المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الدليل الثاني: أنّ عمر رضي الله عنه كان إذا أوتي - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ٦

[أحمد الخليل]

الفصل: الدليل الثاني: أنّ عمر رضي الله عنه كان إذا أوتي

الدليل الثاني: أنّ عمر رضي الله عنه كان إذا أوتي بالرجل وقع الشرب منه زلة جلده أربعين ، وإذا أوتي بالرجل المنهمك جلده ثمانين ولو كان حدا لم يختلف من شخص لآخر وهذا القول اختاره ابن القيم.

القول الثالث: أنّ شرب الخمر لا حد فيه وأنه تعزير كله يرجع فيه إلى رأي الإمام واستدلوا على هذا بأمرين:

الأول: روي عن ابن عباس أنه قال لم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر حدا.

الثاني: أنه جاء في الحديث الصحيح أنّ رجلا شرب الخمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فجلدوه بالنعال والجريد وأطراف الثياب والأيدي وهذا ليس حدا وإنما تعزيرا.

والجواب عليه: أنّ في هذا الحديث الذي فيه الجلد بالنعال والأيدي وأطراف الثياب أنه ضربوه أربعين ضربة ، فأثبت في الحديث العدد

والراجح القول الثاني وإن كان العمل على المذهب. أنّ الحد ثمانون جلدة لا ينقص منها وفي الواقع لا فرق من حيث الواقع وبين القول الثاني والراجح لماذا؟ لأنّ عمر إنما زاده لانهماك الناس والناس ما زالوا منهمكين فإذا سيستمر الحد ثمانون جلدة وإنما يتضح الخلاف فيما إذا صار شرب الخمر قليلا يقع في النادر حينئذ يكون للخلاف ثمرة في الواقع.

ثم - قال رحمه الله (وأربعون مع الرق)

لما تقدم في الزنا والقذف وإذا كان ينصف في الزنا والقذف وهي أعظم من الشرب ففي الشرب من باب أولى.

‌باب التعزير

قوله رحمه الله باب التعزير

التعزير في اللغة هو الرد والمنع. وقيل إنّ التعزير من الأضداد فهو يطلق على النصرة ويطلق في نفس الوقت على التأديب أي أنّ معنى النصرة ومعنى التأديب معان أصلية في لغة العرب لهذا اللفظ.

وأما في الاصطلاح / فذكره المؤلف بقوله وهو التأديب ، قوله وهو التأديب فيه نقص ولو قال وهو التأديب في المعصية لا حد فيها ولا كفارة لكان تعريفا أوضح وهذا التعريف الثاني اختاره الشيخ المجد في المحرر وهو تعريف محرر إذا التعزير هو التأديب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة ، والمؤلف جعل تعريف الشيخ ابن مفلح كأنه من الأحكام ولهذا يقول وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة والواقع أنّ هذا هو التعريف.

قوله رحمه الله (وهو واجب)

ص: 193

أشار المؤلف إلى أنّ قيام الإمام بالتعزير في المعاصي التي ليس فيها حدود واجب ومتعيّن فكل معصية يجب أن يؤدب فيها.

والقول الثاني: أنّ التعزير أمر مندوب وليس بواجب فإن شاء الإمام صنعه وإن شاء تركه.

والقول الثالث: أنّ التأديب يرجع فيه إلى المصلحة لا إلى التشهي فإذا رأى الإمام أنّ المصلحة في التأديب والزجر على معصية معيّنة فعليه أن يفعل وإن رأى أن لا يفعل فذاك إليه. لأنه ثبت في السنة في أحاديث كثيرة أنّ بعض الصحابة ألمّ بذنب لا يوجب العقوبة ولم يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم تعزير له ولا تأديب فعلمنا أنه أمر يرجع فيه إلى رأي الإمام بحسب المصلحة لا حسب التشهي

قال رحمه الله (وهو واجب في كل معصية)

ظاهره أنه واجب في كل معصية يعني فعل محرم ومرادهم رحمهم الله في كل معصية سواء كان فعل محرم أو ترك واجب وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام أنه في فعل المحرم وترك الواجب.

ثم - قال رحمه الله (لا حد فيها ولا كفارة)

يعني أنه لا يشرع الجمع بين الحد والتعزير وهذا أمر مسلم فيه ويستثنى من هذا صور يسيرة جاء في الشرع الجمع فيها بين الحد والتعزير منها المسكر منها الزيادة على الأربعين فيها جمع بين الحد والتعزير وما عدى الصور المستثناة فإنه لا يجوز الجمع بين الحد والتعزير لأنّ الحد يكفي عن التعزير وهو العقوبة التي اختاره الله.

يقول رحمه الله (لا حد فيها ولا كفارة)

إذا كان العمل المحرم فيه كفارة فإنه لا يجوز أن نجمع مع الكفارة تعزير مثال ذلك الظهار فالظهار ذنب ومعصية لا حد فيها لكن فيها كفارة فلا يجوز أن نؤدب المظاهر بغير الكفارة كذلك القتل شبه العمد نفس الشيء فيه كفارة فإذا قتل الإنسان شبه عمد فإنه لا يجوز أن نؤدبه وإنما نكتفي فيه بالكفارة وأيضا هل نقول قتل الخطأ؟ نعم لأنه ليس فيه ذنب ، فيه كفارة لكنه ليس بذنب ولا معصية لأنه خطأ لا يؤاخذ عليه الإنسان. يفهم من كلام المؤلف أنه يجوز أن نجمع بين الدية والتأديب لأنه استثنى الحد والكفارة فقط.

إذا يجوز أن نجمع بين التأديب الدية وهو كذلك وتمثيل الحنابلة يدل على هذا فإنهم مثلوا بشبه العمد وشبه العمد فيه دية فإذا وجود الدية لا يمنع من وجوب التأديب.

ص: 194

قال رحمه الله (كاستمتاع لا حد فيه)

الاستمتاع الذي لم يصل إلى ما يوجب حد الزنى فإنه فيه التأديب والتعزير ونحن تقدم معنا أنّ حد الزنا لا يكون إلاّ بماذا؟ بالوطء فكل استمتاع من الرجل بالمرأة لم يصل إلى الوطء ففيه التعزير فقط.

يقول رحمه الله (وسرقة لا قطع فيها)

سيأتينا أنواع كثيرة للسرقات التي ليس فيها قطع كالسرقة من غير حرز وسرقة الأب من مال أبنه والشبه التي ستأتينا كثيرة في باب حد قطع السرقة فكل ما يمنع من القطع فإنه يجب أن نؤدب وأن نعزر هذا السارق.

قال رحمه الله (وجناية لا قود فيها)

تقدم معنا جملة من الجنايات لا قود فيها وهي الجنايات الخمس الأولى فهذه الجنايات التي تقدمت معنا ليس فيها قصاص إلاّ أنه فيها تأديب وتعزير وإذا كانت الجناية لا قصاص فيها وفيها دية فهل فيها تعزير؟ نعم كما تقدم معنا أنّ الدية لا تمنع التعزير وإنما الذي يمنعه الحد أو الكفارة.

ثم - قال رحمه الله (وإتيان المرأة المرأة)

هو السحاق تقدم معنا أنه فقد شرطا من شروط إقامة حد الزنا وهو الوطء ولذلك فيه التأديب فقط.

ثم - قال رحمه الله (والقذف بغير الزنا ونحوه)

إذا قذف بغير الزنا كأن يقول يا فاسق يعني بغير الزنا لكونه يشرب الخمر أو لأي موجب من موجبات الفسق أو الشتم الدارج بين الناس فإنّ هذا لا يستوجب حد القذف فكل لفظ فيه عيب وشتم لم يصل إلى حد القذف فإنّ فيه التعزير.

قال رحمه الله (ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات)

المؤلف يريد أن يبيّن الحد الأعلى للتعزير لكنه لم يتحدث عن الحد الأدنى والسبب في هذا أنّ الجماهير يرون أنه لا يوجد حد أدنى للتعزير لهذا لم يذكره.

والقول الثاني: أنّ الحد الأدنى للتعزير ثلاث جلدات. لأنّ الأقل من هذا المقدار لا يحصل فيه ردع ولا زجر ولا له أثر. والراجح القول الأول والجلد ولو كان جلدة واحدة أحيانا يكون له أثر وهو العيب والتشهير وإن لم يصب بالألم إلاّ أنه يصاب بماذا؟ بالعيب والتشهير مجرد أن يقال فلان جلد هذا فيه تأديب وتعزير وإن لم يشعر بالألم ولهذا نقول الراجح مذهب الجماهير.

وأما أكثره فيقول الشيخ رحمه الله (ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات)

ص: 195

لا يجوز الزيادة على عشر جلدات مطلقا في أي تعزير لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يجلد أحد فوق عشر جلدات إلاّ في حد من حدود الله".

القول الثاني: أنه لا حد لأكثره إلاّ أنه لا يتجاوز في الجنس الواحد الحد المشروع مثال هذا إذا سرق سرقة لا توجب القطع لا يجوز أن نصل به إلى القطع. وإذا قذف قذفا لا يوجب إقامة الحد لتخلف شرط من الشروط فإنه لا يجوز أن نصل به إلى حد القذف. وإذا باشر امرأة وقبلها وضمها ومكث معها ساعات فإنه لا يجوز أن نصل به إلى حد الزنا وهكذا.

القول الأخير: أنه لا حد لأكثره مطلقا. لأنه جاء في الشرع التعزير ولم يأتي له حد فالنبي صلى الله عليه وسلم أخذ من مانع الزكاة شطر ماله. وهم بتحريق التاركين للصلاة. وغرم من أخذ من الحائط بغير إذن صاحبه مثلي قيمته إلى غير هذا من أنواع التعزيرات وحرق رحل الغال إذا صح. وفي هذا كله إقرار لمبدأ التعزير ولا يوجد دليل على التحديد.

وأجاب أصحاب القول الثالث عن الحديث بأنّ المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حد من حدود الله ، يعني لا يجوز الزيادة في الأمور المحرمة لحق الله فخرج بهذا تأديب الرجل ولده فلا يجوز أن يزاد فيه عن عشر وتأديب الرجل لزوجته فلا يجوز أن يزاد فيه عن عشر. والراجح القول الثاني لأنه وسط بين القولين. ولأنّ تجاوز الحد الشرعي في معصية فيها يعني في جنسها حد ظلم للجاني وجه الظلم أنّ الشارع يرى أنّ جناية هذا الشخص لم تصل لأن يقام عليه الحد ونحن أوصلناها الحد وزيادة وهذا فيه ظلم وبعد عن العدل لهذا نقول الراجح إن شاء الله أنه لا حد فيه إلاّ أنه لا يتجاوز فيه الحد في الجنس.

قال رحمه الله (ومن استمنى بيده بغير حاجة عزر)

الاستمناء ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يستمني بيد زوجته وهذا جائز بالإجماع.

القسم الثاني: أن يستمني بيد أجنبية وهذا محرم بالإجماع.

القسم الثالث: أن يستمني بيده وهذا هو محل الخلاف.

ص: 196