الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَالِثهَا: أَن سِهَام الْعَدو قد بلغت أَكثر من هَذَا فقد قَالَ الرَّافِعِيّ نَفسه فِي بَاب الْمُسَابقَة: أَنهم قدرُوا الْمسَافَة الَّتِي تتعذر الْإِصَابَة (بهَا)(بِمَا) هُوَ أَكثر من ثَلَاثمِائَة وَخمسين ذِرَاعا. قَالَ: وَرووا أَنه لم يرم إِلَى أَرْبَعمِائَة ذِرَاع سُوَى عقبَة بن عَامر.
الحَدِيث (الْأَرْبَعُونَ)
عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ معَاذ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعشَاء، ثمَّ ينْطَلق إِلَى قومه فيصليها بهم، هِيَ لَهُ تطوع (وَلَهُم) مَكْتُوبَة الْعشَاء» .
هَذَا الحَدِيث أَصله مُتَّفق عَلَيْهِ أودعهُ الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» عَن جَابر «أَن معَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عشَاء الْآخِرَة ثمَّ يرجع إِلَى قومه فَيصَلي بهم تِلْكَ الصَّلَاة» هَذَا لفظ مُسلم، وَلَفظ البُخَارِيّ:«فَيصَلي بهم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة» (ذكره فِي كتاب الْأَدَب من «صَحِيحه» فِي نُسْخَة مِنْهُ - أَعنِي بِلَفْظ «الْمَكْتُوبَة» ) .
(وَرَوَاهُ - كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ - الشَّافِعِي) فِي «الْأُم» وحرملة، عَن عبد الْمجِيد، عَن ابْن جريج، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر قَالَ:«كَانَ معَاذ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعشَاء، ثمَّ ينْطَلق إِلَى قومه فيصليها لَهُم، فَهِيَ لَهُ تطوع وَلَهُم مَكْتُوبَة الْعشَاء» .
قَالَ الشَّافِعِي - فِي رِوَايَة حَرْمَلَة -: هَذَا حَدِيث ثَابت لَا أعلم حَدِيثا يرْوَى من طَرِيق وَاحِد أثبت من هَذَا وَلَا أوثق - يَعْنِي رجَالًا.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَة - يَعْنِي: «هِيَ لَهُ تطوع
…
» إِلَى آخِره» - أَبُو عَاصِم النَّبِيل وَعبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج - يَعْنِي كَرِوَايَة شيخ الشَّافِعِي عَن ابْن جريج - وَزِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة فِي مثل هَذَا.
وَسَاقه فِي «سنَنه» من هذَيْن الْوَجْهَيْنِ من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: فِي رِوَايَة عَاصِم: «هِيَ لَهُ تطوع وَلَهُم فَرِيضَة» وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: «هِيَ لَهُ نَافِلَة وَلَهُم فَرِيضَة» قَالَ فِي الْمعرفَة: وَقد رويت هَذِه الزِّيَادَة من أوجه أخر عَن جَابر. ثمَّ سَاقه من طَرِيق الشَّافِعِي عَن شَيْخه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، عَن ابْن (عجلَان) ، عَن (عبيد) الله بن مقسم، عَن
جَابر «أَن معَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعشَاء، ثمَّ يرجع إِلَى قومه فَيصَلي بهم الْعشَاء، وَهِي لَهُ نَافِلَة» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَالْأَصْل أَن مَا كَانَ مَوْصُولا بِالْحَدِيثِ يكون مِنْهُ، وخاصة إِذا رُوِيَ (من) وَجْهَيْن إِلَّا أَن تقوم دلَالَة عَلَى التَّمْيِيز. قَالَ: وَالظَّاهِر أَن قَوْله: «هِيَ لَهُ تطوع وَلَهُم مَكْتُوبَة» من قَول جَابر، (وَكَانَ) أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بِاللَّه وأخشى لَهُ من أَن يَقُولُوا مثل هَذَا إِلَّا بِعلم، وَحين حَكَى الرجل فعل معَاذ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنكر عَلَيْهِ إِلَّا التَّطْوِيل.
وَقَالَ ابْن شاهين فِي «ناسخه ومنسوخه» : لَا خلاف بَين أهل النَّقْل للْحَدِيث أَنه حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. قَالَ: وَسمعت أَحْمد بن (سلمَان) الْفَقِيه يَقُول: سَمِعت إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق (وَسَأَلَهُ) رجل من أهل خُرَاسَان: إِذا صَلَّى الإِمَام تَطَوّعا وَمن خَلفه فَرِيضَة. قَالَ: لَا يجزئهم. قلت: فَأَيْنَ حَدِيث معَاذ بن جبل؟ قَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: حَدِيث معَاذ بن جبل قد (أعيى) الْقُرُون الأول.
تَنْبِيه: الشَّافِعِي رضي الله عنه احْتج بِهَذَا الحَدِيث عَلَى صِحَة صَلَاة المفترض خلف المتنفل، وللمخالف عَلَيْهِ اعتراضات غير لائحة، وَقد ذكرت جملَة مِنْهَا مَعَ بَيَان (وهنها) فِي تَخْرِيج أَحَادِيث (الْمُهَذّب) ، فَرَاجعهَا مِنْهُ.