الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مُتَّصِلا أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن بزيع: عَن عمر بن ذَر، عَن أَبِيه، عَن سعيد، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا. وَعبد الله بن بزيع هَذَا قَالَ فِيهِ ابْن عدي: لَيْسَ عِنْدِي مِمَّن يحْتَج بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لين الحَدِيث لَيْسَ (بمتروك) قلت: وَلم ينْفَرد بِهِ؛ بل توبع عَلَيْهِ كَمَا سلف، وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» من هَذَا الْوَجْه وأعلَّه بِابْن بزيع، وَذكر كَلَام ابْن عدي فِيهِ، وَأما ابْن السكن فِي «سنَنه الصِّحَاح) فَذكره.
الحَدِيث الْخَامِس
عَن عقبَة بن عَامر رضي الله عنه قَالَ: «قلت: يَا رَسُول الله، فضلت سُورَة الْحَج بِأَن فِيهَا [سَجْدَتَيْنِ] ؟ قَالَ: نعم، وَمن لم يسجدهما فَلَا يقرأهما» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي «مُسْنده» وَأَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي (سُنَنهمْ) من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة، عَن مشرح بن هاعان، عَن عقبَة بِهِ وَاللَّفْظ لِلتِّرْمِذِي، وَلَفظ أَحْمد:«قلت: يَا رَسُول الله، أفضِّلت سُورَة الْحَج عَلَى سَائِر الْقُرْآن بسجدتين؟ قَالَ: نعم، وَمن لم يسجدهما فَلَا يقرأهما» .
وَلَفظ أبي دَاوُد: «قلت: يَا رَسُول الله، فِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَانِ؟ قَالَ: نعم
…
» إِلَى آخِره.
وَلَفظ الدَّارَقُطْنِيّ: «قلت: يَا رَسُول الله، فِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَانِ؟ قَالَ: نعم، إِن لم تسجدهما فَلَا تقرأهما» .
وَهُوَ حَدِيث فِي إِسْنَاده ضعيفان:
أَحدهمَا: ابْن لَهِيعَة (وَقد) سلف حَاله فِي أَوَاخِر بَاب الْوضُوء، وَإِن الْبَيْهَقِيّ قَالَ: أجمع أَصْحَاب الحَدِيث عَلَى ضعفه وَترك الِاحْتِجَاج بِمَا ينْفَرد بِهِ.
ثَانِيهمَا: مشرح بن هاعان لَا يحْتَج بِهِ، قَالَ ابْن حبَان: انقلبت عَلَيْهِ صحائفه؛ فَكَانَ يحدث بِمَا سمع من هَذَا عَن ذَاك وَهُوَ لَا يعلم فَكل مَا يروي عَن شُعْبَة هُوَ مَا سَمعه من الْحسن بن عمَارَة؛ فَبَطل الِاحْتِجَاج
بِهِ. لَا جرم قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حديثٌ لَيْسَ إِسْنَاده بِالْقَوِيّ. وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي موضِعين:
أَحدهمَا: فِي أثْنَاء صَلَاة الْجَمَاعَة، وَأَشَارَ إِلَى ضعفه؛ فَإِنَّهُ قَالَ: وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد رِوَايَة عبد الله بن لَهِيعَة (إِن فِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سَاقه بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن لَهِيعَة) (عَن مشرح، عَن عقبَة بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ السالف.
الثَّانِي: فِي كتاب التَّفْسِير فِي تَفْسِير سُورَة الْحَج سَاقه من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة) عَن مشرح، عَن عقبَة بِلَفْظ الإِمَام أَحْمد السالف ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث لم (نَكْتُبهُ) مُسْندًا إِلَّا من هَذَا الْوَجْه قَالَ: وَعبد الله بن لَهِيعَة بن عقبَة الْحَضْرَمِيّ أحد الْأَئِمَّة، إِنَّمَا نقم عَلَيْهِ اخْتِلَاطه فِي آخر عمره. قَالَ الْحَاكِم: وَقد صحت الرِّوَايَة فِيهِ من قَول عمر بن الْخطاب وَعبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن مَسْعُود وَأبي مُوسَى وَأبي الدَّرْدَاء وعمَّار.
أما حَدِيث عمر: فروَى عبد الله بن (ثَعْلَبَة) «أَنه صَلَّى مَعَه
الصُّبْح فَسجدَ فِي الْحَج سَجْدَتَيْنِ» وَأما حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس فروَى أَبُو الْعَالِيَة عَنهُ أَنه قَالَ: «فِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَانِ» .
وَأما حَدِيث ابْن عمر فروَى نَافِع عَنهُ «أَنه سجد فِي الْحَج سَجْدَتَيْنِ» .
وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود وعمار؛ فروَى عَاصِم، عَن [زر] عَنْهُمَا «أَنَّهُمَا كَانَا يسجدان فِي الْحَج سَجْدَتَيْنِ» .
وَأما حَدِيث أبي مُوسَى فروَى صَفْوَان بن مُحرز عَنهُ «أَنه سجد فِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَيْنِ، وَأَنه قَرَأَ السَّجْدَة الَّتِي فِي آخر سُورَة الْحَج؛ فَسجدَ وسجدنا مَعَه» .
وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء؛ فروَى عبد الرَّحْمَن بن جُبَير قَالَ: «رَأَيْت أَبَا الدَّرْدَاء سجد فِي الْحَج سَجْدَتَيْنِ» هَذَا ملخص مَا ذكره الْحَاكِم، وسَاق كل ذَلِك بأسانيده.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : فِي هَذَا الحَدِيث ابْن لَهِيعَة، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، و (قَالَ) فِي «الْمعرفَة» روينَا عَن خَالِد بن معدان أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فضِّلت سُورَة الْحَج عَلَى الْقُرْآن بسجدتين»
قَالَ: وَهَذَا الْمُرْسل إِذا ضم إِلَى رِوَايَة ابْن لَهِيعَة صَار قويًّا. وَتَبعهُ ابْن الصَّلاح فَقَالَ فِي «مشكله» : فِي إِسْنَاده من لَا حجَّة فِيهِ، وَهُوَ ابْن لَهِيعَة ومشرح - وهما ضعيفان - لَكِن لَهُ شَاهد يقويه، وَقد رُوِيَ ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة قَالَ: وَقَوله: «وَمن لم يسجدهما فَلَا يقرأهما» مَعْنَاهُ - وَالله أعلم - (أَن) من لم يرد أَن يسجدهما فَلَا يقْرَأ آيتيهما.
وَأما ابْن الْجَوْزِيّ فاحتج فِي «تَحْقِيقه» بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور وَسَاقه من مُسْند أَحْمد، ثمَّ قَالَ: فَإِن قَالُوا: ابْن لَهِيعَة ضَعِيف. قُلْنَا: قَالَ ابْن وهب: هُوَ صَادِق. وَلم يزدْ عَلَى ذَلِك، وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ، وأعجب مِنْهُ إغفاله تَضْعِيف مشرح بن هاعان، وَقد ذكره هُوَ فِي «ضُعَفَائِهِ» وَجزم النَّوَوِيّ فِي «خلاصته» (بِضعْف) الحَدِيث فَقَالَ: هَذَا الحَدِيث ضَعِيف؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة وَهُوَ ضَعِيف بالِاتِّفَاقِ لاختلال ضَبطه. وَقَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب» : هَذَا الحَدِيث ضَعِيف؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة، وَهُوَ مُتَّفق عَلَى ضعف رِوَايَته، قَالَ: وَإِنَّمَا ذكرته لأبينه لِئَلَّا يُغتر بِهِ.
قلت: وَلَا (ينتهى) إِلَى هَذَا كُله؛ بل هُوَ قوي (لشاهده و) أَقْوَال الصَّحَابَة، كَمَا قَرّرته لَك.