الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث السَّادِس بعد الْعشْرين
عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: «من كل اللَّيْل قد أوتر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أول اللَّيْل وأوسطه وَآخره، وَانْتَهَى وتره إِلَى السحر» .
هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته من هَذَا الْوَجْه، وَاللَّفْظ الْمَذْكُور لمُسلم، قَالَ عبد الْحق: وَلم يُخرجهُ البُخَارِيّ.
وَلَفظ البُخَارِيّ: «كل اللَّيْل أوتر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَانْتَهَى وتره إِلَى السحر» .
وَلَفظ أبي دَاوُد: «انْتَهَى وتره (حِين مَاتَ إِلَى السحر» .
الحَدِيث السَّابِع بعد الْعشْرين
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كتب عليَّ الْوتر وَهُوَ لكم سنة، وَكتب عليّ (رَكعَتَا) الضُّحَى وهما لكم سنة» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي «مُسْنده» وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلَاث هن عليّ فَرَائض وَلكم تطوع: (النَّحْر)
وَالْوتر (وركعتا) الضُّحَى» .
هَذَا لفظ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ، وَلَفظ الدَّارَقُطْنِيّ مثله إِلَّا أَنه قَالَ:«وركعتا الْفجْر» بدل «وركعتا الضُّحَى» .
وَرَوَاهُ ابْن عدي بِلَفْظ: «ثَلَاث عَلّي فَرِيضَة وَلكم تطوع: الْوتر، وَالضُّحَى، وركعتا الْفجْر» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» مستشهدًا بِهِ بِلَفْظ الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف، وَإِن ذكره ابْن السكن فِي «سنَنه الصِّحَاح» لِأَن مَدَاره عَلَى أبي جناب الْكَلْبِيّ، واسْمه: يَحْيَى بن أبي حَيَّة (وَاسم أبي حَيَّة:) حَيّ، رَوَاهُ عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس.
وَأَبُو جناب كَانَ يَحْيَى الْقطَّان يَقُول: لَا أستحل أَن أروي عَنهُ. وَقَالَ أَبُو نعيم: كَانَ يُدَلس أَحَادِيث مَنَاكِير. وَفِي «علل أَحْمد» : كَانَ ثِقَة يُدَلس، وَعِنْده أَحَادِيث مَنَاكِير. مَعَ أَنه أخرج لَهُ فِي «مُسْنده» وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي: مَتْرُوك. وَقَالَ يَحْيَى وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا: ضَعِيف. وَقَالَ يَحْيَى مرّة: لَيْسَ بِهِ بَأْس إِلَّا أَنه كَانَ يُدَلس. وَقَالَ مرّة: صَدُوق. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: لَا يكْتب حَدِيثه، لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَاخْتلف كَلَام ابْن حبَان
فِيهِ؛ فَذكره فِي «ثقاته» وَقَالَ: رَوَى [عَن] جمَاعَة من التَّابِعين، وَعنهُ أهل الْكُوفَة. وَذكره فِي «الضُّعَفَاء» ، وَقَالَ: كَانَ يُدَلس عَلَى الثِّقَات مَا سمع من الضُّعَفَاء، فالتزقت بِهِ الْمَنَاكِير الَّتِي يَرْوِيهَا عَن الْمَشَاهِير، فَحمل عَلَيْهِ أَحْمد بن حَنْبَل حملا شَدِيدا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : أَبُو جناب هَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ فِي «سنَنه» : ضَعِيف، وَكَانَ يزِيد بن هَارُون يصدقهُ ويرميه بالتدليس. وَقَالَ ابْن الصّلاح: حَدِيث غير ثَابت، ضعفه الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» وَقَالَ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» : أَبُو جناب هَذَا لَا يُؤْخَذ من حَدِيثه إِلَّا مَا قَالَ فِيهِ: ثَنَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُدَلس، وَهُوَ أَكثر مَا عيب بِهِ، وَلم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: نَا عِكْرِمَة. وَلَا ذكر مَا يدل عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» : هَذَا حَدِيث ضَعِيف. ثمَّ نقل كَلَام يَحْيَى الْقطَّان وَالْفَلَّاس فِي تَضْعِيف أبي جناب. وَنقل النَّوَوِيّ فِي «الْخُلَاصَة» الْإِجْمَاع عَلَى (أَن) أَبَا جناب مُدَلّس وَقد عنعن فِي هَذَا الحَدِيث. فتلخص من كَلَامه هَذَا كُله أَن هَذَا الحَدِيث لَا يَصح الِاحْتِجَاج بِهِ. وَمن الْعَجَائِب أَن أَصْحَابنَا يثبتون كَون هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة من خَصَائِصه بِمثل هَذَا الحَدِيث، فَإِن قلت: لم ينْفَرد بِهِ؛ بل تَابعه عَلَيْهِ جَابر الْجعْفِيّ، رَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث إِسْرَائِيل عَنهُ، عَن عِكْرِمَة، عَن
ابْن عَبَّاس رَفعه: «أمرت بركعتي الْفجْر وَالْوتر، وَلَيْسَ عَلَيْكُم» (وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد أَيْضا وَقَالَ: «وَلم يكْتب» ) بدل: «وَلَيْسَ عَلَيْكُم» وَرَوَاهُ عبد بن حميد فِي «مُسْنده» بِزِيَادَة «عَلَيْكُم» .
قلت: جَابر ضَعِيف كَمَا سلف.
وَرَوَاهُ وضاح بن يَحْيَى، عَن منْدَل، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه:«ثَلَاث عليّ فَرِيضَة وَهن لكم تطوع: الْوتر، وركعتا الْفجْر، وركعتا الضُّحَى» وَهُوَ ضَعِيف أَيْضا.
الوضاح قَالَ ابْن حبَان: لَا يحْتَج بِهِ، كَانَ يروي عَن الثِّقَات الْأَحَادِيث الَّتِي كَأَنَّهَا معمولة. ومندل ضعفه أَحْمد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَلم يتْرك. لَا جرم قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : إِنَّه حَدِيث لَا يَصح. وَقَالَ فِي «الْإِعْلَام» : إِنَّه حَدِيث لَا يثبت. وَضَعفه فِي «تَحْقِيقه» أَيْضا.
عَلَى أَنه قد جَاءَ مَا يُعَارضهُ أَيْضا وَهُوَ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عبد الله بن مُحَرر، عَن قَتَادَة، عَن أنس رَفعه:«أمرت بالوتر والأضحى وَلم يعزم عليّ» .