الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمسُّك الْأَصْحَاب بِهَذَا الحَدِيث من النَّوَادِر؛ فَإِن الشَّافِعِي فرق بَين إنْشَاء الْقدْوَة وَمَا وَقع فِي هَذِه الْقِصَّة، وَقد قَالَ الشَّافِعِي فِي «الْمُخْتَصر» : كرهت أَن يفتتحها صَلَاة إِفْرَاد ثمَّ يَجْعَلهَا (صَلَاة جمَاعَة) . وَهَذَا يُخَالف صَلَاة الَّذين افْتتح (بهم) النَّبِي صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة. ثمَّ ذكر فَانْصَرف فاغتسل ثمَّ رَجَعَ فَأمهمْ فَإِنَّهُم افتتحوا الصَّلَاة جمَاعَة.
وَقَالَ فِي «الْقَدِيم» : (ثمَّ) قَالَ قَائِل يدْخل مَعَ الإِمَام وَيُعِيد (مَا) مَضَى. قَالَ الْمُزنِيّ: وَهَذَا عِنْدِي أَقيس عَلَى أَصله؛ فَإِنَّهُ عليه السلام لم يكن فِي صَلَاة وَصَحَّ إحرامهم وَلَا إِمَام لَهُم ثمَّ ابْتَدَأَ (بهم) وَقد (سبقوا هم) بِالْإِحْرَامِ.
قلت: لَكِن سلف فِي الْكَلَام عَلَى هَذَا الحَدِيث من طَرِيق أبي دَاوُد: «أَنه عليه السلام كبر ثمَّ أَوْمَأ أَن اجلسوا، (فَذهب فاغتسل) . وَعَلَى هَذَا فَلَا دلَالَة (فِيهِ) عَلَى الْمُدعَى؛ لِأَن هَذَا (إِحْرَام) آخر جَدِيد إِلَّا أَن يَدعِي أَن هَذِه (قَضِيَّة) أُخْرَى غير تِلْكَ كَمَا سلف هُنَاكَ.
الحَدِيث (الْخَمْسُونَ)
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من أدْرك الرُّكُوع من الرَّكْعَة الْأَخِيرَة يَوْم الْجُمُعَة
(فليضف) إِلَيْهَا أُخْرَى، وَمن لم يدْرك الرُّكُوع (من الرَّكْعَة) الْأَخِيرَة فَليصل الظّهْر أَرْبعا» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طَرِيق أبي هُرَيْرَة وَمن طَرِيق ابْن عمر رضي الله عنهما.
أما الأول: فَمن أوجه يحضرنا مِنْهَا ثَلَاثَة (عشر) وَجها:
أَحدهَا: من طَرِيق الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من صَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَة فقد أدْرك الصَّلَاة» رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث مُحَمَّد بن مَيْمُون الإسْكَنْدراني، حَدثنَا الْوَلِيد بِهِ، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث إِسْنَاده صَحِيح عَلَى شَرط (الشَّيْخَيْنِ) وَلم يخرجَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ، إِنَّمَا اتفقَا عَلَى حَدِيث الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا «من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة وَمن أدْرك من صَلَاة الْعَصْر (رَكْعَة) » وَلمُسلم فِيهِ الزِّيَادَة «فقد أدْركهَا كلهَا» .
ثَانِيهَا: من طَرِيق أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من (صَلَاة) الْجُمُعَة رَكْعَة فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى» . رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث
الْفضل بن مُحَمَّد الشعراني (ثَنَا)[سعيد] بن أبي مَرْيَم، نَا يَحْيَى بن أَيُّوب، نَا أُسَامَة بِهِ، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح إِسْنَاده عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» (من) حَدِيث أَحْمد بن حَمَّاد زغبة، نَا ابْن أبي مَرْيَم بِهِ.
وَيَحْيَى هَذَا هُوَ الغافقي وَإِن احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا (فقد قَالَ) أَبُو حَاتِم فِي حَقه: مَحَله الصدْق وَلَا يحْتَج بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَأُسَامَة بن زيد من رجال مُسلم وَقَالَ فِي حَقه أَحْمد: لَيْسَ بِشَيْء وراجع فِيهِ عبد الله أَبَاهُ فَقَالَ: إِذا تدبرت حَدِيثه تعرف فِيهِ النكرَة. وَقَالَ يَحْيَى بن معِين: كَانَ يَحْيَى الْقطَّان يُضعفهُ. ثمَّ قَالَ (يَحْيَى بن معِين) : هُوَ ثِقَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ ابْن عدي: لَيْسَ بِهِ بَأْس.
(الثَّالِث) : (من) طَرِيق حَمَّاد بن زيد، عَن مَالك بن أنس وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى» .
رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي، نَا حَمَّاد بِهِ وَقَالَ فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الطَّرِيقَيْنِ قبله.
قلت: وَصَالح هَذَا لينه البُخَارِيّ وَضَعفه النَّسَائِيّ وَأحمد وَأَبُو زرْعَة. وَقَالَ ابْن حبَان: (اخْتَلَط عَلَيْهِ) مَا سمع بِمَا لم يسمع فَحدث بِالْكُلِّ، فَيَنْبَغِي أَن لَا يحدث عَنهُ.
وَذكره ابْن السكن فِي «الصِّحَاح الْمَأْثُور» بِلَفْظ: «من أدْرك رَكْعَة من الْجُمُعَة فليضف إِلَيْهَا أُخْرَى» .
(قلت: وَهَذِه الطّرق الثَّلَاث أحسن طرق هَذَا الحَدِيث، وَالْبَاقِي ضِعَاف بِمرَّة) .
(الطَّرِيق الرَّابِع) : من طَرِيق ياسين بن معَاذ، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«إِذا أدْرك أحدكُم الرَّكْعَتَيْنِ يَوْم الْجُمُعَة (فقد أدْرك الْجُمُعَة) وَإِذا أدْرك رَكْعَة فليركع إِلَيْهَا أُخْرَى، وَإِن لم يدْرك رَكْعَة فَليصل أَربع رَكْعَات» .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث عبد الله بن صَالح (نَا اللَّيْث) ، عَن يَحْيَى بن أَيُّوب، عَن ياسين، ثمَّ قَالَ: ياسين ضَعِيف.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث
فَقَالَ: لَا أصل لَهُ إِنَّمَا مَتنه: «من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة فقد أدْركهَا» .
(الْخَامِس) : من طَرِيق سُلَيْمَان بن أبي دَاوُد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الَّذِي أوردهُ الرَّافِعِيّ سَوَاء.
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» أَيْضا من حَدِيث أبي (يزِيد الْخصاف) الرقي - واسْمه خَالِد بن (حَيَّان) - نَا سُلَيْمَان بِهِ.
ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث سُلَيْمَان بن عبد الله بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي قَالَ: حَدثنِي جدي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه سُلَيْمَان، عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، لَكِن بِلَفْظ:«إِذا أدْركْت (الرَّكْعَة) الْأَخِيرَة من صَلَاة الْجُمُعَة فصلِّ إِلَيْهَا (رَكْعَة) ، وَإِذا فاتتك الرَّكْعَة الْأَخِيرَة فصل الظّهْر أَربع رَكْعَات» .
وَسليمَان هَذَا ضَعَّفُوهُ، قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث.
قلت: وخَالِد بن حَيَّان فِيهِ لين مَا لكنه صَدُوق.
(السَّادِس) : من طَرِيق عبد الرَّزَّاق بن عمر الدِّمَشْقِي، عَن
الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة فليضف إِلَيْهَا أُخْرَى» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» أَيْضا من حَدِيث الحكم بن مُوسَى نَا عبد الرَّزَّاق بِهِ.
وَعبد الرَّزَّاق هَذَا ضَعَّفُوهُ، (قَالَ يَحْيَى) : لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ مرّة: كَذَّاب. وَقَالَ خَ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوك. وَقَالَ ابْن حبَان: يقلب الْأَخْبَار (فَاسْتحقَّ) التّرْك.
(السَّابِع) : من حَدِيث الْحجَّاج، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه:«من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة (فَليصل) إِلَيْهَا أُخْرَى» .
رَوَاهُ الدَّارقطني فِي «سنَنه» أَيْضا من حَدِيث جرير، عَن عبد القدوس بن بكر، نَا الْحجَّاج
…
فَذكره.
وَالْحجاج هُوَ ابْن أَرْطَاة وحالته قد عرفت، وَقد عنعن.
(الثَّامِن) : من طَرِيق ياسين بن معَاذ عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد
وَأبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى، فَإِن أدركهم جُلُوسًا صَلَّى الظّهْر أَرْبعا» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ (فِي «سنَنه» أَيْضا) من حَدِيث بكر بن بكار، نَا ياسين بِهِ.
وَيَاسِين قد أسلفنا عَن الدَّارَقُطْنِيّ تَضْعِيفه، وَأطلق النكارة عَلَى (حَدِيثه) البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم، وَأطلق التّرْك عَلَيْهِ النَّسَائِيّ وَغَيره، وَقَالَ ابْن حبَان: يروي (الموضوعات) عَن الثِّقَات، وينفرد بالمعضلات عَن الْأَثْبَات لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ.
قلت: وَقد سلف من طَرِيق ياسين هَذَا عَن الزُّهْرِيّ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث ياسين، عَن الزُّهْرِيّ، عَن
سعيد (و) أبي سَلمَة، (عَن أبي هُرَيْرَة) مَرْفُوعا:«من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى، وَمن فَاتَتْهُ الركعتان فَليصل أَرْبعا - أَو قَالَ: الظّهْر. أَو قَالَ: الأولَى» .
(الْوَجْه التَّاسِع) : من طَرِيق عمر بن قيس، [عَن الزُّهْرِيّ] عَن أبي سَلمَة وَسَعِيد، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: «من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة فَليصل إِلَيْهَا (أُخْرَى)) .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن بكير، نَا عمر بِهِ.
وَعمر هَذَا أَظُنهُ (الْمَكِّيّ)(الْمَعْرُوف)(بسندل) وَهُوَ مُتَّهم مَتْرُوك قَالَ أَحْمد: لَا يُسَاوِي حَدِيثه شَيْئا.
(الْوَجْه الْعَاشِر) : من طَرِيق صَالح بن أبي الْأَخْضَر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى، فَإِن أدركهم جُلُوسًا صَلَّى أَرْبعا» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» أَيْضا من حَدِيث يَحْيَى بن المتَوَكل،
عَن صَالح. وَصَالح قد عرفت حَاله فِيمَا مَضَى، وَيَحْيَى (إِن) كَانَ الْحذاء فقد ضَعَّفُوهُ.
(الْوَجْه الْحَادِي عشر) : من طَرِيق (دَاوُد) بن أبي هِنْد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة فليضف إِلَيْهَا أُخْرَى» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ (فِي «سنَنه» أَيْضا) من حَدِيث يَحْيَى بن رَاشد الْبَراء، عَن دَاوُد بِهِ.
وَيَحْيَى هَذَا ضعفه النَّسَائِيّ، وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يعْتَبر بِهِ صُوَيْلِح. وَقَالَ فِي «علله» : رُوِيَ من وَجْهَيْن عَن سعيد مَرْفُوعا وَكِلَاهُمَا غير مَحْفُوظ، (وَرَوَاهُ) يَحْيَى بن سعيد الْأنْصَارِيّ أَنه بلغه عَن سعيد بن الْمسيب قَوْله، وَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ.
(الْوَجْه الثَّانِي عشر) : من طَرِيق سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: «إِذا (أدْرك) أحدكُم من الْجُمُعَة رَكْعَة فَليصل
إِلَيْهَا أُخْرَى» . (وَسُهيْل) هَذَا احْتج بِهِ مُسلم ووثق وَتكلم فِيهِ.
(الْوَجْه الثَّالِث عشر) : من طَرِيق ابْن أبي ذِئْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة وَسَعِيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» من حَدِيث عمر بن (حبيب) ، عَن ابْن أبي ذِئْب (بِهِ) .
وَعمر هَذَا ضعفه النَّسَائِيّ وَكذبه ابْن معِين، وَقَالَ (ابْن عدي) : حسن الحَدِيث يكْتب (حَدِيثه) مَعَ ضعفه.
فَهَذَا مَا حضرني من طرق هَذَا الحَدِيث، وأحسنها الثَّلَاثَة (الأول) وَقَالَ أَبُو حَاتِم ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» : ذكر الْخَبَر الدَّال عَلَى أَن الطّرق المروية فِي خبر الزُّهْرِيّ «من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة» كلهَا معلولة (لَيْسَ) يَصح فِيهَا شَيْء مَا أخبرنَا بِهِ عمرَان
بن مُوسَى بن مجاشع، نَا أَبُو كَامِل (الجحدري) ، نَا حَمَّاد بن زيد، عَن مَالك بن أنس، [عَن الزُّهْرِيّ] ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«من أدْرك (من صلاةٍ رَكْعَة فقد أدْرك» قَالُوا: من (هَاهُنَا قيل) : «وَمن أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى» (وَقَالَ فِي ضُعَفَائِهِ) : هَذَا الحَدِيث - يَعْنِي (بِذكر) الْجُمُعَة - خطأ إِنَّمَا هُوَ «من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة» وذِكْر «الْجُمُعَة» قَالَه أَرْبَعَة أنفس (عَن الزُّهْرِيّ) ، عَن أبي سَلمَة كلهم ضعفاء، أَي وهم: أُسَامَة بن زيد وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر وَسليمَان بن أبي دَاوُد وَعبد الرَّزَّاق بن عمر الدِّمَشْقِي.
قلت: قد تَابعهمْ الْأَوْزَاعِيّ وَمَالك كَمَا سلف من طَرِيق الْحَاكِم (وصححهما) عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَقَالَ فِي رِوَايَة أُسَامَة وَصَالح مثل ذَلِك، وتابعهم (أَيْضا: ياسين بن معَاذ) وَالْحجاج ومعاذ كَمَا سلف،
وَذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» من طرق (بالاختلاف) فِيهَا، ثمَّ قَالَ: وَالصَّحِيح حَدِيث: «من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة» (و) هَذَا الْخَبَر الَّذِي ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن حبَان اتّفق الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجه كَمَا أسلفناه فِي الحَدِيث الثَّامِن من بَاب أَوْقَات الصَّلَاة، وَاحْتج بِهِ الْأَئِمَّة فِي هَذَا الْمقَام (مَالك وَالشَّافِعِيّ) وَغَيرهمَا.
قَالَ الشَّافِعِي فِي الْأُم: مَعْنَاهُ: لم تفته تِلْكَ الصَّلَاة وَمن لم تفته الْجُمُعَة صلاهَا (رَكْعَة) .
وَفِي رِوَايَة غَرِيبَة (للعقيلى) فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا: «من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة فقد أدْركهَا قبل أَن (يُقيم) الإِمَام صلبه» قَالَ الْعقيلِيّ: رَوَاهُ (جماعات) بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة (و) لم يذكرهَا إِلَّا يَحْيَى بن حميد، ولعلها من كَلَام الزُّهْرِيّ فَأدْخلهَا يَحْيَى فِيهِ.
وَقد قَالَ البُخَارِيّ: لَا يُتَابع عَلَيْهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : زَادهَا قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن فِيهِ.
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَلهُ أَيْضا طرق:
(أَحدهَا) : (من) طَرِيق الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه رَفعه:«من أدْرك رَكْعَة من صَلَاة الْجُمُعَة أَو غَيرهَا فليضف إِلَيْهَا أُخْرَى وَقد تمت صلَاته» .
وَفِي لفظ: «وَقد أدْرك الصَّلَاة» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث مُحَمَّد بن مصفى (وَعَمْرو) بن عُثْمَان قَالَا: ثَنَا بَقِيَّة، قَالَ: حَدثنِي يُونُس بن (يزِيد) الْأَيْلِي، عَن الزُّهْرِيّ بِهِ. ثمَّ قَالَ: قَالَ لنا (ابْن) أبي دَاوُد: لم يروه عَن يُونُس إِلَّا بَقِيَّة، وَرَوَاهُ أَيْضا النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: (هَذَا) خطأ الْمَتْن والإسناد، إِنَّمَا هُوَ عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«من أدْرك من صَلَاة رَكْعَة فقد أدْركهَا» وَأما قَوْله: «من صَلَاة الْجُمُعَة» فَلَيْسَ هَذَا فِي الحَدِيث فَوَهم فِي كليهمَا.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي (الإِمَام) : هَذَا الحَدِيث مَعْدُود فِي أَفْرَاد بَقِيَّة عَن يُونُس، وَبَقِيَّة (موثق) وَقد زَالَت تُهْمَة (تدليسه) بتصريحه (بِالتَّحْدِيثِ) ، وَهَذَا (مُؤذن) من الشَّيْخ تَقِيّ (الدَّين) بتصحيح هَذَا الطَّرِيق لَكِن (بَقِيَّة رمي) بتدليس (التَّسْوِيَة) فَلَا (يَنْفَعهُ) تصريحه بِالتَّحْدِيثِ.
(الطَّرِيق الثَّانِي) : من طَرِيق يَحْيَى بن سعيد عَن نَافِع، عَن ابْن عمر رَفعه:«من أدْرك (من) الْجُمُعَة (رَكْعَة) فقد أدْركهَا (وليضف) إِلَيْهَا أُخْرَى» (وَفِي لفظ: «من أدْرك رَكْعَة من الْجُمُعَة فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى» .) .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» أَيْضا من حَدِيث يعِيش بن الجهم،
ثَنَا عبد الله بن نمير، عَن يَحْيَى بِاللَّفْظِ الْأَخير. وَمن حَدِيث عِيسَى بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم، عَن يَحْيَى بِاللَّفْظِ الأول.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان (الدباس)، عَن عبد الْعَزِيز (بِهِ) بِلَفْظ:«من أدْرك رَكْعَة من الْجُمُعَة فقد أدْرك» ثمَّ قَالَ: لم يروه عَن يَحْيَى إِلَّا عبد الْعَزِيز تفرد بِهِ إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان.
وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» الِاخْتِلَاف فِيهِ، ثمَّ قَالَ:(و) الصَّوَاب وَقفه عَلَى ابْن عمر.
(الطَّرِيق الثَّالِث) : عَن إِبْرَاهِيم بن عَطِيَّة الثَّقَفِيّ، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه رَفعه:«من أدْرك من الْجُمُعَة (رَكْعَة) فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى» .
رَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم هَذَا، (ثمَّ) قَالَ فِي حَقه: مُنكر (الحَدِيث)(جدًّا) وَكَانَ هشيم يُدَلس عَنهُ أَخْبَارًا لَا أصل لَهَا وَهُوَ حَدِيث خطأ.
قلت: وَمن الْأَحَادِيث الَّتِي يَنْبَغِي أَن يتَنَبَّه لَهَا (مَا رَوَاهُ)