الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقد قَالَ ابْن الْأَثِير فِي «نهايته» فِي «حوذ» (بعد) ذكره هَذَا الحَدِيث بِلَفْظ «استحوذ» - بِالْوَاو - وَأَن الْمَعْنى: اسْتَوْلَى عَلَيْهِم وحواهم إِلَيْهِ. (هَذِه اللَّفْظَة) أحد مَا جَاءَ عَلَى الأَصْل من غير إعلال خَارِجا عَن أخواتها نَحْو: استقال واستقام.
الحَدِيث الرَّابِع
رُوِيَ « (أَن) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر أم ورقة أَن تؤم أهل دارها» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث الْوَلِيد بن جَمِيع، عَن جدته وَعَن عبد الرَّحْمَن ابْن خَلاد الْأنْصَارِيّ، عَن أم ورقة بنت نَوْفَل «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما غزا بَدْرًا قَالَت: يَا رَسُول الله، ائْذَنْ لي فِي الْغَزْو مَعَك أمرض مرضاكم، لَعَلَّ الله - سُبْحَانَهُ - (يَرْزُقنِي) شَهَادَة. قَالَ: قري فِي بَيْتك فَإِن الله يرزقك الشَّهَادَة. قَالَ: فَكَانَت (تسمى) الشهيدة، وَكَانَت قد قَرَأت الْقُرْآن؛ (فاستأذنت) النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن تتَّخذ فِي دارها مُؤذنًا فَأذن لَهَا. قَالَ: وَكَانَت دبرت غُلَاما لَهَا وَجَارِيَة فقاما إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ فغماها (بقطيفة) لَهَا حَتَّى مَاتَت (وذهبا) فَأصْبح عمر فَقَامَ فِي النَّاس
فَقَالَ: من كَانَ عِنْده من هذَيْن علم - أَو من رآهما - فليجئ بهما. فَأمر بهما فصلبا، فَكَانَا أول مصلوب بِالْمَدِينَةِ» .
زَاد الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث الْوَلِيد عَن جدته: «فَقَالَ عمر: صدق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول: انْطَلقُوا نزور الشهيدة» وَذكر فِي أَوله أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ لَهَا لما أَرَادَت أَن تخرج مَعَه إِلَى بدر: «إِن الله (يهدي) لَك شَهَادَة» . وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد من حَدِيث الْوَلِيد، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن أم ورقة بِهِ. وَالْأول أتم، قَالَ:«وَكَانَ عليه الصلاة والسلام يزورها فِي بَيتهَا وَجعل لَهَا مُؤذنًا وأمرها أَن تؤم أهل دارها» . قَالَ عبد الرَّحْمَن بن خَلاد: فَأَنا رَأَيْت مؤذنها شَيخا كَبِيرا. وَلم يذكر جدته.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» فِي أَوَائِل الصَّلَاة من حَدِيث الْوَلِيد بن جَمِيع، عَن (أمه) ، عَن أم ورقة «أَنه عليه السلام أذن لَهَا أَن يُؤذن لَهَا ويقام وتؤم نساءها» .
وَرَوَاهُ (فِي أَوَاخِر كتاب) الصَّلَاة من حَدِيث الْوَلِيد، عَن جدته، عَن أم ورقة - وَكَانَت تؤم - «أَنه عليه السلام أذن لَهَا أَن تؤم أهل دارها» .
وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه «معرفَة الصَّحَابَة» من
حَدِيث الْوَلِيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن خَلاد، عَن أَبِيه «أَنه عليه الصلاة والسلام أذن لأم ورقة أَن تؤم أهل دارها وَكَانَ لَهَا مُؤذن» .
قَالَ: وَرَوَاهُ عبد الْعَزِيز، عَن الْوَلِيد، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أم ورقة «أَنَّهَا اسْتَأْذَنت
…
» .
وَرَوَاهُ وَكِيع، عَن الْوَلِيد، عَن جدته، وَعبد الرَّحْمَن، عَن أم ورقة.
وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن الْوَلِيد، عَن جدته. لم يذكرُوا عبد الرَّحْمَن.
قلت: وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، عَن الْوَلِيد، عَن جدته، عَن أم ورقة - كَمَا أَفَادَهُ ابْن عَسَاكِر - (وَرَوَاهُ) الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث الْوَلِيد، عَن لَيْلَى بنت مَالك وَعبد الرَّحْمَن بن خَلاد الْأنْصَارِيّ، عَن أم ورقة الْأَنْصَارِيَّة أَنه عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يَقُول:(انْطَلقُوا بِنَا إِلَى الشهيدة فنزورها. وَأمر أَن يُؤذن لَهَا (و) يُقَام وتؤم أهل دارها فِي الْفَرَائِض» .
والوليد هَذَا ثِقَة من فرسَان (مُسلم) وَمِمَّنْ صرح بتوثيقه يَحْيَى بن معِين، وَالْإِمَام أَحْمد وَأَبُو زرْعَة فَقَالَا: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَأَبُو حَاتِم فَقَالَ: صَالح الحَدِيث. وَقَالَ الْبَزَّار: حدث عَنهُ جمَاعَة وَاحْتَملُوا حَدِيثه، وَكَانَ فِيهِ تشيع. وَقَالَ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» : قد احْتج مُسلم بالوليد بن جَمِيع، وَهَذِه سنة غَرِيبَة، لَا أعرف فِي الْبَاب حَدِيثا مُسْندًا غير هَذَا.
(قلت) : وَقَول هَؤُلَاءِ مقدم عَلَى تَضْعِيف ابْن حبَان لَهُ حَيْثُ قَالَ: إِنَّه ينْفَرد عَن الْأَثْبَات بِمَا لَا (يشبه) حَدِيث الثِّقَات، فَلَمَّا فحش ذَلِك مِنْهُ بَطل الِاحْتِجَاج بِهِ. وَقد (تبعه) فِي ذَلِك الْحَافِظ ضِيَاء الدَّين فِي «أَحْكَامه» فَقَالَ: قَول هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة فِي توثيقه مقدم عَلَى قَول ابْن حبَان فِيهِ؛ لأَنهم أعلم مِنْهُ نعم الشَّأْن فِي (جدته) فَإنَّا لَا نعلم لَهَا حَالا، وَكَذَا عبد الرَّحْمَن بن (خَلاد) وَإِن نقل عَن ابْن حبَان أَنه ذكر عبد الرَّحْمَن فِي «ثقاته» وَقد أعله بهما ابْن الْقطَّان فَقَالَ: حَال عبد الرَّحْمَن مَجْهُولَة، وَجدّة الْوَلِيد (كَذَلِك) لَا تعرف أصلا.
وليلى بنت مَالك السالفة فِي رِوَايَة الْحَاكِم قَالَ الصريفيني - فِيمَا (رَأَيْته) بِخَطِّهِ فِي كتاب - إِنَّهَا أم ورقة.
تَنْبِيهَات:
أَحدهَا: هَذَا الحَدِيث سكت عَنهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن» ، وَعبد الْحق فِي «الْأَحْكَام» ، وَقد علمت مَا فِيهِ من الِاضْطِرَاب والجهالة.
(ثَانِيهَا) : وَقع فِي أَحْكَام عبد الْحق: (أم) ورقة بنت
الْحَارِث، وناقشه ابْن الْقطَّان فِي ذَلِك فَقَالَ: إِنَّمَا وَقع فِي كتاب أبي دَاوُد الَّذِي نَقله (من عِنْده) أم ورقة بنت عبد الله بن الْحَارِث.
قلت: وَالْأَمر فِي هَذَا قريب، فَإِنَّهُ نَسَبهَا إِلَى جدها.
(ثَالِثهَا) : لما ذكر ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» هَذَا الحَدِيث قَالَ: الْوَلِيد بن جَمِيع (ضَعِيف) وَأمه مَجْهُولَة.
وَهَذَا عَجِيب مِنْهُ؛ (فالوليد قد) علمت حَاله وَتبع فِي ذَلِك مقَالَة ابْن حبَان السالفة، وَقد ذكره أَيْضا فِي «ضُعَفَائِهِ» ، (وَاقْتصر) عَلَى هَذِه القولة فِيهِ، وَلَيْسَ بجيد مِنْهُ.
وَأما الذَّهَبِيّ فَإِنَّهُ ذكره فِي (كتاب)«الْمُغنِي فِي الضُّعَفَاء» وَلم يعقبه بِتَضْعِيف، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنه تكلم (فِيهِ) . وَقَوله «إِن أمه مَجْهُولَة» تبع فِيهِ رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ السالفة (فَإِنَّهُ) أوردهَا من جِهَته، وَقد أسلفنا أَن رِوَايَة غَيره أَنَّهَا جدته.