الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر نخب وفوائد من مصنفات هَذَا الرجل
أما تَعْلِيل مسَائِل التَّبْصِرَة فَلم أَقف عَلَيْهِ إِلَى الْآن ووقف عَلَيْهِ ابْن الصّلاح وَذكر أَنه ذكر فِيهِ أَن الْحَائِض لَو قَالَت أَنا أتبرع بِقَضَاء مَا فَاتَ من الصَّلَوَات فِي أَيَّام الْحيض قُلْنَا لَا يجوز ذَلِك بل تصلين مَا أَحْبَبْت من النَّوَافِل فَأَما قَضَاء ذَلِك فَلَا
وَاحْتج بِأَن أمْرَأَة ذكرت مثل ذَلِك لعَائِشَة رضي الله عنها فنهتها وَقَالَت أحرورية أَنْت
قَالَ ابْن الصّلاح وَصحح فِي كتاب الْإِرْشَاد القَوْل بِأَن رب الدَّار أولى بِالْإِمَامَةِ من السُّلْطَان وَهُوَ قَول الشَّافِعِي
قلت وَسَيَأْتِي فِي الطَّبَقَة السَّادِسَة فِي تَرْجَمَة القَاضِي ابْن شَدَّاد تَفْصِيله بَين الْجُمُعَة والعيد وَغَيرهمَا وَقَوله إِنَّمَا يكون الإِمَام أولى بِالْجمعَةِ والعيد وَكَانَ الْخطابِيّ سبقه إِلَيْهِ
قلت وَلَا موقع لهَذَا التَّفْصِيل فَإِن الْجُمُعَة والعيد لَا يكونَانِ فِي دَار حَتَّى يُقَال السُّلْطَان أولى من رب الدَّار وَإِنَّمَا الْكَلَام فِيمَا يُقَام فِي الدّور فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة قَول بِأَن رب الدَّار أولى كَمَا صَححهُ هَذَا الْبَيْضَاوِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
مَسْأَلَة الصِّيغَة فِي الشَّهَادَة على الزِّنَا
قد علم أَن الشَّافِعِي رضي الله عنه ذكر فِي صيغتها أَن الشَّاهِد يَقُول دُخُول المرود فِي المكحلة إِذْ قَالَ فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ فِي بَاب حد الزِّنَا وَلَا يجوز على الزِّنَا واللواط وإتيان الْبَهَائِم إِلَّا أَرْبَعَة يَقُولُونَ رَأينَا ذَلِك مِنْهُ يدْخل فِي ذَلِك مِنْهَا دُخُول المرود فِي المكحلة انْتهى
وَكَذَا قَالَ رضي الله عنه فِي الْأُم وَالتَّصْرِيح بِهِ أَن يَقُولُوا رَأينَا ذَلِك مِنْهُ يدْخل فِي ذَلِك مِنْهَا دُخُول المرود فِي المكحلة إِلَى أَن قَالَ فَإِذا صَرَّحُوا بذلك فقد وَجب الْحَد
قَالَ ابْن الرّفْعَة وَقد صَار إِلَى ذَلِك الفوراني وَلم يحك فِي إبانته غَيره
وَيُوَافِقهُ قَول القَاضِي الْحُسَيْن وَقد قيل إِن ذَلِك التَّشْبِيه وَاجِب كَأَنَّهُ لما غلظ بِالْعدَدِ غلظ بالتشبيه ليَكُون أبلغ
قَالَ لَكِن الَّذِي ذكره القَاضِي أَبُو الطّيب أَنه يَكْفِي أَن يَقُول أولج ذكره فِي فرجهَا وَإِن ذكر كالمرود فِي المكحلة والإصبع فِي الْخَاتم والرشاء فِي الْبِئْر كَانَ آكِد وَهَذَا مَا أوردهُ الرَّافِعِيّ لَا غير وَعَزاهُ إِلَى القَاضِي أبي سعيد
انْتهى كَلَام ابْن الرّفْعَة مُلَخصا
وَأَقُول أما اقْتِصَار الفوراني فِي إبانته على ذكر هَذَا التَّشْبِيه فقد اقْتصر عَلَيْهِ أَيْضا الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَالْبَغوِيّ فِي التَّهْذِيب وَالْغَزالِيّ لَكِن من تَأمل كَلَامهم لم يجده نصا فِي تعْيين هَذِه اللَّفْظَة أَعنِي لَفْظَة التَّشْبِيه وَقد تَركهَا أَبُو عَليّ بن أبي هُرَيْرَة فَلم يذكرهَا فِي تعليقته بل اقْتصر على قَوْله وَلَا بُد أَن يَقُولُوا رَأَيْنَاهُ يَزْنِي بهَا ورأينا ذَلِك مِنْهُ فِي ذَلِك مِنْهَا
انْتهى
وَكَذَلِكَ فعل الْمحَامِلِي فِي كتاب الْمقنع وَغير وَاحِد لم يذكر أحد مِنْهُم لفظ المرود فِي المكحلة بِالْكُلِّيَّةِ
وَصرح صَاحب الشَّامِل بِأَن أَصْحَابنَا قَالُوا إِذا قَالَ رَأَيْت ذكره فِي فرجهَا كفى والتشبيه تَأْكِيد
انْتهى
وَتَبعهُ صَاحب الْبَحْر فَقَالَ قَالَ أَصْحَابنَا وَلَو قَالَ رَأينَا ذكره غَابَ فِي
فرجهَا أجزأهم وَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى قَوْلهم مثل المرود فِي المكحلة لِأَنَّهُ صَرِيح فِي هَذَا الْمَعْنى فَإِن ذَكرُوهُ كَانَ تَأْكِيدًا
انْتهى
وَأفَاد قبيل ذَلِك أَن قَول الشَّافِعِي ذَلِك مِنْهُ فِي ذَلِك مِنْهَا تَحْسِين للعبارة وَالْمرَاد التَّصْرِيح بِمَا يُحَقّق المُرَاد
وَهَذِه عِبَارَته قَالَ الشَّافِعِي ثمَّ يتفهم الْحَاكِم حَتَّى يثبتوا أَنهم رَأَوْا ذَلِك مِنْهُ يدْخل فِي ذَلِك مِنْهَا دُخُول المرود فِي المكحلة وَهَذَا تَحْسِين للعبارة من جِهَة السّلف فَأَما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمَا قنع إِلَّا بِصَرِيح الْعبارَة
انْتهى فَدلَّ أَن المُرَاد تَحْقِيق الْإِيلَاج خشيَة أَن يظنّ المفاخذة زنا لَا أَنا متعبدون بِلَفْظ المرود والمكحلة على خلاف مَا يتسارع إِلَى الْفَهم من كَلَام الشَّافِعِي
وَمن جرى على ظَاهر نَصه فليحمل كَلَام من أطلق على مَا فسره القَاضِي أَبُو الطّيب وَالْقَاضِي أَبُو سعد وَنَقله ابْن الصّباغ وَالرُّويَانِيّ عَن الْأَصْحَاب من أَن لفظ المرود والمكحلة غير شَرط وَإِنَّمَا المُرَاد الْإِيضَاح دون التقيد بِهِ
وَأما قَول ابْن الرّفْعَة إِن القَاضِي الْحُسَيْن قَالَ وَقد قيل إِن ذَلِك وَاجِب فَكَأَنَّهُ مستخرج فِي الْمَسْأَلَة خلافًا
وَقد كشفت فَوجدت الْخلاف مُصَرحًا بِهِ فِي كَلَام القَاضِي أبي بكر الْبَيْضَاوِيّ
قَالَ فِي بَاب الشَّهَادَة على الزِّنَا من كِتَابه شرح التَّبْصِرَة مَا نَصه قَالَ الشَّافِعِي رحمه الله كدخول المرود فِي المكحلة فَمن أَصْحَابنَا من قَالَ ذَلِك على الْوُجُوب وَإِذا لم يَقُولُوا ذَلِك لم تتمّ الشَّهَادَة وَالأَصَح أَنه إِذا قَالُوا نشْهد أَنه زنى بهَا ورأينا الذّكر مِنْهُ قد دخل فِي الْفرج مِنْهَا تمت الشَّهَادَة لِأَن الْبَاقِي تَشْبِيه والتشبيه لَيْسَ من تَمام
الشَّهَادَة كَمَا لَو شهدُوا أَن ذَلِك ذبح فلَانا فَلَا يحْتَاج أَن يَقُولُوا كَمَا يذبح القصاب الشَّاة انْتهى
فَخرج فِي الْمَسْأَلَة وَجْهَان مُصَرح بهما بِنَقْل هَذَا الإِمَام الثبت وأصحهما كَمَا ذكر وَهُوَ الَّذِي عزا إِلَى الْأَصْحَاب عدم الِاحْتِيَاج وَحمل مَا وَقع فِي كَلَام الشَّافِعِي على الْإِيضَاح لَا التقيد
وَمَا وَقع فِي كَلَام الشَّافِعِي وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد فِي حَدِيث مَاعِز فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ (أنكتها) قَالَ نعم
قَالَ صلى الله عليه وسلم (حَتَّى غَابَ ذَلِك مِنْك فِي ذَلِك مِنْهَا) قَالَ نعم
قَالَ كَمَا يغيب الْميل فِي المكحلة والرشاء فِي الْبِئْر قَالَ نعم
الحَدِيث
وَلَفظ الرشاء فِي الْبِئْر لم يَقع فِي كَلَام الشَّافِعِي فَدلَّ أَنه لم يفهم مِنْهُ تعين هَذِه الْأَلْفَاظ
نعم أَنا أَقُول يَنْبَغِي أَن يتَعَيَّن لفظ النيك بِصَرِيح النُّون وَالْيَاء وَالْكَاف فَإِنِّي وجدته فِي غَالب الرِّوَايَات
وَفِي لفظ الصَّحِيحَيْنِ قَالَ أنكتها لَا يكنى
قَالَ نعم الحَدِيث
وَلَا أجد فِي الصراحة مَا هُوَ بَالغ مبلغ لفظ النيك وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَشد النَّاس حَيَاء وَأَشد حَيَاء من الْعَذْرَاء فِي خدرها فلولا تعين هَذِه اللَّفْظَة لما نطقت بهَا شفتاه
هَذَا مَا يتَرَجَّح عِنْدِي وَإِن لم أَجِدهُ فِي كَلَام الْأَصْحَاب وَلَكِن كَلَامهم لَا يأباه