المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مقصود المؤلف بقوله قبل أن يبرد يعني قبل أن تزهق - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ٦

[أحمد الخليل]

الفصل: مقصود المؤلف بقوله قبل أن يبرد يعني قبل أن تزهق

مقصود المؤلف بقوله قبل أن يبرد يعني قبل أن تزهق روحه تماما والسلخ وكسر العنق قبل أن تخرج الروح تماما فيه تعذيب للبهيمة فعليه أن ينتظر إلى أن تخرج الروح ثم إن شاء سلخ وكسر الرقبة ومن هنا نعلم أنّ كسر الرقبة بالتعجيل بموت الذبيحة أيضا مكروه فإنّ كسر الرقبة مكروه لأي غرض سواء كان للاستعجال أو لغيره وهو مكروه لأنّ فيه تعذيبا للبهيمة وقول الفقهاء كسر الرقبة معلوم أنّ مقصودهم كسر الرقبة وهي حية أما كسر الرقبة بعد الموت لا إشكال فيه لكنهم يقولون كسر الرقبة ويقصدون يعني قبل أن تموت.

‌باب الصيد

الصيد في اللغة /يأتي على معنيين:

المعنى الأول: نفس المصيد يعني الحيوان

والمعنى الثاني: الفعل يعني الإصطياد

فهذه الكلمة تطلق على المعنيين في آن واحد.

وأما تعريف الصيد في الاصطلاح / فهو جرح حيوان مباح غير مقدور عليه.

هذا التعريف جيد في الحقيقة وشامل جرح حيوان مباح غير مقدور عليه هذا تعريف للمالكية من وجهة نظري أنه من أسلم التعاريف وأوضحها وأدلها على المقصود وأشملها للحيوان المتوحش والحيوان الأهلي إذا ند وتوحش.

ثم - قال رحمه الله (لايحل الصيد المقتول في الاصطياد إلى بأربعة شروط: أحدها: أن يكون الصائد من أهل الذكاة)

الشرط الأول أن يكون الصائد الذي صاد هذا الحيوان من أهل الذكاة وتقدم معنا في الباب السابق من هم أهل الذكاة فمن يجوز له ومن تحل ذبيحته هو الذي يحل منه الصيد ولهذا لو جاء المجوسي وصاد أو الوثني وصاد فإنه صيده ميتة وإن جاء الكتابي فصاد أو جاء المسلم فصاد فصيده حلال إذا من تحل ذبيحته هو من تقدم في باب الذكاة.

ثم - قال رحمه الله (الثاني: الآلة: وهي نوعان محدد:)

الشرط الثاني أن يستعمل في الصيد آلة وآلة الصيد في الشرع تنقسم إلى قسمين: المحدد والجوارح. بدأ الشيخ بالمحدد. الصيد بمحدد جائز بإجماع الفقهاء واستدلوا على هذا بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم} المائدة/94] فدل هذا على أنّ قتل الصيد بالرمح صيد يعني اصطياد فدل عليه النص والإجماع لكن هذا المحدد له شروط.

يقول المؤلف رحمه الله (يشترط فيه ما يشترط في آلة الذبح)

ص: 265

وخلاصة ما يشترط في آلة الذبح أمران: الأول" أن ينهر الدم بالقطع لا بثقله. والثاني: أن لا يكون بالسن ولا بالظفر. هذا خلاصة شروط الآلة السابقة هذه الشروط تشترط أيضا في آلة الصيد فيجب أن يقتل بجرحه وقطعه وإسالته للدماء لا بثقله وسيؤكد المؤلف الشرط الثاني ولهذا هو يقول وأن يجرح يعني ويشترط في الآلة أن يجرح وفي الحقيقة هذا الشرط مستفاد من الشرط السابق لأنه من شروط الآلة السابقة أن تجرح وبيّنها المؤلف تماما وهي أن تنهر الدم وألاّ تقتل بدق العروق وإن خرج بعد ذلك الدم بل يجب أن يخرج الدم نتيجة الجرح لا نتيجة الثقل والدق.

ثم - قال رحمه الله (فإن قتله بثقله لم يبح وما ليس بمحدد .... الخ)

قوله فإن قتله بثقله لم يبح وما ليس بمحدد مسألة واحدة هاتان المسألتان مسألة واحدة لأنّ الذي يقتل بثقله هو ما ليس بمحدد وإذا أردنا أن نقول العلة في ما ليس بمحدد البندق والشبكة والعصا أيضا سنعلل هذا أنه يقتل بثقله إذن نقول فإن قتله بثقله لم يبح وما ليس بمحدد كالبندق والعصا والشبكة والفخ لا يحل ما قتل به وهذا شيء واحد وهو أنّ الصائد إذا قتل بآلة تقتل بثقلها فإنّ الصيد لا يجوز والدليل على هذا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المعراض فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن قتل بجرحه فكل وإن قتل بعرضه فلا تأكل. وهو حديث صريح بأنه إذا قتل المعراض بعرضه يعني بثقله فإنّ الصيد لا يجوز وهو نص يؤيد ما ذهب إليه الحنابلة من أنّ القتل بآلة الصيد يشترط فيه القطع والخزق.

والقول الثاني: أنه لا يشترط وأنّ الإنسان إذا رمى صيدا بأي آلة ولو لم تجرح فإنه يجوز أن يأكل واستدلوا على هذا بالعمومات. وأنها لم تذكر الخزق والراجح الأول لأنّ الحديث صريح في اشتراط القطع ومما يؤكد صراحة الحديث أنه قسم القتل إلى قسمين شيء بعرضه وشيء بجرحه وهذا يؤكد أنّ القتل بالثقل لا يبيح الصيد. ولهذا نقول إن شاء الله الراجح هو مذهب الجمهور وهو القول الأول.

قوله رحمه الله (كالبندق)

البندق طينة مدورة إذا يبست استعملوها في الرمي فهذه تقتل بالثقل ولا تخرق جسم الطائر وإنما تضربه مع الرأس أو مع الجسد ضربة قوية فيسقط بدون أن تسيل منه الدماء.

ص: 266

ثم - قال رحمه الله (والنوع الثاني الجارحة ، فيباح ما قتله إذا كانت معلمة)

النوع الثاني من آلات القتل الجارحة والجوارح تنقسم إلى قسمين: ما يصيد بنابه وما يصيد بمخلبه.

والجوارح يجوز الصيد بها بالإجماع واستدلوا على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل. وبقوله تعالى {وما علمتم من الجوارح مكلبين} [المائدة/4] ومعنى مكلبين يعني مغرين ، والجارحة في لغة العرب أو الجارح هو الكاسب فهل الأصل أنّ الجارح هو الحيوان واشتق منه إلى كل كاسب ، أو الأصل أنه الكاسب واشتق منه للجارح؟ الجواب يحتاج إلى بحث قرأت في كتب اللغة لكن ما ظهر لي من عبارتهم أيهما الأصل أيهما الاشتقاق فتحتاج توسع في البحث اشترط الفقهاء لصحة الصيد بالجوارح ثلاث شروط: الشرط الأول" أنه إذا أرسله ذهب. الثاني" أنه إذا زجره وقف. الثالث" أنه إذا صاد لم يأكل.

واستدلوا على هذه الشروط بقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت كلبك المعلم. وإذا كان الكلب إذا أرسل لم يذهب فليس بمعلم واستدلوا على هذا بأنّ الحديث والآية نصت على اشتراط التعليم والتعليم يكون عند أهل الصنعة بذلك.

القول الثاني: أنه يرجع في حد التعليم وضبطه إلى العرف فما اعتبروه معلما من الجوارح فهو معلم وما لا فلا ولا نتقيد بالإرسال والزجر والأكل فالفهد مثلا إذا زجر لم يزجر عنيد لكنه يعلم على أن لا يأكل فلا يأكل فدل هذا على أنه ينبغي الرجوع بحسب كل حيوان إلى أهل الخبرة والمعرفة وهذه الشروط التي ذكرت هي الشروط التي تتعلق بما يصيد بنابه.

القسم الثاني: ما يصيد بمخلبه والشروط هي هي تماما والبحث هو هو تماما إلاّ أنه يستثنى أنه لا يشترط أن تأكل وهذا خاص بالطيور.

وعللوا هذا بأنّ الطير يصعب تعليمه على ترك الأكل ولا يمكن أن يضرب كما تضرب السباع معلوم أنه لن يضرب أليس كذلك؟ يمكن أن تضرب الصقر؟ لا يمكن ليس فيه مكان للضرب بخلاف الكلب والفهد والنمر فإنها تضرب وتتعلم بالضرب وهذا صحيح أنه لا يشترط في الطير أن لا يأكل فتحصل معنا الآن أنه يشترط هذه الشروط وهي أن يكون معلم وأنّ التعليم يحصل بما ذكرت.

ص: 267

مسألة / ذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يشترط في جميع الجوارح أن لا تأكل وأنها إذا أكلت جاز واستدلوا على هذا بالعمومات فإنه كلب معلم صاد فيدخل في العمومات.

والقول الثاني: أنّ هذا الشرط صحيح وأنه يشترط أن لا يأكل واستدلوا على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل كلبك فلا تأكل فإنك لا تدري أمسك عليك أو عليه لأنّ أكل الكلب يجعل الأمر مختلط هل الكلب أمسك لك أو أمسك لنفسه وهذا القول الثاني مهما يكن من أمر هو الراجح لوجود الدليل الصريح ويجب المصير إلى مثله.

ثم - قال رحمه الله (الثالث: إرسال الآلة قاصدا)

الشرط الثالث أن يكون إرسال الآلة أيّا كانت قصدا يعني بقصد من المرسل فإن ذهب الكلب وانطلق بغير إرسال من الصائد فإنه لا يحل يعني ما يصيد وإن أطلق النار على هدف لا على صيد فأصاب صيدا فإنه لا يحل واستدلوا على اشتراط القصد بقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت كلبك المعلم. فاشترط الإرسال واستدلوا بدليل ثاني وهو أنّ إرسال الآلة يقوم مقام الذبح بالسكين والذبح بالسكين يشترط له القصد قصد التذكية.

مسألة / فإن انطلق الكلب ثم سميت عليه فإنه على الصحيح لا يجوز يعني ما يصيد به لأنّ شرط التسمية وجد ولكن شرط القصد مفقود. يشترط من هذا المسألة التي ذكرها المؤلف

يقول الشيخ رحمه الله (فإن استرسل الكلب أو غيره بنفسه لم يبح إلاّ أن يزجره فيزيد في عدوه في طلبه فيحل)

إذا انطلق الكلب بغير أمر السيد ثم زجره فزاد في عدوه فإنّ الصيد حينئذ حلال واستدلوا على هذا بأنّ الكلب لما زاد عدوه بسبب الزجر الجديد تبيّن أنه يصيد على صاحبه وهذا صحيح.

يقول المؤلف رحمه الله (فإن استرسل الكلب أو غيره)

أشار المؤلف بقوله أو غيره إلى أنّ الفقهاء رحمهم الله اختلفوا في الطائر هل يشترط فيه القصد أيضا كالكلب أو لا يشترط ولو انطلق الطائر بغير إرسال صاحبه لجاز فمن الفقهاء من قال هذا شرط في السباع دون الطيور والصحيح أنه شرط في الطيور والسباع لأنّ الدليل والتعليل يعم الجميع.

ثم - قال رحمه الله (الرابع: التسمية عند إرسال السهم أو الجارحة)

ص: 268

يشرط عند إرسال السهم أو الجارحة مثلا أن يسمي واستدلوا على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل. وإذا صاد كلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل. والاستدلال بالشطر الأول فا شترط التسمية وهذا أمر واضح. قول المؤلف (عند إرسال) لا يقصد أنه يشترط في ذات اللحظة فلو تقدمت التسمية قليلا أو تأخرت قليلا جاز أما إن تقدمت كثيرا أو تأخرت كثيرا فإنه لا يجوز.

مسألة / فإن أرسل كلبه ونسي التسمية ثم سمى والكلب يجري ففيه خلاف والصحيح أنه صيد علمنا من هنا أنّ شرط قصد الإرسال أهم أو أدق من شرط؟ لأنه يمكن أن تدرك التسمية ولا يمكن أن تدرك قصد الإرسال إلاّ بالزجر وهذا ممكن في الآلات القديمة أما في الآلات الحديثة فإنه لا أظن هل يتصور أنه يسمي بعد أن يرمي ممكن؟ من وجهة نظري لا يوجد وقت فبمجرد ما يضغط على الزناد وهو لم يسم يعتبر الأمر انتهى هل يمكن أن يقول مباشرة بسم الله ، أيهم أسرع قوله بسم الله أو وصول؟ يبدوا أنّ وصول الرصاصة أسرع المهم أنه في الحقيقة بالنسبة للآلات الحديثة إذا لم يسم قبل أن يطلق فهي ليست ذبيحة فهي ليست صيد. أما في الآلات القديمة ومن يستخدم الآن الطيور والجوارح فهذا ممكن.

ثم - قال رحمه الله (فإن تركها عمدا أو سهوا لم يبح)

إذا ترك التسمية في الصيد عمدا أو سهوا لم يبح وبهذا اختلف قول الحنابلة بين الذبح والصيد ففي الذبح يعذرون بالبسملة أي يعذرون بنسيانها وفي الصيد لا يعذرون وفرقوا أو ذكروا وجه التفريق بقولهم أنه في الذبح وقع الذبح في مكانه الذي حدده الشارع فتسوهل في التسمية وأما في الصيد فإنه خرج عن القياس وجاز الذبح في غير المنحر ولهذا تشددنا في التسمية هذا دليلهم رحمهم الله

القول الثاني: وهو للجمهور يجوز الصيد وهو صيد حلال إذا نسي التسمية.

ص: 269

والقول الثالث: التفريق بين أن يصيد بالجوارح أو أن يصيد بالمحدد أيهما الذي يعفى فيه؟ في وجه فقهي لو تأملتموه. قالوا أنّ الكلب له قصد بخلاف الآلة فليس لها قصد مطلقا وإذا كان الكلب له قصد فيشترط التسمية بخلاف الآلة فهي آلة فيعفى عن نسيان التسمية والخلاف في هذه المسألة كالخلاف في المسألة السابقة ، إما أن نقول يعفى أو لا يعفى والتفريق ليس له وجه التفريق ضعيف لأنّ الكلب وإن كان له نوع قصد إلاّ أنه يبقى كالآلة والقصد الذي عنده غير معتبر مطلقا فنبقى أنه إذا عذرنا في الذبيحة فمن باب أولى في الصيد

لأنّ النسيان فيه والسرعة توجب العذر وإن لم نعذر هناك لم نعذر هنا من هذا الخلاف عرفنا أنه لا يوجد من الفقهاء من عكس مذهب الحنابلة أليس كذلك لا يوجد من قال يعفى حسب ما أوقفت عليه في الصيد ولا في الذبح مع أنّ هذا هو المتبادر للذهن لمشقة تذكر البسملة أو التسمية عند إرسال الصيد وسهولته عند الذبح لكن مع ذلك لم نجد من عكس مع أنّ الحنابلة عكسوا هذا المتصور والمتبادر للذهن.

ثم - قال رحمه الله (ويسن أن يقول معها: الله أكبر كالذكاة)

يسن ذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يضحي قال بسم الله والله أكبر وذبح بيده فيسن أن يجمع بين البسملة والتكبير.

ص: 270