الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فِيهِ) عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث أبي حُصَيْن، عَن أبي بردة (بن أبي مُوسَى رضي الله عنه عَن أَبِيه) :«من سمع النداء فَلم يجب فَلَا صَلَاة لَهُ» ثمَّ (ذكره) بِإِسْنَادِهِ.
قلت: [ورُوي] من حَدِيث جَابر مَرْفُوعا: «لَا صَلَاة لمن سمع النداء ثمَّ لم يَأْتِ إِلَّا من عِلّة» .
رَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي «تَارِيخه» ، وَالْحَاكِم أَبُو أَحْمد فِي «كناه» ، وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد (مُؤذن بني شقرة وَهُوَ مَجْهُول، وَقَالَ البُخَارِيّ: فِيهِ نظر، وَأغْرب) ابْن السكن، فَأخْرجهُ فِي صحاحه من هَذَا الْوَجْه.
الحَدِيث الْخَامِس عشر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا ابتلت النِّعَال فَالصَّلَاة فِي الرّحال» .
هَذَا الحَدِيث تبع فِي (إِيرَاده) عَلَى هَذَا النمط الْمَاوَرْدِيّ وَصَاحب الْبَيَان، وَلم أَجِدهُ بعد الْبَحْث عَنهُ كَذَلِك فِي كتاب حَدِيث.
(وَتَبعهُ) أَيْضا ابْن (الفركاح) فَقَالَ فِي «إقليده» : لم أَجِدهُ فِي الْأُصُول، إِنَّمَا ذكره أهل الْعَرَبيَّة.
قلت: وَهُوَ مَوْجُود بِمَعْنَاهُ فِي «الْمُسْتَدْرك» للْحَاكِم أبي عبد الله من حَدِيث نَاصح بن الْعَلَاء، حَدثنِي عمار بن (أبي) عمار قَالَ:«مَرَرْت بِعَبْد الرَّحْمَن بن سَمُرَة يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ عَلَى نهر يسيل المَاء مَعَ غلمانه ومواليه، (فَقلت) لَهُ: يَا أَبَا سعيد، الْجُمُعَة. (فَقَالَ) : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا كَانَ مطر وابل فصلوا فِي رحالكُمْ» قَالَ الْحَاكِم: (هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ) وناصح بن الْعَلَاء هَذَا (بَصرِي) ثِقَة، إِنَّمَا المطعون فِيهِ نَاصح (أَبُو عبد الله)[المحلمي] الْكُوفِي فَإِنَّهُ رَوَى عَن سماك بن حَرْب الْمَنَاكِير.
قلت: وَالْأول مطعون فِيهِ (أَيْضا) قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِثِقَة. وَقَالَ مرّة: ضَعِيف. وَكَذَلِكَ قَالَ النَّسَائِيّ. وَقَالَ خَ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ ابْن حبَان: لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ إِذا انْفَرد. وَأما ابْن الْمَدِينِيّ وَأَبُو دَاوُد فوثقاه.
وَرَوَى عبد الله بن أَحْمد هَذَا الحَدِيث فِي مُسْند أَبِيه بِهَذَا السَّنَد دون الْقِصَّة وَهَذَا لَفظه: عَن (عبد الرَّحْمَن) بن سَمُرَة «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول: إِذا كَانَ يَوْم (مطر) وابل فَليصل أحدكُم فِي رَحْله» .
وَفِي «الْمسند» أَيْضا: ثَنَا بهز، حَدثنَا أبان، نَا قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْم حنين فِي يَوْم (مطير) : الصَّلَاة فِي الرّحال» .
وَقد علمت مَا فِي هَذِه التَّرْجَمَة للحفاظ فِيمَا أسلفته لَك فِي أَوَاخِر صفة الصَّلَاة.
وَفِي « (الْمسند» أَيْضا و) (سنَن أبي دَاوُد) و (النَّسَائِيّ) و (ابْن مَاجَه) و «صحيحي» ابْن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيث أبي الْمليح، عَن أَبِيه رضي الله عنه «أَنه شهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم زمن الْحُدَيْبِيَة فِي يَوْم الْجُمُعَة وأصابهم مطر لم تبتل أَسْفَل نعَالهمْ فَأَمرهمْ أَن يصلوا فِي رحالهم» . هَذَا لفظ أبي دَاوُد وَالْحَاكِم.
وَلَفظ ابْن حبَان: «كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم زمن الْحُدَيْبِيَة وأصابنا مطر لم يبل (أَسْفَل) نعالنا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن صلوا فِي رحالكُمْ» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «أَصَابَنَا مطر بحنين فَنَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَن صلوا فِي الرّحال» ) .
وَلَفظ أَحْمد «أَن يَوْم حنين كَانَ مطيرًا فَأمر عليه السلام مناديه أَن الصَّلَاة فِي الرّحال» .
وَفِي لفظ لَهُ: «كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِية فأصابنا مطر لم (يبل) أَسْفَل نعالنا فَقَالَ عليه السلام: صلوا فِي رحالكُمْ» .
وَلَفظ البَاقِينَ بِنَحْوِهِ.
قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد (و) احْتج الشَّيْخَانِ برواته.
قلت: وَهَذَا الْمَعْنى ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ من طَرِيقين:
أَولهمَا: من حَدِيث نَافِع «أَن ابْن عمر أذن بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَة ذَات برد وريح ومطر فَقَالَ فِي آخر ندائه: أَلا صلوا (فِي رحالكُمْ أَلا
صلوا) فِي الرّحال، ثمَّ قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمر الْمُؤَذّن إِذا كَانَت لَيْلَة بَارِدَة أَو ذَات مطر فِي السّفر أَن يَقُول: أَلا صلوا فِي رحالكُمْ» وَهَذَا السِّيَاق لمُسلم.
وَفِي رِوَايَة لَهُ: « (نَادَى) بِالصَّلَاةِ بضجنان» .
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الْإِلْمَام» : وَفِي (رِوَايَة) مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن (نَافِع)، عَن ابْن عمر قَالَ:«نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بذلك [فِي الْمَدِينَة] فِي اللَّيْلَة الْمَطِيرَة، والغداة القرة» .
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث ابْن عَبَّاس «أَنه قَالَ لمؤذنه فِي يَوْم مطير: إِذا قلت: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول
الله فَلَا تقل: حَيّ عَلَى الصَّلَاة، قل: صلوا فِي بُيُوتكُمْ. فَكَأَن النَّاس استنكروا ذَلِك (فَقَالَ) : أتعجبون من ذَا؟ (قد) فعل ذَا من هُوَ خير مني، إِن الْجُمُعَة عَزمَة، وَإِنِّي كرهت أَن أخرجكم فِي الطين والدحض» .
وَفِي رِوَايَة لَهما: «إِن ذَلِك (كَانَ ليَوْم جُمُعَة) . وَقَالَ: «فعله (من هُوَ) خير مني - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم» (وَفِي أُخْرَى خَطَبنَا ابْن)(عَبَّاس رضي الله عنه فِي يَوْم ذِي ردغ وَلم يذكر الْجُمُعَة) .
وَله طَرِيق ثَالِث فِي مُسلم خَاصَّة من حَدِيث جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: «خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سفر فمطرنا فَقَالَ: ليصل من شَاءَ مِنْكُم فِي رَحْله» .
فَائِدَة: فِي (بَيَان) الْأَلْفَاظ الْوَاقِعَة فِي رِوَايَة الرَّافِعِيّ وَالْأَحَادِيث الَّتِي أوردناها: النِّعَال هَل هِيَ الَّتِي يمشى عَلَيْهَا أَو الأرجل (و) الْأَقْدَام أَو الْحِجَارَة الصغار الَّتِي تكون فِي الطَّرِيق؛ فَإِنَّهَا
تسمى بذلك، فِيهِ [ثَلَاثَة] أوجه حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيّ رحمه الله وَحَكَى القَاضِي حُسَيْن وَجها رَابِعا أَنَّهَا وَجه الأَرْض. (وَقَالَ) الْأَزْهَرِي: النَّعْل: مَا غلظ من الأَرْض فِي صلابة. قَالَ ثَعْلَب: (يَقُول) إِذا مُطرت (الأَرَضُون) الصلاب (فزلقت) بِمن يمشي فِيهَا - «فصلوا فِي مَنَازِلكُمْ» وَلم يذكر (ابْن) الْجَوْزِيّ فِي «غَرِيبه» غَيره.
(وَقَالَ) ابْن الْأَثِير: النِّعَال جمع نعل: وَهُوَ مَا غلظ من الأَرْض فِي صلابة، وَإِنَّمَا خصها (بِالذكر) ؛ لِأَن أدنَى بَلل ينديها بِخِلَاف الرخوة فَإِنَّهَا تنشف المَاء.
وَقَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي أَحْكَامه: ظَاهر حَدِيث أبي الْمليح أَن المُرَاد بالنعال: الَّتِي تلبس فِي الرجل. قَالَ: وَأما الحَدِيث الآخر: «إِذا ابتلت النِّعَال (فَالصَّلَاة فِي الرّحال) » فأكثرهم قَالُوا: النِّعَال هُنَا جمع نعل وَهُوَ مَا غلظ من الأَرْض فِي صلابة. وَحمله آخَرُونَ عَلَى ظَاهره وَقَالَ: إِذا وَقع (شَيْء) من الْمَطَر (فابتل) بِهِ النَّعْل فيعذر بِهِ.