الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«وَكَانَ عليه السلام يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَأَبُو بكر يسمعهم التَّكْبِير» .
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَّفق عَلَى صِحَّته: «وَإِذا صَلَّى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» . وَمثله حَدِيث عَائِشَة وَأنس فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَحَدِيث جَابر فِي مُسلم؛ فَقَالَ الشَّافِعِي: إِنَّه مَنْسُوخ بِهَذَا الحَدِيث. وَأَبَى ذَلِك أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» ، وَبسط القَوْل فِيهِ بسطًا بليغًا، قَالَ: وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن عَائِشَة «أَنه عليه السلام صَلَّى خلف أبي بكر قَاعِدا» تفرد بهَا نعيم بن أبي هِنْد، عَن أبي وَائِل، (عَن) مَسْرُوق (عَنْهَا) . وَاخْتلف عَلَيْهِ فِيهَا أَيْضا، قَالُوا: وَإِن صحت فَكَأَن ذَلِك مرَّتَيْنِ.
الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طرق أقربها إِلَى رِوَايَة المُصَنّف رِوَايَة أنس (بن مَالك) رضي الله عنه قَالَ: «دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي صلاةٍ فَكبر وَكَبَّرْنَا مَعَه، ثمَّ أَشَارَ إِلَى الْقَوْم كَمَا أَنْتُم، فَلم نزل قيَاما حَتَّى أَتَى نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قد اغْتسل وَرَأسه يقطر مَاء» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث عبد الله بن معَاذ، حَدثنَا أبي، نَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بِهِ. ثمَّ قَالَ: خَالفه عبد الْوَهَّاب بن عَطاء الْخفاف فَرَوَاهُ عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل فِي صلَاته فَكبر وَكبر من خَلفه، فَانْصَرف فَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابه أَن كَمَا أَنْتُم، فَلم يزَالُوا قيَاما حَتَّى جَاءَ وَرَأسه يقطر» قَالَ عبد الْوَهَّاب: وَبِه نَأْخُذ.
ثَانِيهَا: عَن عبد الله بن زرير الغافقي، عَن عَلّي رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ قَائِما يُصَلِّي بهم، إِذْ انْصَرف فَأَتَى وَرَأسه يقطر مَاء، فَقَالَ: إِنِّي قُمْت بكم ثمَّ ذكرت أَنِّي كنت جنبا وَلم أَغْتَسِل، فَانْصَرَفت وَاغْتَسَلت، فَمن أَصَابَهُ (مِنْكُم) مثل مَا أصابني أَو وجد فِي بَطْنه رزًّا فلينصرف فليغتسل أَو ليتوضأ» .
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» بِنَحْوِهِ.
قَالَ الْبَزَّار: وَهَذَا الحَدِيث (لَا يحفظ وَلَا) يرْوَى عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قلت: وَفِي إِسْنَاده عبد الله بن لَهِيعَة وحالته مَشْهُورَة وَقد عرفتها فِيمَا
مَضَى، وَعبد الله ابْن زرير نسبه إِلَى الْجَهَالَة ابْن الْقطَّان، لَكِن وَثَّقَهُ ابْن (سعد) وَالْعجلِي، كَمَا أسلفته لَك فِي بَاب الْأَوَانِي.
ثَالِثهَا: عَن أبي بكرَة رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل فِي صَلَاة الْفجْر فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَن مَكَانكُمْ، ثمَّ جَاءَ وَرَأسه يقطر فَصَلى بهم» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» من حَدِيث حَمَّاد - وَهُوَ ابْن سَلمَة - عَن زِيَاد الأعلم، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة بِهِ، ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق حَمَّاد أَيْضا وَقَالَ: بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. قَالَ فِي أَوله: «فَكبر» وَقَالَ فِي آخِره: «فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاة قَالَ: إِنَّمَا أَنا بشر وَإِنِّي كنت جنبا» ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ أَيُّوب وَابْن عون وَهِشَام، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:(فَكبر ثمَّ أَوْمَأ إِلَى الْقَوْم أَن (اجلسوا) فَذهب واغتسل» .
وَرَوَاهُ مَالك، عَن إِسْمَاعِيل (بن) حَكِيم، عَن عَطاء بن يسَار «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كبر فِي صَلَاة» ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق آخر كَذَلِك، وَكلهَا مُرْسلَة.
قلت: وَلَفظ رِوَايَة أبي حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» فِي الرِّوَايَة الأولَى الْمُتَّصِلَة «أَنه عليه السلام كبر فِي صَلَاة الْفجْر يَوْمًا ثمَّ انْطلق فاغتسل فجَاء وَرَأسه يقطر فَصَلى بهم» .
وَصَححهُ أَيْضا الْبَيْهَقِيّ فِي «مَعْرفَته» ، وَقَالَ فِي «خلافياته» : رُوَاته ثِقَات لَكِن فِيهِ وَقْفَة مَعَ القَوْل فِي حَمَّاد بن سَلمَة، فَإِنَّهُ قد قيل: إِنَّه لم يسمع الْحسن من أبي بكرَة كَمَا سلف التَّنْبِيه (عَلَيْهِ) فِي الحَدِيث الْخَامِس بعد الثَّلَاثِينَ من بَاب شُرُوط الصَّلَاة وبحثنا فِيهِ.
وَقَالَ البرديجي فِي «كتاب الْمُتَّصِل والمرسل» : والمقطوع الَّذِي صَحَّ (عَن) الْحسن سَمَاعا من الصَّحَابَة أنس وَعبد الله بن مُغفل وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة و (أَحْمَر) بن جُزْء.
قَالَ ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» : وَقَول أبي بكرَة «فَصَلى بهم» أَرَادَ بَدَأَ بتكبير مُحدث؛ (لَا) أَنه رَجَعَ فَبَنَى عَلَى صلَاته؛ (إِذْ) محَال (أَن) يذهب عليه السلام ليغتسل وَيبقى النَّاس كلهم قيَاما عَلَى حالتهم من غير إِمَام إِلَى أَن يرجع.
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: «قَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم (إِلَى الصَّلَاة) وَكبر، ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم فَمَكَثُوا، ثمَّ انْطلق فاغتسل وَكَانَ رَأسه يقطر مَاء فَصَلى بهم، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: إِنِّي خرجت إِلَيْكُم جنبا وَإِنِّي أنسيت حَتَّى قُمْت فِي الصَّلَاة» .
رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث أُسَامَة بن زيد، عَن عبد الله بن يزِيد مولَى الْأسود بن سُفْيَان، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، عَن أبي هُرَيْرَة (بِهِ) . وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَى نمط آخر وَهَذَا إسنادهما عَنهُ «أَنه عليه السلام حضر (وَقد) أُقِيمَت الصَّلَاة وَعدلت الصُّفُوف حَتَّى قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قبل أَن يكبر (ذكر) فَانْصَرف وَقَالَ: مَكَانكُمْ. فَلم نزل قيَاما حَتَّى خرج إِلَيْنَا وَقد اغْتسل ينطف رَأسه مَاء فَكبر فَصَلى بِنَا» وحملت عَلَى (أَنَّهَا)(قَضِيَّة) أُخْرَى فِي يَوْم آخر.
قَالَ ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» : هَذَانِ فعلان فِي موضِعين (متباينين) . خرج عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام (مرّة) فَكبر ثمَّ ذكر أَنه جنب، فَانْصَرف فاغتسل، ثمَّ جَاءَ فاستأنف بهم الصَّلَاة، وَجَاء مرّة أُخْرَى فَلَمَّا وقف ليكبر ذكر أَنه جنب قبل أَن يكبر، فَذهب واغتسل ثمَّ رَجَعَ فَأَقَامَ بهم الصَّلَاة من غير أَن يكون بَين الْخَبَرَيْنِ تضَاد وَلَا (تهاتر) .
تَنْبِيه: هَذَا الحَدِيث اسْتدلَّ بِهِ الرَّافِعِيّ رحمه الله عَلَى أَن الإِمَام إِذا