الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيْسَ كَذَلِك؛ لِأَنَّهُ عليه السلام [لم يقل]«غفر لَهُ من الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة» فوقت الْجُمُعَة زَوَال الشَّمْس، فَمن زَوَال الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة إِلَى مثله من الْأُخْرَى سَبْعَة أَيَّام، وَقَوله:«ثَلَاثَة أَيَّام زِيَادَة» تَمام (الْعشْر)، قَالَ الله تَعَالَى:(من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا) وَهَذَا مِمَّا نقُول فِي (كتبنَا) : إِن الْمَرْء قد يعْمل طَاعَة الله فَيغْفر لَهُ بهَا (ذنوبًا لم يكسبها) بعد.
الحَدِيث الثَّالِث بعد الْخمسين
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «البسوا الْبيَاض فَإِنَّهَا خير ثيابكم» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ الشَّافِعِي، وَأحمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن حبَان،
وَالْحَاكِم، وَالْبَيْهَقِيّ، من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«البسوا من ثيابكم الْبيَاض فَإِنَّهَا من خير ثيابكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم» .
وَلَفظ الشَّافِعِي: «من خير ثيابكم الْبيَاض (فليلبسها) أحياؤكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم» .
وَلَفظ أَحْمد كَمَا سقناه، وَفِي لفظ لَهُ كَلَفْظِ الشَّاهِد الَّذِي سَيذكرُهُ الْحَاكِم. (قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم. وَلَفظ الْحَاكِم: «خير ثيابكم الْبيَاض فألبسوها أحياءكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم» .
وَقَالَ ابْن الْقطَّان أَيْضا: إِنَّه حَدِيث صَحِيح.
قَالَ الْحَاكِم: وَلِهَذَا الحَدِيث شَاهد صَحِيح: عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «البسوا الثِّيَاب الْبيض وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم، فَإِنَّهَا أطهر وَأطيب» .
وَهَذَا الشَّاهِد صَحِيح كَمَا ذكر، وَقد أخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه من رِوَايَة [مَيْمُون] بن أبي [شبيب]
الْكُوفِي، عَن سَمُرَة. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح) .
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» من حَدِيث أبي قلَابَة، (عَن سَمُرَة) رَفعه:«عَلَيْكُم (بِهَذِهِ) الْبيَاض (فيلبسها) أحياؤكم وكفنوا فِيهِ مَوْتَاكُم، فَإِنَّهَا من خير ثيابكم) . (وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» أَيْضا فِي كتاب اللبَاس بِلَفْظ: «عَلَيْكُم بِهَذَا الثِّيَاب الْبيض [فليلبسه] أحياؤكم وكفنوا فِيهِ مَوْتَاكُم، فَإِنَّهُ من خير ثيابكم) . أَو قَالَ: من خير لباسكم) .
ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَلم يخرجَاهُ؛ لِأَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَإِسْمَاعِيل ابْن علية أَرْسلَاهُ عَن أَيُّوب. ثمَّ ذكر ذَلِك عَنْهُمَا بِإِسْنَادِهِ.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث، وَذكره بِلَفْظ الْحَاكِم فَقَالَ: لم (يُتَابع) معمر عَلَى وصل هَذَا الحَدِيث - (حَيْثُ رَوَوْهُ عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن
سَمُرَة) وَإِنَّمَا يرويهِ عَن أبي قلَابَة، عَن سَمُرَة مَرْفُوعا.
قَالَ الْحَاكِم: وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَسمرَة بن جُنْدُب بِزِيَادَة فِيهِ، أما حَدِيث ابْن عَبَّاس فلفظه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خير ثيابكم الْبيَاض، فألبسوها أحياءكم وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم، وَإِن من خير أكحالكم الإثمد، (فَإِنَّهُ) يجلو الْبَصَر وينبت الشّعْر» . ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَلم يخرجَاهُ.
وَأما حَدِيث سَمُرَة (فقد تقدم، قَالَ: وَله إِسْنَاد صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ [وَلم يخرجَاهُ] فَذكر حَدِيث سَمُرَة) بِلَفْظ: «البسوا من الثِّيَاب (الْبيَاض) فَإِنَّهَا أطهر وَأطيب، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم» .
ثمَّ (قَالَ) : هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ [وَلم يخرجَاهُ] .
قلت: وَله شَاهد من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن، أخرجه الطَّبَرَانِيّ (مَعَ) حَدِيث سَمُرَة؛ وَشَاهد آخر من حَدِيث أنس، لكنه واهٍ، قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت (أبي) عَن حَدِيث رَوَاهُ حسن
بن (حكم) بن طهْمَان، عَن هِشَام الدستوَائي، قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو [عِصَام] عَن أنس مَرْفُوعا: «خير ثيابكم الْبيَاض فليلبسها أحياؤكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم» . فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر جدًّا، بَاطِل بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قلت: وَفِي سنَن ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد كل رِجَاله ثِقَات - (حَتَّى) عبد الْمجِيد بن أبي رواد، وَإِن لينه أَبُو حَاتِم - من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء:(رَفعه)«إِن أحسن مَا زرتم الله [بِهِ] فِي قبوركم ومساجدكم الْبيَاض» .
فَائِدَتَانِ:
الأولَى: قَوْله عليه السلام: «البسوا الْبيَاض» (هُوَ) بِفَتْح الْبَاء.
الثَّانِيَة: قَالَ الرَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (نقلا عَن) أَصْحَابنَا (الْعِرَاقِيّين) أَنه عليه السلام لم يلبس مَا صبغ (غزله بعد) النسج. وَهُوَ كَمَا نَقله عَنْهُم، وَقد ترْجم الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فَقَالَ: بَاب مَا يسْتَحبّ من ثِيَاب الْحبرَة وَمَا يصْبغ غزله لَا يصْبغ بَعْدَمَا ينسج. ثمَّ رَوَى من حَدِيث