الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا قَالَ وَقد رَوَاهُ مُسلم أَيْضا. وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي «تذنيبه» : رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم عَن مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن أَبِيه.
الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ
عَن أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا صَلَّى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه شَيْئا، فَإِن لم يجد فلينصب عَصا، فَإِن لم يكن مَعَه عَصا فليخطَّ خطًّا ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر بَين يَدَيْهِ» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم، وَأحمد فِي «الْمسند» ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه فِي «سنَنَيْهِمَا» ، وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي (كِتَابيه) الْمعرفَة» و «السّنَن» من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة، رَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة (، عَن أبي مُحَمَّد بن عَمْرو بن حُرَيْث، عَن جده حُرَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة، وَرَوَاهُ) أَحْمد، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة بِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَن مُسَدّد، عَن بشر بن الْمفضل، عَن إِسْمَاعِيل. وَرَوَاهُ أَيْضا عَن مُحَمَّد
بن فَارس، عَن عَلّي بن الْمَدِينِيّ (عَن) سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِهِ. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن (بكر) بن خلف [عَن] حميد بن الْأسود (و) عَن عمار بن (خَالِد) ، عَن سُفْيَان بِهِ. وَرَوَاهُ ابْن حبَان، عَن أبي يعْلى، عَن أبي خَيْثَمَة [عَن سُفْيَان] عَن إِسْمَاعِيل بِهِ. وَرَوَاهُ أَيْضا عَن أبي يعْلى، عَن [مُحَمَّد] بن الصَّباح الدُّولابي، عَن مُسلم بن خَالِد، [عَن إِسْمَاعِيل ابْن أُميَّة] عَن أبي مُحَمَّد بن عَمْرو بن حُرَيْث، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد، عَن أبي بَحر، عَن بشر بن مُوسَى، عَن الْحميدِي، عَن سُفْيَان كَمَا سلف.
وَاخْتلف الْحفاظ فِي هَذَا الحَدِيث: فصححه جمَاعَة مِنْهُم أَحْمد وَعلي بن الْمَدِينِيّ نَقله عَنْهُمَا ابْن عبد الْبر فِي (استذكاره) وَعبد الْحق فِي «أَحْكَامه» ، وَمِنْهُم أَبُو حَاتِم بن حبَّان؛ فَإِنَّهُ أخرجه فِي «صَحِيحه»
كَمَا سلف ثمَّ قَالَ: عَمْرو بن حُرَيْث هَذَا شيخ من أهل الْمَدِينَة رَوَى عَنهُ سعيد المَقْبُري، وَابْنه أَبُو مُحَمَّد يروي عَن جده. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِعَمْرو بن حُرَيْث المَخْزُومِي ذَاك لَهُ صُحْبَة، وَهَذَا عَمْرو بن حُرَيْث بن عمَارَة من بني عذرة سمع أَبُو مُحَمَّد عَمْرو بن حُرَيْث جدَّهُ حُرَيْث (بن عمَارَة) ، عَن أبي هُرَيْرَة، وَذكره أَيْضا فِي «ثقاته» فَقَالَ: عَمْرو بن حُرَيْث المَخْزُومِي الَّذِي رَوَى عَن (ابْن) عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة وَرَوَى عَنهُ سعيد بن سعيد المَقْبُري وَأهل مصر. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : رَفعه صَحِيح، قَالَ ذَلِك بعد أَن ذكر الِاخْتِلَاف (فِي إِسْنَاده وَفِي «أَحْكَام عبد الْحق» و)«إقليد» ابْن الفركاح عَنهُ (أَنه) رَوَى حَدِيث الصَّلَاة (إِلَى) الْخط عَن أبي هُرَيْرَة من طرق؛ وَلَا تصح وَلَا تثبت.
قلت: وَضَعفه آخَرُونَ. رَوَى أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: لم نجد شَيْئا نَشد بِهِ هَذَا الحَدِيث، و (لم) يجِئ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَقَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: قلت لِسُفْيَان: إِنَّهُم يَخْتَلِفُونَ فِيهِ بَعضهم يَقُول: أَبُو عَمْرو بن مُحَمَّد، وَبَعْضهمْ يَقُول: أَبُو مُحَمَّد بن عَمْرو (فتفكَّر سُفْيَان سَاعَة، ثمَّ قَالَ: مَا أحفظ إِلَّا أَبَا مُحَمَّد بن عَمْرو. قلت لِسُفْيَان: وَابْن جريج يَقُول: أَبُو مُحَمَّد بن عَمْرو) فَسكت سُفْيَان سَاعَة، ثمَّ قَالَ: قدم هُنَا رجل بعد مَا مَاتَ إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، فَطلب هَذَا
الشَّيْخ أَبَا مُحَمَّد حَتَّى وجده (فَسَأَلَهُ) عَنهُ فخلط عَلَيْهِ. قَالَ سُفْيَان: وَكَانَ إِسْمَاعِيل إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث يَقُول: عنْدكُمْ شَيْء تشدونه بِهِ وَأَشَارَ الإِمَام الشَّافِعِي إِلَى ضعفه وَقد كَانَ احْتج بِهِ فِي الْقَدِيم وَسنَن حَرْمَلَة، وَتوقف فِيهِ فِي الْجَدِيد فَقَالَ فِي (كتاب) الْبُوَيْطِيّ: وَلَا يخط المصلِّي بَين يَدَيْهِ خطًّا، إِلَّا أَن يكون فِي ذَلِك حَدِيث ثَابت، فَيتبع. فَكَأَنَّهُ اطلع بعد ذَلِك عَلَى مَا نقل من الِاخْتِلَاف فى إِسْنَاده. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا الحَدِيث قد أَخذ بِهِ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم، وَسنَن حَرْمَلَة، وَتوقف فِيهِ فِي الْجَدِيد. قَالَ: وَإِنَّمَا توقف فِيهِ لاخْتِلَاف الروَاة عَلَى إِسْمَاعِيل بن أُميَّة فِي أبي مُحَمَّد بن عَمْرو بن حُرَيْث؛ فَقيل هَكَذَا، وَقيل: عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث، عَن جده، وَقيل: عَن أبي عَمْرو بن حُرَيْث، عَن أَبِيه، وَقيل غير ذَلِك.
وَقَالَ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» : صحّح أَحْمد بن حَنْبَل وَعلي بن الْمَدِينِيّ هَذَا الحَدِيث، وضعَّفه غَيرهمَا من أجْلِ رِوَايَة أبي عَمْرو بن مُحَمَّد (بن عَمْرو) بن حُرَيْث، وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّد بدل أبي عَمْرو، عَن جده حُرَيْث، وَلم يقل مَالك وَلَا أَبُو حنيفَة وَلَا اللَّيْث بالخطِّ، ثمَّ نقل مقَالَة الدَّارَقُطْنِيّ السالفة عَنهُ، و (لما) ذكر ابْن الصَّلاح فِي علومه نوع المضطرب وَقَالَ: إِنَّه مُوجب ضعف الحَدِيث؛ لإشعاره بِعَدَمِ الضَّبْط، مَثَّلَهُ بِالْحَدِيثِ، وَقَالَ: رَوَاهُ عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث، عَن جده حُرَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة. فَرَوَاهُ بشر
بن الْمفضل وروح بن الْقَاسِم، عَن إِسْمَاعِيل هَكَذَا، وَرَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ (عَنهُ) ، عَن أبي عَمْرو بن حُرَيْث، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة.
وَرَوَاهُ حميد بن الْأسود (عَن إِسْمَاعِيل) ، عَن أبي عَمْرو مُحَمَّد بن حُرَيْث بن سليم، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَرَوَاهُ وهيب وَعبد الْوَارِث، عَن إِسْمَاعِيل، عَن أبي عَمْرو بن حُرَيْث، عَن جدِّه حُرَيْث. وَقَالَ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج: سمع إِسْمَاعِيل عَن حُرَيْث بن عمَارَة. قَالَ: وَفِيه من الِاضْطِرَاب أَكثر من هَذَا.
قلت: من صحَّحه كَأَنَّهُ لم ير هَذَا الِاضْطِرَاب قادحًا. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا «إِذا صَلَّى أحدكُم فَليصل إِلَى شَجَرَة، أَو إِلَى بعير، فَإِن لم يجد، فليخط خطا، ثمَّ لَا يضرّهُ من مر وَرَاءه» .
قَالَ: وَرَوَى أَيْضا (مَوْقُوفا عَلَى) أبي هُرَيْرَة، والْحَدِيث لَا يثبت. وَضَعفه من الْمُتَأَخِّرين النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي «شرح المهذَّب» : هَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَغَيره: إِنَّه ضَعِيف، ثمَّ نقل كَلَام الْبَيْهَقِيّ السالف فِيهِ، ثمَّ قَالَ: وَقَالَ غير الْبَيْهَقِيّ: هُوَ ضَعِيف لاضطرابه، وَقَالَ فِي «خلاصته» : قَالَ الْحفاظ: (هُوَ ضَعِيف لاضطرابه، وَذكره الْمُنْذِرِيّ فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب وَضَعفه. قَالَ الْبَيْهَقِيّ) وَلَا بَأْس بِالْعَمَلِ بِهَذَا
الحَدِيث فِي هَذَا الحكم - إِن شَاءَ الله - أَي يخْتَار مَشْرُوعِيَّة الْخط عِنْد عدم الستْرَة.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار؛ لِأَنَّهُ وَإِن لم يثبت الحَدِيث فَفِيهِ تَحْصِيل حَرِيم للْمُصَلِّي. قَالَ: وَقد اتّفق الْعلمَاء عَلَى الْعَمَل بِالْحَدِيثِ (الضَّعِيف) فِي فَضَائِل الْأَعْمَال دون الْحَلَال وَالْحرَام، وَهَذَا من نَحْو فَضَائِل الْأَعْمَال.
فَائِدَة: اخْتلف الْعلمَاء فِي كَيْفيَّة الْخط: فَقَالَ الإِمَام أَحْمد والْحميدِي شيخ البُخَارِيّ وَصَاحب الشَّافِعِي: يَجعله مثل الْهلَال.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» : سَمِعت مُسَددًا يَقُول: قَالَ (ابْن) دَاوُد: الْخط (بالطول)، وَقَالَ صَاحب الْمُهَذّب: يخط بَين يَدَيْهِ خطا إِلَى الْقبْلَة، وَقَالَ غَيره: يخط يَمِينا وَشمَالًا كالجنازة.
تَنْبِيه: ذكر الرَّافِعِيّ بعد هَذَا أَنه عليه السلام قَالَ فِي خبر أبي هُرَيْرَة - يَعْنِي هَذَا -: «ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر بَين يَدَيْهِ» من العلامات الْمَذْكُورَة انْتَهَى. وَقَوله من الْعَلامَة الْمَذْكُورَة لَيْسَ فِي متن الحَدِيث وَإِن كَانَ هُوَ المُرَاد فاعلمه. (وَالله أعلم) .