الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفادنا أنه لو جنا الأعور على عين الصحيح خطأ فإنّ الحكم أنه لا قصاص لأنه في الخطأ لا يوجد قصاص وليس له إلاّ نصف الدية لأنه في الخطأ لا يملك الإنسان إلاّ نصف الدية وإنما أوجبنا عليه في العمد الدية كاملة ليفتدي نفسه منها.
قال رحمه الله (وفي قطع يد الأقطع نصف الدية كغيره)
الأقطع هو من ليس له إلاّ يد واحدة فإذا جنا إنسان على أقطع وقطع يده فهو بقطع اليد أذهب منفعة اليدين لأنّ الأولى مقطوعة وهو قطع الثانية. قال المؤلف ليس فيها إلاّ نصف الدية يعني ولا تقاس على عين الأعور واستدلوا على هذا بأنّ العين الواحدة من الأعور تقوم مقام العينين بينما اليد الواحدة من الأقطع لا تقوم مقام اليدين فلا قياس.
القول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد أنّ يد الإقطع الأولى إن كانت قطعت في سبيل الله في الجهاد أو قطعت ظلما ففي الثانية الدية كاملة وإلاّ فلا لأنّ فقده لليد إذا لم تكن في سبيل الله ولا ظلما بحق.
الرواية الثالثة عن الإمام أحمد أنّ في يد الأقطع الدية كاملة والمسألة فيها احتمال والراجح القول الثالث لأنه في الحقيقة تقوم في كثير من الأمور مقام اليدين بدليل الفارق العظيم بين أقطع اليدين وأقطع اليد الواحدة. أقطع اليد الواحدة يكاد يكون كالأسوياء. يذهب ويأتي ويكتب ويقود السيارة وربما دافع عن نفسه بخلاف مقطوع اليدين صحيح أنّ العين الواحدة تقوم مقام العينين بالكامل أليس كذلك بخلاف يد الأقطع لا تقوم مقام اليدين بالكامل لكنها تقوم قيام جزئي أو قيام كبير مقام اليدين ، خلاصة أنه إذا اعتدى على يد
الأقطع ففيه الدية كاملة. لما بيّن الشيخ رحمه الله دية النفس ثم دية الأعضاء ثم دية المنافع انتقل إلى آخر شيء في الباب وهو الشجاج وكسر العظام.
باب الشجاج وكسر العظام
الشج في لغة العرب / القطع. وأما في الاصطلاح فبيّنها المؤلف بيانا واضحا
فقال رحمه الله (الشجة: الجرح في الرأس والوجه خاصة)
يعني وأما في باقي الجسم فتسمى جراح فإن كان الجرح في الوجه والرأس فيسمى شجة ، وإن كان في باقي الجسد جراح لكن أشار بعض الفقهاء أنّ كثيرا من الفقهاء قد يسمي الجرح في غير الوجه والرأس قد يسميه أيضا شجة لكن الغالب المصطلح عليه هو أنها خاصة بالوجه والرأس.
ثم - قال رحمه الله (وهي عشر)
خمس لا تقدير فيها وخمس فيها تقدير. وبدأ بالتي ليس فيها تقدير لأنّ المؤلف سينتقل من الأدنى إلى الأعلى.
قال رحمه الله (الحارصة التي تحرص الجلد أي تشقه ولا تدميه)
هي التي تشق الجسم ولا تدميه. فهي جرح سطحي بسيط إذا هي تشق الجلد لكنها لا تدميه وأنت تلاحظ التدرج الدقيق بين الشجاج وهذه الأسماء نبه كثير من الشراح إلاّ أنها مأخوذة عن العرب فقبل الإسلام كانت هذه الشجاج تسمى بالاسم وتعرف بهذا الضابط إذا عرفنا الآن الحارصة.
قال رحمه الله (ثم البازلة الدامية الدامعة: وهي التي يسيل منها الدم)
أفادنا المؤلف أنّ البازلة تنقسم إلى قسمين: الدامية والدامعة.
فالدامية. هي الجناية التي تجرح الجلد وتظهر الدم لكن من غير سيلان.
والدامعة. هي التي تجرح الجلد تشقه ويظهر الدم ويسيل. فإذا الحارصة والدامية والدامعة هي إما أن تكون تشق الجلد بلا دم أو معه بلا سيلان أو معه مع السيلان.
قال رحمه الله (ثم الباضعة: وهي التي تبضع اللحم)
الباضعة هي التي تشق الجلد ثم تشق اللحم أيضا فهي تتجاوز الجلد. تجاوزنا الثلاث الأولى ودخلنا في اللحم فإذا تجاوزت الجلد ووصلت إلى اللحم هل معها سيلان؟ بالطبع إذا كانت الدامعة فيها سيلان فهذه تجاوزت الدامعة ووصلت إلى اللحم.
قال رحمه الله (ثم المتلاحمة: وهي الغائصة في اللحم)
يعني هي التي دخلت في اللحم دخولا كثيرا لأنّ الباضعة دخلت في اللحم إلاّ أنّ دخولها دخولا يسيرا وأما المتلاحمة فهي دخلت دخولا كثيرا فوق الباضعة ودون السمحاق.
قال رحمه الله (ثم السمحاق: وهي ما بينها وبين العظم قشرة رقيقة)
يعني أنها الجرح الذي يشق الجلد واللحم ويصل إلى السمحاق وهو القشرة المغطي للعظم إذا وقفنا على العظم ما باقي إلاّ العظم إذا السمحاق وصل إلى القشرة التي تغطي العظام وتلاحظ أنّ التدرج دقيق جدا.
قال رحمه الله (فهذه الخمس لا مقدر فيها بل حكومة)
هذه الخمس جراحات أو الشجاج ليس فيها دية وإنما فيها حكومة استدل الجماهير على هذا بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل فيما دون الموضحة دية واستدلوا بأنه ليس في النصوص ما يدل على وجوب الدية في هذه الشجاج وإذا لم يجب فيها دية مقدرة انتقلنا إلى الحكومة.
والقول الثاني: أنّ فيها دية خاصة ففي الأولى: بعير وفي الثانية: بعيرين والثالثة: ثلاثة. والرابعة: أربعة. ففي السمحاق كم وهي آخر المراحل أربع لأنها آخر المراحل عرفنا من هذا أنّ الأولى وهي الحارصة ليس فيها شيء إنما نبدأ من الثانية فإذا البازلة والباضعة والمتلاحمة والسمحاق هذه الأربع فيها كل واحد في الأولى: بعير. وفي الثانية: اثنين. والثالثة: ثلاث. والرابعة: أربع. والراجح الأول لأنه ليس على هذا التحديد دليل فالراجح مذهب الجماهير.
قال رحمه الله (وفي الموضحة: وهي ما توضح العظم وتبرزه خمسة أبعرة)
الموضحة هي التي تبدي بياض العظم سواء بدا من هذا البياض قدر كبير أو قدر يسير بالكاد يرى مادام رؤي بياض العظم فهي موضحة ديتها خمس من الإبل بالإجماع لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الموضحة خمس من الإبل. إذا الموضحة محل إجماع وليست محل إشكال وهذا في الحقيقة لو تأمل الإنسان وتأنى لوجد في هذا من عظمة التشريع شيء عظيم يعني أن يصل الشرع إلى درجة بيان مقدار الجرح كم دية الجرح الموضحة عبارة عن جرح كم دية هذا الجرح لا يوجد هذا في أي تشريع لكن هذا من دقة الله سبحانه وتعالى وعدله.
قال رحمه الله (ثم الهاشمة: وهي التي توضح العظم وتهشمه وفيها عشرة أبعرة)
فيها عشرة أبعرة قال وهي التي توضح العظم وتهشمه. الهشم هو الكسر فهي تصل إلى العظم وتوضحه وتكسره فيها عشر من الإبل الدليل القياس على المنقلة فإنّ المنقلة فيها عشر من الإبل بالنص فجعلوا الهاشمة مثلها.
والقول الثاني: أنّ فيها حكومة لعدم دليل خاص بها يدل على هذا التقدير وفي الحقيقة الهاشمة فيها تردد لأنها ليست كالمنقلة. المنقلة أعظم فكيف نساويها بها وهي أعظم من الموضحة فيعني الإنسان يتردد في الهاشمة وإن كان المذهب كما ترى يرون أنّ فيها عشر من الإبل.
قال رحمه الله (ثم المنقلة: وهي ما توضح العظم وتهشمه وتنقل عظامها وفيها خمس عشرة من الإبل)
المنقلة هي التي تتجاوز التكسير إلى النقل ،والنقل معناه نقل العظم من مكانه إلى مكان آخر وفيه عشر من الإبل بالنص والإجماع وأمره واضح لقول النبي صلى الله عليه وسلم وفي المنقلة خمس عشر من الإبل وهذا أمر واضح.
قال رحمه الله (وفي كل واحدة من المأمومة والدامغة ثلث الدية)
يلاحظ أنّ المؤلف لم يبيّن تعريف المأمومة والدامغة مع أنه بيّن معاني السابقات كلها.
فالمأمومة هي الجرح الذي يصل إلى أم الدماغ وهي الجلد الذي يغطي ويحوي الدماغ.
وأما الدامغة فهي التي تصل إلى الدماغ.
فيقول الشيخ وفي كل واحدة من المأمومة والدامغة ثلث الدية. المأمومة فيها ثلث الدية بالنص والإجماع لقول النبي صلى الله عليه وسلم وفي المأمومة ثلث الدية.
والدامغة: فيها عند الجمهور ما في المأمومة قياسا عليها.
والقول الثاني: أنّ في الدامغة الثلث وحكومة فالثلث لمقدار المأمومة منها والباقي لما زاد.
والقول الثالث: أنّ في الدامغة الدية كاملة واعلم أنّ كثير من الفقهاء لم يذكر الدامغة أصلا لماذا؟ لأنه لن ينجوا غالبا من الهلاك فسيكون فيه الدية كاملة لكن إن أصيب وصلت الجناية إلى الدماغ ولم يفقد العقل ولم يمت فالراجح أنّ فيه الثلث وحكومة إذا افترضنا أن يقع مثل هذا ففيه الثلث وحكومة وهذا أعدل الأقوال.
نريد أن نعيد الخلاف في الهاشمة. الهاشمة يقول المؤلف فيها عشر من الإبل إلى هذا ذهب الجمهور واستدلوا على هذا بآثار عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهي ضعيفة نحن قبل قليل قلنا فيها عشر لكن الآن نعيد الخلاف إذا القول الأول أنّ فيها عشر من الإبل اعتمادا على آثار الصحابة
القول الثاني: أنّ فيها خمس عشر من الإبل كالمنقلة قياسا عليها.
القول الثالث: أنه ليس فيها دية بل فيها حكومة لأنه ليس في النصوص ما يدل على تقدير دية الهاشمة. والراجح بالنسبة للهاشمة في يظهر لي الآن أنّ فيها حكومة وفي هذا مراعاة في الحقيقة للمجني عليه لأنه ربما يأخذ أكثر من المنقلة. وأيضا أكثر من الموضحة.
قال رحمه الله (وفي الجائفة: ثلث الدية: وهي التي تصل إلى باطن الجوف)
الجائفة هي التي تصل إلى مجوف في البدن وليس الجوف عند الفقهاء فقط البطن بل الجوف كل مجوف فيشمل الصدر والبطن والحلق والمثانة وكل مجوف في البدن فإذا وصلت الجناية إلى هذا المجوف فيقول المؤلف وفي الجائفة ثلث الدية هذا محل إجماع لم يخالف إلاّ واحد من السلف وهو مكحول رضي الله عنه فقال إن كانت عمدا ففيها ثلثي الدية وإن كانت خطأ ففيها الثلث. والراجح مع الجمهور
أنّ في الجائفة الثلث. ودليل الرجحان أنه مذكورة في حديث عمرو بن حزم أنه قال في الجائفة الثلث وعلمنا من هذا أنّ الجائفة والمأمومة ديتهما واحدة.
قال رحمه الله (في الضلع وفي كل واحدة من الترقوتين بعير)
والترقوة العظم الفاصل بين المنكب والرقبة أو الواصل بينهما في كل واحد منهما يقول الشيخ بعير. الدليل أنّ هذا روي عن اثنين من الصحابة عمر وزيد. أما عمر فصح عنه. رضي الله عنه وأما زيد فلم أقف على إسناده.
والقول الثاني: أنّ في الترقوتين في كل واحد منهما والضلع حكومة لأنه ليس في النصوص ما يدل على التقدير وحملوا فتوى عمر رضي الله عنه على أنها حكومة والظاهر والله أعلم كما فهم الإمام أحمد وغيره أنها ليست حكومة وإنما حكم ثابت ولهذا نقول الراجح إن شاء الله أنّ فيها بعير.
قال رحمه الله (وفي كسر الذراع وهو الساعد الجامع لعظمي الزند والعضد. والفخذ والساق إذا جبر ذلك مستقيما بعيران)
ذكر الشيخ أربعة من العظام. العظم الأول" الذراع. يقول وهو الساعد الجمع لعظمي الزند. والعظم الثاني العضد ولهذا فإنّ علامة الترقيم الذي ذكرها المحقق ليست في مكانها بل يجب أن يجعل - شرطة - بعد كلمة الزند لأنّ الواو عاطفة على الذراع. إذا الأول الذراع والثاني العضد والثالث الفخذ والرابع الساق. ففي كل واحد من هذه العظام بعيران الدليل روي عن عمر رضي الله عنه
أنه أفتى في الزند بهذا وقيس على الزند باقي العظام.
والقول الثاني: أنها فيها حكومة لعدم وجود الدليل الدال على هذا التقدير الدقيق. وهذه المسألة ليست كالمسألة السابقة لأنه لم يروى عن عمر إلاّ في الزند فإثبات باقي العظام إنما هو من باب القياس لا من باب النص. والقياس على أثر قد لا يكون فيه قوة التنصيص ولهذا الأقرب في العظام الأربع أنّ فيها حكومة.
قال رحمه الله (وما عدى ذلك من الجراح وكسر العظام ففيه حكومة)
ما عدى هذه الجراح العشر والعظام المذكورة وهي أربع مع الأول ست ما عدى كسر هذه العظام والجروح فيها حكومة وهذا إجماع
فقد أجمع الفقهاء على أنّ ما عدى هذه الأمور فيها حكومة لعدم الدليل على تقدير شيء معيّن فيها.
قال رحمه الله (والحكومة: أن يقوّم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوّم وهي به قد
برئت فما نقص من القيمة فله مثل نسبته من الدية. كأن قيمته عبدا سليما ستون وقيمته بالجناية خمسون ففيه سدس ديته الحكومة كما ذكر المؤلف فالحقيقة عبارته جيدة وموضحة أنّ نقوم المجني عليه كعبد وننظر النقص في قيمته قبل وبعد الجناية فبمقدار النقص نعطيه من الدية فإن نقصت نصف قيمته نعطيه نصف الدية. وإن نقص الربع فالربع وهكذا. هذه هي الحكومة فإذا كانت قيمته كما قال المؤلف عبدا سليما ستون وقيمته بالجناية خمسون ففيه السدس ، وإذا كانت قيمته مائة قبل الجناية وبعدها خمسين فله نصف بالنسبة لا بالقدر. وإذا كانت قيمته مائة قبل وبعد ثلاثون. الثلث. وهكذا وأمرها ظاهر لكن في الحقيقة نحن نحتاج الآن إلى أمر آخر حتى نقدر الحكومة وهو لم أر من تعرض إليه وهو أنه ما نملك كم قيمة العبد أليس كذلك. فكيف سنحدد الحكومة لم أجدهم تطرقوا إليها وينبغي في الحقيقة على المعاصرين من الفقهاء بحث مثل هذه المسألة لأنه لا يمكن أن تقول كم قيمته ونقدره عبد لأنه لا نعرف كم قيمة العبد فتحتاج إلى تأمل وهي خطرت في بالي الآن فلعلي أتأمل فيها لا حقا ونرى طريقة للتقدير سوى أن ننظر إلى القيمة قبل وبعد بالنسبة للعبد.
قال رحمه الله (إلا أن تكون الحكومة في محل له مقدر فلا يبلغ بها المقدر (