الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ذكر جملة من الفروق وقال: لم أقصد الى استيفائها، لأن ذلك لا يكاد يحاط به وقد ألف في هذا جماعة، قال القالي: الوِرثْ في الميراث، والإرْث في الحسب والسَّرى: ما كان في أول الليل، والنَّدى: ما كان في آخره، والرِّحلة: الارتحال، والرُّحْلُة الوِجْه تقول: انتم رُحْلَتي والحَثّ: يكون في السَيْر والسَوْق، وكل شيء، والحض لا يكون فيهما، والمَرْفق في الأمر والمِرْفق في اليد الى غير ذلك مما لا يحصى كثرة (1).
الحادية والأربعون: في معرفة آداب اللغوي
أول ما يلزمه الإخلاص وتصحيح النية: لقوله (صللم): " الأعمال بالنيات "(2) ثم التحرّي في الأخذ عن الثقات مع الدأب والملازمة عليهما لقوله (صللم): " إن هذا العلم دِين فانظروا عمن تأخذون دينكم "(3) ولا شك إن علم اللغة من الدِّين، لأنه من فروض الكفايات، وبه تعرف معاني ألفاظ القرآن والسنة (4).
قال عمر بن الخطاب: لا يُقْرِئ القرآن إلاّ عالم باللغة، وعن ابن عباس قال: إذا سألتم عن شيء من غريب القرآن فالتمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب (5).
وقال الفارابي: لا سبيل الى علم القرآن، وإدراك معانيه (66/
…
) إلاّ بالتبحر في علم هذه اللغة (6).
وقال بعض أهل العلم
حفظ اللغات علينا
…
فرض كفرض الصلاة
…
(7)
فليس يضبط دين
…
الا بحفظ اللغات
وليكتب كل ما يراه ويسمعه فذلك أضبط له وليرحل في طلب الفوائد كما رحل الأئمة، ومن لم تكن استفادُة الأدب أحَبَّ اليه من الأهل والمال لم يَنْجُب، وليعتن بحفظ أشعار العرب مع تفهم ما فيها من المعاني واللطائف، فان فيها حكما ومواعظ وآدابا وبه يستعان على تفسير القرآن والحديث (8).
(1) ينظر: جمهرة اللغة: 2/ 784، ينظر: كتاب الأمالي: 2/ 222، ينظر: مجمل اللغة: 1/ 214، ينظر: تهذيب الاصلاح: 1/ 318، ينظر: نظام الغريب: 154، ينظر: المزهر: 2/ 288،289.
(2)
صحيح البخاري: 1/ 58.
(3)
سنن الدارمي: 1/ 113.
(4)
المزهر: 2/ 302.
(5)
ايضاح الوقف والإبتداء:39،62، المزهر: 2/ 302.
(6)
ديوان الأدب: 1/ 73.
(7)
المزهر: 2/ 302.
(8)
كتاب الأمالي: 1/ 171، ينظر: المزهر: 2/ 303،305،309.
قالت عائشة: " الشعر منه حَسَنُ ومنه قبيح، خذ الحسن ودع القبيح " رواه البخاري في الأدب المفرد (1).
ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعاراً منها القصيدة فيها أربعون بيتاً أو دون ذلك، وعن الشريد استنشدني النبي (صللم) شعر أمية بن أبي الصلت فأنشدته، فأخذ النبي
(صللم) يقول: هِيه هِيه حتى أنشدته مائة قافية (2).
ودفع عبد الملك بن مروان ولده الى الشَّعْبي يؤدبهم فقال: عَلّمْهم الشعر يَمْجُدوا ويَنْجدوا، ولا يقتصر على رواية الأشعار من غير تفهم ما فيها من المعاني، واللطائف وإذا سمع من أحد شيئاً فلا بأس أن يتثبت فيه (3).
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول عطس فلان فخرج من أنفه جُلُعْلِعَة فسألته عن الكلمة فقال: هي خُنفساء نصفها حيوان ونصفها طين، قال: فلا أنسى فرحي بهذه الفائدة (4).
وليترفق بمن يأخذ عنه ولا يطول بحيث يضجر، فإذا بلغ الرتبة المطلوبة صار يدعى الحافظ، كما أن من بلغ الرتبة العليا من الحديث يسمى الحافظ، وعلم الحديث واللغة أخوان يجريان من واد واحد، ووظائف الحافظ في اللغة أربعة:
أحدها: وهي العليا: الاملاء، وقد أملى حفاظ اللغة من المتقدمين الكثير، فأملى ثعلب مجالس عديدة في مجلد ضخم، وأملي ابن دريد، وابن الأنباري، وولده أبو بكر، وابو علي القالي وغيرهم ما لا يحصى، وطريقتهم في الاملاء، كطريقة المحدّثين سواء.
وقد كان هذا في الصدر الأول فاشيا كثيراً، ثم مات الحفاظ، وانقطع املاء اللغة من دهر مديد واستمر املاء الحديث.
والوظيفة الثانية: الافتاء في اللغة، وليقصد التحري، والإبانة، والإفادة والوقوف، عندما يعلم، وليقل فيما لا يعلم: لا أعلم، وإذا سئل عن غريب، وكان مفسراً في القرآن فليقتصر عليه (5).
ثم ذكر السيوطي في المزهر (67/
…
) من سئل من علماء العربية عن شيء، فقال: لا أدري، ومن سئل عنه فلم يعرفه فسأل من هو أعلى منه، ومن ظن شيئاً، ولم يقف فيه على الرواية فوقف عن الاقدام عليه ومن قال قولاً ورجع عنه، وإذا تبين له الخطأ في جواب
(1) الأدب المفرد للبخاري: 173، المزهر: 2/ 309.
(2)
المصدران نفسهما: 174 و: 2/ 309.
(3)
ينظر: المزهر: 2/ 309 - 312.
(4)
جمهرة اللغة: 2/ 1223، المزهر: 2/ 312.
(5)
المزهر: 2/ 313،314.