الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّالِث
ثَبت أنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا كَانَ سائرًا فِي وَقت الأولَى أَخّرهَا إِلَى الثَّانِيَة، وَإِذا كَانَ نازلاً فِي وَقت الأولَى قدم الثَّانِيَة إِلَيْهَا.
هُوَ كَمَا قَالَ، أما الْقطعَة الأولَى وَهِي جمع التَّأْخِير فثابتة فِي «الصَّحِيحَيْنِ» كَمَا عَرفته (آنِفا) من حَدِيث (أنس) رضي الله عنه وَأما الْقطعَة الثَّانِيَة - وَهِي جمع التَّقْدِيم - فثابت (من) حَدِيث جَابر الطَّوِيل الْآتِي بِطُولِهِ فِي الْحَج - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فَإِن فِيهِ:«ثمَّ أذن ثمَّ أَقَامَ فَصَلى الظّهْر، ثمَّ أَقَامَ فَصَلى الْعَصْر وَلم يصل بَينهمَا شَيْئا، وَكَانَ ذَلِك بعد الزَّوَال» (كَمَا) ستعلمه هُنَاكَ - إِن شَاءَ الله وَقدره - وَهُوَ من أَفْرَاد مُسلم.
وَورد أَيْضا فِي عدَّة أَحَادِيث:
أَحدهَا: (فِي) حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَقد سقته بِطُولِهِ وَالْكَلَام (عَلَيْهِ) فِي أَحَادِيث «الْمُهَذّب» فَرَاجعه مِنْهُ، ونقلنا هُنَاكَ عَن التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أبي حَامِد أَحْمد بن عبد الله التَّاجِر الْمروزِي أَنه قَالَ فِيهِ:(إِنَّه) حسن صَحِيح غَرِيب من حَدِيث ابْن عَبَّاس.
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: رَوَى هَذَا الحَدِيث حجاج، عَن ابْن جريج، (قَالَ: أَخْبرنِي) حُسَيْن، عَن كريب وَحده، عَن ابْن عَبَّاس. وَرَوَاهُ عُثْمَان بن عمر، عَن ابْن جريج، (عَن حُسَيْن، عَن [عِكْرِمَة] ، عَن ابْن عَبَّاس. وَرَوَاهُ عبد الْمجِيد، عَن ابْن جريج) ، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن حُسَيْن عَن كريب، عَن ابْن عَبَّاس، وَكلهمْ ثِقَات (فَاحْتمل) أَن يكون ابْن جريج (سَمعه) أَولا من هِشَام بن عُرْوَة، عَن حُسَيْن كَقَوْل عبد الْمجِيد عَنهُ، ثمَّ لَقِي ابْن جريج حُسَيْنًا فَسَمعهُ مِنْهُ، كَقَوْل عبد الرَّزَّاق وحجاج عَن ابْن جريج قَالَ: حَدثنِي حُسَيْن. وَاحْتمل أَن يكون حُسَيْن سَمعه من كريب وَمن عِكْرِمَة جَمِيعًا عَن ابْن عَبَّاس، فَكَانَ يحدث بِهِ مرّة
عَنْهُمَا جَمِيعًا كَرِوَايَة عبد الرَّزَّاق (عَنهُ) وَمرَّة عَن كريب وَحده كَقَوْل حجاج وَابْن أبي رواد، وَمرَّة عَن عِكْرِمَة وَحده عَن ابْن عَبَّاس كَقَوْل عُثْمَان بن عمر، وَتَصِح الْأَقَاوِيل كلهَا. ثمَّ رَوَى (بأسانيده) عَن حُسَيْن، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا زاغت الشَّمْس (صَلَّى) الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا، وَإِذا ارتحل قبل أَن تزِيغ [أخرهما] حَتَّى [يُصَلِّيهمَا] (فِي) وَقت الْعَصْر» وَفِي رِوَايَة لَهُ «كَانَ إِذا نزل منزلا فَزَالَتْ الشَّمْس لم يرتحل حَتَّى يُصَلِّي (الظّهْر) ، وَإِذا ارتحل قبل الزَّوَال صَلَّى كل وَاحِدَة لوَقْتهَا» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «كَانَ إِذا ارتحل حِين تزِيغ الشَّمْس (يجمع) بَين الظّهْر وَالْعصر، وَإِذا ارتحل قبل ذَلِك أخر ذَلِك إِلَى وَقت الْعَصْر» .
(ثَانِيهَا) : عَن معَاذ رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك إِذا
زاغت الشَّمْس قبل أَن يرتحل جمع بَين الظّهْر وَالْعصر، وَإِن ارتحل قبل أَن تزِيغ الشَّمْس أخر الظّهْر حَتَّى ينزل الْعَصْر، وَفِي الْمغرب مثل ذَلِك إِن (غَابَتْ) الشَّمْس قبل أَن يرتحل جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء، وَإِن ارتحل (قبل) أَن يغيب الشَّفق أخر الْمغرب (حَتَّى) ينزل الْعشَاء ثمَّ يجمع (بَينهمَا) » .
رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان فِي «صَحِيحه» من حَدِيث قُتَيْبَة بن سعيد، عَن اللَّيْث بن سعد، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن (معَاذ بِهِ) وَهَذَا إِسْنَاد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ لكنه (فَرد) من الْأَفْرَاد، لَا جرم أَن التِّرْمِذِيّ قَالَ إثره: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب تفرد بِهِ قُتَيْبَة لَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن اللَّيْث غَيره. قَالَ: وَالْمَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم حَدِيث معَاذ من حَدِيث أبي الزبير. يَعْنِي الَّذِي رَوَاهُ مُسلم وَغَيره وَلَيْسَ فِيهِ جمع التَّقْدِيم.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: لم يرو هَذَا (الحَدِيث إِلَّا) قُتَيْبَة وَحده. وَقَالَ - فِيمَا حَكَاهُ (الْمُنْذِرِيّ) -: هَذَا حَدِيث مُنكر وَلَيْسَ فِي تَقْدِيم الْوَقْت حَدِيث قَائِم.
وَقَالَ (أَبُو مُحَمَّد عَلّي) بن حزم: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الطُّفَيْل، وَلَا (يعلم أحد) من أَصْحَاب الحَدِيث أَن ليزِيد بن أبي حبيب سَمَاعا من أبي الطُّفَيْل.
قلت: وَأثبت أَبُو الْقَاسِم هبة الله اللالكائي (سَمَاعه مِنْهُ) وَهُوَ مُحْتَمل؛ (لِأَن عمره) حِين مَاتَ أَبُو الطُّفَيْل (أَكثر من أَرْبَعِينَ سنة؛ لِأَنَّهُ ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وَمَات أَبُو الطُّفَيْل) سنة مائَة، سِيمَا وَيزِيد بن أبي حبيب مِمَّن خرج حَدِيثه فِي «الصَّحِيحَيْنِ» وَاحْتج بِهِ ابْن حزم فِي مَوَاضِع وَلم يتهم بالتدليس.
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو سعيد بن يُونُس: لم يحدث بِهَذَا الحَدِيث إِلَّا قُتَيْبَة وَيُقَال: إِنَّه غلط فِيهِ (فغيَّر) بعض الْأَسْمَاء (وَأَن) مَوضِع يزِيد بن أبي حبيب أَبُو الزبير.
وَقَالَ قُتَيْبَة بن سعيد: هَذَا الحَدِيث عَلَيْهِ عَلامَة من الْحفاظ كتبُوا عني هَذَا الحَدِيث أَحْمد بن حَنْبَل وَيَحْيَى بن معِين والْحميدِي وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَأَبُو خَيْثَمَة. حَتَّى عد (سَبْعَة) ، نَقله ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» عَنهُ.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: لَا أعرفهُ من حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب، وَالَّذِي عِنْدِي أَنه دخل لَهُ حَدِيث فِي حَدِيث.
وَقَالَ (الْحَاكِم) أَبُو عبد الله فِي «عُلُوم الحَدِيث» : (هَذَا الحَدِيث) رُوَاته أَئِمَّة ثِقَات وَهُوَ شَاذ الْإِسْنَاد والمتن، ثمَّ (لَا تُعرف) لَهُ عِلّة نعلله بهَا، فَلَو كَانَ الحَدِيث عِنْد اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن أبي الطُّفَيْل (لعللنا) الحَدِيث، وَلَو كَانَ عِنْد يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الزبير (لعللناه) بِهِ، فَلَمَّا لم نجد (التعليلين) خرج عَن أَن يكون معلولاً، ثمَّ نَظرنَا فَلم نجد ليزِيد بن أبي حبيب عَن أبي الطُّفَيْل رِوَايَة، وَلَا وجدنَا هَذَا الْمَتْن بِهَذِهِ السِّيَاقَة عِنْد أحد من أَصْحَاب أبي الطُّفَيْل،
وَلَا عِنْد أحد مِمَّن رَوَى عَن معَاذ غير أبي الطُّفَيْل، (فَقُلْنَا) الحَدِيث شَاذ. وحدثونا عَن أبي الْعَبَّاس الثَّقَفِيّ قَالَ: كَانَ قُتَيْبَة بن سعيد يَقُول لنا: عَلَى هَذَا الحَدِيث عَلامَة أَحْمد بن حَنْبَل وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَيَحْيَى بن معِين وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي خَيْثَمَة، حَتَّى عد قُتَيْبَة (سَبْعَة) أسامي من أَئِمَّة الحَدِيث كتبُوا عَنهُ هَذَا الحَدِيث.
قَالَ الْحَاكِم: فأئمة الحَدِيث إِنَّمَا سَمِعُوهُ من قُتَيْبَة تَعَجبا من إِسْنَاده وَمَتنه، ثمَّ لم يبلغنَا عَن أحد مِنْهُم أَنه ذكر للْحَدِيث (عِلّة) وَلم يذكر لَهُ أَبُو عَلّي الْحَافِظ وَلَا النَّسَائِيّ عِلّة - وهما حَافِظَانِ - فَنَظَرْنَا فَإِذا الحَدِيث مَوْضُوع، وقتيبة ثِقَة مَأْمُون. ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ إِلَى البُخَارِيّ قَالَ: قلت (لقتيبة بن سعيد) مَعَ من (كتبت) عَن اللَّيْث بن سعد حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الطُّفَيْل؟ قَالَ:(كتبته) مَعَ خَالِد الْمَدَائِنِي. (قَالَ البُخَارِيّ: وَكَانَ خَالِد الْمَدَائِنِي) يدْخل الْأَحَادِيث عَلَى الشُّيُوخ. يُرِيد (أَنه) يدْخل فِي روايتهم مَا لَيْسَ مِنْهَا؛ (قَالَه) ابْن حزم.
قلت: (وخَالِد) هَذَا مَتْرُوك، قَالَ البُخَارِيّ: تَركه عَلّي وَالنَّاس.
وَقَالَ (أَحْمد) : لَا أروي عَنهُ شَيْئا. وَقَالَ ابْن رَاهَوَيْه: كَانَ كذابا. وَقَالَ الْأَزْدِيّ: أَجمعُوا عَلَى تَركه. وَقَالَ يَعْقُوب بن شيبَة: مَتْرُوك الحَدِيث، كل أَصْحَابنَا (يجمع) عَلَى تَركه (سُوَى ابْن الْمَدِينِيّ فَإِنَّهُ كَانَ حسن الرَّأْي فِيهِ) .
قلت: قد أسلفنا عَن (البُخَارِيّ) عَن (عَلّي بن) الْمَدِينِيّ أَنه تَركه، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: مَتْرُوك الحَدِيث. وأحرق ابْن معِين مَا (كتب) عَن خَالِد، وَقَالَ ابْن عدي: لَهُ عَن اللَّيْث بن سعد غير حَدِيث مُنكر، وَاللَّيْث [بَرِيء] من رِوَايَة خَالِد عَنهُ تِلْكَ الْأَحَادِيث. وَأعله أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي «محلاه» بأوجه:
أَحدهَا: أَنه لم يَأْتِ هَكَذَا إِلَّا من طَرِيق يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الطُّفَيْل، وَلَا يُعلم (أحد) من أَصْحَاب (الحَدِيث) ليزِيد سَمَاعا من أبي الطُّفَيْل، وَقد أسلفنا هَذَا عَنهُ (مَعَ) جَوَابه.
ثَانِيهَا: أَن أَبَا الطُّفَيْل صَاحب راية الْمُخْتَار، وَذكر أَنه كَانَ يَقُول بالرجعة.
ثَالِثهَا: مَا تقدم عَن البُخَارِيّ.
وَأجَاب عبد الْحق عَن الْعلَّة الثَّانِيَة فَقَالَ: هَذَا لَيْسَ بعلة، وَلَعَلَّ أَبَا الطُّفَيْل كَانَ لَا يعلم (بِسوء) مَذْهَب الْمُخْتَار، وَإِنَّمَا خرج الْمُخْتَار يطْلب (دم) الْحُسَيْن وَكَانَ قَاتله حيًّا فَخرج أَبُو الطُّفَيْل مَعَه.
قلت: وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِك أَن أَبَا عمر بن عبد الْبر ذكر فِي كِتَابه عَن أبي الطُّفَيْل أَنه كَانَ (محبًّا فِي) عَلّي، وَكَانَ من أَصْحَابه فِي مشاهده، وَكَانَ ثِقَة مَأْمُونا يعْتَرف بِفضل الشَّيْخَيْنِ إِلَّا أَنه كَانَ يقدم عليًّا، وَأما مَا (ذكر) عَنهُ من أَمر الرّجْعَة فَلَعَلَّ ذَلِك لم يَصح عَنهُ. وَقَوله: لم يَأْتِ هَذَا الحَدِيث هَكَذَا (إِلَّا) من طَرِيق يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الطُّفَيْل. فِيهِ نظر؛ فقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» أَن (الْمفضل) بن فضَالة رَوَى عَن اللَّيْث، عَن هِشَام بن سعد، عَن أبي الزبير، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن معَاذ (الْقِصَّة) بِعَينهَا، وَقد أخرجهَا ابْن حزم أَيْضا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَهُوَ (أشبه) بِالصَّوَابِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِنَّمَا أَنْكَرُوا من هَذَا رِوَايَة يزِيد عَن أبي الطُّفَيْل، فَأَما رِوَايَة أبي الزبير عَن أبي الطُّفَيْل فَهِيَ مَحْفُوظَة صَحِيحَة. وَهَذِه الطَّرِيقَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا رَوَاهَا أَبُو
دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَفِي إسنادها هِشَام بن سعد وَقد استضعف، وَكَانَ يَحْيَى (بن سعيد) لَا يحدث عَنهُ، وأعلها ابْن حزم فِي «محلاه» (بِهِ) ، لَكِن احْتج بِهِ مُسلم وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ، وَقَالَ الْعجلِيّ: جَائِز الحَدِيث حسن الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: شيخ مَحَله الصدْق. وَقَالَ عبد الْحق: لم أر فِيهِ أحسن من قَول أبي بكر الْبَزَّار: لم أر أحدا توقف عَن حَدِيث هِشَام بن سعد وَلَا (اعتل) عَلَيْهِ (بعلة) بعد توجب التَّوَقُّف عَنهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي غير «سنَنه» : إِنَّه حَدِيث مُنكر.
قلت: (فتحصلنا) عَلَى خمس مقالات فِي هَذَا الحَدِيث للحفاظ (إِحْدَاهَا) : أَنه حسن غَرِيب. قَالَه (التِّرْمِذِيّ) .
ثَانِيهَا: أَنه مَحْفُوظ صَحِيح. قَالَه ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ.
ثَالِثهَا: أَنه مُنكر. قَالَه أَبُو دَاوُد.
رَابِعهَا: أَنه مُنْقَطع. قَالَه ابْن حزم.
خَامِسهَا: أَنه مَوْضُوع. قَالَه الْحَاكِم.
وأصل حَدِيث أبي الطُّفَيْل عَن معَاذ فِي «صَحِيح مُسلم» وَهُوَ مَعْدُود من أَفْرَاده وَلَفظه عَنهُ: «جمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة تَبُوك بَين الظّهْر وَالْعصر وَبَين الْمغرب وَالْعشَاء قَالَ: فَقلت: مَا حمله عَلَى ذَلِك؟ (فَقَالَ) : أَرَادَ أَن لَا يحرج أمته» .
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا، وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» .
(ثَالِثهَا) : عَن عَلّي بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا ارتحل حِين تَزُول الشَّمْس جمع بَين الظّهْر وَالْعصر، وَإِذا جد بِهِ السّير أخر الظّهْر وَعجل الْعَصْر ثمَّ يجمع بَينهمَا» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد، عَن الْمُنْذر بن مُحَمَّد، (عَن أَبِيه) ، عَن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن
(بن عَلّي) بن الْحُسَيْن قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عَلّي
…
فَذكره.
قَالَ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» : الْمُنْذر وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن لم أجد (لَهما) ذكرا.
وَفِي «مُسْند أَحْمد» من زيادات ابْنه عبد الله: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، نَا أَبُو أُسَامَة، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَلّي، عَن أَبِيه، عَن جده «أَن عليًّا كَانَ (يسير) حَتَّى إِذا غربت الشَّمْس وأظلم نزل (فَصَلى) الْمغرب، ثمَّ صَلَّى الْعشَاء عَلَى إثْرهَا ثمَّ يَقُول: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يصنع» .
(رَابِعهَا) : عَن أنس رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ (إِذا كَانَ فِي سفر فَزَالَتْ الشَّمْس صَلَّى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا ثمَّ ارتحل» .
رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَالْبَيْهَقِيّ، قَالَ النَّوَوِيّ: وَإِسْنَاده صَحِيح. وَذكره صَاحب «الإِمَام» من طَرِيق الْبَيْهَقِيّ وَأقرهُ، وَأما الذَّهَبِيّ فَذكره فِي «مِيزَانه» فِي تَرْجَمَة إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَنهُ عَن (شَبابَة) ، عَن
اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن أنس مَرْفُوعا - كَمَا سَاقه الْإِسْمَاعِيلِيّ - ثمَّ قَالَ: هَذَا مَعَ (نبل) رُوَاته (مُنكر) ثمَّ أعله بِرِوَايَة الصَّحِيح الْمُتَقَدّمَة.
وَرَوَى الْحَاكِم فِي «الْأَرْبَعين الَّتِي خرجها فِي شعار أهل الحَدِيث» عَن أبي الْعَبَّاس الْأَصَم - أحد الثِّقَات الْأَثْبَات - ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق (الصغاني) قَالَ: أَخْبرنِي حسان بن عبد الله، عَن الْمفضل بن فضَالة، (عَن عقيل) عَن ابْن شهَاب، عَن أنس: «أَنه عليه السلام كَانَ إِذا ارتحل قبل (أَن) تزِيغ الشَّمْس
…
» الحَدِيث كَمَا سلف وَفِيه «فَإِن زاغت الشَّمْس قبل أَن يرتحل صَلَّى الظّهْر وَالْعصر ثمَّ ركب» ثمَّ (قَالَ) : أخرجه الشَّيْخَانِ. وَمرَاده: أَصله لَا بِهَذِهِ (اللَّفْظَة) كَمَا سلف فِي الحَدِيث الثَّانِي من أَحَادِيث الْبَاب، وَهَذِه الزِّيَادَة من الْأَصَم إِلَى أنس كلهم رجال الصَّحِيح.
ثمَّ اعْلَم أَن الْحَافِظ أَبَا مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ لما ذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس السالف قَالَ عقبه: وَقد صَحَّ ذَلِك من حَدِيث أنس. ثمَّ سَاقه بِلَفْظ