الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم - قال رحمه الله (وإن لزمها يمين أرسل من يحلفها)
وجه ذلك أنه إذا توجهت اليمين فلا بد منها أي لا بد من اليمين وهي لم تحضر الحكم فلن يكون هناك سبيل لليمين إلاّ أن يرسل من تحلف له وينبغي أن يرسل مع من سيأخذ منها اليمين يرسل معه شاهدين يشهدا على اليمين.
ثم - قال رحمه الله (وكذا المريض)
قوله وكذا المريض لو أنّ المؤلف جعل لهذا قاعدة فقال [وكل من لا يستطيع الحضور إلى مجلس الحكم فهو يوكل ويرسل إليه القاضي من يأخذ اليمين منه إذا توجهت عليه] لكان هذا أضبط من ذكر مثالين المرأة والمريض وإنما ذكر المؤلف المرأة والمريض فقط لأنه الغالب في الأعذار أن تكون امرأة أو أن يكون مريضا فلما كان هذا هو الغالب ذكره واستغنى عن الضابط.
باب طريق الحكم وصفته
قوله باب طريق الحكم وصفته المقصود بهذا الباب بيان كيفية دفع الخصومات والفصل بينها ، أو بيان كيفية الفصل بين الخصومات.
يقول الشيخ رحمه الله (إذا حضر إليه خصمان قال أيّكما المدعي)
إذا حضر الخصمان فإنه يقول أيّكما المدعي ،أفاد المؤلف أنه لا حرج على القاضي أن يسأل الخصمين أيّهما المدعي لأنه إذا سأل أيكما المدعي فإنه لم يوجه الخطاب إلى أيّ منهما فلم يحصل حيف على أحد من الخصمين فيسأل أيّكما لأنّ القضية لا يمكن أن تبدأ إلاّ إذا قال أيّكما المدعي؟
ثم - قال رحمه الله (فإن سكت حتى يبدأ جاز)
يعني يجوز أن يدخل خصمان ويجلسوا ويجلس القاضي ويسكت القاضي إلى أن يبدأ ، فسؤال القاضي للخصمين أيّهما المدعي ليس بواجب بل أن يسكت لكن من المعلوم أنه ينبغي أن لا يطيل بالسكوت وليس من المقبول أن يسكت الخصمان ويسكت القاضي ويجلسون في مجلس الحكم وهم سكوت لمدة ساعة فإنّ هذا من العبث أليس كذلك ولو قيل أنّ هذا يتنافى مع آداب القاضي أن يطول السكوت لكان هذا وجيه وربما يكون من الآداب الواجبة أو المستحبة وهذا بحث نظري أما اليوم فلا يكاد الخصمان إلاّ وبسرعة تبدأ القضية.
ثم - قال رحمه الله (فمن سبق بالدعوى قدّمه)
إذا سبق أحدهما بالدعوى صار هو المدعي ولو لم يسأل القاضي أيّكما المدعي وإذا صار هو المدعي فإنه إذا اعترض الآخر وقال أنّ المدعي لم ينظر القاضي إلى كلامه ، فإذا الذي يحدد أيّهما المدعي الذي يبدأ منهما فإن بدأو في وقت واحد أقرع بينهما وتحديد أيّهما المدعي وأيّهما المدعى عليه أمر مهم وضروري لأنه ينبني على هذا أحكام كثيرة كما سيأتينا.
ثم - قال رحمه الله (وإن أقرّ له حكم له عليه)
يعني إذا تبيّن أيّهما المدعي وادعى بمال أو بغيره ثم أقّر المدعى عليه فإنه يجب على القاضي بالإجماع أن يحكم بهذا الإقرار لأنّ الإقرار حجة ملزمة وهو أقوى من البيّنات لأنّ البيّنات تحتمل إحتمالات والإقرار لا يحتمل فيجب عليه أن يحكم بمقتضى الإقرار مباشرة وهذه الصورة نادرة في الوقوع لكن ذكرها المؤلف للترتيب المنطقي بما سيكون في مجلس الحكم ولماذا هي نادرة الوقوع؟ لأنه لو كان سيقر ما احتجنا إلى مجلس القضاء.
قال رحمه الله (وإن أنكر قال للمدعي إن كان لك بيّنة فأحضرها إن شئت)
إذا ذكر المدعي دعواه ولم يقر المدعى عليه فإنّ القاضي يقول للمدعي ألك بيّنة ويقول أحضرها إن شئت. أيّ أنّ القاضي ليس له أن يلزم المدعي بإحضار البيّنة فإن أبى المدعي أن يحضر البيّنة وأراد الانتقال إلى يمين المدعى عليه كما سيأتي فله ذلك إنما يعرض عليه القاضي عرض أنه ألك بيّنة؟ أولا. علمنا من هذا أنه لا يلزمه وعلمنا أيضا أنه لا حرج على القاضي أن يقول للمدعي ألك بيّنة وليس هذا من الجور على المدعي عليه ، والدليل على هذا ما جاء في الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما اختصم الحضرمي وخصمه قال له النبي صلى الله عليه وسلم ألك بيّنة؟ فدل هذا على أنّ طلب البيّنة لا حرج فيه ولأنّ في طلب البيّنة الإسراع في الحسم في القضية وإعطاء كل ذي حق حقه.
ثم - قال رحمه الله (فإن أحضرها سمعها وحكم بها)
يعني إذا أحضر المدعي بيّنته سمعها القاضي ثم حكم بها يعني بعد أن يقول للمدعى عليه أتقدح في هذه البيّنة بقادح فإذا لم يكن عنده قوادح صارت البيّنة سالمة من القوادح وحينئذ يجب عليه أن يحكم بها كما يجب عليه أن يحكم بالإقرار لأنها أصبحت بيّنة سالمة من القوادح فوجب عليه أن يحكم بها وهو أمر بدهي.
ثم - قال رحمه الله (ولا يحكم بعلمه)
لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه سواء علم هذا العلم قبل أن يتولى القضاء أو بعد أن يتولى القضاء ، وسواء علم به قبل أن تعرض عليه القضية أو بعد أن تعرض عليه القضية يعني مطلقا لا يجوز له أن يحكم بعلمه مطلقا واستدلوا على هذا بأمرين:
الأمر الأول: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما شكى إليه الأعرابي اعتداء من أخذ النصاب الزكوي عليهم بجراح وأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم مقابل الجراح قال لهم إني خاطب بالناس ومخبرهم أنكم رضيتم قالوا نعم. فقام النبي صلى الله عليه وسلم وخطب وقال أنهم اعتدوا على بني فلان وأني أعطيتهم حتى رضوا أكذالك؟ قالوا لا. فَهّم بهم الأنصار يعني ليضربوهم أو يقتلوهم.
فكفّهم النبي صلى الله عليه وسلم ونزل وأعطاهم حتى رضوا. قال أرضيتم؟ قالوا نعم. قال فإني خاطب الناس ومبلغهم قالوا نعم؟ فخطب الناس وقال إني أعطيت بني فلان حتى رضوا كذلك قالوا نعم. في المرة الثانية. وجه الاستدلال أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم في المرة الأخرى مع أنه يعلم أنهم رضوا في المرة الأولى فدل هذا على أنّ القاضي لا يحكم بعلمه.
الدليل الثاني: وعليه المعتمد أنّ فتح باب حكم القاضي بحكمه يؤدي إلى التلاعب والتهمة ويستطيع من خلاله القاضي أن يحكم على من يشاء بما يشاء ويدعي أنه حكم بناء على علمه المسبق.
والقول الثاني: أنه يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه مطلقا واستدلوا على هذا بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لهند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف فحكم النبي صلى الله عليه وسلم من غير نظر ولا استدعاء للمدعى عليه لأنه يعلم أنه كان بخيلا رضي الله عنه فحكم بعلمه. والجواب أنّ هذا الحديث فتيا وليس بحكم بدليل أنه لم يطلب المدعى عليه إلى مجلس الحكم ولم يسمع منه.
القول الثالث: أنه يجوز أن يحكم بما استفاض وانتشر وعلمه القاضي وغيره لأنه إذا حكم بما علم واشتهر فإنه لا ينسب إلى تهمة.
والقول الرابع: أنه يجوز أن يحكم بعلمه في حقوق الله دون حقوق الآدمي. والراجح الثالث.
ثم - قال رحمه الله (وإن قال المدعي: مالي بيّنة أعلمه الحاكم أنّ له اليمين على خصمه)
إذا ادعى المدعي وبيّن ماله من حقوق وطلبت منه البيّنة ولم تكن له بيّنة أعلمه القاضي أنّ له اليمين على خصمه لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال للحضرمي شاهداك أو يمينه. فقال يا رسول الله إنه لا يتورع عن شيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس لك إلاّ ذلك وهذا في مسلم.
ثم - قال رحمه الله (على صفة جوابه)
يعني أنّ له للمدعي يمين المدعى عليه على صفة جواب المدعى عليه. لا على صفة دعوى المدعي. صورة هذا أن يقول المدعي أطلبه ألف ريال ثمن سيارة. ويقول المدعى عليه ليس له عندي شيء فاختلف الجواب عن الدعوى ، فاليمين تكون على الجواب لا على الدعوى فيقول والله ليس له عندي شيء ولا يلزم المدعى عليه أن يقول والله إنه لا يطلبني ألف ريال ثمن سيارة.
والقول الثاني: أنّ اليمين على صفة الدعوى على صفة جوابه بل إنّ اعتراضه أو رفضه اليمين على صفة الدعوى قرينة على كونه ليس بمحق والراجح أنها على صفة الدعوى.
ثم - قال رحمه الله (فإن سأل إحلافه أحلفه وأخلى سبيله)
أفاد المؤلف أمرين: الأمر الأول: أنّ القاضي بعد أن يعرف المدعي حقه في اليمين فإنه لا يطلب اليمين من المدعى عليه إلاّ إذا طلبها المدعي قبل ذلك فإنه لا يطلب اليمين.
الثاني: أنه إن طلب اليمين وحلف المدعى عليه فإنه يخلي سبيله أي برئ المدعى عليه ولا يطلبه المدعي شيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق ليس لك إلاّ ذلك. فإذا ليس له إلاّ اليمين.
ثم - قال رحمه الله (ولا يعتد بيمينه قبل مسألة المدعي)
يعني أنه إذا بادر بالقسم فإنّ هذا القسم قسم ليس بشرعي ولا نفع له في مجلس القضاء لأنه جاء في غير وقته بل يجب أن لا يقسم أو أن لا يحلف إلاّ بعد طلب المدعي فإن أقسم قبل ذلك وطلب المدعي أن يحلف مرة أخرى فإنه يجب أن يحلف مرة أخرى لأنّ اليمين الأولى ليست يمينا شرعية يعتد بها في مجلس القضاء.
ثم - قال رحمه الله (وإن نكل قضى عليه. فيقول إن حلفت وإلاّ قضيت عليك فإن لم يحلف قضى عليه)
أفادنا المؤلف رحمه الله إذا توجهت اليمين على المدعى عليه ونكل فإنه يحكم عليه وتكون العين محل الدعوى للمدعي يعني بمجرد النكول ولا نحتاج إلى رد يمين على المدعي واستدلوا على هذا بأنّ ابن عمر رضي الله عنه وزيد اختصموا إلى عثمان رضي الله عنه في عبد اشتراه زيد من ابن عمر رضي الله عنهما وزعم أنّ به عيبا يعلمه ابن عمر رضي الله عنه فقال عثمان رضي الله عنه احلف أنه ليس فيه عيب تعلمه فأبى أن يحلف فقضى عليه عثمان رضي الله عنه ومعنى قضى عليه أنه رد العبد إلى ابن عمر وأخذ زيد المال وفي هذه المسألة خلاف طويل نذكره إن شاء الله الدرس القادم.
الدرس: (3) من القضاء
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
توقفنا بالأمس عند حكم نكول المدعى عليه عن اليمين وذلك عند قول الشيخ (وإن نكل قضى عليه. فيقول إن حلفت وإلاّ قضيت عليك فإن لم يحلف قضى عليه)
إذا توجهت اليمين على المدعى عليه ثم نكل. والنكول هو / أن يأبى أن يحلف فإنه يقضى عليه وتقدم معنا بالأمس القول الأول: وهو المذهب أنه يقضى عليه بمجرد النكول من غير رد لليمين كنا توقفنا على استكمال هذه المسألة.
القول الثاني: أنه لا يقضى عليه بمجرد النكول بل لا بد من رد اليمين لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم رد اليمين على المدعي.
وهذا الحديث ضعيف.
الدليل الثاني: أنه روي عن عمر رضي الله عنه أنه رد اليمين ولم يقضي بمجرد النكول.
القول الثالث: إذا كان الأمر وحقيقة القضية لا تعلم إلاّ من قبل المدعى عليه فإنها لا ترد اليمين ، مثاله قصة ابن عمر مع زيد القصة السابقة ، فإنّ ابن عمر المدعى عليه هو الذي يعلم هل في العبد عيب أو لا. لأنّ المشتري لا يعلم عن العبد شيئا قبل العقد فهنا لا ترد اليمين وإن كان الذي يعلم القضية هو المدعي وحده ردت اليمين. مثاله أن يدعي زيد على رجل ميت فالآن المدعي يتفرد بمعرفة القضية لأنّ المدعى عليه ميت فهنا نرد اليمين ولا نكتفي بمجرد النكول لأنّ الورثة قد يأبون اليمين لعدم معرفتهم بالقضية فنرد اليمين ولا نحكم بمجرد النكول وهذا القول الأخير فيه تفصيل جيد تجتمع فيه الآثار المروية عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإذا لم يختص أيّ منهما بالمعرفة لا المدعي ينفرد بالمعرفة ولا المدعى عليه ينفرد بالمعرفة فهنا فيه خلاف والراجح أنه لا ترد اليمين.
ثم - قال رحمه الله (فإن حلف المنكر ثم أحضر المدعي بيّنته حكم بها ولم تكن اليمين مزيلة للحق)
القاعدة أنّ اليمين مزيلة للخصومة لا للحق فإذا قال المدعي أنه لا بيّنة له ثم أحضرها بعد ذلك فإنها تسمع واستدل الحنابلة على هذا بأنه قد ينسى وقد لا يعلم ببيّنته أصلا ثم يعرف بأنّ له بيّنة بأن يأتي شاهد يشهد في القضية لم يعرفه المدعي فلأجل أنّ المدعي ربما لا يعرف البيّنة يقبل منه أن يحضرها بعد أن لم يأتي ببيّنة.
مسألة / فإن قال المدعي ليس لي بيّنة فإنه إذا أتى بها بعد ذلك لا تقبل لأنه أكذب نفسه.
والقول الثاني: أنها تقبل لأنه حين قال ليس لي بيّنة إنما قال ذلك بناء على أنه لا يعرف لنفسه بيّنة ثم عرفها بعد ذلك فأتى بها فليس في هذا تكذيبا للنفس بل ربما ظهر له ما لم يكن ظهر من قبل وهذا القول الثاني هو الراجح ويتحصل من ذكر المسألتين والخلاف أنه تقبل البيّنة مطلقا سواء لم يأتي بها ابتداء أو قال ليس لي بيّنة فتقبل مطلقا.
فصل
قال رحمه الله فصل (ولا تصح الدعوى إلاّ محررة معلومة المدعى به)
ظاهرة عبارة المؤلف أنه يشترط لتصحيح الدعوى أن تكون محررة وأن تكون معلومة المدعى به والواقع أنّ هذا شيء واحد ولهذا عبارة الشيخ في المقنع يقول في المقنع [ولا تصح الدعوى إلاّ محررة تحريرا يعلم به المدعى] فصار هذا الشرط شرطا واحدا وهذا هو الصواب أنه شرط واحد ومعنى هذا الشرط أنّ الدعوى لا تقبل إلاّ وقد بيّن المدعي كل ما يتعلق بالدعوى من حيث قدر المال وصفته وجنسه وسبب وجوبه عند بعض الفقهاء إذا لا تقبل إلاّ وهي محررة أي كاملة مذكور فيها كل ما يتعلق بالحق المدعى واستدل الحنابلة على أنها لا تسمع إلاّ محررة بأنّ الدعوى يترتب عليها أن يحكم القاضي من جهة وأن يلزم المحكوم عليه بدفع الحق من جهة أخرى ولا يتمكن من الحكم ولا بالإلزام من الدفع إلاّ بعد تحرير الدعوى وهذا لا شك وهو بدهي أنّ القاضي لم يحكم إلاّ بعد أن يعرف بماذا يدعي بالضبط المدعي.
والقول الثاني: أنه لا يشترط وأنّ له أن يقول ادعي حقا على فلان فإذا قبل القاضي الدعوى أمره بعد الإجمال بالتفصيل وهذا القول الثاني ليس إلاّ تضيعا للوقت ورجوعا للقول الأول والصواب أنّا نلزم المدعي بأن يبيّن ويحرر الدعوى من الأول ولا نقول نسمع الدعوى ثم نطلب تحريرها بعد ذلك فإنّ هذا تطويل ليس له معنى.
ثم - قال رحمه الله (إلاّ ما نصححه مجهولا كالوصية وعبدا من عبيده مهراً ونحوه)
القاعدة أنّ كل ما صح مجهولا صحت الدعوى به وما ذكره المؤلف لا يعدوا أن يكون أمثلة ، فكل ما صح مجهولا صحت الدعوى به.
ذكر الشيخ ثلاثة أمثلة. المثال الأول: يقول إلاّ ما نصححه مجهولا كالوصية. الوصية تصح بالمجهول كما تقدم معنا فلو قال أوصيت لفلان بشيء أو أوصيت لفلان بأرض أو بسهم فهي مجهولة ومع ذلك نصحح هذه الوصية لأنها ليست من قبيل المعاوضات فإذا ادعى بوصية فله أن يدعي بدعوى غير محررة فيقول فلان أوصى لي وليس بملزم أن يبيّن بماذا أوصى له.
المثال الثاني: وعبد من عبيده مهرا. إذا قالت الزوجة مدعية على الزوج أنه أمهرها أو أصدقها عبدا من عبيده صحت الدعوى وإن كانت مبهمة لأنّ المهر يصح أن يكون مبهما ويبيّن بعد ذلك فإذا ترجع إلى القضية السابقة.
يقول رحمه الله (ونحوه)
من أكثر الأمثلة وقوعا أن يعترف أو يقّر بمجهول مثل أن يقول زيد لعمرو عندي لك شيء هذا إقرار بحق مجهول هذا الإقرار صحيح فلعمرو أن يدعي على زيد بقوله أنّ له عنده شيء لأنه أقرّ بمجهول لماذا نصحح هذه الدعوى لأنه لا يمكن أن يدعي إلاّ بمجهول لأنه هو لا يعرف الحق ولو لم نصحح الدعوى بمجهول في هذه الصور لأغلقنا الباب على المدعي أن يدعي أصلا لأنه لا يعرف حقه من الأساس إذا تصح الدعوى بكل ما يصح مجهولا.
ثم - قال رحمه الله (وإن ادعى عقد نكاح أو بيع أو غيرهما فلا بد من ذكر شروطه)
إذا ادعى عقدا من العقود سواء في قسم المعاملات أو في قسم الأحوال الشخصية أو الأنكحة أو توابعها فإنه لا بد أن يبيّن شروط العقد واستدل الحنابلة على هذا بأنّ المدعي قد يدعي بعقد يرى هو صحته والقاضي لا يرى أنه صحيح ولأجل هذا لا بد أنّ يبيّن شروط العقد.
القول الثاني: أنه لا يشترط وأنه ليس عليه إلاّ أن يدعي بالعقد مجردا بلا بيان لشروطه واستدل هؤلاء بأنّ الأصل في معاملات المسلمين الصحة وحملها على الجواز وهذا يقتضي عدم وجوب السؤال عن الشروط وانتفاء الموانع.
والقول الثالث: أنه يجب أن يبيّن الشروط إذا ادعى بعقد النكاح ولا يجب إذا ادعى بعقد البيع وفرقوا بين العقدين مستدلين بأنّ عقد النكاح من العقود التي يجب التحوط لها والاحتراز لما ينبني عليها من الأنساب واستباحة الأبضاع فناسب أن يشترط هذا الشرط والصحيح القول الثاني إن شاء الله.
ثم - قال رحمه الله (وإن ادعت امرأة نكاح رجل لطلب نفقة أو مهر أو نحوها سمعت)
إذا ادعت المرأة بحق من حقوق النكاح لا بالنكاح فإنّ الدعوى صحيحة ودل على هذا أمران: الأمر الأول" الإجماع فإنهم أجمعوا على أنها إذا ادعت بعقد نكاح لإثبات النفقة أنّ الدعوى صحيحة وتسمع.
الثاني: أنها دعوى مستوفية الشروط فإنها تدعي بحق مع بيان سببه كما لو قالت هذه السيارة لي اشتريتها من فلان فهي كذلك تقول النفقة واجبة لأنّ فلان زوجي فهي تثبت الحق مع شفعه بسببه وهذه دعوى مستكملة الأركان فتسمع وكما سمعتم هي محل إجماع فلا إشكال فيها.
ثم - قال رحمه الله (فإن لم تدعي سوى النكاح لم تقبل)
إذا ادعت المرأة على الزوج مجرد النكاح فقط ، فقالت فلان زوجي ولم تضف شيئا على هذا لا طلب نفقة ولا سكنى ولا غيره فإنّ الدعوى لا تسمع أصلا ولا تقبل علل الحنابلة هذا بأنّ النكاح من حقوق الزوج لا من حقوق الزوجة وليس للإنسان أن يدعي بحق لغيره بل الدعوى تكون بحق لنفسه.
والقول الثاني: أنّ دعواها صحيحة لأنّ إثبات النكاح يقتضي إثبات الحقوق المترتبة عليه من النفقة والسكنى والمهر وكل ما يترتب على العقد من حقوق للزوجة.
الدليل الثاني: أنّ هذا تماما كما لو ادعت عقد النكاح كعقد البيع فإنّ الإنسان يدعي عقدا للبيع راجيا الحصول على ما يترتب على عقد البيع سواء ادعى أنه مشتري ليأخذ السلعة. أو بائع ليأخذ الثمن. ولا شك أنّ هذا القول الثاني هو الصحيح وأنّ المذهب في هذه المسألة ضعيف وأنّ النكاح لا يتمحض حقا للرجل نعم حقه فيه غالب لكن النكاح فيه حقوق للزوج وفيه حقوق للزوجة.
ثم - قال رحمه الله (وإن ادعى الإرث ذكر سببه)
إذا ادعى انه يرث من فلان فلا بد أن يبيّن السبب الذي استحق به الإرث لأنّ الشهادة ستكون على وفق هذا السبب وإذا لم يبيّن السبب فإنه لم نتمكن من معرفة صحة الشهادة وهذا صحيح فإذا ادعى أنه وارث فلا بد أن يقول لأنه ابن أو مولى أو والد أو يبيّن سبب الإرث مع اختلاف أسباب الإرث. وهذا بدهي لأنه لا يمكن أن يقول أحد في المحكمة أنا أرث فلان بدون أن يبيّن سبب الإرث وصلة القرابة التي بينهما.
ثم - قال رحمه الله (وتعتبر عدالة البيّنة ظاهرا وباطنا)
أفاد المؤلف حكم مسألتين: المسألة الأولى" أنه لا بد من العدالة في البيّنة.
المسألة الثانية " أنه تشترط في هذه العدالة أن تكون عدالة ظاهرة وباطنة ، أما اشتراط العدالة سيأتينا في كتاب الشهادات ما يتعلق بهذا الشرط مفصلا ودليله العام قوله تعالى {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [البقرة/282] فلا بد من العدالة في الشاهد. لكن المؤلف هو في الحقيقة يريد أن يتكلم عن كون البيّنة توصف بالعدالة الظاهرة والباطنة فالعدالة الظاهرة معروفة وهي أن يكون ظاهر الإنسان الابتعاد عن المحرمات وأداء الواجبات ، وأما العدالة الباطنة فهي التي لا تتحقق إلاّ بأمرين: أن يكون المعدل صاحبه صحبة طويلة.
الأمر الثاني: أن يكون المعدل عامله معاملة ماليه بهذين الأمرين يمكن الوقوف على العدالة الباطنة استدل الحنابلة على اشتراط العدالة الظاهرة والباطنة أنّ شاهدا أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فطلب من صاحب الشهادة مزكي فجيء بالمزكي فسأله عمر أسافرت معه أعاملته أصحبته فدلت هذه الأسئلة على أنه لا يكتفى بالتعديل المعرفة الظاهرة ولابد من المعرفة الباطنة وهي مقتضى أسئلة عمر رضي الله عنه
القول الثاني: أنّ المشترط العدالة الظاهرة فقط دون الباطنة ، واستدلوا على هذا بأمرين: الأول" أنّ الأصل في المسلم العدالة ولسنا بحاجة عن السؤال عن باطنه.
الثاني: أنّ عمر نفسه رضي الله عنه قال المسلمون عدول بعضهم على بعض ، والراجح القول الثاني أنّ العدالة الظاهرة يكتفى بها وعليه العمل واشتراط العدالة الباطنة قد يفضي في صور كثيرة إلى تعطيل الشهادة وإذا صح الأثران عن عمر الأول والثاني فالجمع بينهما أنّ لولي الأمر إذا شك أن يتثبت بما شاء إلى الوصول العدالة الظاهرة أو الباطنة أو الاستقصاء أكثر من ذلك فإنّ القاضي قد يقع في ذهنه أو يخطر في باله كذب الشاهد مع عدالة ظاهره فيحتاج إلى نوع من التثبت.
ثم - قال رحمه الله (ومن جهلت عدالته سأل عنه وإن علم عدالته عمل بها)
إذا جاء الشاهد إلى القاضي فلا يخلوا الحال من ثلاث. الأول" أن يعلم عدالته حينئذ يجب عليه وجوبا أن يعمل بعلمه بعدالة الشاهد وأن يحكم بمقتضى الشهادة ما لم يوجد مانع.
الثاني" أن يعلم فسقه فإنه لا يجوز والحالة هذه أن يحكم بشهادة هذا الشاهد مطلقا ويجب عليه أن يكتفي بعلمه بعدالة الشاهد وبعلمه بفسق الشاهد وعمل القاضي بعلمه في معرفة الشهود ليس من الحكم بعلمه فإنّ الحكم أو العمل بعلمه في عدالة الشهود جائز أما في العدالة فهو محل إجماع وأما في الفسق فلم أقف على خلاف.
القسم الثالث: أن لا يعلم هل هو عدل أو ليس بعدل فحينئذ يسأل عنه كما صنع عمر رضي الله عنه فإنه سأل عن هذا الشاهد وطلب مزكي.
ثم - قال رحمه الله (وإن جرح الخصم الشهود كلف البيّنة به)
إذا جرح الخصم الشهود فإناّ لا نقبل منه بالجرح إلاّ إذا أتى ببيّنة تثبت هذا الجرح لوجهين: الأول" أنّ الناس يختلفون في الجارح فمن الناس من يعتبر الأمور السهلة من الجوارح ومن الناس من لا يعتبر الأمور الكبيرة من الجوارح فلاختلاف الناس في مقدار ما يجرح به الشاهد صار حتما على القاضي أن يسأل عن سبب وبيّنة الجرح.
الثاني: أنّا لو جعلنا كل خصم يجرح بما شاء لم يبقى للمدعين شهود وبهذا تبطل فائدة الشهادة ولا إشكال أنه إذا جرح سيطالب ببيّنة هذا الجرح.
ثم - قال رحمه الله (وأنظر له ثلاثا إن طلبه)
يعني أنه إذا جرح الشهود ثم طلب من القاضي أن يمهله ثلاثة أيام ليتمكن من إحضار البيّنة الدالة على جرح الشهود فإنه يجاب إلى هذا الطلب والدليل من وجهين: الأول" أنّ في إلزامه بالبيّنة بأقل من ثلاثة أيام حرج وعسر فإنه قد لا يتمكن من تجميع بيّناته الدالة على جرح الشهود بأقل من ثلاثة أيام.
الثاني" أنّ هذا مروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهذا صحيح وثلاثة أيام فترة قصيرة لا تخل بمجريات القضية
يستثنى من هذا إذا غلب على القاضي أنّ الخصم أراد تطويل الوقت ليس إلاّ وأنه لا يملك البيّنات على الجرح وأنه مجرد افتراء فإنه لا يمهله لا فائدة من الإمهال.
ثم - قال رحمه الله (وللمدعي ملازمته)
يعني إذا طلب الإمهال ليجرح البيّنة فإنه يجوز للمدعي أن يلازم المدعى عليه وعللوا هذا بأنّ في الملازمة ضمان في عدم ضياع حق المدعي ، والملازمة هي أن يذهب معه حيث ذهب فيصلي معه ويذهب معه إلى السوق ولا يتركه إلاّ إذا دخل بيته. طبيعي أنه إذا دخل بيته لن يدخل معه لكن من حين يخرج إلى أن يرجع فهم من كلام المؤلف أنه لا يحبس وإنما يملك فقط الملازمة وهذا صحيح فإنّ المدعى عليه لا يحبس في الفترة التي طولب فيها الإمهال لأنه لم يثبت عليه حق حتى يحبس ولكن له أن يلازمه.
ثم - قال رحمه الله (فإن لم يأتي ببيّنة حكم عليه)
يعني إذا لم يتمكن من جرح الشهود فإنه يحكم عليه لأنه بعجزه عن جرح الشهود تبيّن أنّ البيّنة تامة وتقدم معنا في أول صفة الحكم أنه إذا تمت البيّنة فإنّ الواجب على القاضي أن يحكم بها فلذلك نقول إذا عجز فإناّ نحكم عليه ونسلم العين إلى المدعي.
ثم - قال رحمه الله (وإن جهل حال البيّنة طلب من المدعي تزكيتهم)
إذا جهل حال البيّنة وكأنّ مراد المؤلف ولم يتمكن من السؤال فإنه يكلف المدعي بإحضار مزكي يزكي الشهود وتقدم معنا أنّ القاضي لا يحتاج المزكي إلاّ في حال واحدة. ولا يحتاجهم في حالين: فإذا علم أنهم عدول لا يحتاج المزكين ، وإذا علم أنهم فساق لا يحتاج إلى المزكين وإذا لم يعلم احتاج إما أن يسأل أو أن يكلف المدعي بالمزكين. والدليل على تكليف المدعي بالمزكين قصة عمر رضي الله عنه فإنه طلب من المدعي أن يأتي بمن يعرف الشهود.
مسألة / فإن عرف القاضي فسقهم وأتى المدعي بمعدلين ، فإنه يجب على القاضي أن يعمل بعلمه. لأنه الآن يعلم أنهم فساق وأنتم تعلمون أيهم الذي معه زيادة علم؟ الجارح ولا المعدل؟ الجارح وجه أنّ معه زيادة علم أنّ الأصل العدالة إذا يجب عليه أن يعمل في هذه الصورة بعلمه أنّ الشهود فساق ولا يعمل بتعديل من أتى بهم المدعي إلاّ في صورة واحدة إذا تبيّن له أنّ المزكين يتحدثون عن علم حادث من توبة أو صلاح عمل فحينئذ يجب عليه أن يقبل أما إذا لم يتبيّن له أنّ معهم زيادة علم جاءت بعد علمهم بالفسق فإنه يعمل بعلمه هو.
ثم - قال رحمه الله (ويكفي فيها عدلان يشهدان بعدالته)
قوله يكفي فيها يعني في التزكية أن يأتي باثنين يشهدان بعدالة هذا الشاهد واستدل الحنابلة على هذا بالآية {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [البقرة] والتزكية نوع من الشهادة.
والقول الثاني: أنه يكتفى في المزكي بواحد لأنّ المزكي في الحقيقة يخبر وليس بشاهد فنكتفي بمزكي واحد لكن المزكي الواحد لا بد أن يكون عدلا لأنّ المزكي الذي ليس بعدل يحتاج إلى مزكي طالت القضية فإذا لا بد أن يكون المزكي عدلا أما العدد فإنه لا يشترط في المزكي.
ثم - قال رحمه الله (ولا يقبل في الترجمة والتزكية والجرح والتعريف والرسالة إلاّ قول عدلين)
لا يقبل في هذه الأمور إلاّ قول عدلين سواء كان تعريف أو ترجمة أو جرح أو رسالة أو تزكية. الترجمة والتزكية والجرح والرسالة أمرها ظاهر والمقصود منها واضح. والتعريف هو على أصح أقوال العلماء تعريف الحاكم بالمدعي والمدعى عليه والمدعى به والشهود يعني تعريف القاضي بأطراف القضية. ذهب المؤلف إلى أنه يشترط في الترجمة وما بعدها التزكية والجرح أن يشهد بها اثنان واستدل بالآية السابقة. والمؤلف رحمه الله خالف في هذه المسألة المذهب فالمذهب وهو:
القول الثاني: أنه يشترط العدد المشترط في المترجم والمزكى إلى آخره فإذا كان سيترجم قضية زنا فإناّ نحتاج إلى أربعة مترجمين لأنه في الزنا لا بد من أربعة شهود وهكذا بحسب القضية نشترط على المزكي ومن بعده العدد.
والقول الثالث: أنه يكتفى في الجميع بواحد واستدل أصحاب هذا القول بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ مترجما واحدا أمره بتعلم لغة اليهود وهو واحد وسينقل للنبي صلى الله عليه وسلم الأخبار والقضايا وكل ما يتعلق بشؤون الحكم. والراجح إن شاء الله هو الأخير. لأنّ المترجم والمزكي إلى آخره مجرد ناقل ومخبر وليس بشاهد إلاّ أنه يحسن بالتجربة عدم الاكتفاء بمترجم واحد لأنّ المترجمين غالبا ما يختلفون لأنّ الترجمة تنبني على أمرين أن يكون جيد في اللغة وأن يكون فاهم للقضية فقد يترجم كلاما خطأ لأنه ما فهم موضوع الحكم وقد يترجم ترجمة خطأ لأنه غير جيد في اللغة وهذا موجود كثير ولهذا أنت لو جربت نسخة من الورقة لأثنين من كبار المترجمين ما يتطابقون نعم قد يتفقون ثمانين بالمئة لكن يحصل بينهم خلاف ففي مجال القضاء مع دقته والحساسية التي فيها ينبغي للقاضي أن لا يكتفي بمترجم واحد.
ثم - قال رحمه الله (ويحكم على الغائب إذا ثبت عليه الحق)
المقصود بالغائب هنا المسافر مسافة القصر والواقع أنّ المؤلف يريد بالغائب هنا كل من أبى الحضور إلى مجلس الحكم فهذا الحكم يتناول كل شخص أبى الحضور إلى مجلس الحكم سواء كان مسافر مسافة قصر أو موجود في البلد ومختفي أو موجود في البلد ولم يختفي لكنه من القوة بحيث يأبى الحضور إلى مجلس الحكم المهم الضابط هو أنه كل من لم يحضر إلى مجلس الحكم معاندة أو سفرا فالحنابلة يرون أنه يحكم عليه واستدلوا على هذا بأمور: الأمر الأول" قصة هند بنت عتبة فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم حكم لها غيابيا فإنّ الزوج لم يحضر رضي الله عنه
الثاني: أنّ الامتناع عن الحكم في مثل هذه الصور يؤدي إلى ضياع الحقوق وتقدم معنا الجواب عن حديث هند وأنه فتوى وليس بحكم قضائي.
القول الثاني: أنه لا يحكم على غائب واستدل هؤلاء بأنّ الغائب ربما ملك قادحا في بيّنة المدعي فلا يستقيم مع هذا الحكم عليه مع غيابه يعني والترجيح في هذه المسألة محل إشكال ولكن الأقرب أنه يرجع إلى القاضي فإذا علم أنّ الإنسان مسافر سفرا بعيدا لا بقصد التهرب عن مجلس الحكم فإنه لا يسوغ أبدا أن يحكم عليه غيابيا. وإذا عرف أنه متلاعب ويتأخر فإنّ الحكم الغيابي من أعظم الأمور ردعا للمتلاعبين لأنه يستطيع أنه يغيب عن مجلس الحكم وهذا الغياب يكلف المدعي ما يزيد على أربعة أشهر أو خمسة أشهر بالنظر إلى المواعيد إذا هذا نوع من التلاعب وتأجيل الحقوق فالقول بالحكم مطلقا أو عدمه مطلقا محل نظر والواجب أنه يرجع إلى رأي القاضي.
مسألة / على القول بأنه يحكم له هل نسلم المدعي العين أو تبقى العين إلى حضور المدعى عليه فيه خلاف من الفقهاء من قال تسلم له ومنهم من قال لا تسلم له والصواب أنها تسلم له ولكن بكفيل يضمن إرجاع العين في حال تبيّن عدم صحة ما قاله المدعي وهذا اختيار المرداوي وهو لا شك قول قوي لأنّ المنع من تسليم العين يجعل الحكم غيابيا لا فائدة منه لأنه إذا قلت له احكم ولكن العين لم نسلمك
ما صار في الحكم فائدة وتسليمها إياه مع عدم سماع بيّنة المدعى عليه فيه نوع من الاستعجال. فالوسط أن يسلمها له ولكن نطلب منه كفيل بإحضار العين.