الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْن دحْيَة فِي «خَصَائِص أَعْضَاء سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم» : وعدة من حضرها سَبْعُونَ ألفا فِيمَا رَوَى الثِّقَات. ثمَّ عزا رِوَايَة «ثَلَاثِينَ ألفا» إِلَى (رِوَايَة)(الْوَاقِدِيّ) فَقَالَ: وَذكر (الْوَاقِدِيّ) بِسَنَدِهِ إِلَى زيد بن ثَابت ثَلَاثُونَ ألفا و (الْوَاقِدِيّ) كَذَّاب (قَالَه) أَحْمد، وَزَاد النَّسَائِيّ وضَّاع.
الحَدِيث السَّابِع
عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا أهل مَكَّة لَا تقصرُوا فِي أقل من (أَرْبَعَة) برد من مَكَّة إِلَى عُسفان وَإِلَى الطَّائِف» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن عبد الْوَهَّاب (بن) مُجَاهِد بن جبر الْمَكِّيّ، عَن أَبِيه وَعَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا أهل مَكَّة لَا تقصرُوا الصَّلَاة فِي أدنَى من أَرْبَعَة برد من مَكَّة إِلَى عُسفان»
وَلَيْسَ فِي روايتهما ذكر «الطَّائِف» وَهَذَا الحَدِيث ضَعِيف لأوجه:
أَحدهَا: أَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش فِيهِ مقَال، وَهُوَ عَن غير الشاميين لَيْسَ بشي عِنْد الْجُمْهُور.
ثَانِيهَا: أَن عبد الْوَهَّاب أَجمعُوا عَلَى شدَّة ضعفه، وَنسبه، [الثَّوْريّ] إِلَى الْكَذِب، وَتَركه الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ الْأَزْدِيّ: لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ.
ثَالِثهَا: أَن عبد الْوَهَّاب لم يسمع من أَبِيه، قَالَ وَكِيع: كَانُوا يَقُولُونَ: لم يسمع من أَبِيه شَيْئا.
رَابِعهَا: أَنه رُوِيَ مَوْقُوفا عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيح، فَرَوَاهُ مَالك أَنه بلغه أَن (عبد الله بن عَبَّاس) كَانَ يَقُول:«تقصر الصَّلَاة فِي مثل مَا بَين مَكَّة (والطائف، وَفِي مثل مَا بَين مَكَّة) وَجدّة، وَفِي مثل مَا بَين مَكَّة وَعُسْفَان» .
قَالَ مَالك: وَذَلِكَ أَرْبَعَة برد.
وَقَالَ الشَّافِعِي: أَنا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس «أَنه سُئِلَ: أتقصر الصَّلَاة إِلَى عَرَفَة؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن إِلَى عسفان و (إِلَى) جدة وَإِلَى الطَّائِف» .
قلت: وَهَذَا إِسْنَاد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَلما ذكر الْبَيْهَقِيّ رِوَايَة الرّفْع قَالَ: هَذَا حَدِيث ضَعِيف، إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش لَا يحْتَج بِهِ، وَعبد الْوَهَّاب ضَعِيف (بِمرَّة) وَالصَّحِيح أَن ذَلِك من قَول ابْن عَبَّاس.
قلت: (وَفَاته) الْعلَّة الثَّالِثَة وَهِي الِانْقِطَاع، وَمن الْغَرِيب إِخْرَاج ابْن خُزَيْمَة هَذَا الحَدِيث مَرْفُوعا فِي «صَحِيحه» عَلَى مَا (حَكَاهُ) ابْن الرّفْعَة عَن القَاضِي أبي الطّيب، وَمن (أَوْهَام)«نِهَايَة» إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَنه ذكر فِي حَدِيث جَابر أَن ذَلِك كَانَ فِي (فتح) مَكَّة، وَالْمَعْرُوف (أَنه) إِنَّمَا هُوَ فِي غَزْوَة تَبُوك فَتنبه لَهُ. وَوَقع فِي بعض نسخ الرَّافِعِيّ إِيرَاد هَذَا الحَدِيث من طَرِيق ابْن عمر، وَهُوَ من النساخ فاجتنبه.
(هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِفضل الله وَمِنْه، وَأما) آثاره فخمسة:
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح رَوَاهُ مَالك فِي (الْمُوَطَّأ» بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيح
فَرَوَاهُ عَن (نَافِع) ، عَن أسلم مولَى عمر، عَن عمر «أَنه أجلى الْيَهُود من الْحجاز ثمَّ أذن (لمن) قدم مِنْهُم تَاجِرًا أَن يُقيم (ثَلَاثَة أَيَّام) » .
قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سَأَلت أَبَا زرْعَة عَن هَذَا حَيْثُ حَدثنَا (بِهِ) عَن مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر فَقَالَ: الصَّحِيح (مَا) فِي «الْمُوَطَّأ» .
(الْأَثر) الثَّانِي: «أَن ابْن عمر رضي الله عنهما (أَقَامَ) بِأَذربِيجَان سِتَّة أشهر يقصر الصَّلَاة» .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَنهُ قَالَ: «ارتج (علينا) الثَّلج وَنحن بِأَذربِيجَان سِتَّة أشهر فِي غزَاة وَكُنَّا نصلي رَكْعَتَيْنِ» .
قَالَ النَّوَوِيّ فِي «خلاصته» : (إِسْنَاده) عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَوَقع فِي بعض نسخ الرَّافِعِيّ أَن عمر هُوَ الْفَاعِل لذَلِك وَهُوَ من النساخ (فاحذره) .
فَائِدَة: أذربيجان بِهَمْزَة مَفْتُوحَة غير ممدودة، ثمَّ ذال مُعْجمَة سَاكِنة، ثمَّ رَاء (مُهْملَة) مَفْتُوحَة، ثمَّ بَاء مُوَحدَة مَكْسُورَة، ثمَّ يَاء مثناة تَحت، (ثمَّ جِيم، ثمَّ ألف، ثمَّ نون هَذَا) هُوَ الْأَشْهر كَمَا قَالَه صَاحب «الْمطَالع» (وَالْأَكْثَر) فِي ضَبطهَا، وَعَلِيهِ اقْتصر الْبكْرِيّ فِي «مُعْجَمه» ، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَذَلِك (تَقوله) الْعَرَب، وَكَذَا ذكره صَاحب « (تثقيف) اللِّسَان» وَلكنه كسر الْهمزَة. قَالَ صَاحب «الْمطَالع» : وَمد الْأصيلِيّ والمهلب الْهمزَة مَعَ فتح الذَّال، وَفتح عبد الله بن سُلَيْمَان وَغَيره الْبَاء. وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح: الْأَشْهر فِيهَا
(مد) الْهمزَة مَعَ فتح الذَّال وَإِسْكَان الرَّاء. (قَالَ) : والأفصح الْقصر وَإِسْكَان الذَّال، وَهِي نَاحيَة تشْتَمل عَلَى بِلَاد (مَعْرُوفَة) . وَحَكَى فِيهِ ابْن مكي آذْربيجان قَالَ: وَالنِّسْبَة أذَري وأذْري عَلَى غير قِيَاس. وَنقل ابْن دحْيَة فِي كِتَابه «مرج الْبَحْرين» عَن الْمُهلب أَنه قَيده فِي «شرح البُخَارِيّ» : آذْريبجان بِالْمدِّ وَسُكُون الذَّال وَكسر الرَّاء، بعْدهَا يَاء مثناة تَحت، بعْدهَا بَاء مَفْتُوحَة.
(و) قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: ألفها مَقْصُورَة وذالها سَاكِنة، كَذَلِك (قرأته) عَلَى أبي مَنْصُور (الجواليقى)(ويغلط) من يمده، وَفِي (المبتدئين) من يقدم الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت عَلَى الْمُوَحدَة وَهُوَ جهل.
قلت: (فتحصلنا) عَلَى أوجه، ثمَّ نقل ابْن (دحْيَة) عَن النَّحْوِيين أَنه اسْم اجْتمعت فِيهِ خمس مَوَانِع من الصّرْف وَهِي العجمة والتعريف والتأنيث والتركيب وَالزِّيَادَة، (وَعَن ابْن الْأَعرَابِي أَربع وَحذف الْأَخِيرَة) قَالَ: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق (النجيرمي) : الْكَلَام الفصيح
(ذربيجان)، (وَرَأَيْت بِخَط) ابْن خلكان فِي حَاشِيَة «مُشكل الْوَسِيط» لِابْنِ الصّلاح - عَلَى مَا قيل أَنه بِخَطِّهِ - عقب كَلَام ابْن الصّلاح السالف: نَحن (بهَا) وَلَا (نَعْرِف) مَا ذكره وَذَلِكَ (بلساننا) أذربايكان، وأذر هُوَ النَّار، وبايكان عبارَة عَن المقيمين عَلَيْهَا - أَي كَانُوا عابدين عَلَيْهَا فعرب.
فَائِدَة: (و) قد جَاءَ عَن (غير) ابْن عمر (الْقصر) فِي أَكثر من ذَلِك.
(رَوَى) الْبَيْهَقِيّ عَن أنس «أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَقَامُوا برامهرمز تِسْعَة أشهر (يقصرون) الصَّلَاة» إِسْنَاده صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم (فِيهِ) عِكْرِمَة بن عمار، وَفِيه أَيْضا عَن أنس «أَنه أَقَامَ بِالشَّام مَعَ عبد الْملك بن مَرْوَان شَهْرَيْن يُصَلِّي صَلَاة الْمُسَافِرين» . إِسْنَاده صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم (فِيهِ) عبد الْوَهَّاب بن عَطاء، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى توثيقه. وَفِيه أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِخَيْبَر أَرْبَعِينَ
يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» ثمَّ قَالَ: تفرد بِهِ الْحسن بن عمَارَة وَهُوَ غير مُحْتَج بِهِ. وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِي: أَجمعُوا عَلَى ترك حَدِيثه.
(الْأَثر) الثَّالِث وَالرَّابِع:
لما ذكر (الرَّافِعِيّ) حَدِيث ابْن عَبَّاس السالف رادًّا عَلَى أبي حنيفَة فِي قَوْله: إِن السّفر الطَّوِيل (مسيرَة) ثَلَاثَة أَيَّام. ثمَّ قَالَ: فَهَذَا الحَدِيث يَقْتَضِي الترخيص فِي (هَذَا) الْقدر - يَعْنِي أَرْبَعَة برد وَهُوَ مرحلتان - ثمَّ قَالَ: (و) رُوِيَ مثل مَذْهَبنَا عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَغَيرهمَا من الصَّحَابَة. انْتَهَى.
أما أثر ابْن عَبَّاس فقد أسلفناه لَك.
وَأما أثر ابْن عمر فقد ذكره البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» مَعَ أثر ابْن عَبَّاس فَقَالَ مَا نَصه: «وَسَمَّى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم السّفر يَوْمًا وَلَيْلَة وَكَانَ ابْن عمر وَابْن عَبَّاس يقصران فِي أَرْبَعَة (برد) وَهِي سِتَّة عشر فرسخًا» .
وأسندهما الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث حجاج، ثَنَا لَيْث، حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح «أَن عبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَبَّاس كَانَا يصليان رَكْعَتَيْنِ ويفطران فِي أَرْبَعَة برد فَمَا فَوق ذَلِك» .
ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه «أَن عمر قصر الصَّلَاة إِلَى خَيْبَر» (وَمن) حَدِيث مَالك أَيْضا، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر «أَنه قصر الصَّلَاة إِلَى خَيْبَر وَقَالَ: هَذِه ثَلَاث (فواصل) - يَعْنِي ليالٍ» .
وَمن حَدِيثه أَيْضا عَن نَافِع، عَن سَالم «أَن أَبَاهُ ركب إِلَى ذَات النصب (فقصر) الصَّلَاة فِي مسيرَة ذَلِك. (قَالَ) مَالك: وَبَين ذَات النصب وَالْمَدينَة (أَرْبَعَة) برد» . وَمن حَدِيثه أَيْضا عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم، عَن أَبِيه «أَنه ركب إِلَى ريم فقصر الصَّلَاة (فِي مسيرَة ذَلِك) قَالَ: وَذَلِكَ نَحْو (من) أَرْبَعَة برد» وَمن حَدِيثه أَيْضا عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم «أَن أَبَاهُ كَانَ يقصر (الصَّلَاة) فِي مسيرَة (الْيَوْم) التَّام» . وَمن حَدِيثه أَيْضا (أَنه) بلغه أَن عبد الله
بن عَبَّاس كَانَ يَقُول: «تقصر الصَّلَاة فِي (مثل) مَا بَين مَكَّة والطائف، وَفِي مثل مَا بَين مَكَّة وَجدّة، وَفِي مثل مَا بَين مَكَّة وَعُسْفَان. قَالَ مَالك: وَذَلِكَ أَرْبَعَة برد» . وَهَذَا الْأَثر تقدم إِسْنَاده.
ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«إِذا سَافَرت يَوْمًا إِلَى اللَّيْل فاقصر الصَّلَاة» .
وَرَوَى معمر، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع «أَن ابْن عمر كَانَ يقصر فِي أَرْبَعَة برد» وَفِي لفظ « (فِي) مسيرَة أَرْبَعَة برد» .
وَرَوَى وَكِيع، عَن هِشَام بن ربيعَة بن الْغَاز الجرشِي، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح (قَالَ) «قلت لِابْنِ عَبَّاس: أقصر (الصَّلَاة) إِلَى عَرَفَة؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن إِلَى الطَّائِف وَعُسْفَان فَذَلِك ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين ميلًا» .
وَرَوَى حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَحميد كِلَاهُمَا عَن نَافِع ووافقها ابْن جريج عَن نَافِع « (أَن) ابْن عمر كَانَ لَا يقصر فِي أقل من سِتَّة وَتِسْعين ميلًا» .
وَرَوَى هِشَام بن الْغَاز، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ:«لَا تقصر الصَّلَاة إِلَّا فِي الْيَوْم التَّام» .
وَرَوَى مَالك، عَن نَافِع، عَنهُ «أَنه كَانَ لَا يقصر الصَّلَاة فِي الْبَرِيد» .
وَرَوَى عَنهُ عَلّي بن ربيعَة الْوَالِبِي: «لَا تقصر فِي أقل من اثْنَيْنِ وَسبعين ميلًا» .
وَرَوَى عَنهُ (ابْنه) سَالم بن عبد الله - وَهُوَ أجلُّ من نَافِع (وَأعلم بِهِ - «أَنه قصر إِلَى ثَلَاثِينَ ميلًا» .
وَرَوَى عَنهُ ابْن أَخِيه حَفْص بن عَاصِم - وَهُوَ أجل من نَافِع -) «أَنه قصر إِلَى ثَمَانِيَة عشر ميلًا» .
وَرَوَى عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس:«الْقصر إِلَى عسفان (وَهِي) اثْنَان وَثَلَاثُونَ ميلًا - وَإِذا (ورد) عَلَى أهلٍ أَو مَاشِيَة (فَيتم) وَلَا يقصر إِلَى عَرَفَة وَلَا منى» .
وَرَوَى مُجَاهِد عَنهُ: «لَا (قصر) فِي يَوْم إِلَى الْعَتَمَة لَكِن (فِيمَا) زَاد عَلَى ذَلِك» .
وَرَوَى أَبُو حَمْزَة الضبعِي عَنهُ: «لَا قصر إِلَّا فِي يَوْم مُبَاح» .
(وَرَوَى عَنهُ) : «لَا قصر إِلَّا فِي خَمْسَة وَأَرْبَعين ميلًا فَصَاعِدا» .
وَعنهُ: «لَا قصر إِلَّا [فِي] اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين ميلًا فَصَاعِدا» .
وَعنهُ: « (لَا) قصر إِلَّا فِي أَرْبَعِينَ ميلًا فَصَاعِدا) » .
وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس: «لَا قصر إِلَّا فِي سِتَّة وَثَلَاثِينَ (ميلًا) فَصَاعِدا» .
ذكر هَذِه الرِّوَايَات عَنهُ ابْن حزم فِي «محلاه» وَغَيره.
وَقَول الرَّافِعِيّ: «و (غَيرهمَا) من الصَّحَابَة» قد (أسلفناه) عَن عمر، وَالشَّافِعِيّ رضي الله عنه لم (يذكرهُ) إِلَّا عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر، (وَكرر) ذَلِك مَرَّات، وَكَذَا الْمَاوَرْدِيّ فِي «حاويه» و (الْمُوفق) الْحَنْبَلِيّ فِي (مغنيه) قَالَ: وَقد رُوِيَ عَن ابْن عُمر وَابْن عَبَّاس خلاف ذَلِك.
قلت: وَقد أسلفنا ذَلِك (عَنْهُمَا) وَقد يجمع بَينهمَا. وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان وَابْن (مَسْعُود) تعلق الْقصر بِالسَّفرِ، لَكِن لَيْسَ فِيهِ التَّحْدِيد بِالْحَدِّ الْمَذْكُور.
(الْأَثر) الْخَامِس:
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» ، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي، ثَنَا أَيُّوب، عَن قَتَادَة، عَن مُوسَى بن سَلمَة قَالَ:«كُنَّا مَعَ ابْن عَبَّاس بِمَكَّة فَقلت: إِنَّا إِذا كُنَّا مَعكُمْ صلينَا أَرْبعا، وَإِذا رَجعْنَا (إِلَى رحالنا) صلينَا رَكْعَتَيْنِ (فَقَالَ) : (تِلْكَ) سنة أبي الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم» . وَكَذَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» عَن عبد الله بن أَحْمد، عَن أَبِيه بِهِ سَوَاء، وَهَذَا الْإِسْنَاد (رِجَاله) كلهم مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح، أخرج البُخَارِيّ لمُحَمد الطفَاوِي وَوَثَّقَهُ ابْن الْمَدِينِيّ وَقَالَ أَحْمد: مُدَلّس.
قلت: قد صرح هُنَا بِالتَّحْدِيثِ، وَعَن أبي زرْعَة: مُنكر الحَدِيث. وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ مُتَّفق عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَتَادَة، ومُوسَى بن سَلمَة أخرج لَهُ مُسلم وَوَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة.
وَفِي أَفْرَاد «صَحِيح (مُسلم) » ، عَن مُوسَى بن سَلمَة قَالَ:«سَأَلت ابْن عَبَّاس: كَيفَ أُصَلِّي إِذا كنت بِمَكَّة إِذا لم (أصل) مَعَ الإِمَام؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ سنة أبي الْقَاسِم» .
وَفِي النَّسَائِيّ عَن مُوسَى عَنهُ (قَالَ) : «تفوتني الصَّلَاة فِي جمَاعَة وَأَنا بالبطحاء مَا ترَى أُصَلِّي؟ (قَالَ) : رَكْعَتَيْنِ سنة أبي الْقَاسِم» .
وَفِي «مُسْند أَحْمد» ، عَن مُوسَى قَالَ:« (قلت) لِابْنِ عَبَّاس: إِذا لم تدْرك الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد (كَيفَ) تصلي بالبطحاء؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ تِلْكَ سنة أبي الْقَاسِم» .
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ عقب هَذَا: وَالْإِشَارَة إِلَى صَلَاة الْعِيد. كَذَا قَالَ، ثمَّ عزاهُ إِلَى أَفْرَاد مُسلم، وَمرَاده أَصله لَا لَفظه.
قَالَ الرَّافِعِيّ بعد (سياقته) لهَذَا الْأَثر: وَالْمَفْهُوم سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (فِي السّفر) . وَهُوَ كَمَا قَالَ.