الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمنهم حَتَّى اطمأنوا ثمَّ قصدهم يَوْم الْجُمُعَة فِي الْجَامِع فَقتل مِنْهُم مقتلة عَظِيمَة وَكَانُوا قبل ذَلِك قد منعُوا أَبَا نعيم الْحَافِظ من الْجُلُوس فِي الْجَامِع فحصلت لَهُ كرامتان السَّلامَة مِمَّا جرى عَلَيْهِم إِذْ لَو كَانَ جَالِسا لقتل وانتقام الله تَعَالَى لَهُ مِنْهُم سَرِيعا
وَمن مصنفاته حلية الْأَوْلِيَاء وَهِي من أحسن الْكتب كَانَ الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رحمه الله كثير الثَّنَاء عَلَيْهَا وَيُحب تسميعها
وَله أَيْضا كتاب معرفَة الصَّحَابَة وَكتاب دَلَائِل النُّبُوَّة وَكتاب الْمُسْتَخْرج على البُخَارِيّ وَكتاب الْمُسْتَخْرج على مُسلم وَكتاب تَارِيخ أَصْبَهَان وَكتاب صفة الْجنَّة وَكتاب فَضَائِل الصَّحَابَة وصنف شَيْئا كثيرا من المصنفات الصغار
توفّي فِي الْعشْرين من الْمحرم سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَله أَربع وَتسْعُونَ سنة رَحْمَة الله عَلَيْهِ
ذكر الْبَحْث عَن وَاقعَة جُزْء مُحَمَّد بن عَاصِم الَّتِي اتخذها من نَالَ من أبي نعيم رحمه الله ذَرِيعَة إِلَى ذَلِك
قد حدث أَبُو نعيم بِهَذَا الْجُزْء وَرَوَاهُ عَنهُ الْأَثْبَات وَالرجل ثِقَة ثَبت إِمَام صَادِق وَإِذا قَالَ هَذَا سَمَاعي جَازَ الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ
وَطعن بعض الْجُهَّال الطاعنين فِي أَئِمَّة الدّين فَقَالُوا إِن الرجل لم يُوجد لَهُ سَماع بِهَذَا الْجُزْء
وَهَذَا الْكَلَام سبة على قَائِله فَإِن عدم وجدانهم لسماعه لَا يُوجب عدم وجوده وإخبار الثِّقَة بِسَمَاع نَفسه كَاف
ثمَّ ذكر شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو عبد الله الذَّهَبِيّ أَن شَيخنَا الْحَافِظ أَبَا الْحجَّاج الْمزي حَدثهُ أَنه رأى بِخَط الْحَافِظ ضِيَاء الدّين الْمَقْدِسِي أَنه وجد بِخَط الْحَافِظ أبي الْحجَّاج يُوسُف بن خَلِيل أَنه قَالَ رَأَيْت أصل سَماع الْحَافِظ أبي نعيم لجزء مُحَمَّد بن عَاصِم
فَبَطل مَا اعتقدوه رِيبَة
ثمَّ قَالَ الطاعنون ثَانِيًا وَهَذَا الْخَطِيب أَبُو بكر الْبَغْدَادِيّ وَهُوَ الحبر الَّذِي تخضع لَهُ الْأَثْبَات وَله الخصوصية الزَّائِدَة بِصُحْبَة أبي نعيم قَالَ فِيمَا كتب إِلَيّ بِهِ أَحْمد بن أبي طَالب من دمشق قَالَ كتب إِلَيّ الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن النجار من بَغْدَاد قَالَ أَخْبرنِي أَبُو عبيد الله الْحَافِظ بأصبهان أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل الصَّيْرَفِي أخبرنَا يحيى بن عبد الْوَهَّاب بن مندة قَالَ سَمِعت أَبَا الْفضل الْمَقْدِسِي يَقُول سَمِعت عبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي يذكر أَنه وجد بِخَط الْخَطِيب سَأَلت مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْعَطَّار مستملي أبي نعيم عَن جُزْء مُحَمَّد بن عَاصِم كَيفَ قرأته على أبي نعيم وَكَيف رَأَيْت سَمَاعه فَقَالَ أخرج إِلَيّ كتابا وَقَالَ هَذَا سَمَاعي
فَقَرَأته عَلَيْهِ
قُلْنَا لَيْسَ فِي هَذِه الْحِكَايَة طعن على أبي نعيم بل حاصلها أَن الْخَطِيب لم يجد سَمَاعه بِهَذَا الْجُزْء فَأَرَادَ استفادة ذَلِك من مستمليه فَأخْبرهُ بِأَنَّهُ اعْتمد فِي الْقِرَاءَة على إِخْبَار الشَّيْخ وَذَلِكَ كَاف
ثمَّ قَالَ الطاعنون ثَالِثا وَقد قَالَ الْخَطِيب أَيْضا رَأَيْت لأبي نعيم أَشْيَاء يتساهل فِيهَا مِنْهَا أَنه يَقُول فِي الْإِجَازَة أخبرنَا من غير أَن يبين
قلت هَذَا لم يثبت عَن الْخَطِيب وَبِتَقْدِير ثُبُوته فَلَيْسَ بقدح ثمَّ إِطْلَاق أخبرنَا فِي الْإِجَازَة مُخْتَلف فِيهِ فَإِذا رَآهُ هَذَا الْخَبَر الْجَلِيل أَعنِي أَبَا نعيم فَكيف يعد مِنْهُ تساهلا وَلَئِن عد فَلَيْسَ من التساهل المستقبح وَلَو حجرنا على الْعلمَاء أَلا يرووا إِلَّا بِصِيغَة مجمع عَلَيْهَا لضيعنا كثيرا من السّنة
وَقد دفع الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن النجار قَضِيَّة جُزْء مُحَمَّد بن عَاصِم بِأَن الْحفاظ الْأَثْبَات رَوَوْهُ عَن أبي نعيم وحكينا لَك نَحن أَن أصل سَمَاعه وجد فطاحت هَذِه الخيالات وَنحن لَا نَحْفَظ أحدا تكلم فِي أبي نعيم بقادح وَلم يذكر بِغَيْر هَذِه اللَّفْظَة الَّتِي عزيت إِلَى الْخَطِيب وَقُلْنَا إِنَّهَا لم تثبت عَنهُ وَالْعَمَل على إِمَامَته وجلالته وَأَنه لَا عِبْرَة بهذيان الهاذين وأكاذيب المفترين
على أَنا لَا نَحْفَظ عَن أحد فِيهِ كلَاما صَرِيحًا فِي جرح وَلَو حفظ لَكَانَ سبة على قَائِله وَقد برأَ الله أَبَا نعيم من معرته
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن النجار
فِي إِسْنَاد مَا حُكيَ عَن الْخَطِيب غير وَاحِد مِمَّن يتحامل على أبي نعيم لمُخَالفَته لمذهبه وعقيدته فَلَا يقبل
قَالَ شَيخنَا الذَّهَبِيّ والتساهل الَّذِي أُشير إِلَيْهِ شَيْء كَانَ يَفْعَله فِي الْإِجَازَة نَادرا
قَالَ فَإِنَّهُ كثيرا مَا يَقُول كتب إِلَيّ جَعْفَر الْخُلْدِيِّ كتب إِلَيّ أَبُو الْعَبَّاس الْأَصَم أخبرنَا أَبُو الميمون بن رَاشد فِي كِتَابه
قَالَ وَلَكِن رَأَيْته يَقُول أخبرنَا عبد الله بن جَعْفَر فِيمَا قرىء عَلَيْهِ
قَالَ وَالظَّاهِر أَن هَذَا إجَازَة
قلت إِن كَانَ شَيخنَا الذَّهَبِيّ يَقُول ذَلِك فِي مَكَان غلب على ظَنّه أَن أَبَا نعيم لم يسمعهُ