الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وَأخرج لَهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة، وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ ابْن عدي: (تفرد) بِأَحَادِيث بَاطِلَة عَن عَلّي لَا يُتَابِعه الثِّقَات عَلَيْهَا، والبليّة مِنْهُ. وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ رَدِيء الْحِفْظ فَاحش الْخَطَأ يرفع عَن عَلّي قَوْله كثيرا، فَلَمَّا (فحش) ذَلِك مِنْهُ اسْتحق التّرْك.
الحَدِيث الثَّامِن بعد الْعشْرين وَالْمِائَة
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا، فليصلها إِذا ذكرهَا» .
هَذَا الحَدِيث تقدم (الْكَلَام عَلَيْهِ فِي بَاب التَّيَمُّم، فَليُرَاجع مِنْهُ) .
الحَدِيث التَّاسِع بعد الْعشْرين وَالْمِائَة
«أنَّه صلى الله عليه وسلم فَاتَتْهُ أَربع صلوَات يَوْم الخَنْدَق، فقضاهن عَلَى التَّرْتِيب» .
هَذَا الحَدِيث تقدم بَيَانه وَاضحا فِي بَاب الْأَذَان.
الحَدِيث الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا نسي أحدكُم صَلَاة فَذكرهَا وَهُوَ فِي صَلَاة
مَكْتُوبَة فليبدأ (بِالَّتِي) هُوَ فِيهَا، فَإِذا فرغ مِنْهَا صَلَّى الَّتِي نسي» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنَيْهِمَا» من رِوَايَة بَقِيَّة (عَن)[عمر بن أبي عمر] ، عَن مَكْحُول، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِهِ.
قَالَ ابْن عدي: عمر بن أبي [عمر] مَجْهُول لَا أعلم يروي عَنهُ غير بَقِيَّة.
قلت: وَقد قدمنَا أَقْوَال الْأَئِمَّة فِي بَقِيَّة فِي بَاب النَّجَاسَات، وَأَن من جملَة مَا عيب بِهِ التَّدْلِيس وَقد عنعن هُنَا، والمدلس إِذا عنعن لَا يحْتَج بِهِ؛ فَالْحَدِيث ضَعِيف من هذَيْن الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: هَذَا الحَدِيث جمع ضعفا وانقطاعًا. وَلَعَلَّه أَرَادَ بالانقطاع رِوَايَة مَكْحُول عَن ابْن عَبَّاس؛ فَإِن أَبَا حَاتِم قَالَ: سَأَلت أَبَا مسْهر هَل سمع مَكْحُول من
أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَا صَحَّ (عندنَا) إِلَّا أنس بن مَالك.
قلت: وَهَذَا الحَدِيث لَهُ معَارض أَيْضا من حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من نسي صَلَاة فَلم يذكرهَا إِلَّا وَهُوَ مَعَ الإِمَام، (فَإِذا فرغ من صلَاته فليعد الصَّلَاة الَّتِي نسي، ثمَّ يُعِيد الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا مَعَ الإِمَام) » . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنَيْهِمَا» وَأَبُو يعْلى فِي «مُسْنده» لَكِن ضعفه مُوسَى بن هَارُون الْحمال - بِالْحَاء - الْحَافِظ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: تفرد بِهِ أَبُو إِبْرَاهِيم الترجماني مَرْفُوعا وَالصَّحِيح أَنه موقوفٌ، (وَكَذَا) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» ، وَقَبله أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ: قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أَبَا زرْعَة عَنهُ مَرْفُوعا فَقَالَ: هَذَا خطأ، وَرَوَاهُ مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَوْقُوفا وَهُوَ الصَّحِيح. قَالَ: وأخبرت أَن يَحْيَى بن معِين انتخب عَلَى إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، فَلَمَّا بلغ هَذَا الحَدِيث جاوزه فَقيل لَهُ: كَيفَ لَا تكْتب هَذَا الحَدِيث؟ فَقَالَ يَحْيَى: فعل الله بِي إِن كتبته.
وَظَاهر كَلَام الضياء فِي «أَحْكَامه» تَصْحِيحه، فَإِنَّهُ قَالَ: قيل: تفرد بِهَذَا الحَدِيث سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي قَالَ: وَسَعِيد رَوَى عَنهُ
مُسلم، وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين، وَتكلم فِيهِ ابْن حبَان قَالَ: وَلَا يلْتَفت إِلَى كَلَام ابْن حبَان مَعَ تَعْدِيل من هُوَ أعلم مِنْهُ وَأثبت.
قلت: وَلَك أَن تجيب عَمَّا ذكره الْبَيْهَقِيّ أَيْضا بِأَن الترجماني خرج لَهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَقَالَ أَحْمد وَابْن معِين وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. فَيَنْبَغِي أَن تقبل رِوَايَة الرّفْع مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَة من ثِقَة.
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْد الله وَمِنْه.
وَأما آثاره فخمسة.
أَولهَا: عَن عَلّي رضي الله عنه «أَنه فسر قَوْله تَعَالَى: (فصل لِرَبِّك وانحر) بِوَضْع الْيَمين (عَلَى) الشمَال تَحت النَّحْر» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث وَكِيع، ثَنَا يزِيد بن زِيَاد بن أبي الْجَعْد، عَن عَاصِم الجحدري، عَن عقبَة بن ظهير، عَن عَلّي رضي الله عنه (فصل لِرَبِّك وانحر) قَالَ: وضع الْيَمين عَلَى الشمَال فِي الصَّلَاة» .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث روح بن الْمسيب، حَدثنِي عَمْرو
بن مَالك النكري، عَن أبي الجوزاء، عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما «فصل لِرَبِّك وانحر) (قَالَ) : وضع الْيَمين عَلَى الشمَال فِي الصَّلَاة عِنْد النَّحْر» .
وروح هَذَا قَالَ يَحْيَى بن معِين: صُوَيْلِح. وَقَالَ الرَّازِيّ: صَالح لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ ابْن عدي: رَوَى عَن ثَابت الْبنانِيّ وَيزِيد الرقاشِي، أَحَادِيثه غير (مَحْفُوظَة) . وَقَالَ ابْن حبَان: يروي الموضوعات عَن الثِّقَات، لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ.
وَعَمْرو النكري قَالَ ابْن عدي: مُنكر (الحَدِيث) عَن الثِّقَات،
وَيسْرق الحَدِيث، ضعفه أَبُو يعْلى الْموصِلِي؛ كَذَا فِي كتاب (ابْن) الْجَوْزِيّ، وَتَبعهُ الذَّهَبِيّ فِي «الْمُغنِي» ، وَقَالَ فِي (الْمِيزَان) : إِنَّه ثِقَة. وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ. قَالَ الرَّافِعِيّ: وُيْرَوى أَن جِبْرِيل عليه السلام كَذَلِك فسره لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» فِي تَفْسِير سُورَة الْكَوْثَر، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي الْبَاب من حَدِيث وهب بن أبي مَرْحُوم، حَدثنَا إِسْرَائِيل بن حَاتِم، عَن مقَاتل بن حَيَّان، عَن الْأَصْبَغ بن نباتة، عَن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ: «لما نزلت هَذِه الْآيَة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر * فصل لِرَبِّك وانحر) قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام: (مَا) هَذِه النحيرة الَّتِي أَمرنِي بهَا رَبِّي؟ قَالَ: إِنَّهَا لَيست بنحيرة، وَلكنه يَأْمُرك إِذا تحرمت
للصَّلَاة أَن ترفع يَديك إِذا كَبرت، وَإِذا ركعت، وَإِذا رفعت رَأسك من الرُّكُوع؛ فَإِنَّهَا صَلَاتنَا وَصَلَاة الْمَلَائِكَة الَّذين فِي السَّمَاوَات السَّبع. قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: رفع الْأَيْدِي من الاستكانة الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى: (فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ» ) .
قَالَ الْحَاكِم: اخْتلف الصَّحَابَة فِي تَأْوِيل الْآيَة، وأحسنها مَا رُوِيَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلّي بن أبي طَالب رضي الله عنه فِي رِوَايَتَيْنِ: الأولَى مِنْهُمَا هَذِه، وَالثَّانيَِة: رِوَايَة عقبَة بن صهْبَان عَنهُ أَنه قَالَ فِيهَا: «هُوَ وضع يَمِينك عَلَى شمالك فِي الصَّلَاة» . رَوَاهَا من حَدِيث مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، (عَن حَمَّاد بن سَلمَة) ، عَن عَاصِم الجحدري، عَن عقبَة بِهِ.
قلت: قد علم أَن إِسْرَائِيل صَاحب عجائب لَا يعْتَمد عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو حَاتِم بن حبَان: إِسْرَائِيل يروي عَن مقَاتل الموضوعات والأوابد والطامات، من ذَلِك مَا يرويهِ عمر بن صبح، عَن مقَاتل، فظفر بِهِ إِسْرَائِيل فَرَوَاهُ عَن مقَاتل، عَن الْأَصْبَغ بن نباتة، عَن عَلّي فَذكر الحَدِيث الْمَذْكُور.
قلت: وَأصبغ بن نباتة أَيْضا شيعي مَتْرُوك عِنْد النَّسَائِيّ (وَابْن حبَان) وَقَالَ أَبُو بكر بن عَيَّاش: كَذَّاب. وَقَالَ ابْن طَاهِر فِي «التَّذْكِرَة» : الآفة فِيهِ من إِسْرَائِيل، وَإِن كَانَ من رَوَى عَنهُ إِلَى عَلّي رضي الله عنه لَا
تقوم بِهِ حجَّة. لَا جرم قَالَ الْبَيْهَقِيّ: قد رَوَى هَذَا والاعتماد عَلَى مَا مَضَى - يَعْنِي: الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي وضع الْيَد الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى - وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : رُوِيَ هَذَا الحَدِيث (من) حَدِيث عقبَة بن ظهير، عَن عَلّي، وَمن حَدِيث عقبَة بن صهْبَان، عَن عَلّي. (وَالثَّانِي هُوَ الصَّوَاب) .
الْأَثر الثَّانِي: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه «أَنه لما وَقع المَاء فِي عينه قَالَ لَهُ الْأَطِبَّاء: إِن مكثت سبعا لَا تصلي إِلَّا مُسْتَلْقِيا عالجناك. فَسَأَلَ عَائِشَة وَأم سَلمَة وَأَبا هُرَيْرَة وَغَيرهم من الصَّحَابَة رضي الله عنهم فَلم (يرخصوا) لَهُ فِي ذَلِك، فَترك (المعالجة) وكف بَصَره» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي تَرْجَمَة ابْن عَبَّاس (بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث الْمسيب بن رَافع قَالَ: «لما كف بصر ابْن عَبَّاس)، أَتَاهُ رجل فَقَالَ لَهُ: إِنَّك إِن صبرت لي سبعا لم تصل إِلَّا مُسْتَلْقِيا تومئ إِيمَاء، داويتك فبرأت - إِن شَاءَ الله - فَأرْسل إِلَى عَائِشَة (وَأبي هُرَيْرَة) وَغَيرهمَا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم[كل] يَقُول:
أَرَأَيْت إِن مت فِي هَذَا السَّبع كَيفَ تصنع بِالصَّلَاةِ؟ ! قَالَ: فَترك عينه وَلم [يداوها] » .
وَذكره ابْن الْمُنْذر بِغَيْر إِسْنَاد فِي «إشراقه» ، فَقَالَ:«أَرَادَ ابْن عَبَّاس معالجة عَيْنَيْهِ، فَأرْسل إِلَى عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهمَا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكلهمْ قَالَ: أَرَأَيْت إِن مت فِي السَّبع كَيفَ تصنع بِالصَّلَاةِ؟ ! فَترك معالجة عينه» .
وَأسْندَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث عبد الله بن الْوَلِيد - هُوَ الْعَدنِي - نَا سُفْيَان، عَن جَابر، عَن أبي الضُّحَى؛ أَن عبد الْملك أَو غَيره بعث إِلَى ابْن عَبَّاس بالأطباء عَلَى الْبرد - وَقد وَقع المَاء فِي عَيْنَيْهِ - فَقَالُوا: تصلي سَبْعَة أَيَّام مُسْتَلْقِيا عَلَى (قفاك) ، فَسَأَلَ عَائِشَة وَأم سَلمَة عَن ذَلِك فنهتاه» .
والعدني مُتَكَلم فِيهِ، قَالَ أَحْمد: حَدِيثه صَحِيح، وَلم يكن صَاحب حَدِيث. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: صَدُوق. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يحْتَج بِهِ. وَجَابِر لَعَلَّه الْجعْفِيّ وَقد (علمت) حَاله فِي الْأَذَان.
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مهْدي، عَن سُفْيَان، عَن جَابر، عَن أبي الضُّحَى «أَن ابْن عَبَّاس وَقع فِي عَيْنَيْهِ المَاء فَقيل:(أتستلقي) سبعا
وَلَا تصلي إِلَّا مُسْتَلْقِيا؟ فَبعث (إِلَى) عَائِشَة وَأم سَلمَة فَسَأَلَهُمَا فنهتاه» .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ (بِإِسْنَاد صَحِيح) من رِوَايَة عَمْرو بن دِينَار قَالَ: «لما وَقع فِي عين ابْن عَبَّاس المَاء أَرَادَ أَن يعالج عينه، فَقَالَ: تمكث كَذَا وَكَذَا يَوْمًا لَا تصلي إِلَّا مُضْطَجعا. فكرهه» . وَفِي رِوَايَة قَالَ ابْن عَبَّاس: «أَرَأَيْت إِن كَانَ الْأَجَل قبل ذَلِك؟ !» .
تَنْبِيهَانِ:
الأول: اعْترض ابْن الصّلاح عَلَى الْغَزالِيّ حَيْثُ قَالَ فِي «وسيطه» : «إِن ابْن عَبَّاس استفتى عَائِشَة وَأَبا هُرَيْرَة فَلم يرخصا لَهُ» فَقَالَ: هَذَا لَا يَصح هَكَذَا، وَإِنَّمَا الثَّابِت فِي ذَلِك مَا روينَا «أَنه نزل فِي عَيْنَيْهِ المَاء فَقيل لَهُ: تستلقي سَبْعَة أَيَّام لَا تصلي إِلَّا مُسْتَلْقِيا، فكره هُوَ ذَلِك» . وَتَبعهُ عَلَى ذَلِك النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب» و «الْخُلَاصَة» : مَا حَكَاهُ الْغَزالِيّ فِي «وسيطه» من أَنه استفتى أَبَا هُرَيْرَة لَا يَصح، وَأَنه بَاطِل لَا أصل لَهُ. وَقَالَ فِي «التَّنْقِيح» : هَذَا ضَعِيف لَا أصل لَهُ (قَالَ) : وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن عَمْرو بن دِينَار فَذكره كَمَا أسلفناه، هَذَا كَلَامهمَا، وَقد علمت أَن استفتاءه أَبَا هُرَيْرَة وَعَائِشَة لَهُ أصل جيد فاستفد ذَلِك.
الثَّانِي: كَانَ بعض شُيُوخنَا يسْتَشْكل ذكر عبد الْملك فِي الْأَثر السالف عَن رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ وَيَقُول: إِن فِيهِ نظرا؛ لِأَنَّهُ ولي الْخلَافَة سنة خمس وَسِتِّينَ، وَكَانَت وَفَاة عَائِشَة وَأم سَلمَة قبل ذَلِك (بسنين)، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يحمل عَلَى أَن عبد الْملك أرسل البُرُد إِلَيْهِ قبل خِلَافَته. قَالَ: وَفِيه بُعْد؛ إِذْ لَا نعلم لعبد الْملك فِي زمن عَائِشَة وَأم سَلمَة ولَايَة تَقْتَضِي إرسالهم عَلَى الْبرد، وَهَذَا الْإِشْكَال مَسْبُوق بِهِ.
قَالَ ابْن [معن] فِي «تنقيبه» : بعث عبد الْملك - إِن كَانَ هُوَ ابْن مَرْوَان - الْأَطِبَّاء إِلَى ابْن عَبَّاس فِيهِ بعد؛ لِأَن ابْن عَبَّاس توفّي قبله بثماني عشرَة سنة؛ لِأَن ابْن عَبَّاس توفّي بِالطَّائِف سنة ثَمَان وَسِتِّينَ، وَعبد الْملك توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ. قَالَ: فَلَعَلَّهُ حمل الْأَطِبَّاء إِلَيْهِ أول مَا كَانَ مُخَاطبا بالخلافة بِالشَّام قبل الْإِجْمَاع عَلَى خِلَافَته. وَقَالَ ابْن الصّلاح: الْمَذْكُور فِي «الْمُهَذّب» أَن عبد الْملك بن مَرْوَان حمل لَهُ الْأَطِبَّاء عَلَى الْبرد، فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فاستفتى عَائِشَة وَأم سَلمَة فنهتاه - لَا يَصح؛ لِأَن عبد الْملك إِنَّمَا (ولي) الْخلَافَة بعد مَوْتهمَا وَمَوْت أبي هُرَيْرَة بسنين عدَّة.
وَأجَاب عَنهُ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» فَقَالَ: هَذَا الْمَذْكُور من استفتاء عَائِشَة وَأم سَلمَة أنكرهُ بعض الْعلمَاء وَقَالَ: إِنَّه بَاطِل من حَيْثُ إنَّهُمَا توفيتا قبل خلَافَة عبد الْملك بأزمان، وَهَذَا الْإِنْكَار بَاطِل؛ فَإِنَّهُ لَا يلْزم من بَعثه أَن يَبْعَثهُ فِي زمن خِلَافَته؛ بل يبْعَث فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وزمن
عَائِشَة وَأم سَلمَة، وَلَا (يستكثر) بعث الْبرد من مثل عبد الْملك؛ فَإِنَّهُ (كَانَ)[قبل] خِلَافَته من رُؤَسَاء بني أُميَّة وأشرافهم وَأهل الوجاهة والتمكن وَبسط الدُّنْيَا، فَبعث الْبرد لَيْسَ يصعب عَلَيْهِ وَلَا عَلَى من دونه بدرجات.
قَالَ الرَّافِعِيّ فِي «الشَّرْح الصَّغِير» : وَهَذِه الْمُرَاجَعَة من ابْن عَبَّاس كَأَنَّهَا جرت عَلَى سَبِيل الْمُشَاورَة والاستظهار، وَإِلَّا فالمجتهد لَا يُقَلّد مُجْتَهدا آخر.
الْأَثر الثَّالِث: «أَن عمر رضي الله عنه نسي الْقِرَاءَة فِي صَلَاة الْمغرب، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ: كَيفَ كَانَ الرُّكُوع وَالسُّجُود؟ قَالُوا: حسنا. قَالَ: فَلَا بَأْس» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي «الْأُم» عَن مَالك، عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن «أَن عمر بن الْخطاب صَلَّى بِالنَّاسِ الْمغرب، فَلم يقْرَأ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرف قيل لَهُ: مَا قَرَأت؟ قَالَ: كَيفَ كَانَ الرُّكُوع وَالسُّجُود؟ قَالُوا: حسنا. قَالَ: فَلَا بَأْس» .
وَهَذَا مُنْقَطع، أَبُو سَلمَة لم يدْرك عمر، (قَالَه) النَّوَوِيّ، وَسَبقه
إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ فَإِنَّهُ قَالَ: ضعفه الشَّافِعِي مَعَ إرْسَاله. وَقَالَ صَاحب «الاستذكار» : حَدِيث مُنكر لَيْسَ (عِنْد) يَحْيَى وَطَائِفَة مَعَه؛ لِأَنَّهُ رَمَاه مَالك (من كِتَابه) بِأخرَة، وَلَيْسَ عَلَيْهِ (الْعَمَل) ، وَالصَّحِيح عَن عمر أَنه أعَاد الصَّلَاة. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيقين موصولين، عَن عمر أَعنِي (أَنه) أعَاد الْمغرب ثمَّ قَالَ: وَهَذِه (الرِّوَايَة) : مَوْصُولَة وَهِي مُوَافقَة للسّنة فِي وجوب الْقِرَاءَة. (وَرَوَى) ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» مثل رِوَايَة الشَّافِعِي السالفة من طَرِيق آخر وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث بَاطِل فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن مهَاجر. قَالَ ابْن حبَان: كَانَ وضاعًا، وَرَوَى أَشهب عَن مَالك أَنه سُئِلَ عَن الَّذِي نسي الْقِرَاءَة؛ أيعجبك مَا قَالَ عمر؟ فَقَالَ: أَنا أنكر أَن يكون عمر فعله وَأنكر الحَدِيث، وَقَالَ: يرَى النَّاس عمر يصنع هَذَا فِي الْمغرب وَلَا يسبحون بِهِ، أرَى أَن يُعِيد الصَّلَاة من فعل هَذَا! .
الْأَثر الرَّابِع: عَن عَطاء قَالَ: «كنت أسمع (الْأَئِمَّة) - وَذكر (ابْن الزبير) وَمن بعده - يَقُولُونَ: آمين، وَيَقُول من خَلفهم: آمين حَتَّى إِن لِلْمَسْجِدِ (للجة) » .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي «الْأُم» وَهُوَ مخرج فِي «الْمسند» أَيْضا عَن مُسلم بن خَالِد، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء قَالَ:«كنت أسمع الْأَئِمَّة ابْن الزبير وَمن بعده يَقُولُونَ: آمين، وَمن خَلفهم: آمين حَتَّى إِن لِلْمَسْجِدِ للجة» . وَذكره البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» تَعْلِيقا قَالَ: قَالَ عَطاء: «أمَّنَ ابْن الزبير وَمن وَرَاءه حَتَّى إِن لِلْمَسْجِدِ للجة» وَهَذَا تَعْلِيق (وَهُوَ) بِصِيغَة جزم فَيكون صَحِيحا.
وَأنكر شَيخنَا فتح الدَّين الْيَعْمرِي عَلَى (بعض الْفُضَلَاء - وعنى بِهِ) النَّوَوِيّ - حَيْثُ قَالَ: إِن مثل هَذَا التَّعْلِيق من البُخَارِيّ يَقْتَضِي الصِّحَّة، وَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ بِشَيْء. وَلم يظْهر لي وَجه ذَلِك؛ فَإِن هَذَا مُقَرر
فِي عُلُوم الحَدِيث كَمَا ذكره النَّوَوِيّ.
فَائِدَة: للجة - بِفَتْح اللامين وَتَشْديد الْجِيم -: اخْتِلَاط الْأَصْوَات، وَقَوله:(لِلْمَسْجِدِ) أَي: لأَهله.
الْأَثر الْخَامِس: قَالَ الرَّافِعِيّ: رُوِيَ الرّفْع فِي الْقُنُوت عَن ابْن مَسْعُود وَعمر، وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فقد رَوَاهُ عَنْهُمَا ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ، زَاد الأول: وَابْن عَبَّاس، وَزَاد الثَّانِي: أَبَا هُرَيْرَة. قَالَ الرَّافِعِيّ: وَرُوِيَ أَيْضا عَن عُثْمَان. قلت: تبع فِيهِ صَاحب «التَّتِمَّة» وَهُوَ غَرِيب، بل اخْتلف عَنهُ فِي أصل الْقُنُوت، فَفِي الْبَيْهَقِيّ: يقنت، وَفِي ابْن حبَان: لَا.
خاتمتان أختم بهما الْبَاب، ختم الله لي ولمطالعهما بِالْحُسْنَى:
الأولَى: نقل الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَنه قَالَ فِي «نهايته» : فِي قلبِي من الطُّمَأْنِينَة فِي الِاعْتِدَال شَيْء؛ فَإِنَّهُ عليه السلام فِي حَدِيث الْمُسِيء صلَاته ذكرهَا فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود، وَلم يذكرهَا فِي الِاعْتِدَال والقعدة بَين السَّجْدَتَيْنِ، فَقَالَ:«ثمَّ ارْفَعْ رَأسك حَتَّى تعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ رَأسك حَتَّى تعتدل جَالِسا» وَأقرهُ الرَّافِعِيّ عَلَى ذَلِك، وَهُوَ عَجِيب مِنْهُمَا، فالطمأنينة فِي الْجُلُوس بَين
السَّجْدَتَيْنِ ثَابِتَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي « (مُسْند» ) أَحْمد و «سنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ، وأعجب من هَذَا أَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ خرجها فِي أَرْبَعِينَ لَهُ (وَهِي سَمَاعنَا، قلت: وَلَا أعلم من خرجها بِدُونِهَا) والطمأنينة فِي الِاعْتِدَال ثَابِتَة أَيْضا (فَفِي) صَحِيح أبي حَاتِم بن حبَان من حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع الزرقي وَهَذَا لَفظه: «فَإِذا رفعت رَأسك، فأقم صلبك حَتَّى ترجع الْعِظَام إِلَى مفاصلها، فَإِذا سجدت، فمكن سجودك
…
» الحَدِيث.
وَرَوَاهُ ابْن السكن فِي «صَحِيحه» من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: «ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن قَائِما» وَقَالَ الْحَافِظ محب الدَّين الطَّبَرِيّ: قد جَاءَ فِي رِوَايَة مَشْهُورَة فِي كتب الْفِقْه: «ثمَّ لتقم حَتَّى تطمئِن (قَائِما» ) ، وَفِي الصَّحِيح أَنه طوله أَيْضا (وَالله أعلم) .
الخاتمة الثَّانِيَة: قَالَ الرَّافِعِيّ بعد أَن ذكر كَيْفيَّة الصَّلَاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: قَالَ الصيدلاني: وَمن النَّاس من يزِيد (وَارْحَمْ)
مُحَمَّدًا وَآل مُحَمَّد كَمَا رحمت عَلَى [آل] إِبْرَاهِيم، (قَالَ: وَرُبمَا يَقُولُونَ: كَمَا ترحمت عَلَى إِبْرَاهِيم) قَالَ: وَهَذَا لم يرد فِي الْخَبَر وَهُوَ غير (صَحِيح) فَإِنَّهُ لَا يُقَال رَحمت عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُقَال: رَحمته، وَأما الترحم فَفِيهِ مَعْنَى التَّكَلُّف والتصنع؛ فَلَا يحسن إِطْلَاقه فِي حق الله - تَعَالَى - هَذَا آخر كَلَام الصيدلاني، وإنكاره وُرُود هَذِه الزِّيَادَة فِي الْخَبَر غَرِيب (فقد) وَردت عدَّة أَخْبَار:
أَحدهَا: خبر ابْن مَسْعُود رضي الله عنه، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ:«إِذا تشهد أحدكُم فِي الصَّلَاة، فَلْيقل: اللَّهُمَّ صل عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد، وَبَارك عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد، وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآل محمدٍ؛ كَمَا صليت وباركت وترحمت عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد» .
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي هَذَا الْبَاب، عَن أبي بكر بن إِسْحَاق، أَنا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن ملْحَان، نَا يَحْيَى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن خَالِد بن يزِيد، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن يَحْيَى بن السباق، عَن رجل من بني الْحَارِث، عَن ابْن مَسْعُود بِهِ، ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده صَحِيح.
ثَانِيهَا: خبر أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من قَالَ: اللَّهُمَّ صل عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد؛ كَمَا صليت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، وَبَارك عَلَى مُحَمَّد و (عَلَى) آل مُحَمَّد؛ كَمَا باركت عَلَى إِبْرَاهِيم
و (عَلَى) آل إِبْرَاهِيم و (ترحم) عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد؛ كَمَا ترحمت عَلَى إِبْرَاهِيم و (عَلَى) آل إِبْرَاهِيم - شهِدت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة (بالشفاعة) » .
رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب «الْأَدَب» عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء، نَا إِسْحَاق بن [سُلَيْمَان] عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن مولَى سعيد بن (الْعَاصِ) ، أَنا حَنْظَلَة بن عَلّي، عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ.
ثَالِثهَا: خبر عَلّي رضي الله عنه، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ صل عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد؛ كَمَا صليت عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بَارك عَلَى مُحَمَّد (وَعَلَى آل مُحَمَّد) ؛ كَمَا باركت بِمثلِهِ، اللَّهُمَّ وترحم عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد؛ كَمَا ترحمت (عَلَى إِبْرَاهِيم) بِمثلِهِ، (اللَّهُمَّ وتحنن عَلَى مُحَمَّد؛ وَعَلَى آل مُحَمَّد كَمَا تحننت بِمثلِهِ) ، اللَّهُمَّ وَسلم عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد (كَمَا) سلمت عَلَى إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد» .
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «عُلُوم الحَدِيث» فِي النَّوْع الْعَاشِر مِنْهُ، وَفِي إِسْنَاده عَمْرو بن خَالِد الوَاسِطِيّ الوضاع، وَهُوَ من مسلسل الْأَحَادِيث وأكثرها لَا يَصح، وَقَالَ المستغفري فِي (الدَّعْوَات) :(روينَا) حديثًَا مسلسلًا عَن الْحسن بن عَلّي رضي الله عنهما قَالَ: «قَالَ جِبْرِيل صلوَات الله عَلَيْهِ: هَكَذَا أنزلت من عِنْد رب الْعِزَّة: اللَّهُمَّ صل عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد
…
» فَذكره بِمثلِهِ، إِلَّا أَنه أسقط لَفْظَة «وَعَلَى» فِي آل إِبْرَاهِيم فِي الصَّلَاة وَالْبركَة، وَلم يقل:«فِي الْعَالمين» .
رَابِعهَا: من حَدِيث ابْن عَبَّاس: «قُلْنَا: يَا رَسُول الله، علمنَا السَّلَام عَلَيْك، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صل (عَلَى) مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد كَمَا صليت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد، (وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآل مُحَمَّد كَمَا رحمت آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد) ، وَبَارك عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد كَمَا باركت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد» . رَوَاهُ ابْن جرير، وَقَول الصيدلاني إِنَّه لَا يُقَال: رحمت عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُقَال: رَحمته مَرْدُود من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن الْخَبَر ورد بِلَفْظ «وترحمت» كَمَا سبق عَن الْحَاكِم تَصْحِيح إِسْنَاده.
ثَانِيهمَا: أَن الصَّاغَانِي قَالَ: لَا يُقَال: ترحمت عَلَيْهِ، بل رَحمته (ورحمت) عَلَيْهِ، عَلَى أَن قَول الصَّاغَانِي (لَا يُقَال) : ترحمت عَلَيْهِ مَرْدُود بِلَفْظ الحَدِيث أَيْضا، فاستفد كل ذَلِك فَإِنَّهُ من الْمُهِمَّات النفيسة.