الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد أخرج مُسلم هَذَا الحَدِيث وَلم يذكر (فِيهِ) : «أفقههم فقهًا» وَهَذِه لَفْظَة غَرِيبَة (عزيزة) بِهَذَا الْإِسْنَاد، ثمَّ ذكر لَهُ شَاهدا.
فَائِدَة: اسْم أبي مَسْعُود: عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ سكن بَدْرًا وَلم يشهدها فِي قَول الْأَكْثَرين، وَقَالَ (المحمدون) - مُحَمَّد بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَمُحَمّد بن إِسْحَاق - صَاحب الْمَغَازِي - وَمُحَمّد بن (إِسْمَاعِيل) البُخَارِيّ -: شَهِدَهَا، وَقَالَهُ مُسلم أَيْضا كَمَا نَقله الْمُنْذِرِيّ فِي «تَخْرِيجه لأحاديث الْمُهَذّب» .
فَائِدَة (أُخْرَى) : التكرمة - بِفَتْح التَّاء و (كسرهَا) -: مَا يخْتَص بِهِ الْإِنْسَان من فرَاش ووسادة وَنَحْوهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور، وَقيل (هِيَ) الْمَائِدَة حَكَاهُ القَاضِي أَبُو الطّيب، وَقيل: السجادة حَكَاهُ صَاحب (التنقيب)، وَقَوله:«وَلَا يجلس» «وَلَا يُؤمن» رُوِيَ بِالْمُثَنَّاةِ تَحت المضمومة عَلَى مَا لم يسم فَاعله، وبالمثناة فَوق الْمَفْتُوحَة عَلَى الْخطاب، نبه عَلَيْهِ فِي «شرح الْمُهَذّب» .
الحَدِيث الثَّامِن بعد الْعشْرين
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صلوا خلف كل بر وَفَاجِر» .
هَذَا الحَدِيث لَهُ طرق ضَعِيفَة أمثلها: رِوَايَة مَكْحُول عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْجِهَاد وَاجِب عَلَيْكُم مَعَ كل أَمِير برًّا كَانَ أَو (فَاجِرًا) ، وَالصَّلَاة (وَاجِبَة) عَلَيْكُم خلف كل مُسلم برًّا كَانَ أَو فَاجِرًا وَإِن عمل الْكَبَائِر» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْجِهَاد من «سنَنه» فِي بَاب الْغَزْو مَعَ أَئِمَّة الْجور من حَدِيث مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن الْعَلَاء بن الْحَارِث، عَن مَكْحُول بِهِ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من هَذَا الْوَجْه مُخْتَصرا بِلَفْظ: «صلوا خلف (كل) بر وَفَاجِر، وَجَاهدُوا مَعَ كل بر وَفَاجِر» ثمَّ قَالَ: (مَكْحُول) لم يسمع من أبي هُرَيْرَة، وَمن دونه ثِقَات. وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» : إِسْنَاده صَحِيح إِلَّا أَن (فِيهِ) إرْسَالًا بَين مَكْحُول وَأبي هُرَيْرَة. وَقَالَ فِي «سنَنه» فِي الْجَنَائِز: إِنَّه أصح مَا فِي الْبَاب إِلَّا أَن فِيهِ إرْسَالًا. (وأعلّه) ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» «وَعلله» بِمُعَاوِيَة بن صَالح، وَنقل (عَن) أبي حَاتِم الرَّازِيّ أَنه لَا يحْتَج بِهِ،
وَمُعَاوِيَة هَذَا من رجال مُسلم وَهُوَ صَدُوق وَإِن لينه (يَحْيَى الْقطَّان) أَيْضا، وأعلَّه بمكحول أَيْضا فَقَالَ:(رَوَى) مُحَمَّد بن سعد أَن جمَاعَة من الْعلمَاء ضعفوا رِوَايَة مَكْحُول. وَقد ذكرنَا فِي كتاب الصَّلَاة أَن جمَاعَة وثقوه، وَأَنه من رجال مُسلم، وَقد رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيقين آخَرين إِلَى أبي هُرَيْرَة.
أَولهمَا: من حَدِيث بَقِيَّة، عَن الْأَشْعَث، عَن يزِيد بن يزِيد بن جَابر، عَن مَكْحُول، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ أبي دَاوُد السالف إِلَّا أَنه قَالَ: وَزَاد (فِيهِ) : «وَإِن عمل الْكَبَائِر فِي الْجِهَاد» وَبَقِيَّة حَاله مَعْرُوفَة سلفت، وَأَشْعَث هَذَا نسبه ابْن الْقطَّان إِلَى الْجَهَالَة فَقَالَ: بَقِيَّة مَعْرُوف الْحَال وَهُوَ أروى النَّاس عَن المجهولين، وَأَشْعَث هَذَا مُتَّهم.
وَأما ابْن الْجَوْزِيّ فَقَالَ فِي «تَحْقِيقه» : الْأَشْعَث مَجْرُوح، وَبَقِيَّة لَا (يعول) عَلَى رواياته.
قلت: وَأَشْعَث الْمَجْرُوح (الَّذِي أَشَارَ) إِلَيْهِ هُوَ ابْن سوار الْكُوفِي وَلَيْسَ هَذَا، فَالصَّوَاب مَعَ ابْن الْقطَّان.
ثَانِيهَا: من حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن (عُرْوَة) ، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أبي صَالح (السمان)، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سيليكم بعدِي وُلَاة، فيليكم الْبر ببره والفاجر (بِفُجُورِهِ) ، فَاسْمَعُوا لَهُم وَأَطيعُوا فِيمَا وَافق الْحق، وصلوا وَرَاءَهُمْ، فَإِن أَحْسنُوا فلكم وَلَهُم، وَإِن أساءوا فلكم وَعَلَيْهِم» وَعبد الله هَذَا واه، قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ ابْن حبَان: لَا يحل كتب حَدِيثه، يروي الموضوعات عَن الْأَثْبَات، وَيَأْتِي عَن هِشَام بِمَا لم يروه قطّ.
الطَّرِيق الثَّانِي: من أصل طرق الحَدِيث عَن عَلّي رضي الله عنه رَفعه: «من أصل الدَّين الصَّلَاة خلف كل بر وَفَاجِر (و) الْجِهَاد مَعَ كل أَمِير وَلَك أجره، وَالصَّلَاة عَلَى من مَاتَ من أهل الْقبْلَة» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث فرات بن (سُلَيْمَان) ، عَن مُحَمَّد بن علوان، (عَن
الْحَارِث) ، عَن عَلّي (بِهِ) . وَقَالَ فِيهِ: وَفِي (طرق) حَدِيث ابْن عمر الْآتِيَة لَيْسَ فِيهَا شَيْء يثبت.
قلت: وفرات هَذَا (أعله) ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» (بِهِ) وَنقل عَن ابْن حبَان أَنه قَالَ فِي حَقه: مُنكر الحَدِيث جدًّا (يَأْتِي) بِمَا لَا يشك فِيهِ أَنه مَعْمُول. لكنه لم يذكرهُ فِي «ضُعَفَائِهِ» ، وَذكر كَلَام ابْن حبَان هَذَا (فِي) فرات بن سليم وَقَالَ: إِنَّه (يروي) عَن (عَمْرو) بن عَاتِكَة، وَتَابعه الذَّهَبِيّ فِي «الْمُغنِي» ، وراجعت الضُّعَفَاء لِابْنِ حبَان فَوَجَدته كَمَا ذكره فِي «ضُعَفَائِهِ» لَا كَمَا ذكره فِي «تَحْقِيقه» ، وَفِي كتاب الصريفيني - وَمن خطه نقلت -: فرات بن (سُلَيْمَان) مولَى ابْن عقيل من أهل الرقة، رَوَى عَن مَيْمُون بن مهْرَان. ثمَّ نقل عَن (خطّ) ابْن حبَان أَنه قَالَ: لَيْسَ هَذَا بفرات بن السَّائِب الْجَزرِي، ذَاك
واه ضَعِيف. وَمُحَمّد بن علوان قَالَ الْأَزْدِيّ: يروي عَن نَافِع، مَتْرُوك الحَدِيث. والْحَارث هُوَ الْأَعْوَر، كذبه ابْن الْمَدِينِيّ وَمِنْهُم من وَثَّقَهُ.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن عبد الله بن مَسْعُود (رَفعه: «ثَلَاث من السّنة) : الصَّلَاة خلف كل إِمَام، لَك صلَاته (وَعَلِيهِ) إثمه، و (الْجِهَاد مَعَ كل أَمِير لَك) جهادك وَعَلِيهِ شَره، وَالصَّلَاة عَلَى كل ميت من (أهل التَّوْحِيد وَإِن كَانَ قَاتل) نَفسه» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث عمر بن صبح (عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة و) الْأسود، عَن عبد الله بِهِ. وَعمر هَذَا كَذَّاب (اعْترف بِالْوَضْعِ، قَالَ عَن نَفسه) أَنا وضعت خطْبَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَآله (قَالَ الْأَزْدِيّ: كَذَّاب (ذامر)) .
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن ابْن عمر، وَسَيَأْتِي فِي الحَدِيث الْآتِي بعده بِطرقِهِ مُعَللا.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن وَاثِلَة رَفعه: «لَا تكفرُوا أهل قبلتكم وَإِن عمِلُوا الْكَبَائِر، وصلوا مَعَ كل إِمَام، وَجَاهدُوا مَعَ كل أَمِير، وصلوا عَلَى كل ميت» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من رِوَايَة الْحَارِث بن نَبهَان، عَن عتبَة بن يقظان، عَن أبي سعيد، عَن مَكْحُول، عَن وَاثِلَة بِهِ.
وَهَذَا إِسْنَاد ضَعِيف، (الْحَارِث هَذَا ضَعَّفُوهُ) قَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوك. وَعتبَة بن يقظان قَالَ عَلّي بن الْجُنَيْد: لَا يُسَاوِي شَيْئا. وَأَبُو سعيد هَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي حَقه: إِنَّه مَجْهُول. وَمَكْحُول قد سلف مَا فِيهِ، لَا جرم قَالَ الْحَاكِم أَبُو أَحْمد فِي (كناه) : هَذَا حَدِيث مُنكر. قَالَ: والْحَارث بن نَبهَان وَعتبَة بن يقظان وَأَبُو سعيد إِذا اجْتَمعُوا (فَغير) مستنكر (مثل) هَذَا فِيمَا بَينهم، وَالله يرحمهم جَمِيعًا.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن أبي الدَّرْدَاء رَفعه: «لَا تكفرُوا أحدا من (أهل) قِبْلَتِي بذنب وَإِن عمِلُوا الْكَبَائِر، وصلوا خلف كل إِمَام، وَجَاهدُوا - (أَو) قَالَ: وقاتلوا - مَعَ كل أَمِير، وَلَا تَقولُوا فِي أبي بكر الصّديق وَلَا فِي عمر وَلَا فِي عُثْمَان وَلَا فِي عَلّي إِلَّا خيرا، قُولُوا: (تِلْكَ أمة قد خلت لَهَا مَا كسبت وَلكم مَا كسبتم.
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من رِوَايَة عباد بن الْوَلِيد (عَن الْوَلِيد)[بن الْفضل، أَخْبرنِي عبد الْجَبَّار] بن الْحجَّاج الْخُرَاسَانِي، عَن مكرم
بن حَكِيم (الْخَثْعَمِي) ، عَن سيف بن مُنِير، عَن أبي الدَّرْدَاء بِهِ. ثمَّ قَالَ: لَا يثبت إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث، (مَا) بَين عباد وَأبي الدَّرْدَاء ضعفاء. وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ (أَيْضا) من حَدِيث إِسْحَاق بن وهب العلاف، عَن الْوَلِيد بن الْفضل الْعَنزي، عَن عبد الْجَبَّار بن الْحجَّاج بن مَيْمُون، عَن مكرم بِهِ بِلَفْظ:«صلوا خلف كل إِمَام، وقاتلوا مَعَ كل أَمِير» ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده مَجْهُول غير مَحْفُوظ. وَقَالَ الْأَزْدِيّ: سيف لَا يكْتب حَدِيثه، ومكرم لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء.
وَقَالَ ابْن حبَان: الْوَلِيد بن الْفضل الْعَنزي يروي الْمَنَاكِير الَّتِي لَا شكّ أَنَّهَا مَوْضُوعَة.
وَقَالَ (أَبُو حَاتِم) : مَجْهُول.
قلت: (وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الحَدِيث) من كل طرقه ضَعِيف كَمَا قَدمته أَولا.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: قد رُوِيَ (فِي) «الصَّلَاة عَلَى كل بر وَفَاجِر،