الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا، [أَلا] وَإِن من كَانَ قبلكُمْ كَانُوا يتخذون قُبُور أَنْبِيَائهمْ وصالحيهم مَسَاجِد، [أَلا] فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُور مَسَاجِد، إِني أنهاكم عَن ذَلِك» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عَائِشَة وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَا: «لما نزلت برَسُول الله صلى الله عليه وسلم (طفق) يطْرَح خميصة لَهُ عَلَى وَجهه، فَإِذا اغتم كشفها عَن وَجهه فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِك: لعنة الله عَلَى الْيَهُود والنصاري، اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد يحذر مَا صَنَعُوا» .
وَفِي مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، «قَاتل الله الْيَهُود؛ اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد» .
الحَدِيث الحادى عشر
«أنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يحمل أُمَامَة بنت أبي الْعَاصِ وَهُوَ فِي صلَاته» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح. كَمَا تقدم فِي بَاب الِاجْتِهَاد بفوائده.
الحَدِيث الثَّانِي عشر
رَوَى أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا أصَاب خف أحدكُم أَذَى، (فليدلكه) بِالْأَرْضِ؛ فَإِن التُّرَاب لَهُ طهُور» .
هَذَا الحَدِيث لَهُ طرق ثَلَاثَة:
أَحدهَا: من طَرِيق أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» من حَدِيث (أبي) الْمُغيرَة، والوليد بن مزِيد، و (عمر) بن عبد الْوَاحِد، عَن الْأَوْزَاعِيّ الْمَعْنى، أنبئت أَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري حدث عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذا وطئ أحدكُم بنعله الْأَذَى، فَإِن التُّرَاب لَهُ طهُور» . ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن كثير، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن ابْن عجلَان، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَاهُ «إِذا وطئ (أحدكُم) الْأَذَى (بخفيه) ، فطهورهما التُّرَاب» .
وَمُحَمّد بن كثير هَذَا من رجال د ت [س] ، وَهُوَ صنعاني مولَى ثَقِيف، ضعفه أَحْمد جدًّا (وَقَالَ: مُنكر الحَدِيث قَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل: ذكره أبي فضعفه جدًّا) ، وَضعف حَدِيثه عَن معمر جدًّا. وَقَالَ صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل: قَالَ أبي: مُحَمَّد بن كثير لم يكن عِنْدِي بِثِقَة. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد أَيْضا عَن أَبِيه: إِنَّه مُنكر الحَدِيث
ويروي أَشْيَاء مُنكرَة. وَقَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: كنت أشتهي أَن أرَاهُ، فَلَمَّا ذكر حَدِيثا من رِوَايَته قلت: الْآن لَا أحب أَن أرَاهُ. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: لَهُ رِوَايَات عَن الْأَوْزَاعِيّ لَا يُتَابِعه عَلَيْهَا أحد، وَذكر ابْن سعد أَنه اخْتَلَط بِأخرَة، قَالَ: وَكَانَ ثِقَة، وَتكلم فِيهِ أَبُو حَاتِم (وجرحه) قَالَ أَبُو حَاتِم: دفع إِلَيْهِ كتاب الْأَوْزَاعِيّ فَرَوَاهُ عَنهُ، وَكَذَلِكَ (قَالَ) أَحْمد. وَقَالَ الْحَاكِم: إِنَّه صَدُوق وَوَثَّقَهُ يَحْيَى، وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» .
وَأما مُحَمَّد بن عجلَان فَهُوَ صَدُوق رَوَى لَهُ مُسلم مُتَابعَة، وَالْبُخَارِيّ فِي الشواهد وَذكره فِي (الضُّعَفَاء) ، وَرَوَى لَهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة (و) تكلم فِيهِ غير وَاحِد، وَوَثَّقَهُ غير وَاحِد مِنْهُم أَحْمد وَيَحْيَى، وَذكره (ابْن حبَان) فِي «ثقاته» (من) أَتبَاع التَّابِعين، وَقَالَ ابْن الْقطَّان: لَا عيب فِيهِ بل هُوَ أحد الثِّقَات إِلَّا أَنه سُوَى أَحَادِيث المَقْبُري. وَاخْتلف الْحفاظ فِي تَصْحِيح هَذَا الحَدِيث بِحَسب آرائهم فِي هذَيْن الرجلَيْن، فَأوردهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» من حَدِيث مُحَمَّد بن كثير، عَن الْأَوْزَاعِيّ بِسَنَدِهِ بِلَفْظ «إِذا وطئ أحدكُم بخفيه - أَو قَالَ: بنعليه الْأَذَى فطهورهما التُّرَاب» .
ثمَّ جعله معلولًا بمخالفة أَصْحَاب (الْأَوْزَاعِيّ لمُحَمد) بن كثير فِي إِقَامَة إِسْنَاده، فَرَوَاهُ من طَرِيق الْوَلِيد بن مزِيد، عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ:
أنبئت أَن سعيد (بن أبي سعيد) المَقْبُري حدث عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو الْمُغيرَة عبد القدوس بن الْحجَّاج وَعمر بن عبد الْوَاحِد، وهما أعرف بالأوزاعى. قَالَ: فَصَارَ الحَدِيث بذلك معلولًا قَالَ: وَقد ضعف الشَّافِعِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا فِي الْإِمْلَاء، وَرَوَاهُ - أَعنِي الْبَيْهَقِيّ أَيْضا - من حَدِيث سعيد عَن أبي هُرَيْرَة بِإِسْقَاط أَبِيه أَيْضا، وَسُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ فِي «علله» : رُوِيَ عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن سعيد (أَن امْرَأَة سَأَلت عَائِشَة
…
) مَوْقُوف.
وَقَالَ ابْن الْقطَّان: مُحَمَّد بن كثير هَذَا يروي عَن الْأَوْزَاعِيّ وَغَيره، وَهُوَ ضَعِيف وأضعف مَا هُوَ فِي الْأَوْزَاعِيّ، ثمَّ نقل مقالات أَحْمد السالفة فِيهِ، ثمَّ قَالَ: فعلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي أَن يظنّ بِهَذَا الحَدِيث أَنه صَحِيح من هَذَا الطَّرِيق، وتضعيفه الحَدِيث بِسَبَب مُحَمَّد بن كثير هَذَا مُخَالف لتصحيحه حَدِيثه عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس «جَاءَت أم سليم
…
» الحَدِيث الْمَشْهُور فِي الْغسْل، رَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيثه نَا الْأَوْزَاعِيّ فَذكره، وَقَالَ ابْن عبد الْحق فِيمَا رده عَلَى «الْمُحَلَّى» : هَذَا حَدِيث ضَعِيف؛ لِأَن فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن كثير الصَّنْعَانِيّ، ثمَّ ذكر قَول أَحْمد وَغَيره فِيهِ، وَقَالَ الْحَافِظ زَكى الدَّين الْمُنْذِرِيّ بعد أَن أخرجه من طريقي أبي دَاوُد: كِلَاهُمَا ضَعِيف، أما الأول فَفِي إِسْنَاده مَجْهُول - وَلم يظْهر لي ذَلِك - وَأما الثَّانِي فأعله
بِابْن عجلَان، وَأعْرض عَن مُحَمَّد بن كثير فَلم يعله بِهِ، وَلَو عكس كَانَ أصوب.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح الْمُهَذّب) فِي بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من طرق كلهَا ضَعِيفَة. كَذَا قَالَ: من طرق، وَقد أسلفنا لَك نَص رِوَايَته فتأملها.
وَخَالف هَؤُلَاءِ جماعات (فصححوه) مِنْهُم ابْن خُزَيْمَة فَإِنَّهُ أخرجه فِي «صَحِيحه» من) حَدِيث مُحَمَّد بن كثير عَن الْأَوْزَاعِيّ (بِهِ بِلَفْظ «إِذا وطئ أحدكُم بخفيه أَو نَعْلَيْه، فطهورهما التُّرَاب» .، وَمِنْهُم ابْن حبَان فَإِنَّهُ أخرجه أَيْضا فِي «صَحِيحه» من حَدِيث الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ)(عَن سعيد بِهِ، وَقَالَ: «لَهَا طهُور» بدل «لَهُ طهُور» ، وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن كثير بِهِ بِلَفْظ: «إِذا وطئ أحدكُم بخفيه، فطهورهما التُّرَاب» . وَمِنْهُم الْحَاكِم فَإِنَّهُ أخرجه فِي «مُسْتَدْركه» عَلَى الصَّحِيحَيْنِ من الطَّرِيقَيْنِ الْمَذْكُورين، لكنه قَالَ فِي الأول عَن الْأَوْزَاعِيّ) : إِنَّه قَالَ: «أنبئت أَن سعيد بن أبي سعيد
…
» فَذكره بِلَفْظ أبي حَاتِم، وَلَفظه فِي الثَّانِي:«إِذا وطئ أحدكُم بنعليه فِي الْأَذَى فَإِن التُّرَاب لَهُ طهُور» . ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم؛ فَإِن مُحَمَّد بن كثير هَذَا صَدُوق،
وَقد حفظ فِي إِسْنَاده ذكر ابْن عجلَان وَلم يخرجَاهُ.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد قَالَ: أَخْبرنِي أَيْضا سعيد بن أبي سعيد، عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم، عَن عَائِشَة رضي الله عنها، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَعْنى حَدِيث أبي هُرَيْرَة، كَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» ، وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» من حَدِيث ابْن وهب، عَن ابْن سمْعَان أَن سعيدًا المَقْبُري حَدثهُ عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم أَنه حَدثهُ عَن عَائِشَة مَرْفُوعا:«إِذا وطئ أحدكُم بنعليه الْأَذَى فَإِن التُّرَاب لَهما طهُور» .
قَالَ الْحَافِظ زكي (الدَّين) الْمُنْذِرِيّ فِي طَرِيق أبي دَاوُد: إسنادها حسن قلت: وَفِي ذَلِك نظر؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطع، قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : الطَّرِيق فِيهِ لَيْسَ بواضح إِلَى أبي سعيد وَهُوَ مُرْسل، (الْقَعْقَاع لم يسمع من عَائِشَة. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» : بل وردنا يَقْتَضِي إِبْطَاله) - يَعْنِي: سَمَاعه (مِنْهَا) - فَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن روح بن (الْقَاسِم) رَوَى عَن عبد الله بن سمْعَان، عَن المَقْبُري، عَن الْقَعْقَاع، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة «أَنَّهَا سَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الرجل يطَأ بنعليه الْأَذَى فَقَالَ: التُّرَاب طهُور» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مدَار الحَدِيث عَلَى ابْن سمْعَان وَهُوَ ضَعِيف. قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث أشبه بِالصَّوَابِ من غَيره من الطّرق مَعَ ضعفه. وَأما ابْن السكن فَذكره فِي (السّنَن الصِّحَاح المأثورة» .