الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتصدقوا عَلَيْهِ فَلم تَفعلُوا، فَقلت: تصدقوا، فَأعْطَاهُ (أحدكُم) ثَوْبَيْنِ، ثمَّ قلت: تصدقوا، فَألْقَى أحد ثوبيه، خُذ ثَوْبك. وانتهره» .
وَقَالَ الْأَثْرَم الْحَافِظ (فِي)«ناسخه ومنسوخه» : حَدِيث أبي سعيد هَذَا صَحِيح، وَفِي (رِوَايَته) :«إِنَّمَا أَمرته أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى (تتفطنوا) لَهُ فتصدقوا عَلَيْهِ» .
الحَدِيث التَّاسِع بعد الْعشْرين
هَذَا الحَدِيث صَحِيح مَرْوِيّ من طرق:
مِنْهَا: حَدِيث سهل بن سعد رضي الله عنه قَالَ: «أرسل النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى امْرَأَة من الْأَنْصَار أَن مري غلامك النجار يعْمل لي (أعوادًا) أكلم النَّاس عَلَيْهَا. فَعمل هَذِه الثَّلَاث (دَرَجَات) ، ثمَّ أَمر بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَوضعت هَذَا الْموضع، وَلَقَد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَيْهِ فَكبر وَكبر النَّاس وَرَاءه وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر، ثمَّ رفع فَنزل الْقَهْقَرَى حَتَّى سجد فِي أصل الْمِنْبَر، ثمَّ عَاد حَتَّى فرغ من صلَاته، ثمَّ أقبل عَلَى النَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا
النَّاس، إِنَّمَا فعلت هَذَا لتأتموا بِي ولتعلموا صَلَاتي» رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم.
وَمِنْهَا حَدِيث جَابر رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ جذع يقوم إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا وضع لَهُ الْمِنْبَر سمعنَا للجذع مثل أصوات العشار حَتَّى نزل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَوضع يَده عَلَيْهِ» رَوَاهُ البُخَارِيّ.
وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد فِي مُسْنده «فَأن الْجذع الَّذِي كَانَ يقوم عَلَيْهِ كَمَا يَئِن الصَّبِي، فَقَالَ عليه السلام: إِن هَذَا بَكَى لما فقد من الذّكر» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «فاضطربت تِلْكَ السارية كحنين النَّاقة حَتَّى سَمعهَا أهل الْمَسْجِد حَتَّى نزل إِلَيْهَا فاعتنقها فسكنت» .
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخْطب إِلَى جذع، فَلَمَّا اتخذ الْمِنْبَر تحول إِلَيْهِ، فحنَّ الْجذع فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فمسحه» . وَفِي رِوَايَة: «الْتَزمهُ» .
رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا، وَرَوَاهُ أَحْمد بِلَفْظ:«فخار الْجذع كَمَا تخور الْبَقَرَة جزعًا عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَالْتَزمهُ ومسحه حَتَّى سكن» .
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يخْطب إِلَى جذع قبل أَن يتَّخذ الْمِنْبَر، فَلَمَّا اتخذ الْمِنْبَر وتحول إِلَيْهِ حنَّ إِلَيْهِ، فَأَتَاهُ فَاحْتَضَنَهُ فسكن (ثمَّ) قَالَ: لَو لم (أحتضنه) لحن إِلَى يَوْم
الْقِيَامَة» رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» عَن (عَفَّان) ، نَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عمار بن أبي عمار عَنهُ (بِهِ) وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي (دَلَائِل النُّبُوَّة) من هَذَا الْوَجْه.
رَوَاهُ أَحْمد هَكَذَا فِي «مُسْنده» .
فَائِدَة: الْمَرْأَة المبهمة فِي حَدِيث سهل بن سعد قَالَ الْخَطِيب: لَا أعلم أحدا سَمَّاهَا. وَهُوَ كَمَا قَالَ فَلم أَقف عَلَيْهِ.
وَأما صانع الْمِنْبَر فَتحصل لي فِيهِ أَقْوَال نَحْو الْعشْرَة - فاستفدها فَإِنَّهَا تَسَاوِي رحْلَة -:
أَحدهَا: أَنه (تَمِيم) الدَّارِيّ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عمر أَنه الَّذِي اتخذ الْمِنْبَر لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
ثَانِيهَا: ميناء غُلَام الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، حَكَاهُ ابْن النجار فِي كِتَابه « (الدُّرة) الثمينة فِي أَخْبَار الْمَدِينَة» .
ثَالِثهَا: أَنه (صباح) مولَى الْعَبَّاس، حَكَاهُ أَيْضا فِي الْكتاب الْمَذْكُور عَن عمر بن عبد الْعَزِيز رحمه الله.
رَابِعهَا: باقوم - بِالْمِيم فِي آخِره، وَقيل بِاللَّامِ - الرُّومِي مَوْلى سعيد بن الْعَاصِ، أخرجه أَبُو نعيم وَابْن مَنْدَه وَأَبُو (عمر) فِي «معرفَة الصَّحَابَة» . وَقَالَ ابْن مَنْدَه: إِسْنَاده لَيْسَ بالقائم.
خَامِسهَا: إِبْرَاهِيم، وَبِه جزم ابْن الْأَثِير فِي «أُسد الغابة» فَقَالَ: إِبْرَاهِيم النجار الَّذِي صنع الْمِنْبَر لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم. ثمَّ قَالَ فِي آخِره: أخرجه أَبُو مُوسَى.
سادسها: مَيْمُون النجار، كَذَا فِي فَوَائِد قَاسم بن أصبغ.
سابعها: أَن صانعه مولَى الْعَاصِ بن أُميَّة.
ثامنها: أَنه (قبيصَة) المَخْزُومِي (من أثلة) كَانَت قريبَة من الْمَسْجِد، حَكَاهُ ابْن بشكوال.
وَفِي كتاب ابْن زبالة (قَول) : أَنه غُلَام لرجل من بني مَخْزُوم، وَفِي «الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير» قَالَ عَبَّاس بن سهل بن سعد:«فَذهب أبي (فَقطع) عيدَان الْمِنْبَر من الغابة فَلَا أَدْرِي عَملهَا أبي أَو استعملها» . وَفِيه من حَدِيث سهل بن سعد «أَنه عليه السلام قَالَ لخالٍ لَهُ من الْأَنْصَار: اخْرُج إِلَى الغابة (وائتني) من خشبها فاعمل لي منبرًا أكلم النَّاس عَلَيْهِ. فَعمل لَهُ منبرًا (لَهُ) عتبتان وَجلسَ عَلَيْهِمَا» .
فَائِدَة: كَانَ اتِّخَاذه سنة ثَمَان كَمَا قَالَه ابْن النجار.
وَذكر الرَّافِعِيّ رحمه الله أَن منبره عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ عَلَى يَمِين (الْقبْلَة) وَلَا شكّ فِي ذَلِك وَلَا مرية.