الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِرَاقِيّين يذكرونها فِي بَاب الْوكَالَة فَرُبمَا وقف عَلَيْهَا بعض المصنفين فَأحب تَأْخِيرهَا إِلَى مظنتها من كتاب الشَّهَادَات فَإِنَّهُ بهَا أنسب ثمَّ لما انْتهى إِلَى كتاب الشَّهَادَات نَسِيَهَا فَمن هُنَا جَاءَ إهمالها وَلذَلِك نَظَائِر كَثِيرَة أَتَى الإهمال فِيهَا من جِهَة التَّبْوِيب
مَسْأَلَة تعقبت على الشَّيْخ أبي حَامِد
اعْلَم أَنه مَا جَاءَ بعد أبي الْعَبَّاس بن سُرَيج من اشتهرت تصانيفه وَكَثُرت تلامذته واتسعت أَقْوَاله وَبعد عَن القرين فِي زَمَانه كالشيخ أبي حَامِد وَبِهَذَا الْقَيْد خرجت أَئِمَّة هم أجل مِنْهُ وهم بعد ابْن سُرَيج لَكِن لم يتهيأ لَهُم هَذَا الْوَصْف فطالما تعقب الشَّيْخ أَبُو حَامِد كَلَام أبي الْعَبَّاس وَمَا جَاءَ بعد الشَّيْخ أبي حَامِد فِي الْعِرَاقِيّين مثل القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَقد تعقب كثيرا من كَلَام أبي حَامِد
وَمِمَّا تعقبه قَالَ فِي تعليقته فِي بَاب الْقَضَاء بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين بعد مَا ذكر أَن الْجِنَايَة الْمُوجبَة للْقصَاص لَا تثبت بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين مَا نَصه وَكَذَلِكَ إِذا قطعت يَده من الساعد لم يسمع فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين وَغلط أَبُو حَامِد الإسفرايني فِي هَذَا فَقَالَ يسمع فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن هَذِه الْجِنَايَة تَتَضَمَّن الْقصاص وَلَا يسمع فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين
ثمَّ أَطَالَ فِي الرَّد عَلَيْهِ وَاسْتشْهدَ بِنَصّ الشَّافِعِي رضي الله عنه فَإِن كَانَ الْجراح هاشمة أَو مأمومة لم أقبل مِنْهُ أقل من شَاهِدين وساقها على نَحْو المناظرة بَينه وَبَين الشَّيْخ أبي حَامِد وَلَا يبعد ذَلِك فَإِن القَاضِي أَبَا الطّيب كَانَ يحضر مجْلِس أبي حَامِد وَأَيْضًا فَإِنِّي لم أرها فِي تعليقة الشَّيْخ أبي حَامِد فَدلَّ على أَن ذَلِك كَانَ مجْلِس نظر بَينهمَا وَإِنِّي ألخص المناظرة فَأَقُول
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب بعد مَا اسْتشْهد بِالنَّصِّ فِي الهاشمة والمأمومة مَا حَاصله إِذا كَانَ لَا يقبل فِي الهاشمة أقل من شَاهِدين وَإِن كَانَت توجب المَال لِأَن قبلهَا الْمُوَضّحَة وفيهَا الْقصاص فَكَذَلِك قطع الْيَد من الساعد لِأَن قبلهَا الْمفصل
قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد الْفرق بَين المسئلتين أَن الهشم يتَضَمَّن الْإِيضَاح فَيكون مباشرا للإيضاح الَّذِي ثَبت فِيهِ الْقصاص وواضعا الحديدة فِي مَوضِع ثَبت فِيهِ الْقصاص بِخِلَاف الْقطع من ساعد فَإِنَّهُ وضع الحديدة فِي مَوضِع لَا قصاص فِيهِ
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب فَيجب على هَذَا أَن تَقول إِنَّه لَا يجب الْقصاص بِتِلْكَ الْجِنَايَة من الْمفصل وَقد أجمعنا على وُجُوبه بهَا مِنْهُ وَصَارَ فِي معنى الهشم
قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد لَا أسلم أَن الْقصاص يجب بِهَذِهِ الْجِنَايَة من الْمفصل
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب غلط أَيْضا على الْمَذْهَب لِأَن الشَّافِعِي نَص على أَنه إِذا قطع يَد رجل وَيَد الْمَقْطُوع ذَات ثَلَاث أَصَابِع وَيَد الْقَاطِع كَامِلَة الْأَصَابِع لم تقطع يَده الْكَامِلَة بِيَدِهِ النَّاقِصَة فَإِن رَضِي بِأَن يقْتَصّ مِنْهُ فِي ثَلَاث أَصَابِع اقْتصّ مِنْهُ فِيهَا وَأخذ الْحُكُومَة فِي الْبَاقِي وَهَذَا يدل على بطلَان مَا قَالَه
انْتهى
وَهُوَ مَكَان مُهِمّ قد دارت الْمُنَازعَة فِيهِ بَين هذَيْن الْإِمَامَيْنِ الجليلين وَلم أجد للرافعي وَلَا لِابْنِ الرّفْعَة عَلَيْهِ كلَاما وَأغْرب من ذَلِك أَن ابْن أبي الدَّم قد تكلم عَلَيْهِ فِي شرح الْوَسِيط وَلم يتَعَرَّض لَهُ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب مَعَ تتبعه كَلَام ابْن أبي الدَّم
وَقد قَالَ ابْن أبي الدَّم إِن مَا ذكره القَاضِي أَبُو الطّيب طَريقَة لَهُ وَإِن الشَّيْخ أَبَا عَليّ قَالَ فِي شَرحه لمختصر الْمُزنِيّ وَلَو ادّعى على رجل أَنه قطع يَده من نصف