الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَاحب «الْبَيَان» (وَكَذَلِكَ) قَالَ الإِمَام فِي «نهايته» : أَنه عليه السلام لما فتح مَكَّة أَخذ يُرِيد الْمسير إِلَى هوَازن فَكَانَت إِقَامَته عَلَى تَدْبِير الْحَرْب.
الحَدِيث السَّادِس
«أَنه عليه السلام أَقَامَ بتبوك عشْرين يَوْمًا (يقصر الصَّلَاة) » .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَنهُ عَن عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن يَحْيَى - هُوَ ابْن أبي كثير - عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، عَن جَابر قَالَ:«أَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشْرين يَوْمًا يقصر الصَّلَاة» .
قَالَ أَبُو دَاوُد: غير معمر لَا يسْندهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: تفرد معمر بروايته مُسْندًا وَرَوَاهُ عَلّي بن الْمُبَارك وَغَيره عَن يَحْيَى، عَن (ابْن) ثَوْبَان، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (مُرْسلا) وَرُوِيَ عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أنس وَقَالَ:«بضع عشرَة» وَلَا أرَاهُ مَحْفُوظًا.
وَأما أَبُو حَاتِم بن حبَان فَأخْرجهُ فِي «صَحِيحه» من طَرِيقه، وَمعمر إِمَام مجمع عَلَى جلالته فَلَا يضر تفرده بِهِ.
وَقَالَ (أَبُو مُحَمَّد) بن حزم: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ثِقَة
وَبَاقِي (رُوَاة) الْخَبَر أشهر من أَن يسْأَل عَنْهُم.
قلت: وَمُحَمّد قَالَ أَبُو حَاتِم فِيهِ: هُوَ من التَّابِعين لَا يسْأَل عَن (مثله) . وَهُوَ من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» .
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «خلاصته» : هَذَا الحَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلَا يقْدَح فِيهِ تفرد معمر؛ فَإِنَّهُ ثِقَة حَافظ (فزيادته) مَقْبُولَة. وَكَذَا قَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب» : رِوَايَة الْمسند تفرد بهَا معمر بن رَاشد وَهُوَ إِمَام مجمع عَلَى جلالته، وَبَاقِي الْإِسْنَاد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، فَالْحَدِيث إِذن صَحِيح؛ لِأَن الصَّحِيح أَنه إِذا تعَارض فِي الحَدِيث إرْسَال وَإسْنَاد حُكِمَ (بالمسند) .
قلت: وَرُوِيَ من طَرِيق عَن جَابر بِلَفْظ «بضع عشرَة» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي إِسْحَاق - يَعْنِي الْفَزارِيّ - عَن [أبي] أنيسَة، عَن أبي الزبير، عَن جَابر قَالَ:«غزوت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم غَزْوَة تَبُوك فَأَقَامَ بهَا بضع عشرَة فَلم يزدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ» .
وَرِوَايَة يَحْيَى عَن أنس الَّتِي أسلفناها عَن الْبَيْهَقِيّ ذكرهَا الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» إِذْ فِيهَا: أَنه سُئِلَ عَن حَدِيث يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أنس
«أَقَامَ عليه السلام بتبوك عشْرين يَوْمًا يُصَلِّي صَلَاة الْمُسَافِر» فَقَالَ: يرويهِ الْأَوْزَاعِيّ وَاخْتلف عَنهُ فَرَوَاهُ (عَمْرو) بن عُثْمَان (الْكلابِي) ، عَن يُونُس، عَن الْأَوْزَاعِيّ مَرْفُوعا. وَالصَّحِيح: عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يَحْيَى «أَن أنسا كَانَ يفعل ذَلِك» غير مَرْفُوع.
فَائِدَة: تَبُوك - بِفَتْح التَّاء - بَلْدَة مَعْرُوفَة (بطرق الشَّام) بَينهَا وَبَين دمشق إِحْدَى عشرَة مرحلة وَكَانَت فِي (سنة) تسع من الْهِجْرَة، وَهِي من (آخر) غَزَوَاته بِنَفسِهِ (وَأقَام) عليه السلام بهَا بضعَة عشر يَوْمًا، وَالْمَشْهُور ترك صرف تَبُوك للتأنيث والعلمية، وَوَقع فِي «صَحِيح البُخَارِيّ» فِي حَدِيث كَعْب فِي (أَوَاخِر)«صَحِيح البُخَارِيّ» عَن كَعْب، وَلم (يدْرك) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى بلغ تَبُوكا - كَذَا هُوَ بِالْألف فِي جَمِيع النّسخ - تَغْلِيبًا للموضع، وَبَين تَبُوك ومدينة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَربع عشرَة
مرحلة، قَالَه كُله النَّوَوِيّ فِي «تهذيبه» . وَقَالَ ابْن (معن) فِي «تنقيبه» : بَينهَا ثَلَاث عشرَة مرحلة. قَالَ: و (هُوَ) مَوضِع بَين وَادي (الْقرى) وَالشَّام. قَالَ: وَقيل: تَبُوك اسْم لبركة لبني سعد بن عزْرَة سميت تَبُوكا؛ لِأَنَّهُ عليه السلام لما بلغه أَن هِرقل جمع جموعًا ورزق أَصْحَابه لعام، وَخرج مَعَه جذام ولخم وغسان وَوصل أوائلهم إِلَى البلقاء خرج عليه السلام (وَسَار) حَتَّى وصل إِلَى هَذَا الْمَكَان (فَرَأَى) أَصْحَابه يحفرون الْبركَة فَقَالَ (لَهُم) :(تبوكونها) - أَي تحفرونها - ثمَّ غرز عنزته فِيهَا ثَلَاث دفعات (فَجَاشَتْ ثَلَاث عُيُون) وَهِي (إِلَى) الْآن كَذَلِك (فسميت تَبُوك) لقَوْله: (تبوكونها) ثمَّ أَقَامَ بهَا عشْرين لَيْلَة وَكَانَت فِي ثَلَاثِينَ ألفا من الْمُسلمين وَعشرَة آلَاف (فرس)، وَكَانَ هِرقل بحمص فَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خَالِد بن الْوَلِيد إِلَيْهِ (وَقَالَ) فِي كتاب «السّير» من هَذَا الْكتاب: قيل: إِن تَبُوك هِيَ مَدِينَة أَصْحَاب الأيكة الَّذين بعث إِلَيْهِم شُعَيْب.