الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ وَفَاته قبل ميلاده وَلَعَلَّه أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي كَانَ بنيسابور فَإِنَّهُ كَانَ وَقت وَفَاة أبي عُثْمَان كَانَ بطوس وَلَيْسَ بِبَعِيد
وَالله أعلم
وَمن الْفَوَائِد عَنهُ
قَالَ عبد الغافر الْفَارِسِي من فضائله نظم الشّعْر على مَا يَلِيق بالعلماء وَمن غير مُبَالغَة فِي تعمق يلْحقهُ بالمنهي وَقد أنْشد لَهُ الثعالبي فِي تَتِمَّة الْيَتِيمَة
(إِذا لم أصب أَمْوَالكُم ونوالكم
…
وَلم أنل الْمَعْرُوف مِنْكُم وَلَا البرا)
(وكنتم عبيدا للَّذي أَنا عَبده
…
فَمن أجل مَاذَا أتعب الْبدن الحرا)
وَهَذِه وَصيته وَقد وجدت بهَا بِدِمَشْق عِنْد دُخُوله إِلَيْهَا حَاجا
هَذَا مَا أوصى بِهِ إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي الْوَاعِظ غير المتعظ الموقظ غير المتيقظ الْآمِر غير المؤتمر الزاجر غير المنزجر المتعلم الْمُعْتَرف الْمُنْذر الْمخوف المخلط المفرط المسرف المقترف للسيئات المغترف الواثق مَعَ ذَلِك برحمة ربه الراجي لمغفرته الْمُحب لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وشيعته الدَّاعِي النَّاس إِلَى التَّمَسُّك بسنته وشريعته صلى الله عليه وسلم
أوصى وَهُوَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ إِلَهًا وَاحِدًا أحدا فَردا صمدا لم يتَّخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا وَلم يُشْرك فِي حكمه أحدا الأول الآخر الظَّاهِر الْبَاطِن الْحَيّ القيوم الْبَاقِي بعد فنَاء خلقه المطلع على عباده الْعَالم بخفيات الغيوب الْخَبِير بضمائر الْقُلُوب المبدىء المعيد الغفور الْوَدُود ذُو الْعَرْش الْمجِيد الفعال لما يُرِيد {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} هُوَ مَوْلَانَا فَنعم
الْمولى وَنعم النصير يشْهد بذلك كُله مَعَ الشَّاهِدين مقرا بِلِسَانِهِ عَن صِحَة اعْتِقَاد وَصدق يَقِين ويتحملها عَن المنكرين الجاحدين ويعدها ليَوْم الدّين {يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم} {يَوْم لَا يُغني مولى عَن مولى شَيْئا وَلَا هم ينْصرُونَ إِلَّا من رحم الله إِنَّه هُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم}
وَيشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أرْسلهُ بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ
وَيشْهد أَن الْجنَّة حق وَجُمْلَة مَا أعد الله تبارك وتعالى فِيهَا لأوليائه حق
وَيسْأل مَوْلَاهُ الْكَرِيم جل جلاله أَن يَجْعَلهَا مَأْوَاه ومثواه فضلا مِنْهُ وكرما
وَيشْهد أَن النَّار وَمَا أعد الله فِيهَا لأعدائه حق وَيسْأل الله مَوْلَاهُ أَن يجيره مِنْهَا ويزحزحه عَنْهَا ويجعله من الفائزين قَالَ الله عز وجل {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور}
وَيشْهد أَن صلَاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أَمر وَهُوَ من الْمُسلمين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
وَأَنه رَضِي بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا على ذَلِك يحيي وَعَلِيهِ يَمُوت إِن شَاءَ الله عز وجل
وَيشْهد أَن الْمَلَائِكَة حق وَأَن النَّبِيين حق وَأَن السَّاعَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور
وَيشْهد أَن الله سبحانه وتعالى قدر الْخَيْر وَأمر بِهِ ورضيه وأحبه وَأَرَادَ كَونه من فَاعله ووعد حسن الثَّوَاب على فعله وَقدر الشَّرّ وزجر عَنهُ وَلم يرضه وَلم يُحِبهُ
وَأَرَادَ كَونه من مرتكبه غير رَاض بِهِ وَلَا محب لَهُ تَعَالَى رَبنَا عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا وتقدس أَن يَأْمر بالمعصية أَو يُحِبهَا ويرضاها وَجل أَن يقدر العَبْد على فعل شَيْء لم يقدره عَلَيْهِ أَو يحدث من العَبْد مَا لَا يُريدهُ وَلَا يشاؤه
وَيشْهد أَن الْقُرْآن كتاب الله وَكَلَامه ووحيه وتنزيله غير مَخْلُوق وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَصَاحِف مَكْتُوب وبالألسنة مقروء وَفِي الصُّدُور مَحْفُوظ وبالآذان مسموع
قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} وَقَالَ {بل هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم} وَقَالَ {إِن الَّذين يَتلون كتاب الله} وَقَالَ {إِن هُوَ إِلَّا ذكر وَقُرْآن مُبين}
وَيشْهد أَن الْإِيمَان تَصْدِيق بِالْقَلْبِ بِمَا أَمر الله أَن يصدق بِهِ وَإِقْرَار بِاللِّسَانِ بِمَا أَمر الله أَن يقر بِهِ وَعمل بالجوارح بِمَا أَمر الله أَن يعْمل بِهِ وانزجار عَمَّا زجر عَنهُ من كسب قلب وَقَول لِسَان وَعمل جوارح وأركان
وَيشْهد أَن الله سبحانه وتعالى مستو على عَرْشه اسْتَوَى عَلَيْهِ كَمَا بَينه فِي كِتَابه فِي قَوْله تَعَالَى {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} وَقَوله {اسْتَوَى على الْعَرْش الرَّحْمَن فاسأل بِهِ خَبِيرا} فِي آيَات أخر وَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا ذكره فِيمَا نقل عَنهُ من غير أَن يكيف استواءه عَلَيْهِ أَو يَجعله لفعله وفهمه أَو وهمه سَبِيلا إِلَى إِثْبَات كيفيته إِذْ الْكَيْفِيَّة عَن صِفَات رَبنَا منفية
قَالَ إِمَام الْمُسلمين فِي عصره أَبُو عبد الله مَالك بن أنس رضي الله عنه فِي جَوَاب من سَأَلَهُ عَن كَيْفيَّة الاسْتوَاء الاسْتوَاء مَعْلُوم والكيف مَجْهُول وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب
وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة وأظنك زنديقا أَخْرجُوهُ من الْمَسْجِد
وَيشْهد أَن الله تَعَالَى مَوْصُوف بِصِفَات العلى الَّتِي وصف بهَا نَفسه فِي كِتَابه وعَلى لِسَان نبيه صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا كثيرا لَا يَنْفِي شَيْئا مِنْهَا وَلَا يعْتَقد شبها لَهُ بِصِفَات خلقه بل يَقُول إِن صِفَاته لَا تشبه صِفَات المربوبين كَمَا لَا تشبه ذَاته ذَوَات الْمُحدثين تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول المعطلة والمشبهة علوا كَبِيرا
ويسلك فِي الْآيَات الَّتِي وَردت فِي ذكر صِفَات البارىء جل جلاله وَالْأَخْبَار الَّتِي صحت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَابهَا كآيات مَجِيء الرب يَوْم الْقِيَامَة وإتيان الله فِي ظلل من الْغَمَام وَخلق آدم بِيَدِهِ
واستوائه على عَرْشه وكأخبار نُزُوله كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا والضحك والنجوى وَوضع الكنف على من يناجيه يَوْم الْقِيَامَة وَغَيرهَا مَسْلَك السّلف الصَّالح وأئمة الدّين من قبُولهَا وروايتها على وَجههَا بعد صِحَة سندها وإيرادها على ظَاهرهَا والتصديق بهَا وَالتَّسْلِيم لَهَا واتقاء اعْتِقَاد التكييف والتشبيه فِيهَا وَاجْتنَاب مَا يُؤَدِّي إِلَى القَوْل بردهَا وَترك قبُولهَا أَو تحريفها بِتَأْوِيل يستنكر وَلم ينزل الله بِهِ سُلْطَانا وَلم يجر بِهِ للصحابة وَالتَّابِعِينَ وَالسَّلَف الصَّالِحين لِسَان
وَينْهى فِي الْجُمْلَة عَن الْخَوْض فِي الْكَلَام والتعمق فِيهِ وَفِي الِاشْتِغَال بِمَا كره السّلف رحمهم الله الِاشْتِغَال بِهِ ونهوا وزجروا عَنهُ فَإِن الْجِدَال فِيهِ والتعمق فِي دقائقه والتخبط فِي ظلماته كل ذَلِك يفْسد الْقلب وَيسْقط مِنْهُ هَيْبَة الرب جل جلاله ويوقع الشّبَه الْكَبِيرَة فِيهِ ويسلب الْبركَة فِي الْحَال وَيهْدِي إِلَى الْبَاطِل والمحال وَالْخُصُومَة فِي الدّين والجدال وَكَثْرَة القيل والقال فِي الرب ذِي الْجلَال الْكَبِير المتعال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا وَالْحَمْد لله على مَا هدَانَا من دينه وَسنة نبيه صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ حمدا كثيرا
وَيشْهد أَن الْقِيَامَة حق وكل مَا ورد بِهِ الْكتاب وَالْأَخْبَار الصِّحَاح من أشراطها وأهوالها وَمَا وعدنا بِهِ وأوعدنا بِهِ فِيهَا فَهُوَ حق نؤمن بِهِ ونصدق الله سُبْحَانَهُ وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم فِيمَا أخبر بِهِ عَنهُ كالحوض وَالْمِيزَان والصراط وَقِرَاءَة الْكتب والحساب وَالسُّؤَال وَالْعرض وَالْوُقُوف والصدر عَن الْمَحْشَر إِلَى جنَّة أَو إِلَى نَار مَعَ الشَّفَاعَة الموعودة لأهل التَّوْحِيد وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مُبين فِي الْكتاب ومدون فِي الْكتب الجامعة لصحاح الْأَخْبَار
وَيشْهد بذلك كُله فِي الشَّاهِدين ويستعين بِاللَّه تبارك وتعالى فِي الثَّبَات على هَذِه الشَّهَادَات إِلَى الْمَمَات حَتَّى يتوفى عَلَيْهَا فِي جملَة الْمُسلمين الْمُؤمنِينَ الموقنين الْمُوَحِّدين
وَيشْهد أَن الله تبارك وتعالى يمن على أوليائه بِوُجُوه ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة ويرونه عيَانًا فِي دَار الْبَقَاء لَا يضارون فِي رُؤْيَته وَلَا يمارون وَلَا يضامون وَيسْأل الله تبارك وتعالى أَن يَجْعَل وَجهه من تِلْكَ الْوُجُوه ويقيه كل بلَاء وَسُوء ومكروه ويبلغه كل مَا يؤمله من فَضله ويرجوه بمنه
وَيشْهد أَن خير النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبُو بكر الصّديق ثمَّ عمر الْفَارُوق ثمَّ عُثْمَان بن عَفَّان ثمَّ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ ويترحم على جَمِيع الصَّحَابَة ويتولاهم ويستغفر لَهُم وَكَذَلِكَ ذُريَّته وأزواجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَيسْأل الله سبحانه وتعالى أَن يَجعله مَعَهم ويرجو أَن يَفْعَله بِهِ فَإِنَّهُ قد صَحَّ عِنْده من طرق شَتَّى أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (الْمَرْء مَعَ من أحب)
ويوصي إِلَى من يخلفه من ولد وَأَخ وَأهل وَقَرِيب وصديق وَجَمِيع من يقبل وَصيته من الْمُسلمين عَامَّة أَن يشْهدُوا بِجَمِيعِ مَا شهد بِهِ وَأَن يتقوا الله حق تُقَاته وَألا يموتوا إِلَّا وهم مُسلمُونَ {إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا وَالَّذين هم محسنون}
ويوصيهم بصلاح ذَات الْبَين وصلَة الْأَرْحَام وَالْإِحْسَان إِلَى الْجِيرَان والأقارب والإخوان وَمَعْرِفَة حق الأكابر وَالرَّحْمَة على الأصاغر
وينهاهم عَن التدابر والتباغض والتقاطع والتحاسد
وَيَأْمُرهُمْ أَن يَكُونُوا إخْوَانًا على الْخيرَات أعوانا وَأَن يعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا يتفرقوا ويتبعوا الْكتاب وَالسّنة وَمَا كَانَ عَلَيْهِ عُلَمَاء الْأمة
وأئمة الْملَّة كمالك بن أنس وَالشَّافِعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَيحيى بن يحيى وَغَيرهم من أَئِمَّة الْمُسلمين وعلماء الدّين رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَجمع بَيْننَا وَبينهمْ فِي ظلّ طُوبَى ومستراح العابدين
أوصى بِهَذَا كُله إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي إِلَى أَوْلَاده وَأَهله وَأَصْحَابه
ومختلفة مجالسه
وَأوصى أَنه إِذا نزلت بِهِ الْمنية الَّتِي لَا شكّ أَنَّهَا نازلة وَالله يسْأَل خير ذَلِك الْيَوْم الَّذِي تنزل الْمنية بِهِ فِيهِ وَخير تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي تنزل بِهِ فِيهِ وَخير تِلْكَ السَّاعَة وَخير مَا قبلهَا وَخير مَا بعْدهَا أَن يلبس لباسا طيبا حسنا طَاهِرا نقيا وَيُوضَع على رَأسه الْعِمَامَة الَّتِي كَانَ يشدها فِي حَال حَيَاته وضعا على الْهَيْئَة الَّتِي كَانَ يَضَعهَا على رَأسه أَيَّام حَيَاته وَيُوضَع الرِّدَاء على عَاتِقيهِ ويضجع مُسْتَلْقِيا على قَفاهُ موجها إِلَى الْقبْلَة وتجلس أَوْلَاده عِنْد رَأسه ويضعوا الْمَصَاحِف على حجورهم ويقرءوا الْقُرْآن جَهرا وحرج عَلَيْهِم أَلا يمكنوا امْرَأَة لَا قرَابَة بَينه وَبَينهَا وَلَا نسب وَلَا سَبَب من طَرِيق الزَّوْجِيَّة تقرب من مضجعه تِلْكَ السَّاعَة أَو تدخل بَيْتا يكون فِيهِ وَكَذَلِكَ يحرج عَلَيْهِم أَن يأذنوا لأحد من الرِّجَال فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّاعَة بل يأمرون الْأَخ والأحباب وَغَيرهم أَن يجلسوا فِي الْمدرسَة وَلَا يدخلُوا الدَّار وليساعدوا الْأَصْحَاب فِي قِرَاءَة الْقُرْآن وإمداده بِالدُّعَاءِ فَلَعَلَّ الله سبحانه وتعالى أَن يهون عَلَيْهِ سَكَرَات الْمَوْت ويسهل
لَهُ اقتحام عقبَة الْمَوْت على الْإِسْلَام وَالسّنة فِي سَلامَة وعافية
وَأوصى إِذا قضى نحبه وَأجَاب ربه وَفَارَقت روحه جسده أَن يشد ذقنه وَتغمضُ عَيناهُ
وتمد أعضاؤه ويسجى بِثَوْب وَلَا يكْشف عَن وَجهه لينْظر إِلَيْهِ إِلَّا أَن يَأْتِيهِ غاسله فيحمله إِلَى مغتسله جعل الله ذَلِك الْحمل مُبَارَكًا عَلَيْهِ وَنظر بِعَين الرَّحْمَة إِلَيْهِ وَغفر لَهُ مَا قدمه من الْأَعْمَال السَّيئَة بَين يَدَيْهِ
وَأوصى أَلا يناح عَلَيْهِ وَأَن يمْنَع أولياؤه وأقرباؤه وأحباؤه وَجَمِيع النَّاس من الرِّجَال وَالنِّسَاء أنفسهم عَن الشق وَالْحلق والتخريق للثياب والتمزيق وَألا يبكوا عَلَيْهِ إِلَّا بكاء حزن قلب ودموع عين لَا يقدرُونَ على ردهما ودفعهما وَأما دُعَاء بويل ورن شَيْطَان وخمش وُجُوه وَحلق شعر ونتفه وتخريق ثوب وتمزيقه وفتقه فَلَا وَهُوَ بَرِيء مِمَّن فعل شَيْئا من ذَلِك كَمَا برىء النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْهُم
وَأوصى أَن يعجل تَجْهِيزه وغسله وتكفينه وَحمله إِلَى حفرته وَلَا يحبس وَلَا يبطأ بِهِ وَإِن مَاتَ ضحوة النَّهَار أَو وَقت الزَّوَال أَو بكرَة فَإِنَّهُ لَا يُؤَخر تَجْهِيزه إِلَى الْغَد وَلَا يتْرك مَيتا بَين أَهله بِاللَّيْلِ أصلا بل يعجل أمره فينقل إِلَى حفرته نقلا بعد أَن يغسل وترا وَيجْعَل فِي آخر غسله من غسلاته كافور ويكفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض سحُولِيَّة إِن وجدت فَإِن لم تُوجد سحُولِيَّة كفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة ويجمر كَفنه وترا لَا شفعا قبل أَن يلف عَلَيْهِ ويسرع بالسير بجنازته كَمَا أَمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَيحمل للصَّلَاة عَلَيْهِ إِلَى ميدان الْحُسَيْن وَيُصلي عَلَيْهِ وَلَده أَبُو نصر إِن كَانَ حَاضرا فَإِن عجز عَن الْقيام بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَأمر الصَّلَاة عَلَيْهِ إِلَى أَخِيه أبي يعلى ثمَّ يرد إِلَى الْمدرسَة فيدفن فِيهَا بَين يَدي وَالِده الشَّهِيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ويلحد لَهُ لحد وَينصب عَلَيْهِ اللَّبن نصبا
وَلَا يشق لَهُ شقّ وَلَا يتَّخذ لَهُ تَابُوت أصلا وَلَا يوضع فِي التابوت للْحَمْل إِلَى الْمصلى وليوضع على الْجِنَازَة ملفوفا فِي الْكَفَن مسجى بِثَوْب أَبيض لَيْسَ فِيهِ إبريسم بِحَال وَلَا يطين قَبره وَلَا يجصص ويرش عَلَيْهِ المَاء وَيُوضَع عَلَيْهِ الْحَصَا وَيمْكث عِنْد قَبره مِقْدَار مَا ينْحَر جزور وَيقسم لَحْمه حَتَّى يعلم مَا يُرَاجع بِهِ رسل ربه جلّ وَعلا وَيسْأل الله تَعَالَى على رَأس قَبره لَهُ التثبيت الْمَوْعُود لجملة الْمُؤمنِينَ فِي قَوْله تَعَالَى {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} ويستغفر لَهُ ولوالديه وَلِجَمِيعِ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْمُسْلِمين وَالْمُسلمَات وَلَا ينسى بل يذكر بِالدُّعَاءِ فَإِن الْمُؤمن إِذا قبر كَانَ كالغريق المغتوت ينْتَظر دَعْوَة صَالِحَة تلْحقهُ وَلَا يُمكن أحد من الْجَوَارِي والنسوان أَن يكشفن رءوسهن وَأَن يندبنه فِي ذَلِك الْوَقْت بل يشْتَغل الْكل بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَار لَعَلَّ الله سبحانه وتعالى يهون عَلَيْهِ الْأَمر فِي ذَلِك الْوَقْت وييسر خُرُوج مُنكر وَنَكِير من قَبره على الرِّضَا مِنْهُ وينصرفان عَنهُ وَقد قَالَا لَهُ نم نومَة الْعَرُوس فَلَا روعة عَلَيْك
ويفتحان فِي قَبره بَابا من الْجنَّة فضلا من الله ومنة فيفوز فوزا عَظِيما ويحوز ثَوابًا كَرِيمًا ويلقى روحا وريحانا وَربا كَرِيمًا رحِيما
آخر الْوَصِيَّة