المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حد قطاع الطريق - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ٦

[أحمد الخليل]

الفصل: ‌باب حد قطاع الطريق

‌باب حد قطاع الطريق

قطاع الطريق في الاصطلاح هم من يخرجون على المارة لسرقة المال بالقهر والغلبة هؤلاء هم قطاع الطريق الأصل فيهم قوله تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} [المائدة/33] فهذه الآية نص في عقوبة قاطع الطريق ، قال ابن عباس معلقا على الآية نزلت في المسلمين فهذه الآية أصل في هذا الباب.

يقول الشيخ رحمه الله (وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح .... إلى آخره)

يشترط لمن خرج على الناس ليعتبر من المفسدين ومن قطاع الطرق أن يتحقق فيه ثلاثة شروط ذكرها المؤلف بقوله الذين يعرضون للناس بالسلاح ، هذا الشرط الأول أن يخرجوا بالسلاح واشتراط خروجهم في السلاح محل إجماع من حيث الأصل يعني في الجملة لكن اختلفوا فيما لو خرجوا بالعصي والحجارة ونحوها فهل يعتبر هذا خروج وقطع للطريق أو لا على قولين:

القول الأول: أنه يعتبر خروج لأنّ العصا أداة للقتل والقطع وهي من جملة السلاح.

والقول الثاني: أنهم إذا خرجوا بمجرد العصي والحجارة فإنهم ليسوا قطاع طريق لأنّ السلاح عند الإطلاق يطلق على السيف ونحوه من المحددات التي تقطع والراجح القول الأول أنهم متى خرجوا وأخافوا الناس ولو بغير سلاح حاد فإنهم من قطاع الطريق.

ثم - قال رحمه الله (في الصحراء أو البنيان)

هذا الشرط الثاني أن يخرجوا في الصحراء أو البنيان أما إذا خرجوا في الصحراء فهو موضع إجماع يعتبرون من قطاع الطرق وأما إذا خرجوا في البنيان فالمذهب كما ترى أنهم قطاع طريق لأنّ الخروج في البنيان أعظم لأنّ المدن اعتيد فيها الأمن والاطمئنان وقطع الطريق فيها مما يوجب الفوضى.

ص: 216

الدرس: (5) من الحدود

قال شيخنا حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

بدأ المؤلف في الكلام عن أحكام الصيال

فقال رحمه الله (ومن صال على نفسه ، أو حرمته ، أو ماله آدمي أو بهيمة)

الصيال في لغة العرب / الإقدام بقوة.

وأما في الاصطلاح/ فهو الاستطالة على الغير بغير حق وعرفنا بذلك تعريف الصيال لغة واصطلاحا. والصيال محرم لأنه من أذية المسلم ومن الاعتداء عليه وهو محرم بأدلة الشرع العامة.

يقول المؤلف رحمه الله (ومن صال على نفسه أو حرمته أو ماله)

هذه الثلاثة أصناف هي التي يصال عليها عادة إما النفس أو المال أو العرض وسيبيّن المؤلف لا حقا حكم دفع الصائل بكل واحدة من هذه الثلاثة.

يقول المؤلف رحمه الله (فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به)

قوله فله الدفع عبارة تدل على أنّ الدفع جائز لكن المؤلف لا يريد هذا فإنه سيبيّن ما حكم الدفع بعبارة خاصة بهذه المسألة لكنه يريد أن يبيّن أنه من حيث الأصل له أن يدفع الصائل واشترط المؤلف في دفع الصائل أن يبدأ بالأخف فالأخف ، فلا يجوز له أن يدفعه بشيء مع قدرته على أن يدفعه بأخف منه والدليل على هذا أنّ دفع الصائل إنما جاز ضرورة والضرورة تقدر بقدرها فلا يجوز له أن يزيد عن ما يحصل به دفع الضرورة.

والدليل الثاني: أنّ الأصل في أموال وأنفس المسلم الحرمة والعصمة وإنما جاز لكونه صائلا فلا يستباح منها إلاّ ما يدفع صياله واستثنى الفقهاء من هذا الحكم العام وهو أنه لا بد أن يبدأ بالأخف فالأخف صورا.

فالصورة الأولى" إذا ظن أنه لن يدفع إلاّ بالقتل فله أن يبدأ به فإذا غلب على ظنه أنّ هذا الصائل لن يندفع بالأخف فالأخف بل لن يندفع إلاّ بالقتل فله أن يقتله.

ص: 217

الصورة الثانية" أن يخشى المعتدى عليه أن يبادر الصائل بقتله فله أيضا أن يبادر هو بقتل الصائل. والذي يظهر لي أنّ هذه الاستثناءات لا نحتاج إليها وإن كان جملة الفقهاء ذكروها والسبب في ذلك أنه عند التأمل في الأمور التي استثناها الفقهاء ستجد أنه ينطبق عليها أنه لا يمكن دفعه بالأخف فالأخف فإذا ينطبق عليها الشرط ولسنا بحاجة إلى استثناءها لكن الفقهاء رحمهم الله لما رأوها خارجة عن صورة الدفع بالأسهل فالأسهل جعلوها مستثناة وإلاّ هي عند التأمل لا تستثنى فمثلا الذي يخشى أن يبادر الصائل بقتله هل يستطيع أن يدفع بالأخف فالأخف لو دفع بالأخف فالأخف ذهبت نفسه فإذا هو لا يستطيع في الواقع وهكذا جميع الأمثلة التي ذكروها كمستثنيات من هذه القاعدة.

ثم يقول المؤلف رحمه الله (فإن لم يندفع إلاّ بالقتل فله ذلك ولا ضمان عليه)

إذا لم يمكن أن يندفع الصائل إلاّ بقتله فله أن يقتله ولا ضمان عليه ونفي الضمان يشمل القصاص والكفارة والدية ، والسبب في نفي الضمان أنه فعل فعلا مأذونا له فيه شرعا وما أذن به الشارع فإنه لا يترتب عليه ضمان ، وهذا صحيح بل سينتقل المؤلف إلى مرتبة أعلى

فيقول رحمه الله (فإن قتل فهو شهيد)

والدليل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم[من قتل دون ماله فهو شهيد] هذا الحديث في البخاري لكن الحديث المشهور من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون نفسه فهو شهيد. خارج الصحيح إنما الذي في الصحيح المال فقط لكنه يدل على الدفع عن النفس وعن العرض وأنّ من قتل في سبيل الدفع عنهما فهو شهيد.

ثم - قال رحمه الله (ويلزمه الدفع عن نفسه وحرمته دون ماله)

ص: 218

انتقل المؤلف إلى حكم دفع الصائل إذا صال على النفس أو المال أو العرض ، نبدأ بالنفس إذا صال على النفس فاختلف الفقهاء في حكم دفعه على أقوال: القول الأول: وهو المذهب أنه إذا صال عليه في فتنة فإنه لا يدفع يعني لا يجب عليه وإن صال في غير فتنة فإنه يجب عليه أن يدفع واستدلوا على هذا التفصيل بالجمع بين الأدلة. فقالوا لا يجب الدفع حال الفتنة لأنّ عثمان رضي الله عنه منع عبيده أن يدفعوا ومنع أبناء الصحابة أن يدفعوا حتى قتل ، ولو كان منعه محرم لأنكر عليه الصحابة فلما لم ينكروا علمنا أنّ الدفع ليس بواجب. الدليل الثاني: أمير المؤمنين عثمان اشتهرت عنه العبارة [من ألقى سيفه فهو حر] قال لعبيده من ألقى سيفه فهو حر يعني كالملزم لهم بعدم الدفع.

والدليل الثالث: قول النبي صلى الله عليه وسلم فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فغطي رأسك. فدل الحديث على أنّ له أن يستسلم إذا هدده بالسلاح الصائل وأن يغطي رأسه حتى لا ينظر أثناء قتله وهو مبالغة في جواز ترك الدفع وأما الدليل على وجوب الدفع في غير الفتنة فقوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة/195] فإنّ ترك الدفع يؤدي إلى الهلاك.

والقول الثاني: أنّ الدفع واجب مطلقا واستدلوا بالآية السابقة.

والقول الثالث: أنّ الدفع واجب مطلقا إذا كان الصائل كافر ولا يجب مطلقا إذا كان الصائل مسلم واستدلوا بالأدلة الأولى للحنابلة

والراجح إن شاء الله مذهب الحنابلة ففيه الجمع بين النصوص.

المسألة الثانية / حكم الدفع إذا كان الصيال على العرض. إذا كان الصيال على العرض فجب الدفع بالإجماع وتعليل ذلك أنه ليس من سبيل شرعا لإباحة الأبضاع فليس للإنسان أن يبيح عرضه لأحد ولهذا وجب عليه أن يدفع فمسألة الدفع عن العرض أيضا واضحة وهي محل إجماع.

المسألة الثالثة والأخيرة: الدفع عن المال وفيه خلاف فذهب الجماهير من الفقهاء والأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد إلى أنّ الدفع عن المال سنة وليس بواجب واستدلوا على هذا بأنّ بذل المال مجانا جائز فترك الدفع عنه من باب أولى.

ص: 219