالعمد كان أضجعه وذبح فإنه يقاد به وإلا فلا.
والراجح الأول مادمنا نصحح الحديث. والحديث يجب المصير إليه فإنه يقول لا يقاد والد بولده.
ثم - قال رحمه الله (فلا يقتل أحد الأبوين وإن علا بالولد وإن سفل)
فلا يقتل احد الأبوين الأب أو الأم سواء علا أو سفل بناء على هذا لا يقتل أبو الأب ولا أبو الأم بحفيدهما. واستدلوا على هذا بأمرين:
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم (إن ابني هذا سيد) وهو يقصد ابن بنته فسماه ابن فيدخل في الحديث.
الثاني: أنه يطلق على الجد أنه والد.