المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التاسعة والأربعون: معرفة الشعر والشعراء - البلغة الى أصول اللغة

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولسيرة محمد صديق حسن خان

- ‌نبذة تاريخية:

- ‌علاقة الهند بالحضارة العربية الإسلامية:

- ‌ حياته

- ‌اسمه

- ‌كنيته

- ‌لقبه

- ‌نسبه

- ‌مولده ونشأته:

- ‌شيوخه وتلاميذه:

- ‌أسرته:

- ‌والده:

- ‌أخوه الكبير:

- ‌زوجه: شاهجان بيكم

- ‌ أولاده

- ‌ ولد المؤلف الكبير:

- ‌ ولد المؤلف الصغير:

- ‌علمه:

- ‌مكانته وقدرته العلمية:

- ‌صفاته وأقوال العلماء فيه

- ‌مؤلفاته:

- ‌المبحث الثانيمنهجه في البُلغة إلى أصول اللغة

- ‌أولاً: منهجه العام

- ‌ثانياً: منهجه في الباب الأول:

- ‌خطبة البُلغة:

- ‌منهجه في المقدمة:

- ‌وصف عام للباب الأول:

- ‌ما أراده لكتابه:

- ‌ما نقله وما خالف فيه السيوطي

- ‌مناقشة آرائه

- ‌ثالثاً: منهجه في الباب الثاني

- ‌ مصادر حظيت بالإهتمام

- ‌مصادر لم يذكرها المؤلف

- ‌المصادر الجديدة

- ‌أهمية الكتاب

- ‌نسختا البُلغة إلى أصول اللغة

- ‌منهج التحقيق:

- ‌الخاتمة

- ‌البُلغة إلى أصول اللغة

- ‌(المقدمة)في وصف اللغة وحدها وتصريفها وبعض مبادئ هذا العلم وفيها مسائل

- ‌الأولى: في وصف اللغة

- ‌الثانية: في حد اللغة

- ‌الثالثة: في تصريف اللغة

- ‌الرابعة: في بيان واضع اللغة وهل هي توقيف ووحي، أو اصطلاح وتواطؤ

- ‌الخامسة: في مبدأ اللغة العربية

- ‌السادسة: في بيان الحكمة الداعية إلى وضع اللغة

- ‌الثامنة: في أن اللغة لم توضع كلها في وقت واحد

- ‌التاسعة: في الطريق الى معرفة اللغة

- ‌العاشرة: في أنّ اللغة هل تثبت بالقياس

- ‌الحادية عشرة: في سعة اللغة

- ‌الثانية عشرة: أول من صنف في جمع اللغة

- ‌الباب الأول: في أنواع اللغةوفيه مسائل

- ‌ الأولى: في معرفة ما روي من اللغة ولم يصح ولم يثبت

- ‌الثانية: في معرفة المتواتر (23/) والآحاد

- ‌الثالثة: في معرفة المرسل والمنقطع

- ‌الرابعة: في معرفة الأفراد ويقال له الآحاد

- ‌الخامسة: في معرفة من تقبل روايته ومن ترد

- ‌السادسة: في معرفة طرق الأخذ والتحمل

- ‌السابعة: معرفة المصنوع

- ‌الثامنة: معرفة الفصيح

- ‌التاسعة: في معرفة الفصيح من العرب

- ‌العاشرة: معرفة الضعيف والمنكر والمتروك من اللغات

- ‌الحادية عشرة: معرفة الرديء المذموم من اللغات

- ‌الثانية عشرة: معرفة المطرد والشاذ

- ‌الثالثة عشرة: معرفة الحوشي والغرائب والشواذ والنوادر

- ‌الرابعة عشرة: معرفة المستعمل والمهمل

- ‌الخامسة عشرة: معرفة المفاريد

- ‌السادسة عشرة: معرفة مختلف اللغة

- ‌السابعة عشرة: معرفة تداخل اللغات

- ‌الثامنة عشرة: معرفة توافق اللغات

- ‌التاسعة عشرة: معرفة المعرب

- ‌العشرون: معرفة الألفاظ الإسلامية

- ‌الحادية والعشرون: معرفة المولد

- ‌الثانية والعشرون: معرفة خصائص اللغة

- ‌الثالثة والعشرون: معرفة الاشتقاق

- ‌الرابعة والعشرون: معرفة الحقيقة والمجاز

- ‌الخامسة والعشرون: معرفة المشترك

- ‌السادسة والعشرون: معرفة الأضداد

- ‌السابعة والعشرون: معرفة المترادف

- ‌الثامنة والعشرون: معرفة الإتباع

- ‌التاسعة والعشرون: معرفة العام والخاص

- ‌الثلاثون: معرفة المطلق والمقيد

- ‌الحادية والثلاثون: معرفة المشجر

- ‌الثانية والثلاثون: معرفة الابدال

- ‌الثالثة والثلاثون: معرفة القلب

- ‌الرابعة والثلاثون: معرفة النحت

- ‌الخامسة والثلاثون: معرفة الأمثال

- ‌السابعة والثلاثون: معرفة ما ورد بوجهين بحيث يؤمن فيه التصحيف

- ‌الثامنة والثلاثون: معرفة ما ورد بوجهين بحيث إذا قرأه الألثغ لا يعاب

- ‌التاسعة والثلاثون: معرفة الملاحن والألغاز

- ‌الأربعون: في معرفة الأشباه والنظائر

- ‌الحادية والأربعون: في معرفة آداب اللغوي

- ‌الثانية والأربعون: في معرفة كتابة اللغة

- ‌الثالثة والأربعون: معرفة التصحيف والتحريف

- ‌الرابعة والأربعون: معرفة الطبقات والحفاظ والثقات والضعفاء

- ‌الخامسة والأربعون: معرفة الأسماء والكنى والألقاب والأنساب

- ‌السادسة والأربعون: معرفة المؤتلف والمختلف

- ‌السابعة والأربعون: معرفة المتفق والمفترق

- ‌الثامنة والأربعون: معرفة المواليد والوفيات

- ‌التاسعة والأربعون: معرفة الشعر والشعراء

- ‌الخمسون: في معرفة أغلاط العرب

- ‌باب الألف

- ‌بَاب البَاء الموَحّدة

- ‌باب التاء الفَوقية

- ‌بَاب الثاء المثلثة

- ‌بَاب الجيم

- ‌باب الحَاء المهملةِ

- ‌باب الخاء المعجَمَة

- ‌بَابُ الدال المهملة

- ‌بَابُ الذال المعجَمة

- ‌بَابُ الرَّاء المهملة

- ‌بَابُ الزَّاء المعجَمَة

- ‌بَابُ السّين المهملة

- ‌بَابُ الشين المعجَمَة

- ‌بَابُ الصاد المهمَلة

- ‌بَابُ الطاء المهمَلةِ

- ‌باب الظّاء المعجَمة

- ‌باب العين المهمَلة

- ‌بَابُ الغين المعجَمةِ

- ‌باب الفاء

- ‌باب القاف

- ‌بَابُ الكاف

- ‌بَابُ اللام

- ‌بَابُ الميم

- ‌بَاب النُّون

- ‌بَابُ الواو

- ‌(باب الهاء)

- ‌(باب الياء)

- ‌خاتمة الطبع لمديره الكليل الطبع

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌التاسعة والأربعون: معرفة الشعر والشعراء

والقاضي مجد الدين صاحب القاموس ولد سنة تسع وعشرين وسبعمائة ومات في شوال سنة سِت عشرة وثمانمائة (1).

وهذا باب واسع جداً لا يكاد ينحصر في أمثال هذه المختصرات.

‌التاسعة والأربعون: معرفة الشعر والشعراء

قال ابن فارس في فقه اللغة: الشعر كلامُ موزون مُقَفىّ، دالّ على معنى ويكون أكثر من بيت، وقد ذكر ناس في هذا كلمات من كتاب الله كَرِهْنَا ذكَرْهَا، وقد نزَّه الله سبحانه كتابه عن شَبَه الشعر، كما نزّه نبيه (صللم) عن قوله، قال بعض العقلاءَ وسُئِل عن الشعر، فقال: إنّ هَزَل أضْحك، وإن جَدَّ كذب، فالشاعر بين كَذِبٍ وإضحْاك، وإذا كان كذا فقد نزّه الله نبيه عن هاتين الخَصْلَتَين، وعن كل أمر دَنيء.

ثم قال ابن فارس: والشعر ديوان العرب، وبه حُفِظت الأنساب، وعُرِفت المآثر، ومنه تُعُلَّمت اللُّغة، وهو حُجَّة فيما أشكل من غريب كتاب الله، وغريب حديث رسول الله

(صللم)، وحديث صحابته والتّابعين، وقد يكون شاعرٌ أشعَر وشِعْرٌ أحلى وأظرف فأمّا أن تتفاوت الأشْعار القديمة حتّى يتباعدَ ما بينها في الجودة فلا؛ وبكلّ يُحتَجّ، والى كلِّ يُحْتاج، فأمّا الاختيار الذي يراه الناس للنّاس فَشَهَواتٌ، كلُّ يستحسن شيئاً.

والشعراء أمراء الكلام، يَقْصُرون الممدود، ويَمُدُّون (2) المقصور ويُقَدِّمون ويُؤَخِّرون، ويُومِئون (3) ويُشيرون، ويَخْتَلِسون، ويُعيرون، ويَسْتَعيرون، فأما لَحْنٌ في إعراب، أو إزالة كلمة عن نَهْج صواب فليس لهم ذلك (4).

وقال ابن رشيق في العمدة: العرب أفضل الأمم، وحِكْمَتُها أشرف الحِكَم، كفضل اللسان على اليد، وكلام العرب نوعان: منظوم ومنثور؛ لكل نوع منهما ثلاث طبقات: جيّدة، ومتوسطة، ورديئة، فإذا اتفقت الطبقتان في القَدْر، وتساويا، ولم يكن لإحداهما فضل على الأخرى، كان الحكم للشعر ظاهراً في التسمية، لأن كل منظوم أحسن من كل منثور من جنسه في معترف العادة، ألا ترى أن الدُّرَّ وهو أخو اللفظ ونسيبُه، وإليه يقاس وبه يُشَبَّه إذا كان منظوماً يكون أظهر لحسنه وأصْونَ له، وكذلك اللفظ إذا كان منثوراً تَبَدَّد في الأسماء، وتَدَحْرَجَ في (5) الطباع، ولم يستقر منه الا المفرط في اللطف (6) فإذا أخذ سِلْكُ

(1) المزهر: 2/ 468، بغية الوعاة: 1/ 273 - 275.

(2)

في الصاحبي في فقه اللغة ولا يَمُدّون المقصور: 275.

(3)

في الأصل يوشون والصواب ما أثبتناه عن المصدر نفسه: 275.

(4)

الصاحبي في فقه اللغة: 273 - 275، المزهر: 2/ 470،471.

(5)

في العمدة عن: 1/ 20.

(6)

في المصدر نفسه اللفظ: 1/ 21.

ص: 155

الوَزْن، وعِقْد القافية تآلفت أشتاته (77/

) وازدوجت فوائده، وأمن السرقة والغَصْب، وقد أجمع الناس على أنّ المنثور في كلامهم أكثر، وأقل جيداً محفوظاً، وأنّ الشعر أقلُّ، وأكثر جيداً محفوظاً، لأن في أدناه من زنة (1) الوزن والقافية ما يقارب به جيد المنثور.

وكان الكلام كله منثوراً، فاحتاجت العرب الى الغِناء بمكارم أخلاقها، وطَيِّب أعْرَاقِها، وذكر أيامها الصالحة، وأوطانها النازحة، وفرسانها الأنجاد وسُمَحائها الأجواد؛ لتَهتّز نفوسها (2) الى الكرم، وتدل أبناءها على حسن الشيم فتوهموا أعاريض فعملوها (3) موازين للكلام، فلما تم لهم وزنه سموه شعراً؛ لأنهم قد شعَروا به أي فطِنوا له، وقيل ما تكلمت به العرب من جيد المنثور أكثر مما تكلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من الموزون عُشره (4)، ولا ضاع من المنثور (5) عُشره، فإن احتج أحد على تفضيل النثر على الشعر بأن القرآن منثور، وقد قال تعالى:{وَمَا عَلَّمنَاه الشِّعْرَ وما يّنْبَغَي لَهُ} (6) فقيل: إنَّ الله بعث رسوله آية وحجة على الخلّق، وجعل كتابه منثوراً ليكون أظهرَ برهاناً بفضله على الشعر الذي من عادة صاحبه أن يكون قادراً على ما يحب من الكلام، وتحدَّى جميع الناس من شاعر وغيره بعمل مثله فأعجزهم ذلك، فكما أن القرآن أعجز الشعراء وليس بِشِعْر، كذلك أعجز الخطباء، وليس بخطبة، والمترسلين وليس بترسل، واعجازه الشعراء أشدُّ برهاناً، ألا ترى العرب كيف نسبوا النبي (صللم) الى الشعر لما غُلِبوا وتبين عجزهم فقالوا: هو شاعر! لما في قلوبهم من هيبة الشعر وفخامته (7)، وأنه يقع منه ما لا يُلْحَقُ، والمنثور ليس كذلك.

فمن هنا قال تعالى: {وَمَا عَلَّمنَاه الشِّعْرَ وما يّنْبَغَي لَهُ} (8) أي لتقوم عليكم الحجة ويصح قبَلكم الدليل (9).

قال ابن رشيق: وكانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها بذلك، وصنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعْبن بالمزاهر، كما يصنعن في الأعراس، وتتباشر

(1) في العمدة زينة: 1/ 21، والمزهر أيضاً: 2/ 472.

(2)

في العمدة لتهز أنفسها: 1/ 21.

(3)

في المصدر نفسه جعلوها: 1/ 21.

(4)

في الأصل عقره والصواب ما أثبتناه عن العمدة: 1/ 21، والمزهر: 2/ 472.

(5)

في الأصل الموزون والصواب ما أثبتناه عن المصدرين نفسيهما: 1/ 21 و: 2/ 472.

(6)

يس / 69.

(7)

في الأصل وعجامته والصواب ما أثبتناه عن العمدة: 1/ 21، والمزهر: 2/ 472.

(8)

يس / 69.

(9)

العمدة: 1/ 20،21، المزهر: 2/ 471 - 473.

ص: 156

الرجال والولدان؛ لأنه حِماية لأعراضهم، وذَبُّ عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادة لذِكرِهم وكانوا لا يهنئون إلاّ بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم أو فرس تنْتج (1).

وقال محمد بن سلام الجمحي: لا يحاط بشعر قبيلة واحدة من قبائل العرب، وكان الشَّعْر في الجاهلية عند العرب ديوانَ علمهم، ومَنْتَهى حُكْمتهم به يأخذون، واليه يصيرون

انتهى (2).

قلت ولهذا قال: رسول الله (صللم): " إنّ من البيان لسحراً وإنّ من الشعر لحكمة "(3).

وعن عمر بن الخطاب (78/

) رضي الله عنه: كان الشِّعْر علَم قَوم لم يكن لهم علمٌ أصحُّ منه، فجاء الإسلام فتشاغَلَتْ عنه العرب، وتشاغلوا بالجهاد وغَزْو فارس والرُّوم، ولَهَتْ عن الشعر وروايته، فلما كَثر الإسلام، وجاءت الفتوح، واطمأنَّت العرب بالأمصار، راجَعوا رواية الشِّعر، فلم يؤولوا (4) الى مُدَوَّن، ولا كتاب مكتوب، وألْفَوا ذلك وقد هلكَ من العرب مَنْ هلك بالموت والقتل، فحفِظوا أقلَّ ذلك؛ وذهبَ عنهم منه كثيرٌ، وقد كان عند آل النُّعمان بن المًنْذِر، منه ديوانٌ فيه أشعارُ الفحول، وما مُدِح به هو وأهل بَيْته، فصار ذلك الى بني مروان، أو ما صَارَ منه.

قال أبو عمرو بن العلاء: ما انتهى اليكم ممَّا قالتِ العربُ إلاّ أقلُّه ولو جاءكم وافراً لجاءكم علمٌ وشعرٌ كثير (5).

قال ابن رشيق: إنما سمي الشاعر شاعراً؛ لأنه يَشْعُر بما (6) لا يشعر له غيره (7).

وإنما يتفاضل الكلام والشعر بحسن العبارة والدِّيباجة ورَوْنق الفصاحة، حتى تكون ألفاظهما كالزجاجة، وإلاّ فالمعاني مُعَرَّضة لكل جيل من أهل التوحيد والشرك، حتى للزَّنْج والتَّتَر والتُّرْك؛ لكنهم قصرت بهم ألسنتهم عن بلوغ ما رامُوه من أرَب، قد تهيأ على ألسنة العرب وأقلُّ ما يجب على المتكلم البيان لمخاطبه، وإلاّ كان كخابط الليل وحاطبه، يخاطب العربي بالعجمية، ويخاطب العجمي بالعربية، وصناعة الشعر أشد حصراً وأمد عصْرا،

(1) العمدة: 1/ 65، المزهر: 2/ 473.

(2)

طبقات فحول الشعراء: 1/ 3،24، المزهر: 2/ 473.

(3)

المسند للإمام أحمد: 4/ 139.

(4)

الأول: الرجوع، لسان العرب مادة (أول): 1/ 130.

(5)

ينظر: طبقات فحول الشعراء: 1/ 24،25، المزهر: 2/ 473،474.

(6)

في الأصل لما والصواب ما أثبتناه عن العمدة: 1/ 116.

(7)

العمدة: 1/ 116، المزهر: 2/ 491.

ص: 157