الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَائِدَة: ذكر ابْن مَنْدَه فِي «مستخرجه» أَن هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَن نَافِع مولَى ابْن عمر عَن (ابْن) عمر، جماعات عَددهمْ فَوق الثلاثمائة وَأَن (جماعات) تابعوا أَيْضا نَافِعًا، وَأَنه رَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم غير ابْن عمر أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ صحابيًّا ثمَّ ذكرهم.
الحَدِيث الْخَامِس بعد الْأَرْبَعين
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة فبها ونعمت، وَمن اغْتسل فالغسل أفضل» .
هَذَا الحَدِيث (مَرْوِيّ) من طرق أحْسنهَا طَرِيق الْحسن عَن سَمُرَة رضي الله عنه مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور سَوَاء، رَوَاهُ الْأَئِمَّة أَحْمد فِي «مُسْنده» وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَقد قدمنَا فِي آخر بَاب كَيْفيَّة الصَّلَاة فصلا عقدناه لهَذِهِ الْمَسْأَلَة وَهِي سَماع الْحسن من سمُرة وملخصها (ثَلَاثَة) مَذَاهِب: السماع مِنْهُ مُطلقًا، ومقابلة، وَالتَّفْصِيل بَين حَدِيث الْعَقِيقَة وَغَيرهَا.
(وأسلفنا هُنَاكَ أَن البُخَارِيّ قَالَ بِالْأولِ، وَأَن التِّرْمِذِيّ صحّح حَدِيثه
فِي مَوَاضِع) فَيكون هَذَا الحَدِيث صَحِيحا عَلَى (شَرطهمَا) وَاقْتصر التِّرْمِذِيّ هُنَا عَلَى (تحسينه) فَقَالَ عقب إِخْرَاجه: هَذَا حَدِيث حسن. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعضهم عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قلت: وَقد صحّح (الإِمَام) أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ هَذَا الحَدِيث من طريقيه - أَعنِي الِاتِّصَال والإرسال - فَذكر ابْنه عَنهُ أَنه قَالَ: هما (جَمِيعًا) صَحِيحَانِ همام ثِقَة (وَصله) وَأَبَان - يَعْنِي عَن قَتَادَة - لم (يوصله) وَنقل هَذَا عَن أبي حَاتِم الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي كِتَابه «الإِمَام» (وَأقرهُ) . وَقَالَ فِي (إلمامه) : من يحمل رِوَايَة الْحسن عَن سَمُرَة عَلَى السماع مُطلقًا ويصححها يصحح هَذَا الحَدِيث.
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه مَرْفُوعا: «من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة فبها ونعمت
…
» الحَدِيث.
رَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث أبي بكر الْهُذلِيّ، عَن الْحسن وَمُحَمّد، عَن أبي هُرَيْرَة ثمَّ قَالَ: لَا نعلمهُ يرْوَى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : وَهُوَ وهم، وَالْمَحْفُوظ (من)
حَدِيث الْحسن عَن سَمُرَة.
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث (أنس) رضي الله عنه مَرْفُوعا: «من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة
…
» الحَدِيث. رَوَاهُ ابْن مَاجَه (فِي «سنَنه» » من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْمَكِّيّ، عَن يزِيد بن أبان الرقاشِي، عَن أنس بِهِ.
وَإِسْمَاعِيل وَيزِيد (قد) ضعفا.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَن (مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن) الْمروزِي، نَا عُثْمَان بن يَحْيَى، نَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل، نَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس أَنه عليه السلام قَالَ:«من تَوَضَّأ فبها ونعمت، وَمن (اغْتسل) فالغسل (أفضل) » .
ثمَّ قَالَ: لم يروه عَن حَمَّاد إِلَّا مُؤَمل، تفرد بِهِ عُثْمَان بن يَحْيَى، ومؤمل بن إِسْمَاعِيل صَدُوق وَقد تكلم فِيهِ خَ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث الرّبيع بن صبيح، عَن يزِيد الرقاشِي، عَن أنس مَرْفُوعا كَمَا سلف قبله بِزِيَادَة:«وَالْغسْل من السّنة» ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده نظر. وَقَالَ فِي «الْمعرفَة» بعد (سياقته) لَهُ: وَفِيه إِسْنَاد آخر
أصح من ذَلِك. ثمَّ سَاق حَدِيث سَمُرَة، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : وَقد سُئِلَ عَن حَدِيث أنس هَذَا فَقَالَ: اخْتلف فِيهِ عَلَى قَتَادَة، وَرَوَاهُ عباد بن الْعَوام، عَن سعيد (بن) أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس. وَوهم فِيهِ وَخَالفهُ يزِيد بن زُرَيْع فَرَوَاهُ عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة، وَهُوَ الْمَحْفُوظ.
الطَّرِيق الرَّابِع: من حَدِيث عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه:«من تَوَضَّأ فبها ونعمت وَيُجزئ من الْفَرِيضَة، وَمن اغْتسل فالغسل أفضل» .
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» (ثمَّ قَالَ) : وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ غَرِيب من هَذَا الْوَجْه. (قَالَ) : وَإِنَّمَا يعرف من حَدِيث الْحسن وَغَيره.
الطَّرِيق الْخَامِس: من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا (بِهِ) .
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَالْبَزَّار وَقَالَ: لَا نعلم رَوَاهُ عَن عَوْف إِلَّا شريك، وَلَا عَن شريك إِلَّا أسيد بن زيد (قَالَ) : وَأسيد هَذَا كُوفِي قد احْتمل حَدِيثه مَعَ شِيعِيَّة شَدِيدَة كَانَت فِيهِ.
قلت: قَالَ يَحْيَى فِي حَقه: كَذَّاب وَقَالَ (السَّاجِي) : لَهُ مَنَاكِير. وَقَالَ ابْن حبَان: يروي الْمُنْكَرَات عَن الثِّقَات. قَالَ ابْن الْقطَّان: وَمَعَ
هَذَا (فقد) أخرج لَهُ البُخَارِيّ وَهُوَ (مِمَّن) عيب عَلَيْهِ الْإِخْرَاج عَنهُ.
قلت (وَذكره)(أَبُو عمر) بن عبد الْبر فِي «تمهيده» بِإِسْنَاد آخر أَجود من هَذَا فَقَالَ: ثَنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان، نَا قَاسم بن أصبغ، نَا إِبْرَاهِيم بن (عبد الرَّحْمَن) نَا صَالح بن مَالك، نَا الرّبيع بن بدر، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد بِهِ، (لَكِن) الرّبيع هَذَا تَرَكُوهُ.
الطَّرِيق السَّادِس: من حَدِيث جَابر رضي الله عنه مَرْفُوعا (بِهِ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فَقَالَ: رَوَاهُ الثَّوْريّ عَمَّن حَدثهُ، عَن أبي نَضرة عَنهُ، وَرَوَاهُ إِسْحَاق عَن أبي دَاوُد الْحَفرِي، عَن سُفْيَان.
الطَّرِيق السَّابِع: من حَدِيث أبي حرَّة، عَن الْحسن، عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة - قَالَ أَبُو حرَّة: لَا أعلمهُ إِلَّا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة
…
» الحَدِيث. ذكره ابْن السكن فِي «سنَنه الصِّحَاح المأثورة» وَرَوَاهَا قبله أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن أبي حرَّة (بِهِ) وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ بكر بن بكار، عَن أبي حرَّة بِإِسْنَادِهِ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَلم يشك، فَهَذَا مَا حَضَرنَا من طرق هَذَا الحَدِيث، وَكلهَا شاهدة لطريق الْحسن عَن سَمُرَة، وعاضدة لَهُ، فَهُوَ صَحِيح إِذن، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.
تَنْبِيهَات:
أَحدهَا: وَقع فِي «شرح (التَّنْبِيه» ) لِلْحَافِظِ محب الدَّين الطَّبَرِيّ فِي آخر بَاب الْغسْل عقب هَذَا الحَدِيث: أَخْرجَاهُ. وَالْعَادَة فِي مثل ذَلِك (إِرَادَة) البُخَارِيّ (وَمُسلم) ، وَهَذَا وهم (وَقع من النَّاسِخ) ، وَقد عزاهُ فِي هَذَا الشَّرْح الْمَذْكُور فِي بَاب هَيْئَة الْجُمُعَة عَلَى الصَّوَاب، فَقَالَ: أخرجه أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ.
ثَانِيهَا: (نعمت) الْأَشْهر فِي ضَبطهَا - (كَمَا قَالَ النَّوَوِيّ) - كسر النُّون وَإِسْكَان الْعين. قَالَ الْخطابِيّ: والعوام يَرْوُونَهُ «ونَعِمت» بِفَتْح النُّون وَكسر الْعين، وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ (فِي «شرح الْمُهَذّب» : إِن هَذَا هُوَ الأَصْل فِي هَذَا اللَّفْظ. قَالَ الْخطابِيّ والقلعي: وَرَوَاهُ بَعضهم بِفَتْح النُّون وَكسر الْعين وَفتح التَّاء، أَي: نعمك الله. وَقَالَ النَّوَوِيّ) : إِن هَذَا (تَصْحِيف) . قلت: وَذكر هَذَا ابْن قُتَيْبَة فَقَالَ: وَيُقَال: «نَعِمْتَ - بِكَسْر الْعين وَسُكُون الْمِيم
وَفتح التَّاء للمخاطب - أَي: نعَّمك الله. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي «نوادره» : يُقَال: إِن (فعلهَا) كَذَا وَكَذَا فبها ونِعمت ونَعمت. وَقَالَ ابْن بري: فِي «نعمت» أَربع لُغَات مَشْهُورَة: نِعْمَت ونَعْمَت ونِعَمَتْ ونَعِمَتْ.
ثَالِثهَا: اخْتلف فِي مَعْنَى قَوْله عليه السلام: «فبها ونعمت» عَلَى أَقْوَال:
أَحدهَا: فبالسنة آخذ ونعمت السّنة. (قَالَه) الْأَصْمَعِي فِيمَا حَكَاهُ الْأَزْهَرِي والخطابي، وَلَعَلَّه أَرَادَ بقوله: فبالسنة (آخذ) أَي: بِمَا جوزتهُ السّنة.
ثَانِيهَا: ونعمت الْخصْلَة أَو الفعلة أَو نَحْو ذَلِك قَالَه الْخطابِيّ، قَالَ: وَإِنَّمَا ظَهرت تَاء التَّأْنِيث (لإضمار) السُّنة أَو الْخصْلَة أَو (الفعلة) .
ثَالِثهَا: فبالرخصة آخذ، حَكَاهُ الْهَرَوِيّ فِي «غَرِيبه» عَن الْفَقِيه أبي حَامِد الشاركي قَالَ: لِأَن السّنة يَوْم الْجُمُعَة الْغسْل.
رَابِعهَا: فبالفريضة آخذ، قَالَه (صَاحب)(الشَّامِل) .
(خَامِسهَا) : ادَّعَى قوم فِيمَا حَكَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب «الْإِعْلَام (بناسخ) الحَدِيث ومنسوخه» و «مُخْتَصره» : إِن هَذَا الحَدِيث