الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث السَّادِس عشر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تكشف فخذك، وَلَا تنظر إِلَى فَخذ حَيّ وَلَا ميت» ، وَيروَى:«وَلَا تبرز فخذك» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» فِي الْجَنَائِز وَكتاب الْحمام من حَدِيث (ابْن جريج) قَالَ: أخْبرت عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَلّي مَرْفُوعا بِهِ سَوَاء، وَلَفظه فِي كتاب الْحمام:«لَا تكشف» ، وَفِي الْجَنَائِز:«لَا تبرز» .
وَقد ذكر الرَّافِعِيّ اللَّفْظَيْنِ ثمَّ قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ نَكَارَة، (وَرَوَاهُ) ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» فِي الْجَنَائِز من حَدِيث روح بن عبَادَة [عَن ابْن جريج] عَن حبيب بِهِ بِلَفْظ «لَا تبرز» . وَرَوَاهُ الْحَاكِم (فِي اللبَاس) فِي «مُسْتَدْركه» كَذَلِك إِسْنَادًا ومتنًا، وَكَذَا الْبَزَّار فِي «مُسْنده» ، ثمَّ قَالَ: لَا نعلمهُ يرْوَى عَن عَلّي مَرْفُوعا إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قلت: وأعل هَذَا الحَدِيث بالطعن فِي عَاصِم والانقطاع، أما الأول
فَقَالَ ابْن عدي: إِنَّه ينْفَرد عَن عَلّي بِأَحَادِيث بَاطِلَة لَا يُتَابِعه الثِّقَات عَلَيْهَا والبلية مِنْهُ، وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ رَدِيء الْحِفْظ، فَاحش الْخَطَأ، يرفع عَن عَلّي قَوْله كثيرا، فَلَمَّا فحش ذَلِك مِنْهُ اسْتحق التّرْك. نعم وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين، وَكَذَا ابْن الْمَدِينِيّ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس.
وَأما الِانْقِطَاع فَفِي مَوْضُوعَيْنِ أَحدهمَا: بَين ابْن جريج وحبِيب بن أبي ثَابت كَمَا هُوَ ظَاهر رِوَايَة أبي دَاوُد الأولَى؛ حَيْثُ قَالَ: أخْبرت، وَثَانِيهمَا: بَين حبيب وَعَاصِم فَإِنَّهُ لم (يسمعهُ) مِنْهُ.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: رَوَاهُ حجاج، عَن ابْن جريج، قَالَ: أخْبرت، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن عَاصِم بِهِ قَالَ: وَابْن جريج لم يسمع هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد من حبيب؛ إِنَّمَا هُوَ من حَدِيث عَمْرو بن خَالِد (الوَاسِطِيّ، وَلَا يثبت (لحبيب) رِوَايَة عَن عَاصِم، فَأرَى أَن ابْن جريج أَخذ من الْحسن بن ذكْوَان، عَن عَمْرو بن خَالِد) ، عَن حبيب، وَالْحسن وَعَمْرو: ضعيفان فِي الحَدِيث. وَقَالَ ابْن الْقطَّان كتاب «أَحْكَام النّظر» : كل رِجَاله ثِقَات، وَلَكِن الِانْقِطَاع فِيهِ بَين ابْن جريج وحبِيب فِي قَوْله: أخْبرت، وَزعم ابْن معِين أَيْضا أَنه مُنْقَطع فِي مَوضِع آخر، وَهُوَ مَا بَين حبيب
وَعَاصِم بن ضَمرَة، وَأَن حبيبًا لم يسمعهُ من عَاصِم، وَأَن بَينهمَا رجلا لَيْسَ بِثِقَة.
وَقَالَ الْبَزَّار ذَلِك أَيْضا، وَفسّر (الرجل) الَّذِي بَينهمَا بِأَنَّهُ عَمْرو بن خَالِد وَهُوَ مَتْرُوك، فعلَى هَذَا يكون إِسْنَاده سُوِّيَ، وَلَا أدرى من سواهُ، وَابْن جريج لَا يعرف بالتسوية إِنَّمَا يعرف بالتدليس. قَالَ: وَأحسن من هَذَا الْإِسْنَاد، وَمن هَذَا الحَدِيث مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث روح بن عبَادَة، نَا ابْن جريج، قَالَ: أَخْبرنِي حبيب بن أبي ثَابت، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَلّي مَرْفُوعا:« (لَا تكشف) فخذك؛ فَإِن الْفَخْذ عَورَة» .
قَالَ: وَهَذَا أَيْضا رِجَاله ثِقَات، والانقطاع الذى فِي الأولَى بَين ابْن جريج وحبِيب زَالَ هُنَا، وَقد رَوَاهُ يزِيد بن عبد الله الْقرشِي، عَن ابْن جريج، كَذَلِك أَفَادَهُ بن عدي. قلت: وَكَذَا أخرجه عبد الله بن أَحْمد، فَقَالَ: حَدثنِي عبيد الله بن عمر القواريري (حَدثنِي) يزِيد أَبُو خَالِد الْقرشِي، حَدثنِي ابْن جريج قَالَ: أَخْبرنِي حبيب بن أبي ثَابت، عَن عَاصِم (بن ضَمرَة) ، عَن عَلّي مَرْفُوعا فَذكره بِمثل لفظ ابْن مَاجَه، وَأما أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَإِنَّهُ أعل الحَدِيث بِمَا تقدم وَبِزِيَادَة وهم فِيهَا فَقَالَ فِي «محلاه» :(فَإِن) ذكرُوا الْأَخْبَار الْوَاهِيَة «أَن
الْفَخْذ عَورَة» فَهِيَ كلهَا سَاقِطَة، وَذكر فِيهَا هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: إِنَّه مُنْقَطع رَوَاهُ ابْن (جريج) ، عَن حبيب، وَلم يسمعهُ مِنْهُ بَينهمَا (من) لم يسم وَلَا يُدْرَى من هُوَ، وَرَوَاهُ حبيب (عَن) عَاصِم وَلم يسمعهُ مِنْهُ. قَالَ ابْن معِين: بَينهمَا رجل لَيْسَ بِثِقَة، وَلم يروه عَن ابْن جريج إِلَّا أَبُو خَالِد وَلَا يُدْرَى من هُوَ، هَذَا كَلَامه وَقد علمت أَن عبد الله بن أَحْمد وَالدَّارَقُطْنِيّ أَخْرجَاهُ من حَدِيث ابْن جريج قَالَ: أَخْبرنِي حبيب، وَإِن كَانَ فِي أبي دَاوُد أُخبرت عَن حبيب، فَيكون لم يسمعهُ مِنْهُ أَولا، ثمَّ سَمعه (مِنْهُ) ثَانِيًا، فطاح قَوْله:«بَينهمَا من لم يسم وَلَا يُدْرَى من هُوَ» .
(وَقَوله) : «وَلم يروه عَن ابْن جريج إِلَّا أَبُو خَالِد» وهم قَبِيح؛ فقد رَوَاهُ عَنهُ روح بن عبَادَة كَمَا تقدم عَن رِوَايَة ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ (وحجاج كَمَا تقدم من رِوَايَة أبي دَاوُد وَعبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي روَّاد كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) فِي «سنَنه» وَيَحْيَى بن سعيد كَمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ، فَهَؤُلَاءِ خَمْسَة رَوَوْهُ عَن ابْن جريج، وَقَوله:«وَلَا يُدْرَى من هُوَ» لَيْسَ بجيد فَهُوَ أَبُو خَالِد الدالاني يزِيد بن عبد الرَّحْمَن، (كَذَا) سَمَّاهُ يزِيد عبد الله بن أَحْمد فِي مُسْند أَبِيه
وَابْن عدي كَمَا سلف وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ كَمَا سلف، فِي بَاب الْأَحْدَاث، وَيحْتَمل أَيْضا أَنه يزِيد بن عبد الله الْقرشِي إِن كَانَ فِي طبقته، وَهُوَ من رجال النَّسَائِيّ، وثقات ابْن حبَان، وَفِي «صَحِيح البُخَارِيّ» مَا نَصه: يروي عَن ابْن (عَبَّاس) وجرهد، وَمُحَمّد بن جحش عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم:«الفخذُ عَورَة» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن» و «الخلافيات» فِي هَذِه الثَّلَاثَة: هَذِه أَسَانِيد صَحِيحَة يحْتَج بهَا. قلت: وَخَالفهُ غَيره فِي ذَلِك، قَالَ ابْن حزم فِي «محلاه» : فَإِن ذكرُوا الْأَخْبَار الْوَاهِيَة فِي أَن الْفَخْذ عَورَة فَهِيَ سَاقِطَة، أما حَدِيث (جرهد) فَإِنَّهُ عَن ابْن (جرهد) وَهُوَ مَجْهُول، وَعَن مجهولين، (ومنقطع) قَالَ: وَمن طَرِيق ابْن جحش فِيهِ أَبُو كثير وَهُوَ مَجْهُول، قَالَ: وَمن طَرِيق ابْن عَبَّاس وَفِيه يَحْيَى القَتَّات وَهُوَ ضَعِيف، وَذكره فِي مَوضِع آخر وَقَالَ: مَجْهُول، ثمَّ أعل حَدِيث عَلّي بِمَا أسلفته عَنهُ.
وَأَقُول: قد أسرف فِي قَوْله: «إِنَّهَا أَخْبَار سَاقِطَة» فَإِن حَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث أبي يَحْيَى القَتَّات - بقاف، ثمَّ مثناة فَوق، ثمَّ ألف، ثمَّ مثناة فَوق أَيْضا - عَن مُجَاهِد عَنهُ قَالَ:«مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى رجل فَخذه خَارِجَة، فَقَالَ: غط فخذك فَإِن فَخذ الرجل من عَوْرَته» . هَذَا لفظ أَحْمد وَالْحَاكِم، وَلَفظ التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ مُخْتَصرا «الْفَخْذ عَورَة» .
قَالَ التِّرْمِذِيّ عَلَى مَا نَقله الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» : هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. قلت: وَأَبُو يَحْيَى هَذَا اسْمه: زَاذَان، أَو يزِيد، أَو دِينَار، أَو عبد الرَّحْمَن بن دِينَار، أَو مُسلم أَقْوَال لَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْدهم كَمَا قَالَ أَبُو عمر، وَقَالَ ابْن الْقطَّان: ضَعِيف عِنْدهم، وَأَحْسَنهمْ فِيهِ رَأيا الْبَزَّار؛ فَإِنَّهُ قَالَ: مَا نعلم بِهِ بَأْسا، فقد رَوَى عَنهُ جمَاعَة من أهل الْعلم وَاحْتَملُوا حَدِيثه وَهُوَ كُوفِي مَعْرُوف، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: ضعفه شريك وَيَحْيَى، وَوَثَّقَهُ يَحْيَى فِي رِوَايَة، وَقَالَ أَحْمد: رويت عَنهُ أَحَادِيث مَنَاكِير جدًّا، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقَالَ ابْن حبَان: فحش
خَطؤُهُ، وَكثر (وهمه) ، حَتَّى سلك غير مَسْلَك (الْعُدُول) فِي الرِّوَايَات.
قلت: فنسبة ابْن حزم الْجَهَالَة إِلَيْهِ إِذن غَرِيب من يكون هَذَا حَاله كَيفَ يكون مَجْهُولا؟ ! ، وَأما حَدِيث مُحَمَّد بن جحش فَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» ، وَالْبُخَارِيّ فِي «تَارِيخه» ، وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي كثير مولَى مُحَمَّد بن جحش، (عَن مُحَمَّد بن جحش) رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم «أَنه مر عَلَى معمر مُحْتَبِيًا كاشفًا عَن طرف فَخذه، فَقَالَ (لَهُ) النَّبِي صلى الله عليه وسلم: خمر فخذك يَا معمر فَإِن الْفَخْذ عَورَة» .
وَأَبُو كثير هَذَا حجازي يُقَال: إِن لَهُ صُحْبَة رَوَى لَهُ النَّسَائِيّ فدعوى ابْن حزم جهالته إِذن غير جَيِّدَة، وَقد تبعه فِي هَذَا ابْن الْقطَّان فَقَالَ: لَا يعرف حَاله، وَتَصْحِيح الْبَيْهَقِيّ السالف لَهُ فرع عَن معرفَة حَاله، وَأما حَدِيث جرهد (فَرَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» عَن أبي [النَّضر] ، عَن زرْعَة بن عبد الرَّحْمَن بن جرهد) ، عَن أَبِيه، عَن جده (قَالَ:
وَكَانَ جدي من ًاصحاب الصّفة قَالَ: (جلس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْدِي وفخذي) مكشوفة، فَقَالَ: خمر عَلَيْك، أما علمت أَن الْفَخْذ عَورَة» . قَالَ ابْن عبد الْبر فِي «التَّقَصِّي» : هَكَذَا هُوَ فِي «الْمُوَطَّأ» عِنْد ابْن بكير وَجَمَاعَة، وَقَالَ غَيره: هَكَذَا يَقُول (ابْن) معِين وَابْن مهْدي وَجَمَاعَة عَن أَبِيه، عَن جده جرهد، وَقَالَ ابْن بكير وَابْن طهْمَان وَغَيرهمَا: عَن زرْعَة، عَن أَبِيه وَكَانَ من أَصْحَاب الصّفة لَا يذكرُونَ جده، وَكَذَلِكَ أخرجه عَنهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَلَى مَا عزاهُ إِلَيْهِ (صَاحب)«الإِمَام» عَن أبي الزِّنَاد (عَن آل جرهد، عَن جرهد بِهِ، وَرَوَاهُ أَحْمد عَن حُسَيْن بن مُحَمَّد، ثَنَا ابْن أبي الزِّنَاد) ، عَن أَبِيه، عَن زرْعَة بن (عبد الله) بن جرهد، عَن جرهد «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مر عَلَى جرهد وفخذ جرهد مكشوفة (فِي الْمَسْجِد) فَقَالَ (لَهُ) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا جرهد، غط فخذك فَإِن الْفَخْذ عَورَة» .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث مَالك، عَن أبي النَّضر، عَن زرْعَة، عَن أَبِيه قَالَ - كَانَ جرهد من أَصْحَاب الصّفة أَنه قَالَ - «جلس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عندنَا و (فَخذي) مكشوفة فَقَالَ: أما علمت أَن الْفَخْذ عَورَة» .
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الاسْتِئْذَان من «جَامعه» من ثَلَاث طرق:
إِحْدَاهَا: من حَدِيث زرْعَة بن مُسلم بن جرهد الْأَسْلَمِيّ، عَن جده جرهد قَالَ:«مر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بجرهد فِي الْمَسْجِد وَقد انْكَشَفَ فَخذه، فَقَالَ: إِن الْفَخْذ عَورَة» .
ثَانِيهَا: من حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن عبد الله بن جرهد الْأَسْلَمِيّ، عَن أَبِيه مَرْفُوعا «الْفَخْذ عَورَة» .
ثَالِثهَا: من حَدِيث معمر عَن أبي الزِّنَاد، أَخْبرنِي ابْن جرهد، عَن أَبِيه « (أَن) النَّبِي صلى الله عليه وسلم (مر بِهِ وَهُوَ كاشف عَن فَخذه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم) : غط فخذك، فَإِنَّهَا من الْعَوْرَة» .
ثمَّ قَالَ فِي هَذِه الطَّرِيق: هَذَا حَدِيث حسن، وَقَالَ فِي الثَّانِي هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. قلت: وَرِجَاله (إِلَى) ابْن عقيل رجال الصَّحِيح؛ لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَن وَاصل بن عبد الْأَعْلَى وَهُوَ من فرسَان مُسلم، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ (و) مطين (عَن) يَحْيَى بن آدم، وَهُوَ من فرسَان الصَّحِيحَيْنِ (وَالسّنَن) ، عَن الْحسن بن صَالح وَهُوَ من فرسَان مُسلم، وَابْن عقيل قد أسلفنا حَاله فِي الْوضُوء وَابْن حزم (يحْتَج بِهِ) .
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي الأول: حسن مَا أرَى إِسْنَاده بِمُتَّصِل، وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» عَن (الْحُسَيْن) بن مُحَمَّد بن أبي معشر، نَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الصَّواف، نَا أَبُو عَاصِم، عَن سُفْيَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن زرْعَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن جده جرهد «أَنه عليه السلام مر بِهِ وَقد كشف فَخذه، فَقَالَ: غطها فَإِنَّهَا عَورَة» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي كتاب اللبَاس من «مُسْتَدْركه» عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان الْموصِلِي، ثَنَا عَلّي بن حَرْب، نَا سُفْيَان، عَن سَالم أبي النَّضر، عَن زرْعَة بن مُسلم بن جرهد، عَن جده جرهد «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أبصره، وَقد انْكَشَفَ فَخذه فِي الْمَسْجِد وَعَلِيهِ بردة، فَقَالَ: إِن الْفَخْذ من الْعَوْرَة» . ثمَّ قَالَ: (هَذَا) حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، ثمَّ ذكر لَهُ شَوَاهِد.
وَرَوَاهُ يَحْيَى بن معِين عَلَى مَا عزاهُ إِلَيْهِ صَاحب «الإِمَام» عَن ابْن عُيَيْنَة، قَالَ يَحْيَى: ونا سُفْيَان أَيْضا، عَن سَالم أبي النَّضر، سَمعه من زرْعَة بن مُسلم بن جرهد «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مر بجرهد هَذَا، وَقد انْكَشَفَ فَخذه فَقَالَ: غطها فَإِن الْفَخْذ عَورَة» .
وَقَالَ أَبُو أُميَّة بن يعْلى: عَن أبي الزِّنَاد، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، عَن سُلَيْمَان بن جرهد، عَن جرهد «أَنه عليه السلام دخل عَلَيْهِ وَهُوَ كاشف فَخذيهِ» .
وَرَوَاهُ مُوسَى بن هَارُون الْحَافِظ من حَدِيث الزُّهْرِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن جرهد، عَن أَبِيه «أَنه عليه السلام مر عَلَيْهِ وَهُوَ كاشف عَن فَخذه،
فَقَالَ: غطها؛ فَإِنَّهَا من الْعَوْرَة» .
(قَالَ) ابْن الْقطَّان ثمَّ صَاحب «الإِمَام» : لهَذَا الحَدِيث عِلَّتَانِ: إِحْدَاهمَا: الِاضْطِرَاب الْمُورث سُقُوط (الثِّقَة) بِهِ، وَذَلِكَ أَنهم يَخْتَلِفُونَ فِيهِ: فَمنهمْ من يَقُول: زرْعَة بن عبد الرَّحْمَن، وَمِنْهُم من يَقُول: زرْعَة بن عبد الله، وَمِنْهُم من يَقُول: زرْعَة بن مُسلم، ثمَّ من هَؤُلَاءِ من يَقُول: عَن أَبِيه، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهُم من يَقُول: عَن أَبِيه، عَن جرهد، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهُم من يَقُول: عَن زرْعَة، عَن آل جرهد [عَن جرهد] عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَإِن كنت لَا أرَى الِاضْطِرَاب فِي الْإِسْنَاد عِلّة. فَأَما ذَلِك إِذا كَانَ من يَدُور عَلَيْهِ الحَدِيث ثِقَة، فَحِينَئِذٍ لَا (يظْهر) اخْتِلَاف النقلَة عَنهُ إِلَى مُسْند ومرسل، أَو رفع، أَو وقف، أَو وصل، أَو قطع. وَأما إِذا كَانَ الَّذِي يضطرب عَلَيْهِ جَمِيع هَذَا أَو بعضه غير ثِقَة أَو غير مَعْرُوف، فالاضطراب حِينَئِذٍ يكون زِيَادَة فِي وهنه، وَهَذِه حَالَة هَذَا الْخَبَر، وَهَذِه الْعلَّة (الثَّانِيَة) ؛ وَذَلِكَ أَن زرْعَة وأباه غير (معروفي) الْحَال وَلَا مشهوري الرِّوَايَة.
قلت: بلَى هما معروفان، قَالَ ابْن حبَان فِي «ثقاته» : فِي التَّابِعين زرْعَة بن [عبد الرَّحْمَن] بن جرهد الْأَسْلَمِيّ من أهل الْمَدِينَة، يروي عَن جرهد، (رَوَى) عَنهُ أَبُو الزِّنَاد وَسَالم أَبُو النَّضر. قَالَ: وَمن زعم أَنه زرْعَة بن مُسلم بن جرهد فقد وهم. (قَالَ) : وَقد رَوَى قَتَادَة، عَن زرْعَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن رَاشد بن [حُبَيْش] ، عَن عبَادَة بن الصَّامِت، وَفِي (التذهيب) مُخْتَصر التَّهْذِيب: زرْعَة بن عبد الرَّحْمَن بن جرهد الْأَسْلَمِيّ، وَقيل: اسْم أَبِيه مُسلم رَوَى عَن أَبِيه، عَن جده «الْفَخْذ عَورَة» ، وَعنهُ سَالم (أَبُو) النَّضر، وَأَبُو الزِّنَاد وَهُوَ ثِقَة كَمَا قَالَ النَّسَائِيّ. وَأما وَالِده عبد الله بن جرهد فَذكره ابْن حبَان أَيْضا فِي «ثقاته» وَقَالَ: رَوَى عَنهُ ابْن عقيل إِن كَانَ (حفظه) . وَقد حسن التِّرْمِذِيّ حَدِيثه كَمَا مر، (و) عبد الرَّحْمَن بن جرهد رَوَى عَنهُ مَعَ ابْنه ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ الإِمَام، وَأخرج الحَدِيث من جِهَة مَالك فِي الْمُوَطَّأ، (و) قد علم شدَّة تحريه فِي الرِّجَال. ونختم الْكَلَام عَلَى ذَلِك بخاتمتين:
الأولَى: قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» : أصلح هَذِه الْأَحَادِيث حَدِيث عَلّي، وَحَدِيث مُحَمَّد بن (جحش) قلت: وَفِي تَقْدِيمه عَلَى حَدِيث جرهد وَقْفَة لما علمت من حَاله، وَقَالَ البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» : حَدِيث أنس أسْند، وَحَدِيث جرهد أحوط حَتَّى يُخرج من اخْتلَافهمْ يُشِير إِلَى حَدِيث أنس بن مَالك قَالَ:«حُسرِ الْإِزَار عَن فَخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم» .
الثَّانِيَة: حَكَى الْخَطِيب فِي الرجل الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (غط فخذك فَإِن الْفَخْذ عَورَة» ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: جرهد بن خويلد الْأَسْلَمِيّ. ثَانِيهَا: قبيصَة بن مُخَارق الْهِلَالِي. ثَالِثهَا: معمر بن عبد الله بن نَضْلَة (الْعَدوي) ، وَقد أسلفنا (فِيمَا) مَضَى التَّصْرِيح بِهَذَا (وَالْأول)، وَقَالَ ابْن طَاهِر فِي «إِيضَاح الْإِشْكَال» : هُوَ يعِيش بن طخفة (الْغِفَارِيّ) . فَقَالَ: الرجل الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «غط فخذك فَإِن الْفَخْذ عَورَة» من رِوَايَة حبيب بن أبي ثَابت، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس. وَرَوَاهُ مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس مَعَ الِاخْتِلَاف الْوَاقِع فِي إسناديهما، قَالَ: وَقد رُوِيَ عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَلّي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مر عَلَى رجل - وَهُوَ يعِيش