الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثقلت عَلَى البادن. قَالَ: وَإِن صَحَّ أَنه عليه السلام حمل الشَّحْم فِي آخر عمره (لاستغنى) عَن التَّأْوِيل.
الحَدِيث (السَّابِع) بعد الْأَرْبَعين
هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته من حَدِيث جَابر بن عبد الله (قَالَ: «كَانَ معَاذ) يُصَلِّي (مَعَ) النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ يَأْتِي فيؤم قومه، فَصَلى لَيْلَة مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعشَاء، ثمَّ أَتَى قومه فَأمهمْ فَافْتتحَ سُورَة الْبَقَرَة، فانحرف رجل فَسلم ثمَّ صَلَّى وَحده وَانْصَرف، فَقَالُوا لَهُ: نافقت يَا فلَان.
قَالَ: لَا وَالله ولآتين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (فلأخبرنه) فَأَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا أَصْحَاب نواضح نعمل بِالنَّهَارِ، وَإِن معَاذًا صَلَّى مَعَك الْعشَاء ثمَّ أَتَى فَافْتتحَ (سُورَة) الْبَقَرَة. فَأقبل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى معَاذ فَقَالَ:(يَا معَاذ، أفتان أَنْت)، اقْرَأ بِكَذَا واقرأ بِكَذَا» قَالَ سُفْيَان: فَقلت لعَمْرو: إِن أَبَا الزبير حَدثنَا عَن جَابر أَنه قَالَ: «اقْرَأ (وَالشَّمْس وَضُحَاهَا)(وَالضُّحَى)(وَاللَّيْل إِذا (يغشى)) و (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) فَقَالَ عَمْرو نَحْو هَذَا.
هَذَا لفظ مُسلم، وَفِي (آخر لَهُ) :«إِذا (أممت النَّاس) فاقرأ (بالشمس وَضُحَاهَا) و (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) و (اقْرَأ باسم رَبك) (وَاللَّيْل إِذا يغشي» .
وللبخاري: «أَن معَاذًا صَلَّى بِنَا البارحة فَقَرَأَ الْبَقَرَة فتجوزت، فَزعم أَنِّي مُنَافِق: فَقَالَ عليه السلام: أفتان أَنْت - ثَلَاثًا» وَلم يذكر تعْيين السُّور.
وَله أَيْضا: «أَن معَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ يَأْتِي قومه فَيصَلي بهم (صَلَاة) الْعشَاء (فَقَرَأَ) الْبَقَرَة، قَالَ: فَتجوز رجل وَصَلى صَلَاة خَفِيفَة، فَبلغ ذَلِك معَاذًا، فَقَالَ: إِنَّه مُنَافِق. فَبلغ ذَلِك الرجلَ فَأَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا قوم نعمل بِأَيْدِينَا ونسقي نواضحنا وَإِن معَاذًا صَلَّى البارحة فَقَرَأَ الْبَقَرَة فتجوزت فَزعم أَنِّي مُنَافِق. فَقَالَ عليه السلام: يَا معَاذ، أفتان أَنْت - ثَلَاثًا - اقْرَأ (وَالشَّمْس وَضُحَاهَا) و (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) وَنَحْوهَا» وَفِي (لفظ) آخر: «فلولا صليت ب (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) (وَالشَّمْس وَضُحَاهَا) ، (وَاللَّيْل إِذا يغشى) فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَك (الْكَبِير وَالصَّغِير) وَذُو الْحَاجة» قَالَ: أَحسب هَذَا (فِي) الحَدِيث وَلَيْسَت (عِنْده) قَول سُفْيَان لعَمْرو، وَفِي بعض طرقه: «أقبل رجل بناضحين وَقد أقبل اللَّيْل فَوَافَقَ معَاذًا يُصَلِّي فَأقبل (معَاذ)
» وَذكر الحَدِيث.
وَللشَّافِعِيّ، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، عَن جَابر: «كَانَ (معَاذ) يُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعشَاء - أَو الْعَتَمَة - ثمَّ يرجع فيصليها
بقَوْمه فِي بني سَلمَة. قَالَ: فَأخر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْعشَاء ذَات لَيْلَة، قَالَ: فَصَلى معَاذ مَعَه، ثمَّ رَجَعَ فَأم قومه فَقَرَأَ (بِسُورَة) الْبَقَرَة فَتنَحَّى رجل من خَلفه فَصَلى وَحده فَقَالُوا لَهُ: نافقت. قَالَ: لَا وَلَكِنِّي آتِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّك أخرت الْعشَاء وَإِن معَاذًا صَلَّى مَعَك، ثمَّ رَجَعَ فأمنا وافتتح سُورَة الْبَقَرَة، فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك تَأَخَّرت فَصليت، وَإِنَّمَا نَحن أَصْحَاب نواضح نعمل بِأَيْدِينَا. فَأقبل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أفتان أَنْت يَا معَاذ، أفتان أَنْت يَا معَاذ، اقْرَأ (بِسُورَة كَذَا وَسورَة) كَذَا» .
قَالَ الشَّافِعِي: وَأَنا سُفْيَان، أَنا أَبُو الزبير، عَن جَابر بِمثلِهِ وَزَاد فِيهِ «أَنه عليه السلام قَالَ لَهُ: اقْرَأ ب (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) ، (وَاللَّيْل إِذا يغشى)، (وَالسَّمَاء والطارق) وَنَحْوهَا قَالَ سُفْيَان فَقلت لعَمْرو: إِن أَبَا الزبير يَقُول (قَالَ) لَهُ: اقْرَأ (ب (سبح اسْم) رَبك الْأَعْلَى) (وَاللَّيْل إِذا يغشي)(وَالسَّمَاء والطارق)(قَالَ) عَمْرو: هُوَ هَذَا أَو نَحوه» .
فَوَائِد:
الأولَى: قد أسلفنا أَنه قَرَأَ (سُورَة) الْبَقَرَة، وَفِي «مُسْند الإِمَام أَحْمد» من حَدِيث (بُرَيْدَة) أَنه قَرَأَ (اقْتَرَبت السَّاعَة) وَجمع بَينهمَا بِأَنَّهُ قَرَأَ هَذِه فِي رَكْعَة وَهَذِه فِي أُخْرَى.
الثَّانِيَة: هَذِه الصَّلَاة كَانَت الْعشَاء (كَمَا) سلف لَك - وَهُوَ أصح من رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَنَّهَا كَانَت فِي صَلَاة الْمغرب.
الثَّالِثَة: اخْتلف فِي اسْم (هَذَا الرجل) المنحرف أَو المتجوز عَلَى أَقْوَال، ذكرتها فِي تخريجي لأحاديث «الْمُهَذّب» وَغَيره أَصَحهَا: أَنه حرَام بن ملْحَان خَال أنس، وَلم يذكر الْخَطِيب فِي «مبهماته» غَيره، وَوَقع فِي «الْمُهَذّب» :«فَانْفَرد عَنهُ أَعْرَابِي» ، وَالصَّوَاب: أَنْصَارِي. بدله.
الرَّابِعَة: احْتج المُصَنّف تبعا للشَّافِعِيّ وَالْأَصْحَاب بِهَذَا الحَدِيث عَلَى جَوَاز الْمُفَارقَة وَالْبناء عَلَى مَا (صَلَّى) ، لَكِن احْتج بِهِ الشَّافِعِي فِي الْأُم وَالشَّيْخ أَبُو حَامِد وَآخَرُونَ عَلَى الْمُفَارقَة (و) بِغَيْر عذر وَجعلُوا تَطْوِيل الْقِرَاءَة لَيْسَ بِعُذْر وَاحْتج بِهِ صَاحب «الْمُهَذّب» وَآخَرُونَ عَلَى الْمُفَارقَة بِعُذْر، وَجعلُوا طولهَا عذرا، وَرِوَايَة مُسلم السالفة أَنه انحرف فَسلم ثمَّ صَلَّى وَحده تشكل عَلَى ذَلِك، (كَأَنَّهُ) اسْتَأْنف وَلم يبن، فَلَا دلَالَة فِيهِ إِذا للمفارقة وَالْبناء، لَكِن قَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَا أَدْرِي هَل حفظت الزِّيَادَة الَّتِي فِي مُسلم لِكَثْرَة من رَوَى الحَدِيث عَن سُفْيَان بِدُونِهَا، وَإِنَّمَا انْفَرد بهَا مُحَمَّد بن عباد عَن سُفْيَان. وَلَك أَن تَقول: هَذِه الزِّيَادَة من ثِقَة فَقبلت - كَمَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد جُمْهُور الْفُقَهَاء وَالْأُصُول والْحَدِيث.
وَجَوَاب هَذَا أَن أَكثر الْمُحدثين يجْعَلُونَ مثل هَذِه الزِّيَادَة شَاذَّة