الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت إِذا كَانَ يُرِيد عَمْرو العلى فِي ذَلِك الزَّمَان هُوَ الْمَشْهُور فَمَا أبعد سهل بل مَا قَالَه هُوَ الصَّوَاب وَالْألف وَاللَّام فِي الثَّرِيد تَنْصَرِف إِلَى الْمَعْهُود والمعهود عِنْدهم الْمَشْهُور لديهم ثريد عَمْرو العلى
ثمَّ أَنْت ترى الْبَيْت كَيفَ أوردهُ ابْن الصّلاح وَرِجَال مَكَّة مسنتون عجاف وَمن خطّ شَيخنَا الْحَافِظ الثبت أَبى الْحجَّاج الْمزي نقلته وَالْقَصِيدَة مَكْسُورَة الْفَاء فَيحْتَاج حِينَئِذٍ إِلَى التَّحَمُّل والتأويل فِي كسر الْفَاء من عجاف وَهِي صفة لمسنتون الَّذِي هُوَ خبر رجال مَكَّة وَالنَّاس كَذَلِك ينشدون الْبَيْت ويستشكلونه وَالَّذِي رَأَيْته فِي السِّيرَة فِي أصُول مُعْتَمدَة صَحِيحَة مَا نَصه
(عَمْرو العلى هشم الثَّرِيد لِقَوْمِهِ
…
قوم بِمَكَّة مُسنَّتَيْنِ عجاف)
(سنت إِلَيْهِ الرحلتان كِلَاهُمَا
…
سفر الشتَاء ورحلة الأضياف)
وعزاهما ابْن إِسْحَاق لشاعر من قُرَيْش لم يُعينهُ وعَلى هَذَا لَا إِشْكَال فِيهِ
فرع من بَاب الْإِقْرَار
عَن الْأُسْتَاذ أبي الطّيب قَالَ القَاضِي أَبُو سعد الْهَرَوِيّ إِن الشَّيْخ أَبَا الطّيب يَعْنِي سهلا الصعلوكي فِيمَا أَحسب وَافق أَبَا حنيفَة على أَن من قَالَ فِي جَوَاب الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ مَا غصبت من أحد قبلك وَلَا بعْدك يكون مقرا لَهُ بِالْغَصْبِ
والمجزوم بِهِ فِي الرَّافِعِيّ وَشرح الْمِنْهَاج للوالد أَنه لَيْسَ بِإِقْرَار
وناقل هَذِه الْمقَالة عَن ابْن الصعلوكي فِيمَا أَحسب هُوَ القَاضِي أَبُو عَاصِم الْعَبَّادِيّ فَتَبِعَهُ تِلْمِيذه القَاضِي أَبُو سعد وَقد وَافق أَبُو الطّيب أَبَا حنيفَة فِي مسَائِل من هَذَا النَّوْع ينكرها بعض أَصْحَابنَا أَو كثير مِنْهُم
مِنْهَا لَو قَالَ أَعْطِنِي الْألف الَّتِي لي عَلَيْك فَقَالَ نعم
وَافق أَبُو الطّيب الصعلوكي أَبَا حنيفَة أَنه إِقْرَار
وَمِنْهَا لَو قَالَ فِي الْجَواب لقد عممتني بِهَذَا أَو مَا أَكثر مَا يتقاضاني بِهِ أَو وَالله لأقضينك
وَافق أَبُو الطّيب أَبَا حنيفَة على أَنه إِقْرَار
وَفِي الرَّافِعِيّ بعد أَن نقل عَن أبي حنيفَة فِي هَذِه الصُّورَة وَمَا شابهها قَوْله بِأَنَّهَا إِقْرَار إِن أَصْحَابنَا مُخْتَلفُونَ والميل إِلَى مُوَافَقَته فِي أَكثر الصُّور أَكثر
وَلم يبين الْأَكْثَر الَّذِي ميلهم إِلَى مُوَافَقَته فِيهِ
أما لَو قَالَ عَليّ ألف إِلَّا أَن يَبْدُو لي
فَهَل هُوَ إِقْرَار هَذِه الْمَسْأَلَة لَيست فِي الرَّافِعِيّ وَحكى النَّوَوِيّ فِيهَا وَجْهَيْن فِي زَوَائِد الرَّوْضَة عَن الْعدة وَالْبَيَان وَقَالَ لَعَلَّ الْأَصَح أَنه إِقْرَار
وَجزم الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد فِي شرح الْمِنْهَاج بِتَصْحِيحِهِ فَقَالَ إِقْرَار فِي الْأَصَح وَالْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب الْمَنْصُوص خلاف مَا صححناه وَلَا نَعْرِف مَا صححناه عَن أحد من أَصْحَابنَا إِلَّا عَن أبي الطّيب الصعلوكي وَهُوَ مَعْرُوف بِهِ وَإِنَّمَا أَشَارَ صاحبا الْعدة وَالْبَيَان بِالْوَجْهَيْنِ إِلَى قَوْله مَعَ مُقَابِله
قَالَ القَاضِي أَبُو سعد فِي الإشراف إِذا قَالَ عَليّ ألف إِلَّا أَن يَبْدُو لي فَهُوَ اسْتثِْنَاء صَحِيح نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّيْخ أَبُو الطّيب لم يصحح هَذَا الِاسْتِثْنَاء فَجعله بِمَنْزِلَة عَليّ عشرَة إِلَّا عشرَة لِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء يدْفع الْجَمِيع وَالشَّافِعِيّ قاسه على قَوْله إِن شَاءَ الله
وَهُوَ يمْنَع الْوُجُوب
انْتهى
فَهَذَا الْمَنْقُول فِي الْمَسْأَلَة غير أَن قياسها على إِن شَاءَ الله لَا يَتَّضِح كل الوضوح
فَإِن بَينهمَا فارقا من جِهَة أَن قَوْله إِلَّا أَن يَبْدُو لي مَعَ قَوْله على ألف مِمَّا يتهافت فَإِن ثُبُوت الشَّيْء على الْمَرْء لَا يتَوَقَّف على أَن يَبْدُو لَهُ بِخِلَاف مَشِيئَة الله
فَلَعَلَّ مَا صَححهُ النَّوَوِيّ وَشَيخنَا أوجه غير أَن الظَّن أَنَّهُمَا لَو اطلعا على أَن الْمَنْصُوص الْمَشْهُور خِلَافه لوقفا عَن التَّصْحِيح أَو لأمعنا النّظر فِي الْمَسْأَلَة إمعانا زَائِدا فَلَا يَنْبَغِي أَن يعْتَمد تصحيحهما فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَّا بعد إحكام النّظر
وَنَظِير الْمَسْأَلَة لَو قَالَ مَتى تقضي حَقي فَقَالَ غَدا
جعلهَا الرَّافِعِيّ مثل الصُّور الَّتِي قَالَ أَبُو حنيفَة إِنَّهَا إِقْرَار وَأَن الْأَصْحَاب مُخْتَلفُونَ وميلهم إِلَى وفاقه فِي الْأَكْثَر أَكثر والمقتصر على النّظر فِي كَلَامه هَذَا يحْسب أَن الرَّاجِح عندنَا فِي هَذِه الصُّورَة أَنَّهَا إِقْرَار ومنقول الْمَذْهَب أَنَّهَا غير إِقْرَار
قَالَ القَاضِي أَبُو سعد يحْتَمل أَنه أَرَادَ غَدا فِي نَار الله تَعَالَى أَقْْضِي حَقك لِأَنَّك ظلمتني فِي هَذِه الدَّعْوَى وَيحْتَمل أُجِيب غَدا أَو غَدا يتَبَيَّن خطؤك
وَقَالَ القَاضِي يشْرَح الرَّوْيَانِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد غَدا يكون غَائِبا أَو مَيتا
قلت وهب أَنَّهَا احتمالات بعيدَة إِلَّا أَن الْإِقْرَار يبْنى على الْيَقِين
وَمِنْهَا لَو قَالَ أَسْرج دَابَّة فلَان هَذِه
قَالَ نعم
أَو أَخْبرنِي زيد أَن لي عَلَيْك ألفا فَقَالَ نعم
قَضِيَّة كَلَام الرَّافِعِيّ أَنه إِقْرَار وصريح كَلَام القَاضِي أبي سعد أَنه على الْخلاف وَظَاهره أَن جادة الْمَذْهَب أَنه غير إِقْرَار وَأَنه لَا يَقُول بِكَوْنِهِ إِقْرَارا من أَصْحَابنَا غير
أبي الطّيب الصعلوكي وَأَنه وَافق فِيهِ أَبَا حنيفَة فَلْينْظر النَّاظر هَذِه الْأَلْفَاظ وليشبعها فكرا وكشفا فَإِنِّي لم أستوعب النّظر فِيهَا وَلم أمعن فِيهَا كتب الْمَذْهَب وَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يقْتَصر فِيهَا على الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة فَإِن كَلَام من ذَكرْنَاهُ يدل على أَن جادة الْمَذْهَب على خلاف مَا يفهمانه،،، انْتهى بِحَمْد الله الْجُزْء الرَّابِع